الْأَرْشِ.
(فَرْعٌ) لَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا مِنْهُ زَائِدَةً وَبَرِئَ وَلَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ يَلْزَمُهُ مَا نَقَصَ، وَيُقَوَّمُ قَبْلَ الْبُرْءِ وَالدَّمُ سَائِلٌ لِلضَّرُورَةِ (وَإِنْ تَلِفَتْ) يَدُهُ (بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَبِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ) يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قَوَدٌ وَلَا كَفَّارَةٌ وَلَا يُضْرَبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِحَالٍ فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْأَمْوَالِ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ قَدْرُ النُّقْصَانِ أَكْثَرَ مِنْ الْمُقَدَّرِ كَانَ هُوَ الْوَاجِبَ بِالْإِتْلَافِ، وَكَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ مَا لَوْ جَنَى الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ عَلَى يَدِ آخَرَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ قَوَدًا قَالَهُ الْإِمَامُ (وَإِنْ أَتْلَفَهَا غَيْرُ غَاصِبٍ) لَهُ (ضَمِنَهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ) ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ كَمَا تُضْمَنُ يَدُ الْحُرِّ بِنِصْفِ دِيَتِهِ (وَالْمَنَافِعُ) الْمُتَقَوِّمَةُ تُضْمَنُ (بِالتَّفْوِيتِ) كَأَنْ سَكَنَ الدَّارَ وَاسْتَخْدَمَ الْعَبْدَ وَرَكِبَ الدَّابَّةَ (وَكَذَا بِالْفَوَاتِ تَحْتَ الْيَدِ الْعَادِيَةِ) كَأَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَتُضْمَنُ بِالْغَصْبِ كَالْأَعْيَانِ (إلَّا مَنْفَعَةَ الْحُرِّ وَالْبُضْعِ) فَلَا تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ (وَسَيَأْتِيَانِ فَمَنْ غَصَبَ عَيْنًا) تُؤَجَّرُ (ضَمِنَ مَنْفَعَتَهَا) إذَا بَقِيَتْ فِي يَدِهِ مُدَّةً لَهَا أُجْرَةٌ (وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِهَا كَمَا يَضْمَنُ عَيْنَهَا) الْأَوْلَى تَضَمَّنَهَا (وَإِنْ لَمْ يُتْلِفْهَا) وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا التَّنْظِيرِ مِنْ زِيَادَتِهِ (حَتَّى) لَوْ غَصَبَ (الْمِسْكَ وَالْكِتَابَ) ضَمِنَ مَنْفَعَتَهُمَا (وَتَجِبُ) الْأَوْلَى فَتَجِبُ (أُجْرَتُهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (وَإِنْ لَمْ يَشُمَّهُ) أَيْ الْمِسْكَ (وَلَمْ يُطَالِعْهُ) أَيْ الْكِتَابَ (وَيَجِبُ أَعْلَى أُجْرَةِ صَنَائِعِ الْمَغْصُوبِ) إذَا كَانَ لَهُ صَنَائِعُ فَلَا تَجِبُ أُجْرَةُ الْجَمِيعِ لِاسْتِحَالَةِ وُجُودِ عَمَلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي، وَقْتٍ وَاحِدٍ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِمَا لَا يُمْكِنُ الْإِتْيَانُ مَعَهُ بِصَنْعَةٍ أُخْرَى فَإِنْ أَمْكَنَ كَالْخِيَاطَةِ مَعَ الْحِرَاسَةِ ضَمِنَ الْأُخْرَى أَيْضًا قَالَ وَسَيَأْتِي فِي صَيْدِ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ مَا يُؤَيِّدُهُ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحُرِّ أَمَّا الْحُرُّ فَلَا يَضْمَنُ فِيهِ إلَّا أُجْرَةَ مِثْلِ مَا اسْتَعْمَلَهُ فِيهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي.
وَصَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ (وَإِنْ غَصَبَ أَرْضًا تَنْقُصُ بِتَرْكِ الزِّرَاعَةِ لَنَبَتَ الْحَشِيشُ) فِيهَا إذَا لَمْ تُزْرَعْ كَأَرْضِ الْبَصْرَةِ (فَلَمْ يَزْرَعْ) هَا (فَعَلَيْهِ قَلْعُهُ) أَيْ الْحَشِيشِ وَرَدُّهُ (مَعَ الْأُجْرَةِ، وَأَرْشِ النَّقْصِ) التَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْقَلْعِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ ذَكَرَ مَعَهُ الرَّدَّ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ أَصْلُهُ كَانَ أَوْلَى أَمَّا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ لَا تُؤَجَّرُ كَمَسْجِدٍ وَشَارِعٍ، وَمَقْبَرَةٍ فَلَا تُضْمَنُ مَنْفَعَتُهَا إلَّا بِالتَّفْوِيتِ (وَأَمَّا الْحُرُّ وَالْبُضْعُ فَلَا تُضْمَنُ مَنْفَعَتُهُمَا إلَّا بِالتَّفْوِيتِ) كَأَنْ اسْتَخْدَمَ وَوَطِئَ فَلَا تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ (لِأَنَّهُمَا لَا يَدْخُلَانِ تَحْتَ الْيَدِ) شَرْعًا فَالْيَدُ فِي مَنْفَعَةِ الْحُرِّ لَهُ، وَفِي بُضْعِ الْحُرَّةِ لَهَا بِدَلِيلِ صِحَّةِ تَزْوِيجِ الْمَغْصُوبَةِ وَدَعْوَى كُلٍّ مِنْ اثْنَيْنِ نِكَاحَهَا عَلَيْهَا لَا عَلَى الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَهُ؛ وَلِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ تُسْتَحَقُّ اسْتِحْقَاقَ ارْتِفَاقٍ لِلْحَاجَةِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ نَقْلَهَا أَصْلًا بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَنَافِعِ؛ لِأَنَّهَا تُسْتَحَقُّ اسْتِحْقَاقَ مِلْكٍ تَامٍّ، وَمَحَلُّ ضَمَانِ تَفْوِيتِ مَا ذُكِرَ حَيْثُ لَا رِدَّةَ مُتَّصِلَةٌ بِالْمَوْتِ فَسَيَأْتِي فِي بَابِهَا أَنَّهُ لَوْ أَكْرَهَ أَمَةً مُرْتَدَّةً عَلَى الْوَطْءِ أَوْ مُرْتَدًّا عَلَى عَمَلٍ، وَمَاتَا عَلَى الرِّدَّةِ لَا مَهْرَ لَهَا وَلَا أُجْرَةَ لَهُ بِنَاءً عَلَى زَوَالِ مِلْكِ الْمُرْتَدِّ أَوْ وَقْفِهِ (نَعَمْ لَوْ اسْتَأْجَرَ) شَخْصٌ (الْحُرَّ فَلَهُ تَأْجِيرُهُ) يَعْنِي إجَارَتَهُ (وَيَسْتَحِقُّ) عَلَيْهِ الْحُرُّ (الْأُجْرَةَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ) لَهُ (وَلَوْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ) بِنَاءً لِذَلِكَ عَلَى الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ، وَإِلَّا فَقَضِيَّةُ كَوْنِ مَنْفَعَةِ الْحُرِّ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ مَنْعُ ذَلِكَ كَمَا قَالَ بِهِ الْقَفَّالُ.
(فَرْعٌ: عَلَى نَاقِلِ الْحُرِّ) صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا (قَهْرًا) مِنْ مَكَانِهِ إلَى مَكَان آخَرَ (مُؤْنَةُ رَدِّهِ) إنْ احْتَاجَ إلَيْهَا لِتَعَدِّيهِ هَذَا (إنْ كَانَ لَهُ) أَيْ لِلْحُرِّ (غَرَضٌ فِي الرُّجُوعِ) إلَى مَكَانِهِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ نُقِلَ ذَلِكَ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَذَكَرَ مِثْلَهُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ، وَقَالَ فِي آخَرَ لَا تَجِبُ لَكِنْ إذَا كَانَ النَّقْلُ إلَى بَرِّيَّةٍ مُهْلِكَةٍ فَعَلَيْهِ رَدُّهُ إلَى الْعُمْرَانِ يَعْنِي الْمَأْمَنَ حِسْبَةً مِنْ حَيْثُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ بَلْ جُمْلَةُ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ سَوَاءٌ وَذَكَرَ الْإِمَامُ مِثْلَهُ (وَلَوْ غَصَبَ جَارِحَةً أَوْ شَبَكَةً أَوْ قَوْسًا) فَاصْطَادَ بِهَا صَيْدًا (فَالصَّيْدُ لَهُ) لَا لِصَاحِبِهَا؛ لِأَنَّهَا آلَاتٌ لِلصَّائِدِ (وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ) أَيْ أُجْرَةُ مِثْلِهَا (لَا فِي الْكَلْبِ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ (بَلْ يَجِبُ رَدُّهُ) مَعَ مُؤْنَتِهِ إنْ كَانَ لَهُ مُؤْنَةٌ (وَإِنْ غَصَبَ عَبْدًا فَاصْطَادَ لَهُ) صَيْدًا (فَالصَّيْدُ لِسَيِّدِهِ) لِاسْتِقْلَالِ الْعَبْدِ بِهِ وَلَوْ أَمَرَ عَبْدًا لَا يُمَيِّزُ بِذَلِكَ فَفَعَلَ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الصَّيْدَ لِمَالِكِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ وَالرُّويَانِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ لَهُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ يَلْزَمُهُ مَا نَقَصَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَبِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ) أَفْهَمَ قَوْلُهُ: فِيمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَنْقُصْ كَمَا لَوْ سَقَطَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ مِنْ عَدَمِ تَنْقِيصِ الْقِيمَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ قَطْعًا، وَهُوَ كَذَلِكَ وَحَاوَلَ الرَّافِعِيُّ تَخْرِيجَ وَجْهٍ فِيهِ فِي (قَوْلِهِ فَمَنْ غَصَبَ عَيْنًا تُؤَجَّرُ) وَلَوْ رَقِيقًا وَجَبَ قَتْلُهُ (قَوْلُهُ: حَتَّى الْمِسْكَ) أَيْ أَوْ الْعَنْبَرَ أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا يُقْصَدُ شَمُّهُ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ ثُمَّ إنْ انْقَطَعَتْ رَائِحَتُهُ بِالْكُلِّيَّةِ ضَمِنَ كَمَالَ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ جُرْمَ الْمِسْكِ دُونَ الرَّائِحَةِ لَا قِيمَةَ لَهُ، وَإِنْ انْتَقَصَتْ الرَّائِحَةُ ضَمِنَ مَا نَقَصَ مِنْهَا إذَا كَانَ ذَلِكَ قَدْرًا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ) ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْفَوَاتِ أَمَّا لَوْ اسْتَعْمَلَهُ فِي بَعْضِهَا فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ أُجْرَةُ مَا اسْتَعْمَلَهُ فِيهِ أَمْ يَجِبُ أَعْلَاهَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ وَسِيَاقُ كَلَامِهِ يَقْتَضِي الثَّانِيَ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْحُرُّ وَالْبُضْعُ فَلَا تُضْمَنُ مَنْفَعَتُهُمَا إلَّا بِالتَّفْوِيتِ) مِثْلُهُمَا الْمَسْجِدُ وَالرِّبَاطُ وَالْمَدْرَسَةُ وَالشَّوَارِعُ، وَعَرَفَةُ وَالْأَرْضُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَى دَفْنِ الْمَوْتَى وَنَحْوُهَا وَلَوْ تَعَلَّقَ بِبَدَنِ الْحُرِّ حَقٌّ لِلْغَيْرِ كَمَا لَوْ آجَرَهُ عَبْدَهُ سَنَةً ثُمَّ أَعْتَقَهُ أَوْ أَوْصَى بِمَنَافِعِهِ أَبَدًا ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْوَارِثُ فَحَبَسَهُ حَابِسٌ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُوصَى لَهُ فَفَاتَتْ مَنَافِعُهُ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَنْفَعَتَهُ هُنَا تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ تَحْتَ يَدٍ عَادِيَةٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا لَا يَدْخُلَانِ تَحْتَ الْيَدِ شَرْعًا) أَيْ إنَّهُمَا لَا يَقْبَلَانِ النَّقْلَ مِنْ يَدٍ إلَى يَدٍ كَمَا تَقْبَلُهُ الْأَمْوَالُ (قَوْلُهُ: لَا مَهْرَ لَهَا وَلَا أُجْرَةَ لَهُ بِنَاءً إلَخْ) وَكَذَا سَائِرُ أَكْسَابِهِمَا حَالَ رِدَّتِهِمَا.
(قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute