للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهُوَ غَاصِبٌ)

فَيَضْمَنُهَا ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ كَالْمُودَعِ (فَلَوْ أَرَادَ) بَعْدَ ذَلِكَ (التَّعْرِيفَ لِلتَّمَلُّكِ) لَهَا (لَمْ يَجُزْ) كَالْغَاصِبِ عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَلَوْ عَرَّفَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَرَادَ التَّمَلُّكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ (لَكِنْ لَوْ سَلَّمَهَا لِلْحَاكِمِ بَرِئَ) مِنْ الضَّمَانِ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْغَاصِبِ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ " لَكِنْ " بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى وَأَوْفَقَ بِأَصْلِهِ (وَإِنْ أَخَذَهَا لِلتَّمَلُّكِ فَهِيَ أَمَانَةٌ) فِي يَدِهِ (وَلَوْ بَعْدَ السَّنَةِ حَتَّى يَتَمَلَّكَ) كَالْمُودَعِ وَيُفَارِقُ الْمُسْتَلِمَ بِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ لِحَظِّ آخِذِهِ حِينَ أَخَذَهُ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ فَإِذَا تَمَلَّكَهَا فَلَيْسَتْ أَمَانَةً بَلْ يَضْمَنُهَا كَالْقَرْضِ (فَلَوْ أَحْدَثَ) بَعْدَ الْأَخْذِ لِحِفْظٍ، أَوْ تَمَلُّكٍ (قَصْدَ خِيَانَةٍ لَمْ يَضْمَنْ) بِمُجَرَّدِ الْقَصْدِ كَالْمُودَعِ (أَوْ) أَحْدَثَ (خِيَانَةً ضَمِنَ) لِتَحَقُّقِهَا (فَلَوْ أَقْلَعَ) عَنْهَا (وَعَرَّفَ) اللُّقَطَةَ (لِيَتَمَلَّكَهَا) (جَازَ) لِأَنَّ الْتِقَاطَهُ فِي الِابْتِدَاءِ وَقَعَ مُفِيدًا لِلتَّمَلُّكِ فَلَا يَبْطُلُ حُكْمُهُ بِطُرُوِّ تَفْرِيطِهِ (وَإِنْ أَخَذَهَا وَلَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا) مِنْ حِفْظٍ، أَوْ تَمَلُّكٍ، أَوْ خِيَانَةٍ (أَوْ قَصَدَ) وَاحِدًا مِنْهَا (وَنَسِيَ) هـ (لَمْ يَضْمَنْ وَلَهُ التَّمَلُّكُ بِشَرْطِهِ) .

(الْحُكْمُ الثَّانِي فِي التَّعْرِيفِ) لِلُّقَطَةِ الْأَوْلَى حَذْفُ " فِي " كَمَا فِي نُسْخَةٍ (وَيَنْبَغِي) لِمُلْتَقِطِهَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَيْ يَجِبُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَيْ يُنْدَبُ (أَنْ يُحِيطَ عِلْمًا بِالْعِفَاصِ) أَيْ الْوِعَاءِ (وَالْوِكَاءِ) أَيْ الْخَيْطِ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ (وَالْجِنْسِ) أَيْ ذَهَبٍ أَمْ غَيْرِهِ (وَالنَّوْعِ) أَهَرَوِيَّةٌ أَمْ غَيْرُهَا (وَالْقَدْرِ) بِوَزْنٍ أَوْ كَيْلٍ، أَوْ عَدَدٍ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسَائِلِهِ عَنْ لُقَطَةِ الذَّهَبِ أَوْ الْوَرِقِ اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً» وَقِيسَ بِمَعْرِفَةِ خَارِجِهَا فِيهِ مَعْرِفَةُ دَاخِلِهَا وَذَلِكَ (لِيَعْرِفَ صِدْقَ مُدَّعِيهَا) وَلِئَلَّا تَخْتَلِطَ بِمَالِهِ (وَيُنْدَبُ كَتْبُهَا) أَيْ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَأَنَّهُ الْتَقَطَهَا مِنْ مَوْضِعِ كَذَا فِي وَقْتِ كَذَا (وَيَجِبُ التَّعْرِيفُ سَنَةً وَلَوْ قَصَدَ) بِأَخْذِهَا (الْحِفْظَ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَيُقَاسُ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ وَلِئَلَّا يَكُونَ عَدَمُ التَّعْرِيفِ كِتْمَانًا مَفْتُونًا لِلْحَقِّ عَلَى صَاحِبِهِ، وَالْمَعْنَى فِي كَوْنِهَا سَنَةً أَنَّهَا لَا تَتَأَخَّرُ فِيهَا الْقَوَافِلُ وَتَمْضِي فِيهَا الْأَزْمِنَةُ الْأَرْبَعَةُ وَمَا قَالَهُ مِنْ وُجُوبِ التَّعْرِيفِ فِيمَا إذَا الْتَقَطَ لِلْحِفْظِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَجَعَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ الْأَقْوَى وَالْمُخْتَارَ وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَاَلَّذِي أَوْرَدَهُ الْأَكْثَرُونَ عَدَمُ وُجُوبِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ لِتَحَقُّقِ شَرْطِ التَّمَلُّكِ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا أَوْرَدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْفُورَانِيُّ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ الْتَقَطَ اثْنَانِ لُقَطَةً عَرَّفَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَنَةً قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي النِّصْفِ كَمُلْتَقِطٍ وَاحِدٍ وَقَالَ السُّبْكِيُّ بَلْ الْأَشْبَهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُعَرِّفُهَا نِصْفَ سَنَةٍ؛ لِأَنَّهُمَا لُقَطَةٌ وَاحِدَةٌ وَالتَّعْرِيفُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِكُلِّهَا لَا لِنِصْفِهَا، وَإِنَّمَا تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ التَّمَلُّكِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَقَدْ قَالُوا يَبْنِي الْوَارِثِ عَلَى تَعْرِيفِ مُوَرِّثِهِ نَعَمْ لَوْ أَقَامَا مُعَرِّفًا وَاحِدًا، أَوْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ فَلَا تَرَدُّدَ فِيمَا رَآهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ التَّعْرِيفِ بَلْ مِنْ جَوَازِهِ مَا قَدَّمْته عَنْ نُكَتِ النَّوَوِيِّ أَوَّلَ الْكِتَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَالِبُ الرِّوَايَاتِ مُصَرِّحٌ بِتَأْخِيرِ التَّعْرِيفِ عَنْ التَّعَرُّفِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ «عَرِّفْهَا، ثُمَّ اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا» وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ هَذَا تَعَرُّفٌ آخَرُ عِنْدَ إرَادَةِ التَّمَلُّكِ فَيُنْدَبُ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَتَحَقَّقَ أَمْرَهَا قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِيهَا.

(وَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ) لِلتَّعْرِيفِ بَلْ الْمُعْتَبَرُ تَعْرِيفُ سَنَةٍ مَتَى كَانَ، وَلَا الْمُوَالَاةُ (فَلَوْ فَرَّقَ -.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: لَكِنْ لَوْ سَلَّمَهَا لِلْحَاكِمِ بَرِئَ) مَحَلُّهُ فِي الْأَمِينِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا فَسَلَّمَهَا لَهُ كَانَ ضَامِنًا قَطَعَ بِهِ الْقَفَّالُ فِي الْفَتَاوَى وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَقْلَعَ وَعَرَّفَ لِيَتَمَلَّكَ جَازَ) وَفَارَقَ مَا لَوْ تَعَدَّى الْمُودَعُ فِي الْوَدِيعَةِ، ثُمَّ تَرَكَ الْخِيَانَةَ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ أَمِينًا إلَّا بِاسْتِئْمَانٍ جَدِيدٍ مِنْ الْمَالِكِ بِأَنَّ ذَاكَ عَقْدٌ جَائِزٌ فَلَا يَعُودُ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ.

(قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَيْ يَجِبُ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ وَإِذَا أَخَذَ اللُّقَطَةَ فَعَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهَا وَيَتَأَمَّلَهَا حَقِيقَةَ التَّأَمُّلِ لِيَعْرِفَ الْجِنْسَ وَالنَّوْعَ وَالصِّفَةَ وَالْقَدْرَ وَزْنًا، أَوْ عَدَدًا، أَوْ يَتَأَمَّلَ ظَرْفَهَا وَالْخَيْطَ الْمَشْدُودَ عَلَيْهَا وَعِبَارَةُ الْمُقْنِعِ: وَكُلُّ مَنْ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْرِفَ سِتَّةَ أَشْيَاءَ وَعِبَارَةُ الصَّيْمَرِيِّ فِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ وَمَتَى أَخَذَهَا لَزِمَهُ سَبْعَةُ أَشْيَاءَ وَعَدَّ مِنْهَا الْإِشْهَادَ عَلَيْهَا وَصَرَّحَ غَيْرُهُمْ بِوُجُودِ ذَلِكَ وَعِبَارَةُ كَثِيرِينَ وَعَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا فَحَصَلَ فِي إيجَابِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الِاسْتِحْبَابُ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهَا إذَا انْتَهَى الْحَالُ إلَى التَّمَلُّكِ، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالنَّوَوِيِّ فِي الرَّوْضَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَرِّفَ إلَخْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ) أَيْ كَالسُّبْكِيِّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا إذَا انْتَهَى الْحَالُ إلَى التَّمَلُّكِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَدٍ) ، أَوْ ذَرْعٍ.

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ التَّعْرِيفُ سَنَةً) لَوْ مَاتَ الْمُلْتَقِطُ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ التَّعْرِيفِ فَهَلْ يَبْنِي وَارِثُهُ عَلَى مَا مَضَى أَوْ يَسْتَأْنِفُ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَالْأَقْرَبُ الِاسْتِئْنَافُ كَمَا فِي حَوْلِ الزَّكَاةِ لَا يَبْنِي الْوَارِثُ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَالْأَرْجَحُ الْبِنَاءُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ وَأَمَّا الزَّكَاةُ فَقَدْ انْقَطَعَ حَوْلُ الْمُوَرِّثِ بِخُرُوجِ الْمِلْكِ عَنْهُ بِمَوْتِهِ فَيَسْتَأْنِفُ الْوَارِثُ لِابْتِدَاءِ الْمِلْكِ. اهـ. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَسَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ قَرِيبًا أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ نَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: وَلِئَلَّا يَكُونَ عَدَمُ التَّعْرِيفِ كِتْمَانًا لِلْحَقِّ) وَلَا يُقَالُ إنَّ رَبَّهَا يَنْشُدُهَا فَيُعْلِمُ بِهِ آخِذُهَا لِلْحِفْظِ لِأَنَّهَا قَدْ تَسْقُطُ مِنْ عَابِرِ سَبِيلٍ وَمَنْ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ لِعَارِضِ مَرَضٍ أَوْ جُنُونٍ، أَوْ مَوْتٍ، أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَالْغَزَالِيُّ) أَيْ وَالْبَغَوِيُّ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ الْجَزْمُ بِهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ السُّبْكِيُّ بَلْ الْأَشْبَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّ الْمُلْتَقِطِ أَنَّ التَّأْخِيرَ يُفَوِّتُ مَعْرِفَةَ الْمَالِكِ وَإِلَّا وَجَبَ الْبِدَارُ، وَلَوْ مَاتَ الْمُلْتَقِطُ فِي أَثْنَاءَ مُدَّةِ التَّعْرِيفِ أَتَمَّهَا وَارِثُهُ وَوَجْهُ اعْتِبَارِ السَّنَةِ أَنَّ الْقَوَافِلَ لَا تَتَأَخَّرُ فِيهَا وَتَمْضِي فِيهَا الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ وَلَوْ لَمْ يُعَرِّفْهَا سَنَةً لَضَاعَتْ الْأَمْوَالُ عَلَى أَرْبَابِهَا وَلَوْ جُعِلَ التَّعْرِيفُ أَبَدًا لَامْتَنَعَ مِنْ الْتِقَاطِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْ اعْتِبَارِ السَّنَةِ لُقَطَةُ دَارِ الْحَرْبِ فَقَضِيَّةُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ الِاكْتِفَاءُ بِتَعْرِيفِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>