النَّاسِ وَقَدْ تَتَعَدَّدُ الْأَسْمَاءُ (وَلَوْ قِيلَ لِزَيْدٍ يَا زَيْدُ فَقَالَ امْرَأَةُ زَيْدٍ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت) زَيْدًا (غَيْرِي قُبِلَ) مِنْهُ لِاحْتِمَالِهِ فَلَا تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا تَطْلُقُ إذَا أَرَادَ نَفْسَهُ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا وَهُوَ مَنْقُولُ الْأَصْلِ عَنْ شُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا رَجَّحَهُ مِنْ أَنَّهَا لَا تَطْلُق إلَّا عِنْدَ إرَادَتِهِ نَفْسَهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ إلَّا حِينَئِذٍ وَلِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ الْقَبُولِ فِي مَسْأَلَةِ زَيْنَبَ السَّابِقَةِ (وَلَوْ قِيلَ) لَهُ (أَطَلَّقْت) امْرَأَتَك (فَقَالَ) لِلْقَائِلِ (اعْلَمْ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ) بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَعْلَمَ وَلَمْ يَحْصُلْ هَذَا الْعِلْمُ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا يَأْتِي قَبْلَ التَّدْبِيرِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَنْت تَعْلَمُ أَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي بِيَدِي حُرٌّ حُكِمَ بِعِتْقِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقُولُ لَهُ عَالِمًا بِحُرِّيَّتِهِ لِأَنَّ الْحُكْمَ ثَمَّ مُعَلَّقٌ بِاعْتِرَافِهِ بِعِلْمِ الْمُخَاطَبِ بِخِلَافِهِ هُنَا.
(فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (قَالَتْ) لَهُ (طَلِّقْنِي ثَلَاثًا فَقَالَ) لِفُقَهَاءَ (اُكْتُبُوا لَهَا ثَلَاثًا فَفِي كَوْنِهِ كِنَايَةً تَرَدُّدٌ) أَيْ احْتِمَالَانِ لِأَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ أَحَدُهُمَا لَا لِأَنَّ الْكِتَابَةَ فِعْلُ الْكَاتِبِ وَلَمْ يُفَوِّضْ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ إلَيْهِ حَتَّى يَقَعَ مَا يَصْدُرُ مِنْهُ وَثَانِيهِمَا وَهُوَ أَقْرَبُ نَعَمْ بِتَقْدِيرِ اُكْتُبُوا لَهَا ثَلَاثًا لِأَنِّي طَلَّقْتهَا ثَلَاثًا (وَقَوْلُهُ أَنْت كَذَا أَوْ كَمَا أُضْمِرَ أَوْ امْرَأَتِي الْحَاضِرَةُ طَالِقٌ وَكَانَتْ غَائِبَةً لَغْوٌ) فَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَإِنْ نَوَاهُ إذْ لَا إشْعَارَ لِلْأَوَّلَيْنِ بِالْفُرْقَةِ وَلَا لِلثَّالِثِ بِهَا فِي الْغَائِبَةِ.
(وَلَوْ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَعَيَّنَ نَفْسَهُ وَقَعَ) الطَّلَاقُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُعَبِّرُ بِغَيْرِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا لَمْ يَقَعْ (وَقَوْلُهُ) لِابْنِهِ الْمُكَلَّفِ (قُلْ لِأُمِّك أَنْت طَالِقٌ) وَلَمْ يُرِدْ التَّوْكِيلَ (يَحْتَمِلُ التَّوْكِيلَ) فَإِذَا قَالَهُ لَهَا طَلُقَتْ كَمَا تَطْلُقُ بِهِ لَوْ أَرَادَ التَّوْكِيلَ (وَ) يَحْتَمِلُ (الْإِخْبَارَ) أَيْ أَنَّهَا تَطْلُقُ وَيَكُونُ الِابْنُ مُخْبِرًا لَهَا بِالْحَالِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمُدْرَكُ التَّرَدُّدِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ إنْ جَعَلْنَاهُ كَصُدُورِ الْأَمْرِ مِنْ الْأَوَّلِ كَانَ الْأَمْرُ بِالْإِخْبَارِ بِمَنْزِلَةِ الْإِخْبَارِ مِنْ الْأَبِ فَيَقَعُ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى وَبِالْجُمْلَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَفْسِرَ فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِفْسَارُهُ عَمِلَ بِالِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ حَتَّى لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهِ بَلْ بِقَوْلِ الِابْنِ لِأُمِّهِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ.
(وَيَقَعُ طَلَاقُ الْوَكِيلِ) فِي الطَّلَاقِ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْوَكَالَةَ) يَعْنِي وَإِنْ لَمْ يَنْوِ عِنْدَ الطَّلَاقِ أَنَّهُ يُطَلِّقُ لِمُوَكِّلِهِ وَقِيلَ تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ فِي أَوَاخِرِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الصَّارِفِ بِأَنْ لَا يَقُولَ طَلَّقْتهَا عَنْ غَيْرِ الْمُوَكِّلِ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي قُبَيْلَ الدِّيَاتِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَكِيلُ الْمُقْتَصِّ قَتَلْته بِشَهْوَةِ نَفْسِي لَا عَنْ الْمُوَكِّلِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ كَذَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ طَلَاقَ الْوَكِيلِ لَا يَقَعُ إلَّا لِمُوَكِّلِهِ بِخِلَافِ الْقَتْلِ (وَإِنْ قَالَ) الْوَكِيلُ (طَلَّقْت مَنْ يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقَ بِلَفْظِي فَوَجْهَانِ) فِي أَنَّ الَّتِي وَكَّلَهُ فِي طَلَاقِهَا هَلْ تَطْلُقُ أَوْ لَا وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ فِي السِّكَّةِ طَالِقٌ وَزَوْجَتُهُ فِيهَا طَلُقَتْ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ فِي هَذِهِ لَوْ قَالَ امْرَأَةُ كُلِّ مَنْ فِي السِّكَّةِ طَالِقٌ وَهُوَ فِي السِّكَّةِ إلَى آخِرِهِ إنَّمَا يَتَّجِهُ بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ.
(وَإِنْ قِيلَ) لَهُ (إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا فَامْرَأَتُك طَالِقٌ فَقَالَ نَعَمْ وَكَانَ قَدْ فَعَلَهُ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُوقِعْهُ وَإِنَّمَا أَجَازَهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ نَقْلِهِ هَذَا عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي قَالَ الْبَغَوِيّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ قِيلَ لَهُ طَلَّقْتهَا فَقَالَ نَعَمْ وَهَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي تَعْلِيقِهِ الْأَوَّلِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ كَاذِبًا لَمْ تَطْلُقْ) زَوْجَتُهُ (بَاطِنًا) وَإِنَّمَا تَطْلُقُ ظَاهِرًا (وَإِنْ قَالَ) لِإِحْدَى نِسَاؤُهُ (أَنْت طَالِقٌ مِائَةً فَقَالَتْ تَكْفِينِي ثَلَاثٌ فَقَالَ وَالْبَاقِي لِضَرَائِرِك فَكِنَايَةٌ فِي الضَّرَائِرِ) فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ عَلَى كُلٍّ ثَلَاثٌ وَكَانَ التَّقْدِيرُ أَنْتِ طَالِقٌ بِثَلَاثٍ وَهُنَّ طَوَالِقُ بِالْبَاقِي وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا لِأَنَّهُ لَمْ يُخَاطِبْهُنَّ وَإِنَّمَا رَدَّ عَلَيْهِنَّ شَيْئًا لَاغِيًا (هَذَا قَوْلُ الْمُتَوَلِّي وَقَالَ الْبَغَوِيّ إنْ قَالَتْ تَكْفِينِي وَاحِدَةٌ) فَقَالَ وَالْبَاقِي لِضَرَائِرِك (طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَالضَّرَائِرُ طَلْقَتَيْنِ إنْ نَوَى) الطَّلَاقَ (أَوْ قَالَتْ تَكْفِينِي ثَلَاثًا) صَوَابُهُ ثَلَاثٌ فَقَالَ وَالْبَاقِي لِضَرَائِرِك (لَغَا مَا أَلْقَاهُ عَلَى الضَّرَائِرِ) بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثِ لَغْوٌ وَقِيَاسُ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وُقُوعُ ثَلَاثٍ عَلَى الضَّرَائِرِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الْخِلَافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَغَوِيّ فِي الشِّقَّيْنِ مَعًا وَكَلَامُ الْبَغَوِيّ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قُبَيْلَ الْبَابِ الرَّابِعِ.
(وَقَوْلُهُ حَرَّمْتُك وَالنِّيَّةُ نِيَّةُ زَيْدٍ كَحَرَّمْتُك) بِدُونِ ذِكْرِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَهُوَ مَنْقُولُ الْأَصْلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَثَانِيهُمَا وَهُوَ أَقْرَبُ نَعَمْ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يُرِدْ التَّوْكِيلَ) فَإِنْ أَرَادَ التَّوْكِيلَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَقُولَ الِابْنُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَفْسَرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَيَقَعُ طَلَاقُ الْوَكِيلِ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْوَكَالَةَ لِانْتِفَاءِ الصَّارِفِ عَنْهُ وَكَتَبَ أَيْضًا لِأَنَّ الْوَكِيلَ إذَا أَطْلَقَ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ عَنْ مُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الصَّارِفِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ) هُوَ الْأَصَحُّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا فِيمَا لَا يَصِحُّ فِيهِ الْوُقُوعُ لِنَفْسِهِ أَمَّا مَا يَصِحُّ فِيهِ الْوُقُوعُ لَهُ فَلَا شَكَّ فِي اشْتِرَاطِ الْقَصْدِ كَمَا سَبَقَ فِي الْوَكَالَةِ.
(قَوْلُهُ فَقَالَ نَعَمْ إلَخْ) قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ أَنْت سَرَقْت مَالِي فَأَنْكَرَ فَقَالَ إنْ كُنْت سَرَقْته فَامْرَأَتُك طَالِقٌ فَقَالَ نَعَمْ أَوْ قَالَ طَالِقٌ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَحْدَهُ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ مَا لَمْ يَقُلْ امْرَأَتِي وَلَوْ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ سَرَقْت مَالِي فَقَالَ مَا سَرَقْته فَقَالَ إنْ كُنْت سَرَقْته فَحَلَالُ اللَّهِ عَلَيْك حَرَامٌ فَقَالَ نَعَمْ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ عَلَى مَذْهَبِ الْأَصْحَابِ لِأَنَّ عِنْدَهُمْ هَذَا اللَّفْظُ كِنَايَةٌ فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ وَاللَّفْظُ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ.
(قَوْلُهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ إنْ كَانَتْ تَكْفِينِي وَاحِدَةٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ صَوَابُهُ ثَلَاثٌ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالْأُولَى صَوَابٌ أَيْضًا بِجَعْلِ فَاعِلِ يَكْفِينِي ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى الطَّلَاقِ لِفَهْمِهِ مِنْ طَالِقٍ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: ٨] وَنَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثِ لَغْوٌ) فَالْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ بَعْدَ التَّنْقِيبِ التَّامِّ أَنْ جُعِلَ ذَلِكَ كِنَايَةً فِي الضَّرَائِرِ إلَّا الْمُتَوَلِّي.