للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَكُونَ الْمُحْرِمُ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ إذَا نَزَعَ قَبْلَهُ بِخِلَافِ الْحَلِفِ وَتَرْكِ الْمُفْطِرِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَاحْتِيطَ لَهُ مَا لَمْ يُحْتَطْ لَهُمَا، وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ النَّزْعُ بَعْدَ التَّطَيُّبِ.

(وَيَلْبَسُ) الرَّجُلُ نَدْبًا قَبْلَ الْإِحْرَامِ (إزَارًا وَرِدَاءً) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (أَبْيَضَيْنِ) لِخَبَرِ «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ» (جَدِيدَيْنِ أَوْ نَظِيفَيْنِ) كَذَا عَبَّرَ الْبُوَيْطِيُّ وَالتَّنْبِيهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ جَدِيدَيْنِ، وَإِلَّا فَمَغْسُولَيْنِ وَاعْتَرَضَ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى عِبَارَةِ التَّنْبِيهِ، ثُمَّ قَالَ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى مُوَافَقَةِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَتَقْدِيرُ كَلَامِهِ جَدِيدَيْنِ، وَإِلَّا فَنَظِيفَيْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَغْسِلَ الْجَدِيدَ الْمَقْصُورَ لِنَشْرِ الْقَصَّارِينَ لَهُ عَلَى الْأَرْضِ، وَقَدْ اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ غَسْلَ حَصَى الْجِمَارِ احْتِيَاطًا، وَهَذَا أَوْلَى بِهِ وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ أَنَّ غَيْرَ الْمَقْصُورِ كَذَلِكَ (وَنَعْلَيْنِ) لِخَبَرِ «لِيُحْرِمْ أَحَدُكُمْ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ» رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَخَرَجَ بِالرَّجُلِ الْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى إذْ لَا نَزْعَ عَلَيْهِمَا فِي غَيْرِ الْوَجْهِ.

(وَيُكْرَهُ) لِمُرِيدِ الْإِحْرَامِ (الْمَصْبُوغُ) وَلَوْ بِنِيلَةٍ أَوْ مَغْرَةٍ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ رَوَاهُ مَالِكٌ مَوْقُوفًا عَلَى عُمَرَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَمَحَلُّهُ فِيمَا صُبِغَ بِغَيْرِ زَعْفَرَانٍ أَوْ عُصْفُرَةٍ لِمَا مَرَّ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ لُبْسُ الْمَصْبُوغِ بِهِمَا، وَإِنَّمَا كُرِهَ هُنَا الْمَصْبُوغُ بِغَيْرِهِمَا خِلَافَ مَا قَالُوهُ ثَمَّ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ فَلَا يُنَاسِبُهُ الْمَصْبُوغُ مُطْلَقًا لَكِنْ قَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ بِمَا صُبِغَ بَعْدَ النَّسْجِ وَيُوَافِقُهُ مَا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ (ثُمَّ يُصَلِّي) نَدْبًا (الرَّكْعَتَيْنِ) أَيْ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ قَبْلَهُ وَرَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلِّي بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَحْرَمَ» (إلَّا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ) فَلَا يُصَلِّيهِمَا فِيهِ بَلْ يَحْرُمَانِ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَمَحْمَلُهُ كَمَا مَرَّ ثَمَّ فِي غَيْرِ حَرَمِ مَكَّةَ (وَيُجْزِئُ الْفَرِيضَةُ) وَكَذَا النَّافِلَةُ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ (عَنْهُمَا) كَالتَّحِيَّةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا مَقْصُودَةٌ فَلَا تَنْدَرِجُ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إذَا أَثْبَتْنَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لِلْإِحْرَامِ خَاصَّةً وَبِمَ يَثْبُتُ، بَلْ الَّذِي ثَبَتَ وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وُقُوعُ الْإِحْرَامِ إثْرَ صَلَاةٍ فَقَدْ رَوَى النَّسَائِيّ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رَكِبَ» وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّهُ صَلَّى الصُّبْحَ، ثُمَّ رَكِبَ» وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَأُحِبُّ لَهُمَا يَعْنِي لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ أَنْ يُهِلَّا خَلْفَ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ (وَيَقْرَأُ فِيهِمَا) نَدْبًا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ (سُورَتَيْ الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ، وَصَلَّى) نَدْبًا (فِي مَسْجِدِ الْمِيقَاتِ إنْ كَانَ) ثَمَّ (مَسْجِدٌ) ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ الْبِقَاعِ.

(فَرْعٌ ثُمَّ) إذَا صَلَّى (يَنْوِي الْإِحْرَامَ وَيُلَبِّي) لِمَا مَرَّ (مُسْتَقْبِلًا) الْقِبْلَةَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ نَدْبًا لِخَبَرٍ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ؛ وَلِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ (وَالْأَفْضَلُ) أَنْ يُحْرِمَ (إذَا انْبَعَثَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ) يَعْنِي دَابَّتَهُ بِأَنْ اسْتَوَتْ قَائِمَةً لِطَرِيقِ مَكَّةَ (أَوْ تَوَجَّهَ الْمَاشِي لِلطَّرِيقِ) أَيْ طَرِيقَ مَكَّةَ لِلِاتِّبَاعِ فِي الْأَوَّلِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقِيَاسًا عَلَيْهِ فِي الثَّانِي وَرَوَى مُسْلِمٌ خَبَرًا «إذَا رُحْتُمْ إلَى مِنًى مُتَوَجِّهِينَ فَأَهِلُّوا بِالْحَجِّ» وَسَيَأْتِي أَنَّ الْإِمَامَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَخْطُبَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ بِمَكَّةَ وَأَنْ يُحْرِمَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فَتُسْتَثْنَى هَذِهِ مِمَّا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّ سَيْرَهُ لِلنُّسُكِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ (وَيُكْثِرُ) نَدْبًا (الْمُحْرِمُ مِنْ التَّلْبِيَةِ كُلَّ حِينٍ الْحَائِضُ وَالطَّاهِرُ) قَائِمَيْنِ وَقَاعِدَيْنِ وَرَاكِبَيْنِ وَمَاشِيَيْنِ فِي ذَلِكَ (سَوَاءٌ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّهَا شِعَارُ النُّسُكِ (وَ) الْإِكْثَارُ مِنْهَا (عِنْدَ تَغَايُرِ الْأَحْوَالِ مِنْ صُعُودٍ وَهُبُوطٍ وَاجْتِمَاعٍ) بِرُفْقَةٍ أَوْ نَحْوِهِمْ (وَافْتِرَاقٍ وَنَحْوِهِ) كَرُكُوبٍ وَنُزُولٍ وَفَرَاغٍ مِنْ صَلَاةٍ وَإِقْبَالِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ (آكَدُ) مِنْ غَيْرِهِ اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ فِي ذَلِكَ وَالصُّعُودُ وَالْهُبُوطُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا اسْمٌ لِمَكَانِ الْفِعْلِ مِنْهُمَا وَبِضَمِّهِ مَصْدَرٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا صَحِيحٌ هُنَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَتُكْرَهُ التَّلْبِيَةُ فِي مَوَاضِعِ النَّجَاسَاتِ (وَتُسْتَحَبُّ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْخَيْفِ) بِمِنًى (وَمَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِعَرَفَةَ) عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فَإِنَّهَا مَوَاضِعُ نُسُكٍ (وَكَذَا سَائِرُ الْمَسَاجِدِ) اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ فِي ذَلِكَ (لَا فِي الطَّوَافِ) ، وَلَوْ طَوَافَ الْقُدُومِ (وَالسَّعْيِ) بَعْدَهُ فَلَا يُسْتَحَبُّ فِيهِمَا التَّلْبِيَةُ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا أَذْكَارًا خَاصَّةً (تَنْبِيهٌ) كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِإِبْرَاهِيمَ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ الْمَسْجِدُ الْمَذْكُورُ إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِيلَ: وَهُوَ خَطَأٌ وَإِنَّمَا هُوَ إبْرَاهِيمُ الْقَبِيسِيُّ وَخَطِئَ قَائِلُهُ بِأَنَّ الْمَسْجِدَ الْمَنْسُوبَ إلَى الْقَبِيسِيِّ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ وَأَمَّا الْمَسْجِدُ الْمَذْكُورُ فَهُوَ مَسْجِدُ النَّبِيِّ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْأَزْرَقِيُّ فِي تَارِيخِ مَكَّةَ وَبِتَقْدِيرِ أَنَّ الْقَبِيسِيَّ بَنَاهُ فَلَا يَمْتَنِعُ نِسْبَتُهُ إلَى إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ إمَّا لِأَنَّهُ بَنَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ تَهَدَّمَ أَوْ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى فِيهِ أَوْ لِأَنَّهُ اتَّخَذَهُ مُصَلًّى لِلنَّاسِ -.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ لُبْسُ الْمَصْبُوغِ بِهِمَا) تَقَدَّمَ ثَمَّ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ تَحْرِيمِ الثَّانِي (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهَذَا إلَخْ) أَيْ كَالسُّبْكِيِّ وَغَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>