للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْمُكَاتَبِ قَالَ وَأَمَّا أَمَةُ الْمُبَعَّضَةِ فَيُزَوِّجُهَا مَنْ يُزَوِّجُ الْمُبَعَّضَةَ بِإِذْنِهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُزَوِّجُهَا مَالِكُ الْبَعْضِ مَعَ وَاحِدٍ مِمَّا مَرَّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ مَنْ يُزَوِّجُهَا لَوْ كَاتَبَ حُرَّةً (وَ) لَا (صَبِيٍّ) لِسَلْبِ عِبَارَتِهِ (وَ) لَا (ذِي جُنُونٍ فِي حَالَتِهِ) أَيْ الْجُنُونِ (وَلَوْ تَقَطَّعَ) لِذَلِكَ وَتَغْلِيبًا لِزَمَنِ الْجُنُونِ فِي الْمُتَقَطِّعِ قَالَ الْإِمَامُ وَإِذَا قَصَرَ زَمَنُ الْإِفَاقَةِ جِدًّا لَمْ يَكُنْ الْحَالُ حَالَ تَقَطُّعٍ؛ لِأَنَّ السُّكُونَ الْيَسِيرَ لَا بُدَّ مِنْهُ مَعَ إطْبَاقِ الْجُنُونِ وَإِذَا قَصَرَ زَمَنُ الْجُنُونِ كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَنْقُلُ الْوِلَايَةَ بَلْ يَنْتَظِرُ كَنَظِيرِهِ فِي الْحَضَانَةِ (وَذِي أَلَمٍ يَشْغَلُ عَنْ النَّظَرِ بِالْمَصْلَحَةِ وَلَا لِمُخْتَلٍّ وَلَوْ عَقِبَ إفَاقَتِهِ) أَيْ وَلَا وِلَايَةَ لِذِي أَلَمٍ يَشْغَلُهُ عَمَّا ذُكِرَ وَلَا لِمَنْ اخْتَلَّ نَظَرُهُ لِهَرَمٍ أَوْ خَبَلٍ جَبَلِيٍّ أَوْ عَارِضٍ وَلَا لِمَنْ أَفَاقَ مِنْ جُنُونِهِ وَبَقِيَتْ آثَارُ خَبَلٍ يَحْمِلُ مِثْلَهَا مِمَّنْ لَا يَعْتَرِيهِ جُنُونٌ عَلَى حِدَّةِ خَلْقٍ لِعَجْزِهِمْ عَنْ الْبَحْثِ عَنْ أَحْوَالِ الْأَزْوَاجِ وَمَعْرِفَةِ الْكُفْءِ مِنْهُمْ.

وَاعْتَرَضَ الرَّافِعِيُّ الْأَوَّلَ بِأَنَّ سُكُونَ الْأَلَمِ لَيْسَ بِأَبْعَدَ مِنْ إفَاقَةِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَإِذَا انْتَظَرْنَا الْإِفَاقَةَ فِي الْإِغْمَاءِ وَجَبَ أَنْ يَنْتَظِرَ السُّكُونَ هُنَا وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِ الِانْتِظَارِ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ لَا الْأَبْعَدُ كَمَا فِي صُورَةِ الْغَيْبَةِ؛ لِأَنَّ أَهْلِيَّةَ الِانْتِظَارِ بَاقِيَةٌ وَشِدَّةُ الْأَلَمِ الْمَانِعَةُ مِنْ النَّظَرِ كَالْغَيْبَةِ وَأَجَابَ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ لِلْإِغْمَاءِ أَمَدًا يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ فَجَعَلَ مَرَدًّا بِخِلَافِ سُكُونِ الْأَلَمِ وَإِنْ احْتَمَلَ زَوَالَهُ وَعَنْ الثَّانِي بِمَنْعِ بَقَاءِ الْأَهْلِيَّةِ وَلَيْسَ كَالْغَيْبَةِ؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ يَقْدِرُ عَلَى التَّزْوِيجِ مَعَهَا وَلَا كَذَلِكَ مَعَ دَوَامِ الْأَلَمِ الْمَذْكُورِ (وَلَا مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) ؛ لِأَنَّهُ لِنَقْصِهِ لَا يَلِي أَمْرَ نَفْسِهِ فَلَا يَلِي أَمْرَ غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فَمَا يَنْبَغِي أَنْ تَزُولَ وِلَايَتُهُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَرَجَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَالْقَاضِي مُجَلِّي وَغَيْرِهِ مِنْهُمَا زَوَالُهَا وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ (لَا فَلَسٍ) أَيْ لَا الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ لِكَمَالِ نَظَرِهِ وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ لَا لِنَقْصٍ فِيهِ بِخِلَافِ الْمَذْكُورِينَ قَبْلَهُ لَا وِلَايَةَ لَهُمْ (بَلْ تَكُونُ) الْوِلَايَةُ (لِلْأَبْعَدِ) وَلَوْ فِي بَابِ الْوَلَاءِ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ شَخْصٌ أَمَةً وَمَاتَ عَنْ ابْنٍ صَغِيرٍ وَأَخٍ كَبِيرٍ كَانَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَخِ كَمَا حَرَّرْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ.

(وَلَا يُبْطِلُهَا إغْمَاءٌ وَسُكْرٌ بِعُذْرٍ وَلَوْ طَالَ) زَمَنُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا قَرِيبَا الزَّوَالِ كَالنَّوْمِ (بَلْ تُنْتَظَرُ الْإِفَاقَةُ) لِلْمُتَلَبِّسِ بِهِمَا كَالنَّائِمِ نَعَمْ إنْ دَعَتْ حَاجَتُهَا إلَى النِّكَاحِ، قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ: زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ يُخَالِفُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ بِعُذْرٍ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَالْأَعْمَى وَالْأَخْرَسُ الْمُفْهِمُ) مُرَادُهُ لِغَيْرِهِ (بِالْإِشَارَةِ) الَّتِي لَا يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا فَطِنُونَ (يُزَوِّجَانِ كَمَا يَتَزَوَّجَانِ) لِقِيَامِ إشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ مَقَامَ النُّطْقِ فِي سَائِرِ الْأَبْوَابِ وَلِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مَعَ الْعَمَى مِنْ الْبَحْثِ عَنْ الْأَكْفَاءِ وَمَعْرِفَتِهِمْ بِالسَّمَاعِ، وَإِنَّمَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا لِتَعَذُّرِ الْأَدَاءِ مِنْ الْأَخْرَسِ وَالتَّحَمُّلِ مِنْ الْأَعْمَى وَلِهَذَا لَوْ تَحَمَّلَ قَبْلَ الْعَمَى قُبِلَتْ وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَّ لِلْأَخْرَسِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَ الْأَصْلُ مَعَ الْإِشَارَةِ الْكِتَابَةَ فَقَالَ بَعْدَ تَصْحِيحِهِ أَنَّ لِلْأَعْمَى أَنْ يَتَزَوَّجَ وَيَجْرِيَ الْخِلَافُ فِي وِلَايَةِ الْأَخْرَسِ الَّذِي لَهُ كِتَابَةٌ أَوْ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ وَلَا يُنَافِي اعْتِبَارَهُ لَهَا تَرْكُ الْمُصَنِّفِ لَهَا؛ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَهُ فِي وِلَايَتِهِ لَا فِي تَزْوِيجِهِ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ إذَا كَانَ كَاتِبًا تَكُونُ الْوِلَايَةُ لَهُ فَيُوَكِّلُ بِهَا مَنْ يُزَوِّجُ وَالْمُصَنِّفُ نَظَرَ إلَى تَزْوِيجِهِ لَا إلَى وِلَايَتِهِ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ بِهَا.

(وَكَذَا يُزَوِّجُ ذُو الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ) مُطْلَقًا وَيُفَارِقُ عَدَمَ قَبُولِ شَهَادَتِهِ إذَا لَمْ تَلْقَ بِهِ حِرْفَتُهُ بِأَنَّ بَابَ الشَّهَادَةِ أَضْيَقُ كَمَا سَيَتَّضِحُ بِمَا يَأْتِي قَرِيبًا (وَالْفَاسِقُ غَيْرُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ تَنْتَقِلُ وِلَايَتُهُ) بِفِسْقِهِ (إلَى الْأَبْعَدِ) ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ يَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

لَا يُزَوِّجُ أَمَتَهُ الَّتِي لَا يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا كا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُزَوِّجُهَا مَالِكُ الْبَعْضِ مَعَ وَاحِدٍ مِمَّا مَرَّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَلِي نِكَاحَ سَيِّدَتِهَا (قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ فَمَا يَنْبَغِي أَنْ تَزُولَ وِلَايَتُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ بَقَاءُ وِلَايَتِهِ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ، وَقَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِهِ، وَقَالَ الْأَصْبَحِيُّ فِي فَتَاوِيهِ الْفَتْوَى بِصِحَّةِ نِكَاحِ السَّفِيهِ وَجَمِيعِ تَصَرُّفَاتِهِ وَمَنْ قَالَ بِغَيْرِ هَذَا فَقَدْ قَالَ مَا لَا يَعْلَمُ وَخَالَفَ الْعَامَّةَ وَقَدْ أَفْتَى أَكَابِرُ أَئِمَّتِنَا بِذَلِكَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي نِكَاحِهِ قَبْلَ إعَادَةِ الْحَجْرِ وَجْهَانِ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ (قَوْلُهُ كَانَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَخِ كَمَا حَرَّرْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ) قَالَ فِيهِ وَهُوَ مَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ تَفَقُّهًا حَيْثُ قَالَ لَا أَعْلَمُ فِي هَذِهِ نَصًّا وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْوِلَايَةَ لِلْأَخِ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْوَلَاءِ فَرْعُ وِلَايَةِ النَّسَبِ اهـ لَكِنْ نَقَلَ الْقَاضِي عَنْ النَّصِّ فِيمَا لَوْ مَاتَ الْمُعْتَقُ عَنْ ابْنٍ صَغِيرٍ وَأَبٍ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْأَبِ فَلَا يُزَوِّجُ أَيْ وَإِنَّمَا يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيّ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ فَقَدْ نَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاخْتَلَفَ فِيهَا الْمُفْتُونَ وَالظَّاهِرُ وَالِاحْتِيَاطُ أَنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُ لَكِنْ فِيهَا نُصُوصٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي يُزَوِّجُ هُوَ الْأَبْعَدُ وَهُوَ الصَّوَابُ. اهـ وَفِي مُقَابَلَةِ الظَّاهِرِ وَالِاحْتِيَاطِ بِالصَّوَابِ نَظَرٌ ش وَقَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ بَلْ تُنْتَظَرُ الْإِفَاقَةُ) جَعَلُوا الْإِغْمَاءَ فِي الْوَكَالَةِ مِنْ السَّوَالِبِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ طُولِ الْمُدَّةِ وَقِصَرِهَا وَهَاهُنَا انْتَظَرُوا قَالَ شَيْخُنَا رُبَّمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْوَكِيلَ يَتَعَاطَى حَقَّ غَيْرِهِ وَالْوَلِيَّ حَقَّ نَفْسِهِ فَاحْتِيطَ فِي حَقِّ الْوَلِيِّ مَا لَمْ يُحْتَطْ فِي حَقِّ الْوَكِيلِ إذْ الْمُوَكِّلُ إمَّا أَنْ يَفْعَلَ بِنَفْسِهِ وَإِمَّا أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ بِانْعِزَالِ الْوَكِيلِ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ قَدْ لَا يُوجَدُ مَنْ يَعْتَنِي بِدَفْعِ الْعَارِ عَنْ النَّسَبِ كَهُوَ كا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ يُخَالِفُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا لَوْ تَحَمَّلَ قَبْلَ الْعَمَى قُبِلَتْ) فَيَجُوزُ تَوْلِيَةُ الْأَعْمَى عُقُودَ النِّكَاحِ وَإِنْ أَفْتَى ابْنُ الْعِرَاقِيِّ بِمَنْعِهَا (قَوْلُهُ وَالْفَاسِقُ غَيْرُ الْإِمَامِ إلَخْ) إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ وِلَايَةِ الْفَاسِقِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ إذْنُهُ فِي غَيْرِ الْكُفْءِ أَوْ لَا يُعْتَبَرُ وَيَكُونُ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ قَالَ فِي الْمُذَاكَرَةِ عَنْ الْفَقِيه أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى عُجَيْلٍ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ وَعَنْ الْفَقِيه إسْمَاعِيلَ الْحَضْرَمِيِّ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَالَ الْأَصْبَحِيُّ وَمَا قَالَهُ الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ أَوْلَى بَلْ قِيلَ بِرُجُوعِ الْفَقِيهِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى عَمَّا قَالَهُ مِنْ اعْتِبَارِ إذْنِهِ (قَوْلُهُ تَنْتَقِلُ وِلَايَتُهُ إلَى الْأَبْعَدِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>