للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالرُّويَانِيُّ بِالْخَطِّ الْقِرَاءَةَ مِنْ الْكِتَابِ وَبِتَعَلُّمِ الشَّعْرِ رِوَايَتَهُ وَمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ خَطَّ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُوحِي أَوْ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ مِنْ خَطٍّ فَنُسِبَ إلَيْهِ الْفِعْلُ تَجَوُّزًا أَوْ أَنَّهُ صَدَرَ مِنْهُ مُعْجِزَةً وَمَا رُوِيَ عَنْهُ مِنْ الرَّجَزِ كَقَوْلِهِ «أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبَ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ» مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْأَخْفَشِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الرَّجَزَ لَيْسَ بِشَعْرٍ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ بَلْ وَقَعَ مُرَجَّزًا (لَا الْأَكْلُ لِثُومٍ وَنَحْوِهِ) كَبَصَلٍ وَكُرَّاثٍ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ إذْ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ مَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ وَإِنَّمَا كُرِهَ أَكْلُهُ لِتَأَذِّي الْمَلَائِكَةِ بِرَائِحَتِهِ وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّ «أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ صَنَعَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَعَامًا فِيهِ ثُومٌ» وَفِي رِوَايَةٍ «أَرْسَلَ إلَيْهِ بِطَعَامٍ مِنْ خُضْرَةٍ فِيهِ بَصَلٌ وَكُرَّاثٌ فَرَدَّهُ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ أَحَرَامٌ هُوَ قَالَ لَا وَلَكِنِّي أَكْرَهُهُ» (أَوْ) الْأَكْلُ (مُتَّكِئًا) لِمَا مَرَّ وَأَمَّا خَبَرُ الْبُخَارِيِّ «أَنَا لَا آكُلُ وَأَنَا مُتَّكِئٌ» فَلَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ نَعَمْ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ مَكْرُوهَانِ فِي حَقِّهِ كَمَا فِي حَقِّ أُمَّتِهِ صَرَّحَ بِهِ فِي حَقِّهِمْ فِي الْأَوَّلِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ مُقَيَّدًا بِالنِّيءِ وَبِالثَّانِي الرَّافِعِيُّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالْمُتَّكِئُ الْجَالِسُ الْمُعْتَمِدُ عَلَى وَطَاءٍ تَحْتَهُ وَأَقَرَّهُ الْبَيْهَقِيُّ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَقَالَ: بَلْ هُوَ الْمَائِلُ عَلَى جَنْبٍ، وَفَسَّرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ بِالْأَوَّلِ ثُمَّ قَالَ: وَلَيْسَ هُوَ الْمَائِلُ عَلَى جَنْبٍ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ.

(وَيَحْرُمُ) عَلَيْهِ (نَزْعُ لَامَتِهِ) أَيْ سِلَاحِهِ (قَبْلَ الْقِتَالِ) لِلْعُدْوَانِ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِخَبَرِ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يَلْبَسَ لَامَتِهِ فَيَضَعَهَا حَتَّى يُقَاتِلَ عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَسْنَدَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَحَسَّنَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ الْأَنْبِيَاءِ (وَمَدُّ الْعَيْنِ إلَى مَتَاعِ النَّاسِ) أَيْ إلَى مَا مَتَّعُوا بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ} [طه: ١٣١] الْآيَةَ (وَخَائِنَةُ الْأَعْيُنِ وَهِيَ الْإِيمَاءُ بِمَا يُظْهِرُ خِلَافَهُ) مِنْ مُبَاحٍ مِنْ نَحْوِ ضَرْبٍ أَوْ قَتْلٍ وَسُمِّيَ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ لِشَبَهِهِ بِالْخِيَانَةِ بِإِخْفَائِهِ (دُونَ الْخَدِيعَةِ فِي الْحَرْبِ) فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ غَزْوَةً وَرَّى بِغَيْرِهَا (وَإِمْسَاكُ مَنْ كَرِهَتْ نِكَاحَهُ) كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ وُجُوبِ تَخْيِيرِهِ نِسَاءَهُ وَاحْتَجَّ لَهُ بِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْقَائِلَةِ لَهُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك لَقَدْ اسْتَعَذْت بِمَعَاذٍ الْحَقِي بِأَهْلِك» رُوِيَ أَنَّ نِسَاءَهُ لَقَّنَّهَا أَنْ تَقُولَ لَهُ ذَلِكَ وَقُلْنَ لَهَا أَنَّهُ كَلَامٌ يُعْجِبُهُ.

(وَنِكَاحُ كِتَابِيَّةٍ) ؛ لِأَنَّهَا تَكْرَهُ صُحْبَتَهُ وَلِأَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْ أَنْ يَضَعَ مَاءَهُ فِي رَحِمِ كَافِرَةٍ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: ٦] وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمُشْرِكَةُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَلِخَبَرِ «سَأَلْت رَبِّي أَنْ لَا أُزَوَّجَ إلَّا مَنْ كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ فَأَعْطَانِي» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ (لَا التَّسَرِّي بِهَا) فَلَا يَحْرُمُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَسَرَّى بِرَيْحَانَةَ وَكَانَتْ يَهُودِيَّةً مِنْ سَبْيِ قُرَيْظَةَ» وَاسْتَشْكَلَ بِهَذَا تَعْلِيلَهُمْ السَّابِقَ بِأَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْ أَنْ يَضَعَ مَاءَهُ فِي رَحِمِ كَافِرَةٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْقَصْدَ بِالنِّكَاحِ أَصَالَةُ التَّوَالُدِ فَاحْتِيطَ لَهُ وَبِأَنَّهُ يَلْزَمُ فِيهِ أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ الْمُشْرِكَةُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ بِخِلَافِ الْمِلْكِ فِيهِمَا (وَنِكَاحُ الْأَمَةِ وَلَوْ مُسْلِمَةً) ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهَا مُعْتَبَرٌ لِخَوْفِ الْعَنَتِ وَهُوَ مَعْصُومٌ بِفِقْدَانِ مَهْرِ الْحُرَّةِ وَنِكَاحُهُ غَنِيٌّ عَنْ الْمَهْرِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً وَبِرِقِّ الْوَلَدِ وَمَنْصِبُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنَزَّهٌ عَنْهُ (وَالْمَنُّ) أَيْ إعْطَاؤُهُ الْعَطَايَا (لِيَسْتَكْثِرَ) أَيْ لِيَطْلُبَ الْكَثْرَةَ بِالطَّمَعِ فِي الْعِوَضِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: ٦] وَإِنْ فَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ أَيْ لَا تُعْطِ شَيْئًا لِتَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ

النَّوْعُ (الثَّالِثُ التَّخْفِيفَاتُ وَالْمُبَاحَاتُ لَهُ) وَخُصَّ بِهَا تَوْسِعَةً عَلَيْهِ وَتَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ مَا خُصَّ بِهِ مِنْهَا لَا يُلْهِيهِ عَنْ طَاعَتِهِ وَإِنْ أَلْهَى غَيْرَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُبَاحِ هُنَا مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ بَلْ مَا لَا حَرَجَ فِي فِعْلِهِ وَلَا فِي تَرْكِهِ (وَهِيَ نِكَاحُ تِسْعٍ) ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونُ الْجَوْرِ وَقَدْ مَاتَ عَنْ تِسْعٍ وَلِأَنَّ غَرَضَهُ نَشْرُ بَاطِنِ الشَّرِيعَةِ وَظَاهِرِهَا وَكَانَ أَشَدَّ النَّاسِ حَيَاءً فَأُبِيحَ لَهُ تَكْثِيرُ النِّسَاءِ لِيَنْقُلْنَ مَا يَرَيْنَهُ مِنْ أَفْعَالِهِ وَيَسْمَعْنَهُ مِنْ أَقْوَالِهِ الَّتِي قَدْ يَسْتَحْيِ مِنْ الْإِفْصَاحِ بِهَا بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ (وَحَرُمَ) عَلَيْهِ (الزِّيَادَةُ عَلَيْهِنَّ) أَيْ التِّسْعِ بِقَوْلِهِ {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} [الأحزاب: ٥٢] أَيْ بَعْدَ التِّسْعِ اللَّاتِي اخْتَرْنَك (ثُمَّ نُسِخَ) فَأُبِيحَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ أَكْثَرَ مِنْهُنَّ بِآيَةِ {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} [الأحزاب: ٥٠] كَمَا مَرَّ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ حَرُمَ ثُمَّ نُسِخَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ (وَيَنْعَقِدُ نِكَاحُهُ) حَالَةَ كَوْنِهِ (مُحْرِمًا) بِنُسُكٍ لِخَبَرٍ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَكَحَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ» لَكِنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ حَلَالًا وَفِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ «قَالَتْ تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ حَلَالَانِ بِسَرِفٍ» وَقَالَ أَبُو رَافِعٍ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ وَكُنْت السَّفِيرَ بَيْنَهُمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَقَدْ رَدَّ الشَّافِعِيُّ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ مِنْ خَطٍّ إلَخْ) وَهَذَا تُعَضِّدُهُ رِوَايَةُ التَّصْرِيحِ بِذَلِكَ ك (قَوْلُهُ وَكُرَّاثٍ) أَيْ وَفُجْلٍ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا كُرِهَ أَكْلُهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَطْبُوخًا (قَوْلُهُ مُقَيَّدٌ بِالنِّيءِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَوْضِعُ الْكَرَاهَةِ فِي النِّيءِ أَمَّا الْمَطْبُوخُ فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكَلَ طَعَامًا فِيهِ بَصَلٌ (قَوْلُهُ وَإِمْسَاكُ مَنْ كَرِهَتْ نِكَاحَهُ) فِي سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الْكَشَّافُ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي وَإِمْسَاكُ كَارِهَتِهِ قَالَ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ زَوْجَةً أَوْ أَمَةً وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لَقَدْ اسْتَعَذْت بِمَعَاذٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ (قَوْلُهُ الْحَقِي بِأَهْلِك) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَأَخْطَأَ مَنْ عَكَسَ ر

<<  <  ج: ص:  >  >>