للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَدِّ وَالِانْهِدَامِ (اسْتِصْحَابًا) لِمَا كَانَ (وَلَا تُقْبَلُ) شَهَادَتُهُ (بِالِالْتِفَافِ) أَيْ بِأَنَّهُ رَآهُ يَلْتَفُّ فِي الثَّوْبِ، أَوْ يَدْخُلُ الْبَيْتَ (وَإِذَا ادَّعَى) الْجَانِي (رِقَّهُ) أَيْ رِقَّ مَقْتُولِهِ، وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ (أَوْ ادَّعَى قَاطِعُ الطَّرَفِ نَقْصَهُ) بِشَلَلٍ، أَوْ فَقْدِ أُصْبُعٍ، أَوْ خَرَسٍ، أَوْ عَمًى أَوْ نَحْوِهِمَا (وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ) أَيْ وَالطَّرَفُ بَاطِنٌ كَالذَّكَرِ، وَأَنْكَرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ الْوَلِيُّ) فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ وَالظَّاهِرَ الْحُرِّيَّةُ وَلِهَذَا حَكَمْنَا بِحُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ الْمَجْهُولِ (وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) فِي الثَّانِيَةِ (وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا) كَالْيَدِ (فَلَا) يُصَدَّقُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) وَيُصَدَّقُ الْجَانِي بِيَمِينِهِ إنْ أَنْكَرَ أَصْلَ السَّلَامَةِ؛ وَذَلِكَ لِعُسْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فِي الْبَاطِنِ دُونَ الظَّاهِرِ، وَالْأَصْلُ اسْتِمْرَارُهُ عَلَى سَلَامَةٍ، وَإِنْ اعْتَرَفَ بِأَصْلِهَا صُدِّقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ.

قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَالْمُرَادُ بِالْبَاطِنِ مَا يُعْتَادُ سِتْرُهُ مُرُوءَةً، وَقِيلَ مَا يَجِبُ، وَهُوَ الْعَوْرَةُ وَبِالظَّاهِرِ مَا سِوَاهُ، وَإِذَا صُدِّقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَجَبَ الْقِصَاصُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَالْأَصْحَابِ ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ بِمَا مَرَّ فِي الْمَلْفُوفِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْجَانِيَ ثَمَّ لَمْ يَعْتَرِفْ بِبَدَلٍ أَصْلًا بِخِلَافِهِ هُنَا. (وَتَكْفِي الشَّهَادَةُ) فِيمَا ذُكِرَ (إنْ كَانَ سَلِيمًا) ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِوَقْتِ الْجِنَايَةِ (وَلَهُ الشَّهَادَةُ بِسَلَامَةِ الْيَدِ وَالذَّكَرِ بِرُؤْيَةِ الِانْقِبَاضِ وَالِانْبِسَاطِ وَبِسَلَامَةِ الْبَصَرِ بِالتَّوَقِّي وَطُولِ التَّأَمُّلِ) أَيْ بِرُؤْيَةِ تَوَقِّيهِ الْمَهَالِكَ، وَإِطَالَةِ تَأَمُّلِهِ لِمَا يَرَاهُ بِخِلَافِ تَأَمُّلِهِ الْيَسِيرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ مِنْ الْأَعْمَى.

(وَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ وَادَّعَى السِّرَايَةَ) أَيْ مَوْتَهُ بِهَا (وَالْوَلِيُّ الِانْدِمَالَ) أَيْ مَوْتَهُ بَعْدَهُ بِهَا (وَأَمْكَنَ الِانْدِمَالُ) قَبْلَ الْمَوْتِ بِأَنْ طَالَ الزَّمَنُ (حَلَفَ الْوَلِيُّ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السِّرَايَةِ وَلِمُوَافَقَتِهِ الظَّاهِرَ فَتَجِبُ دِيَتَانِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بِأَنْ قَصُرَ الزَّمَنُ كَيَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ صُدِّقَ الْجَانِي بِلَا يَمِينٍ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَكَذَا) يَحْلِفُ الْوَلِيُّ (إنْ قَالَ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ) ، وَقَالَ الْجَانِي بَلْ بِالسِّرَايَةِ، أَوْ قَتَلْته أَنَا قَبْلَ الِانْدِمَالِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الدِّيَتَيْنِ بِالْجِنَايَتَيْنِ هَذَا (إنْ عَيَّنَهُ) الْوَلِيُّ كَأَنْ قَالَ قَتَلَ نَفْسَهُ، أَوْ قَتَلَهُ آخَرُ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ (حَلَفَ الْجَانِي) أَنَّهُ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ، أَوْ بِقَتْلِهِ (إنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْدِمَالُ) فِي دَعْوَى السِّرَايَةِ فَإِنْ أَمْكَنَ حَلَفَ الْوَلِيُّ أَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَذِكْرُ حَلِفِ الْجَانِي مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي دَعْوَى قَتْلِهِ أَمَّا فِي دَعْوَى السِّرَايَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ كَنَظِيرِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ (وَإِنْ قَالَ الْوَلِيُّ قَتَلْته أَنْت بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيْك ثَلَاثُ دِيَاتٍ، وَقَالَ الْجَانِي) بَلْ (قَبْلَ الِانْدِمَالِ) فَعَلَيَّ دِيَةٌ (وَأَمْكَنَ الِانْدِمَالُ حَلَفَا) أَيْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ (وَسَقَطَتْ الثَّالِثَةُ) بِحَلِفِ الْجَانِي فَحَلِفُهُ أَفَادَ سُقُوطَهَا وَحَلِفُ الْوَلِيِّ أَفَادَ دَفْعَ النَّقْصِ عَنْ دِيَتَيْنِ فَلَا يُوجِبُ زِيَادَةً فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْدِمَالُ حَلَفَ الْجَانِي عَمَلًا بِالظَّاهِرِ.

(وَكَذَا الْحُكْمُ فِي رَافِعِ حَاجِزِ مُوضِحَتَيْهِ) بِأَنْ قَالَ رَفَعْته قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيَّ أَرْشٌ وَاحِدٍ، وَقَالَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَلْ بَعْدَهُ فَعَلَيْك أَرْشُ ثَلَاثِ مُوضِحَاتٍ، وَأَمْكَنَ الِانْدِمَالُ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَسَقَطَ الثَّالِثُ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْدِمَالُ حَلَفَ الْجَانِي لِذَلِكَ (فَإِنْ قَالَ الْمَجْرُوحُ أَنَا رَفَعْته) ، أَوْ رَفَعَهُ آخَرُ، وَقَالَ الْجَارِحُ بَلْ رَفَعْته أَنَا، أَوْ ارْتَفَعَ بِالسِّرَايَةِ (صُدِّقَ) الْمَجْرُوحُ (بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمُوضِحَتَيْنِ يُوجِبَانِ أَرْشَيْنِ فَالظَّاهِرُ ثُبُوتُهُمَا وَاسْتِمْرَارُهُمَا.

(فَإِنْ قَالَ الْجَانِي لَمْ أُوضِحْ إلَّا وَاحِدَةً) ، وَقَالَ الْمَجْرُوحُ بَلْ أَوْضَحْت مُوضِحَتَيْنِ، وَأَنَا رَفَعْت الْحَاجِزَ بَيْنَهُمَا (صُدِّقَ) الْجَانِي (بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَقْتَضِي وُجُودَ الزِّيَادَةِ (وَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ مَاتَ) فَقَالَ الْوَلِيُّ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَعَلَيْك الْقَتْلُ، أَوْ الدِّيَةُ (وَقَالَ الْجَانِي) بَلْ (بَعْدَ الِانْدِمَالِ) فَعَلَيَّ قَطْعُ الْيَدِ، أَوْ نِصْفُ الدِّيَةِ (وَأَمْكَنَ) الِانْدِمَالُ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَلَمْ يَثْبُتْ مَا يُوجِبُ تَمَامَ الدِّيَةِ بِخِلَافِ قَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ الْمُوجِبِ لِدِيَتَيْنِ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ الْجَانِي بَلْ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّبَبِ أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الِانْدِمَالُ فَيُصَدَّقُ الْوَلِيُّ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ تَصْدِيقِ الْجَانِي بِلَا يَمِينٍ فِي صُورَةِ قَطْعِ الْيَدَيْنِ أَنَّ تَصْدِيقَ الْوَلِيِّ هُنَا كَذَلِكَ (فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ) لِلْوَلِيِّ (أَنَّهُ) أَيْ الْمَجْرُوحَ (لَمْ يَزَلْ مُتَأَلِّمًا) مِنْ الْجِرَاحَةِ (حَتَّى مَاتَ صُدِّقَ الْوَلِيُّ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ جَانِبَهُ قَدْ قَوِيَ بِالْبَيِّنَةِ (أَوْ قَالَ) الْجَانِي (مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ) فَعَلَيَّ نِصْفُ دِيَةٍ، وَقَالَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَى قَاطِعُ الطَّرَفِ نَقْصَهُ بِشَلَلٍ) تَكْفِي بَيِّنَةُ الْجَانِي بِالشَّلَلِ بِأَنَّهُ كَانَ أَشَلَّ، وَإِنْ لَمْ تُقَيِّدْهُ بِحَالَةِ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ دَامَ (قَوْلُهُ: وَإِذَا صُدِّقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَجَبَ الْقِصَاصُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) لَا تَجِبُ إلَّا الدِّيَةُ كَمَا فِي الْمَلْفُوفِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَحْسَبُ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ هُنَا هُوَ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهِ هُنَاكَ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ النَّافِي هُنَاكَ بِالْإِثْبَاتِ هُنَا، وَيَذْكُرَ فَرْقًا بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ. اهـ. وَقَالَ فِي الْغُنْيَةِ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّصْدِيقَ بِالْيَمِينِ، وَأَنْ لَا قِصَاصَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا فِي دَعْوَى السِّرَايَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ إلَخْ) لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ فِيهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يُوجِبُ زِيَادَةً) لِهَذِهِ الصُّورَةِ نَظَائِرُ مِنْهَا إذَا تَنَازَعَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي قِدَمِ الْعَيْبِ وَحَلَفَ الْبَائِعُ ثُمَّ جَرَى الْفَسْخُ بِتَحَالُفٍ، وَأَرَادَ مُطَالَبَةَ الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ مَا ثَبَتَ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ حَادِثٌ لَمْ نُمَكِّنْهُ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ صَلُحَتْ لِلدَّفْعِ عَنْهُ فَلَا تَصْلُحُ لِشَغْلِ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي، وَإِنَّمَا يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي عَلَى عَدَمِ حُدُوثِهِ، وَمِنْهَا إذَا تَنَازَعَا فِي الْحَوَالَةِ بَعْدَ تَلَفِ الْمَقْبُوضِ، وَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ وَكَّلْتنِي، وَقَالَ الْمَدِينُ أَحَلْتُك وَحَلَفَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى نَفْيِ الْحَوَالَةِ فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ صُدِّقَ فِي نَفْيِ الْحَوَالَةِ لَا فِي إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ فَنَفْعُهُ فِي بَقَاءِ دَيْنِهِ لَا فِي إسْقَاطِ الضَّمَانِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا يَتْلَفُ فِي يَدِهِ مِنْ مِلْكِ الْغَيْرِ مَضْمُونٌ عَلَيْهَا وَمِنْهَا ادَّعَى الزَّوْجُ الْوَطْءَ فِي مُدَّةِ الْعُنَّةِ وَجَعَلْنَا الْقَوْلَ قَوْلَهُ فِي بَقَاءِ النِّكَاحِ فَحَلَفَ ثُمَّ طَلَّقَهَا، وَأَرَادَ رَجْعَتَهَا لِأَجَلٍ أَنَّهُ أَثْبَتَ الْوَطْءَ بِيَمِينِهِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْهُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْيَمِينَ كَانَتْ لِلدَّفْعِ فَلَا تَصْلُحُ لِلْإِثْبَاتِ (قَوْلُهُ: حَلَفَ الْجَانِي) أَيْ إنْ اُحْتُمِلَ بَقَاءُ الْجُرْحِ، وَإِلَّا فَيُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>