صَائِمَاتٍ بِأَنْ نَوَيْنَ قَبْلَ وُجُودِ الدَّمِ أَوْ عِلْمِهِنَّ بِهِ أَوْ لِظَنِّهِنَّ أَنَّهُ دَمُ فَسَادٍ أَوْ لِجَهْلِهِنَّ بِالْحُكْمِ صَحَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَيْنَ مَعَ الْعِلْمِ بِالْحُكْمِ لِتَلَاعُبِهِنَّ (أَوْ انْقَطَعَ) لِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَأَكْثَرَ لَكِنْ (لِدُونِ) أَكْثَرَ مِنْ (خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَالْكُلُّ حَيْضٌ وَلَوْ) كَانَ (قَوِيًّا وَضَعِيفًا) وَإِنْ تَقَدَّمَ الضَّعِيفُ عَلَى الْقَوِيِّ (فَإِنْ جَاوَزَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ رُدَّتْ كُلٌّ) مِنْهُنَّ (إلَى مَرَدِّهَا) وَهُوَ لِلْأُولَى الدَّمُ الْقَوِيُّ وَلِلثَّانِيَةِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَلِلثَّالِثَةِ دَمُهَا الْقَوِيُّ أَوْ عَادَتُهَا (وَقَضَتْ) كُلٌّ مِنْهُنَّ صَلَاةَ وَصَوْمَ (مَا زَادَ) عَلَى مَرَدِّهَا (ثُمَّ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي) وَمَا بَعْدَهُ (يَتْرُكْنَ التَّرَبُّصَ وَيُصَلِّينَ) وَيَفْعَلْنَ مَا تَفْعَلُهُ الطَّاهِرَةُ فِيمَا زَادَ عَلَى مَرَدِّهِنَّ لِأَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ عِلَّةٌ مُزْمِنَةٌ فَالظَّاهِرُ دَوَامُهَا (فَإِنْ شُفِينَ فِي دَوْرٍ قَبْلَ) مُجَاوَزَةِ (الْأَكْثَرِ) مِنْ الْحَيْضِ (كَانَ الْجَمِيعُ حَيْضًا) كَمَا فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ (فَيُعِدْنَ الْغُسْلَ) لِتَبَيُّنِ عَدَمِ صِحَّتِهِ لِوُقُوعِهِ فِي الْحَيْضِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ يَتْرُكْنَ التَّرَبُّصَ وَيُصَلِّينَ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ مِنْ أَنَّهُنَّ لَا يَأْثَمْنَ بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْوَطْءِ فِيمَا وَرَاءَ الْمَرَدِّ وَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَعَ فِي الْحَيْضِ لِجَهْلِهِنَّ وَالْمُرَادُ بِالضَّعِيفِ الضَّعِيفُ الْمَحْضُ فَلَوْ بَقِيَ خُطُوطُ قُوًى فَقَوِيَ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَمَا فِيهِ خُطُوطٌ سَوَادٌ عُدَّ سَوَادًا)
الْمُسْتَحَاضَةُ (الثَّانِيَةُ مُبْتَدَأَةٌ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ لِفَقْدِ شَرْطِهِ) أَيْ حُكْمِ التَّمْيِيزِ (أَوْ اتِّحَادِ صِفَتِهِ) أَيْ الدَّمِ (فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ ابْتِدَاءَهُ فَكَمُتَحَيِّرَةِ) وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا (وَإِنْ عَرَفَتْ) هـ (فَحَيْضُهَا) فِي كُلِّ شَهْرٍ (يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ أَوَّلِهِ) أَيْ الدَّمِ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُتَيَقَّنُ وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا يُحْكَمُ بِأَنَّهُ حَيْضٌ وَأَمَّا خَبَرُ حَمْنَةَ «تَحِيضِي فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتَّةً أَوْ سَبْعَةً» فَذَاكَ لِكَوْنِهَا كَانَتْ مُعْتَادَةً عَلَى الرَّاجِحِ وَمَعْنَاهُ سِتَّةً إنْ اعْتَدْتهَا أَوْ سَبْعَةً كَذَلِكَ أَوْ لَعَلَّهَا شَكَّتْ هَلْ عَادَتُهَا سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ فَقَالَ سِتَّةً إنْ لَمْ تَذْكُرِي عَادَتَك أَوْ سَبْعَةً إنْ ذَكَرْت أَنَّهَا عَادَتُكِ أَوْ لَعَلَّ عَادَتَهَا كَانَتْ تَخْتَلِفُ فِيهِمَا فَقَالَ سِتَّةً فِي شَهْرِ السِّتَّةِ وَسَبْعَةً فِي شَهْرِ السَّبْعَةِ (وَطُهْرُهَا تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ) تَتِمَّةُ الشَّهْرِ لِيَتِمَّ الدَّوْرُ ثَلَاثِينَ مُرَاعَاةً لِغَالِبِهِ وَإِنَّمَا لَمْ نُحَيِّضْهَا الْغَالِبَ احْتِيَاطًا لِلْعَادَةِ وَنَصَّ عَلَى أَنَّ طُهْرَهَا ذَلِكَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ أَقَلُّ الطُّهْرِ أَوْ غَالِبُهُ وَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا الِاحْتِيَاطُ فِيمَا عَدَا أَقَلِّ الْحَيْضِ إلَى أَكْثَرِهِ كَمَا قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَطُهْرُهَا بَقِيَّةُ الشَّهْرِ لِأَنَّ الشَّهْرَ قَدْ يَكُونُ نَاقِصًا فَنَصَّ عَلَى الْمُرَادِ (إلَّا إنْ طَرَأَ) لَهَا فِي أَثْنَاءِ الدَّمِ (تَمْيِيزٌ فَإِنَّهَا تَعُودُ إلَيْهِ) نَسْخًا لِمَا مَضَى بِالتَّنْجِيزِ الْمُسْتَحَاضَةُ
(الثَّالِثَةُ مُعْتَادَةٌ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ فَتُرَدُّ إلَيْهَا) أَيْ إلَى عَادَتِهَا (قَدْرًا وَوَقْتًا) لِأَنَّ «امْرَأَةً كَانَتْ تُهَرَاقُ الدَّمَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسْتَفْتَتْهُ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ فَقَالَ لِتَنْظُرْ عَدَدَ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِيِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ مِنْ الشَّهْرِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الَّذِي أَصَابَهَا فَلْتَدَعْ الصَّلَاةَ قَدْرَ ذَلِكَ مِنْ الشَّهْرِ فَإِذَا خَلَّفَتْ ذَلِكَ فَلْتَغْتَسِلْ ثُمَّ لِتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ ثُمَّ لِتُصَلِّ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَتُهْرَاقُ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ تَصُبُّ وَالدَّمَ مَنْصُوبٌ بِالتَّشْبِيهِ بِالْمَفْعُولِ بِهِ أَوْ بِالتَّمْيِيزِ عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا التَّكَلُّفِ وَإِنَّمَا هُوَ مَفْعُولٌ بِهِ وَالْمَعْنَى تَهْرِيقُ الدَّمِ قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا لَكِنَّ الْعَرَبَ تَعْدِلُ بِالْكَلِمَةِ إلَى وَزْنِ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهَا وَهِيَ فِي مَعْنَى تُسْتَحَاضُ وَتُسْتَحَاضُ عَلَى وَزْنِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ.
(وَتَثْبُتُ) الْعَادَةُ إنْ لَمْ تَخْتَلِفْ (بِمَرَّةٍ) فَلَوْ حَاضَتْ فِي شَهْرٍ خَمْسَةً ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ رُدَّتْ إلَيْهَا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ (فَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ) فِي كُلِّ شَهْرٍ (خَمْسَةً فَحَاضَتْ فِي شَهْرٍ سِتَّةً ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي فَحَيْضُهَا السِّتُّ) لِلْخَبَرِ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا فِيهِ كَاَلَّذِي يَلِيهِ لِقُرْبِهِ إلَيْهَا فَهُوَ أَوْلَى مِمَّا انْقَضَى (فَإِنْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهَا وَانْتَظَمَتْ بِأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَةً مَثَلًا وَ) فِي (الثَّانِي خَمْسَةً) مَثَلًا (وَ) فِي (الثَّالِثِ سَبْعَةً) مَثَلًا (وَ) فِي (الرَّابِعِ ثَلَاثَةً وَ) فِي (الْخَامِسِ خَمْسَةً وَ) فِي (السَّادِسِ سَبْعَةً فَهَذَا الدَّوَرَانُ يَثْبُتُ بِمَرَّةٍ) نَشَأَ مِنْ عَادَةٍ تَثْبُتُ بِمَرَّتَيْنِ وَالْعَادَةُ الْمُخْتَلِفَةُ إنَّمَا تَثْبُتُ بِمَرَّتَيْنِ سَوَاءٌ انْتَظَمَتْ عَادَتُهَا كَمَا ذَكَرَ أَمْ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ كَأَنْ تَرَى خَمْسَةً ثُمَّ ثَلَاثَةً ثُمَّ سَبْعَةً ثُمَّ تَعُودُ الْخَمْسَةُ وَسَوَاءٌ أَرَأَتْ كُلَّ قَدْرٍ مَرَّةً كَمَا ذَكَرَ أَمْ أَكْثَرَ كَأَنْ تَرَى فِي شَهْرَيْنِ ثَلَاثَةً ثَلَاثَةً ثُمَّ فِي شَهْرَيْنِ خَمْسَةً خَمْسَةً ثُمَّ فِي شَهْرَيْنِ سَبْعَةً سَبْعَةً.
(وَيَتَّفِقُ) أَيْ وَأَقَلُّ مَا يَحْصُلُ (مَا ذَكَرْنَاهُ) مِنْ الْمِثَالِ (فِي سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ اُسْتُحِيضَتْ) بَعْدَ الدَّوَرَانِ الْمَذْكُورِ (فِي شَهْرٍ بَنَتْ) أَمْرَهَا (عَلَيْهِ) فَلَوْ اُسْتُحِيضَتْ فِي السَّابِعِ رُدَّتْ إلَى الثَّلَاثَةِ أَوْ فِي الثَّامِنِ فَإِلَى الْخَمْسَةِ أَوْ فِي التَّاسِعِ فَإِلَى السَّبْعَةِ (فَإِنْ لَمْ تَدُرْ) بِضَمِّ الدَّالِ دَوْرًا ثَانِيًا عَلَى النَّظْمِ السَّابِقِ (بِأَنْ اُسْتُحِيضَتْ فِي الدَّوْرِ الرَّابِعِ) مَثَلًا (رُدَّتْ إلَى
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
حُكْمُ الْحَائِضِ لِيَدْخُلَ فِيهِ تَحْرِيمُ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ أَوْ لِدُونِ خَمْسَةَ عَشَرَ إلَخْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ لِخَمْسَةَ عَشَرَ وَهِيَ الصَّوَابُ
(قَوْلُهُ فَلَا نَحْكُمُ بِأَنَّهُ حَيْضٌ) أَيْ لِأَنَّ سُقُوطَ الصَّلَاةِ عَنْهَا فِي هَذَا الْقَدْرِ مُتَيَقِّنٌ وَفِيمَا عَدَاهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا يُتْرَكُ الْيَقِينُ إلَّا بِيَقِينٍ أَوْ أَمَارَةٍ ظَاهِرَةٍ كَالتَّمْيِيزِ وَالْعَادَةِ (قَوْلُهُ وَمَعْنَاهُ سِتَّةٌ إنْ اعْتَادَتْهَا أَوْ سَبْعَةٌ كَذَلِكَ أَوْ لَعَلَّهَا إلَخْ) حُكِيَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ ش
(قَوْلُهُ فَإِذَا خَلَفَتْ ذَلِكَ) أَيْ فَرَغَتْ مِنْهُ وَتَرَكَتْهُ وَرَاءَ ظَهْرِهَا قَالَهُ ابْنُ دُرَيْدٍ ز (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَةً مَثَلًا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي انْتِظَامِ عَادَتِهَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ أَمْ عَلَى تَرْتِيبٍ آخَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute