للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُنْظَرُ هَلْ يَطِيرُ عَقِبَ الْإِرْسَالِ أَوْ لَا.

(وَحَلُّ رِبَاطِ الْبَهِيمَةِ وَالْعَبْدِ الْمَجْنُونِ) ، وَفَتْحُ بَابِ مَكَانِهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (كَفَتْحِ الْقَفَصِ) فِيمَا ذُكِرَ، وَفِي مَعْنَى الْمَجْنُونِ الصَّبِيُّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ (لَا) الْعَبْدُ (الْعَاقِلُ، وَلَوْ) كَانَ (آبِقًا) ؛ لِأَنَّهُ صَحِيحُ الِاخْتِيَارِ فَخُرُوجُهُ عَقِبَ مَا ذُكِرَ مُحَالٌ عَلَيْهِ.

(وَلَوْ حَلَّ رِبَاطًا عَنْ شَعِيرٍ) فِي جِرَابٍ (فَأَكَلَهُ فِي الْحَالِ حِمَارٌ بِجَنْبِهِ ضَمِنَ) كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَجَزَمَ الرُّويَانِيُّ بِعَدَمِ ضَمَانِهِ ثُمَّ قَالَ، وَفِيهِ وَجْهٌ، وَعَدَمُ الضَّمَانِ مَنْسُوبٌ إلَى الْعِرَاقِيِّينَ، وَقَدْ صَرَّحَ هُوَ كَالْمَاوَرْدِيِّ بِأَنَّهُ لَوْ حَلَّ رِبَاطَ بَهِيمَةٍ فَأَكَلَتْ عَلَفًا، وَكَسَرَتْ إنَاءً لَمْ يَضْمَنْ سَوَاءٌ اتَّصَلَ ذَلِكَ بِأَكْلٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا الْمُتْلِفَةُ قَالَ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ نَصٌّ فِي الْأُمِّ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ السُّبْكِيُّ لَكِنْ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ فِي تِلْكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي التَّالِفِ بَلْ فِي الْمُتْلِفِ عَكْسُ مَسْأَلَتِنَا. (فَلَوْ خَرَجَتْ الْبَهِيمَةُ) عَقِبَ فَتْحِ الْبَابِ وَلَوْ (لَيْلًا فَأَتْلَفَتْ زَرْعًا) أَوْ غَيْرَهُ (لَمْ يَضْمَنْهُ) الْفَاتِحُ إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ حِفْظُ بَهِيمَةِ الْغَيْرِ عَنْ ذَلِكَ وَتَرْجِيحُ عَدَمِ الضَّمَانِ لَيْلًا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَعَلَيْهِ الْعِرَاقِيُّونَ قَالَ السُّبْكِيُّ وَبِهِ أَفْتَى الْبَغَوِيّ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَالَ إنَّهُ أَقْرَبُ إلَى نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ.

وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ قَالَ الْقَفَّالُ: إنْ كَانَ نَهَارًا لَمْ يَضْمَنْ أَوْ لَيْلًا ضَمِنَ كَدَابَّةِ نَفْسِهِ، وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ لَا يَضْمَنُ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قُلْت قَطَعَ ابْنُ كَجٍّ بِمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ، وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ الرَّوْضِ بَدَلُ لَمْ يَضْمَنْهُ ضَمِنَهُ، وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْقَفَّالِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلِمَنْ خَالَفَ الْعِرَاقِيِّينَ أَنْ يَقُولَ لَيْسَ تَضْمِينُهُ لِتَرْكِ الْحِفْظِ بَلْ لِلتَّسْلِيطِ عَلَى الْإِتْلَافِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّوَابُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِإِخْرَاجِهَا بِخِلَافِ الْإِنْسَانِ فِي دَابَّةِ نَفْسِهِ. قَالَ وَسُئِلَتْ عَنْ رَجُلٍ رَكِبَ دَابَّةَ غَيْرِهِ فِي الْمَرْعَى ثُمَّ نَزَلَ عَنْهَا فَجَاءَتْ إلَى الْجُرْنِ فَرَدَّهَا الْحَارِسُ فَرَفَصَتْهُ فَكَسَرَتْ أَسْنَانَهُ وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مَعَهَا وَذَلِكَ بِالنَّهَارِ فَأَفْتَيْت بِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا وَلَا عَلَى الَّذِي رَكِبَهَا بِخِلَافِ مَا صَوَّبْته هُنَا وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّعَدِّيَ تَمَّ بِالْإِخْرَاجِ بِخِلَافِ مَنْ وَجَدَهَا خَارِجَةً، وَفِيمَا قَالَهُ وَقْفَةٌ.

(وَإِنْ رَمَى طَائِرًا) وَلَوْ فِي هَوَاءِ دَارِهِ فَقَتَلَهُ (ضَمِنَهُ) إذْ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ هَوَاءِ دَارِهِ (لَا إنْ نَفَّرَهُ عَنْ جِدَارِهِ) فَلَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ مَنْعَهُ مِنْ جِدَارِهِ (وَإِنْ فَتَحَ الْحِرْزَ، وَأَخَذَ غَيْرُهُ) مَا فِيهِ (أَوْ حَبَسَ رَجُلًا) وَلَوْ ظُلْمًا (عَنْ مَاشِيَتِهِ فَهَلَكَتْ) جُوعًا أَوْ عَطَشًا بِسَبَبِ حَبْسِهِ، وَإِنْ قَصَدَ مَنْعَهُ عَنْهَا (أَوْ دَلَّ عَلَيْهَا) أَيْ الْعَيْنَ (اللُّصُوصَ فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ إذْ لَمْ تَثْبُتْ يَدُهُ عَلَى الْمَالِ وَتَسَبُّبُهُ بِالْفَتْحِ فِي الْأُولَى قَدْ انْقَطَعَ بِالْمُبَاشَرَةِ نَعَمْ لَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ بِأَمْرِهِ، وَهُوَ أَعْجَمِيٌّ أَوْ مِمَّنْ يَرَى طَاعَةَ آمِرِهِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ لَا عَلَى الْآخِذِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْجِنَايَاتِ وَلَوْ بَنَى دَارًا فَأَلْقَتْ الرِّيحُ فِيهَا ثَوْبًا وَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ. (وَكَذَا لَوْ مَنَعَهُ مِنْ سَوْقِ الْمَاءِ إلَى زَرْعِهِ فَتَلِفَ) لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا فِي حَبْسِ غَيْرِهِ عَنْ مَاشِيَتِهِ (وَلَوْ غَصَبَ بَقَرَةً أَوْ هَادِيًا) لِلْقَطِيعِ، وَهُوَ الْمَاشِي أَمَامَهُ (فَتَبِعَهُ الْعِجْلُ) فِي الْأُولَى (أَوْ الْقَطِيعُ) فِي الثَّانِيَةِ (لَمْ يَضْمَنْ التَّابِعَ) مَا لَمْ تَثْبُتْ يَدُهُ عَلَيْهِ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَاَلَّذِي فِي الرَّافِعِيِّ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ يَضْمَنُهُ، وَأَعَادَ الْمَسْأَلَةَ فِي السَّرِقَةِ وَحَكَى فِيهَا، وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَالرَّاجِحُ الضَّمَانُ، وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِيَدِهِ دَابَّةٌ، وَخَلْفَهَا وَلَدُهَا فَأَتْلَفَ شَيْئًا ضَمِنَهُ كَمَا يَضْمَنُ مَا تُتْلِفُهُ أُمُّهُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ قَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيمَا إذَا غَصَبَ أُمَّ النَّحْلِ فَتَبِعَهَا النَّحْلُ أَنَّهُ يَضْمَنُ، وَجْهًا وَاحِدًا لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ بِتَبَعِيَّتِهِ لَهَا. انْتَهَى. وَمَا اسْتَشْهَدَ بِهِ لَا شَاهِدَ فِيهِ لِجَوَازِ حَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْوَلَدِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ بِقَرِينَةٍ مَا نَظَرَ بِهِ.

(فَرْعٌ: لَوْ نَقَلَ صَبِيًّا حُرًّا إلَى مَسْبَعَةٍ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي بَابِ مُوجِبَاتِ الضَّمَانِ وَلَوْ أَبَقَ عَبْدٌ وَظَفِرَ بِهِ صِدِّيقٌ لِمَالِكِهِ فَأَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ فَهَرَبَ مِنْ عِنْدِهِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الرَّدِّ وَالْمُرَافَعَةِ إلَى الْحَاكِمِ وَبِلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ فَلَا ضَمَانَ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ فِي تِلْكَ) أَيْ فِيمَا لَوْ حَلَّ رِبَاطَ الْبَهِيمَةِ فَأَكَلَتْ عَلَفًا (قَوْلُهُ: وَتَرْجِيحُ عَدَمِ الضَّمَانِ لَيْلًا مِنْ زِيَادَتِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَأَفْتَيْت أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ حَبَسَ رَجُلًا وَلَوْ ظُلْمًا إلَخْ) مَنْ سَعَى بِغَيْرِهِ إلَى ظَالِمٍ فَصَادَرَهُ فَفِي لُزُومِهِ بَاطِنًا تَرَدُّدٌ، الرَّاجِحُ عَدَمُ لُزُومِهِ، وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ عَبْدًا فَأَقَرَّهُ السَّيِّدُ مَعَهُ حَتَّى تَلِفَ فَفِي تَضْمِينِهِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا تَضْمِينُهُ لِتَعَدِّيهِ. وَلَوْ أَخَذَ عَبْدَ إنْسَانٍ ظَنَّهُ عَبْدَ نَفْسِهِ فَقَالَ أَنَا حُرٌّ فَتَرَاكَهُ، وَأَبَقَ وَجَبَ الضَّمَانُ وَلَوْ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ مَتَاعًا لِيَحْمِلَهُ إلَى بَيْتِهِ فَأَبَقَ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ، وَلَوْ اسْتَعْمَلَهُ بِإِذْنِهِ فَأَبَقَ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ.

وَلَوْ بَعَثَ الزَّوْجُ عَبْدَ زَوْجَتِهِ فِي شُغْلٍ بِلَا إذْنِهَا أَوْ بِالْعَكْسِ فَأَبَقَ ضَمِنَ مُمَيِّزًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ اسْتَامَ عَبْدٌ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ثَوْبًا وَتَلِفَ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَهُ السَّيِّدُ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ غَيْرَ بَالِغٍ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ كَانَ يَشْتَرِي مَتَاعًا مِنْ آخَرَ وَيَبِيعُ وَيُؤَدِّي الثَّمَنَ إلَيْهِ فَبَانَ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا أَبَقَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ. وَلَوْ أَرْسَلَ الدَّابَّةَ الْمُؤْذِيَةَ فِي الطَّرِيقِ فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُؤْذِيَةً وَاتَّفَقَ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ أُدْخِلَتْ الدَّابَّةُ حَائِطًا مُشْتَرَكًا فَعَضَّتْ دَابَّةً لِلشَّرِيكِ فَإِنْ أَدْخَلَ دُونَ إذْنِ الشَّرِيكِ ضَمِنَ، وَإِلَّا فَلَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَعْرُوفَةٍ بِالْعَضِّ وَلَوْ أَلْقَى أَحَدُهُمَا فِيهِ حَشِيشًا مُضِرًّا فَأَكَلَتْ دَابَّةُ الْآخَرِ، وَهَلَكَتْ ضَمِنَ وَلَوْ دَفَعَ غُلَامَهُ إلَى آخَرَ لِيُعَلِّمَهُ الْحِرْفَةَ فَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ وَلَوْ اسْتَعْمَلَهُ فِي عَمَلٍ مِنْ مَصَالِحِ الْحِرْفَةِ لَمْ يَضْمَنْهُ وَلَوْ اسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِهِ ضَمِنَهُ كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دَابَّةً لِيُرَوِّضَهَا فَرَكِبَهَا لِغَيْرِ الرِّيَاضَةِ وَلَوْ أَدْخَلَهُ الصِّرْعَ فَسَقَطَ عَلَى مَالِ آخَرَ وَتَلِفَ ضَمِنَ.

وَلَوْ وَقَعَتْ بَهِيمَةٌ فِي الْوَحْلِ فَجَاءَ رَجُلٌ، وَأَخْرَجَهَا حِسْبَةً فَمَاتَتْ مِنْ جَرِّهِ ضَمِنَهَا فَإِنْ شَكَّ أَنَّهَا مَاتَتْ مِنْ الْجَرِّ أَوْ مِنْ الْوَحْلِ فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيمَا إذَا غَصَبَ أُمَّ النَّحْلِ إلَخْ) أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ حَمْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>