للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُرَّةُ فِيهِمَا كِتَابِيَّةً فَتُعَيَّنَ (وَيَعْتَدِدْنَ) أَيْ الْإِمَاءُ (مِنْ حِينِ تَعَيَّنَتْ) أَيْ الْحُرَّةُ وَهُوَ وَقْتُ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهَا وَإِسْلَامِ الْأَزْوَاجِ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْنَ مَعَهُ وَلَا فِي الْعِدَّةِ بِنَّ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ (وَإِنْ تَخَلَّفَتْ الْحُرَّةُ) عَنْ الْإِسْلَامِ فِي الْعِدَّةِ (لَمْ يَخْتَرْ وَاحِدَةً) مِنْ الْإِمَاءِ (قَبْلَ انْقِضَاءٍ فَإِنْ اخْتَارَ) وَاحِدَةً حِينَئِذٍ (وَأَصَرَّتْ) أَيْ الْحُرَّةُ عَلَى الْكُفْرِ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ مَاتَتْ (لَمْ يَتَبَيَّنْ صِحَّةُ الِاخْتِيَارِ) ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ (بَلْ يُجَدِّدُهُ) وُجُوبًا إنْ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ.

وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ اخْتِيَارُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ إسْلَامُهُ وَإِسْلَامُ الْحُرَّةِ فِي الْعِدَّةِ فَكَانَتْ كَالْمَعْدُومَةِ (وَإِنْ عَتَقْنَ) أَيْ الْإِمَاءُ (قَبْلَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ) بِأَنْ عَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَسْلَمْنَ أَوْ أَسْلَمْنَ وَعَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ أَسْلَمَ وَعَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ (الْتَحَقْنَ بِالْحَرَائِرِ) الْأَصْلِيَّاتِ (فَإِنْ أَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ مَعَهُ) أَوْ فِي الْعِدَّةِ (وَعَتَقَ الْإِمَاءُ ثُمَّ أَسْلَمْنَ فِي الْعِدَّةِ فَلَهُ اخْتِيَارُ أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ) أَيْ مِنْ الْجَمِيعِ (دُونَهَا) أَيْ الْحُرَّةِ وَلَوْ أَسْلَمَ وَلَيْسَ تَحْتَهُ إلَّا إمَاءٌ وَتَخَلَّفْنَ وَعَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ فِي الْعِدَّةِ اخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا كَالْحَرَائِرِ الْأَصْلِيَّاتِ وَلَوْ أَسْلَمَ مِنْ إمَاءٍ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ وَاحِدَةٌ ثُمَّ عَتَقَتْ ثُمَّ عَتَقَتْ الْبَاقِيَاتُ ثُمَّ أَسْلَمْنَ اخْتَارَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ لِتَقَدُّمِ عِتْقِهِنَّ عَلَى إسْلَامِهِنَّ وَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ الْأُولَى لِرِقِّهَا عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامِيِّينَ فَتَنْدَفِعُ بِالْمُعْتَقَاتِ عِنْدَهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَالشَّرْطُ) فِيمَا ذُكِرَ (أَنْ يُعْتَقْنَ قَبْلَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ) كَمَا مَثَّلْنَا فَإِنَّهُ حَالَةَ إمْكَانِ الِاخْتِيَارِ كَمَا فِي الْيَسَارِ وَأَمْنِ الزِّنَا وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْعِتْقَ مَعَ الِاجْتِمَاعِ كَهُوَ قَبْلَهُ.

(فَلَوْ عَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ) وَأَسْلَمَ فَكَانَ الْأَوْلَى وَأَسْلَمُوا (قَبْلَ) إسْلَامِ (الْحُرَّةِ فَلَهُ اخْتِيَارُهُنَّ) ثُمَّ إنْ أَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ فِي الْعِدَّةِ بَانَتْ بِاخْتِيَارِهِ الْأَرْبَعَ وَإِلَّا بَانَتْ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ (فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ) بِأَنْ أَخَّرَ الِاخْتِيَارَ (انْتِظَارًا لِلْحُرَّةِ) أَيْ لِإِسْلَامِهَا (لَزِمَهُ اخْتِيَارُ ثَلَاثٍ مِنْهُنَّ) إذْ لَا مَعْنَى لِتَأْخِيرِ اخْتِيَارِ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ نِكَاحُ ثَلَاثٍ مِنْهُنَّ لَا مَحَالَةَ (وَلَهُ انْتِظَارُ إسْلَامِ الْحُرَّةِ لِاخْتِيَارِ الرَّابِعَةِ) فَإِنْ أَسْلَمَتْ اخْتَارَهَا أَوْ الرَّابِعَةُ مِنْ الْعَتِيقَاتِ وَإِلَّا لَزِمَهُ نِكَاحُ الرَّابِعَةِ مِنْ الْعَتِيقَاتِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ اخْتِيَارِ ثَلَاثٍ مِنْهُنَّ هُوَ مَا حَكَاهَا الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَحَكَى قَبْلَهُ مُقَابِلَهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ.

(وَإِنْ نَكَحَ مُشْرِكٌ أَرْبَعَ إمَاءٍ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ) أَوْ فِي الْعِدَّةِ (إلَّا وَاحِدَةً فَعَتَقَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ تَعَيَّنَتْ كَالْأَصْلِيَّةِ) أَيْ كَالْحُرَّةِ الْأَصْلِيَّةِ (وَإِنْ أَسْلَمَ مَعَهُ أَمَتَانِ وَعَتَقَتْ) الْأَوْلَى الْمُوَافِقُ لِلْأَصْلِ فَعَتَقَتْ (إحْدَاهُمَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْمُتَخَلِّفَتَانِ) عَلَى الرِّقِّ (انْدَفَعَ نِكَاحُهَا) ؛ لِأَنَّ تَحْتَ زَوْجِهِمَا حُرَّةً عِنْدَ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِمَا (وَاخْتَارَ إحْدَى الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ) وَإِنَّمَا لَمْ تَنْدَفِعْ الرَّقِيقَةُ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ عِتْقَ الْأُخْرَى كَانَ بَعْدَ إسْلَامِهَا وَإِسْلَامِهِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي حَقِّهَا كَذَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ الْفُورَانِيُّ وَالْإِمَامُ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ فِي تَنْقِيحِهِ وَصَوَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْجَمِيعِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ سَهْوٌ مَنْشَؤُهُ أَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ عِتْقُ الْمُتَقَدِّمَةِ وَاقِعًا قَبْلَ اجْتِمَاعِ الزَّوْجِ وَالْمُتَخَلِّفَتَيْنِ فِي الْإِسْلَامِ الْتَحَقَتْ فِي حَقِّهِمَا بِالْحَرَائِرِ قَالَ وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي ذَلِكَ بِاجْتِمَاعِ الْعَتِيقَةِ نَفْسِهَا وَالزَّوْجِ فِي الْإِسْلَامِ لَا بِاجْتِمَاعِ غَيْرِهَا وَالزَّوْجِ وَهَذِهِ الْعَتِيقَةُ كَانَتْ عِنْدَ اجْتِمَاعِهَا هِيَ وَالزَّوْجِ فِي الْإِسْلَامِ رَقِيقَةً فَكَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ الْإِمَاءِ فِي حَقِّهَا وَحَقِّ غَيْرِهَا.

قَالَ وَقَدْ يُتَكَلَّفُ لَهُ تَأْوِيلٌ يُرَدُّ بِهِ كَلَامُهُ إلَى مُوَافَقَةِ غَيْرِهِ بِأَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِهِ مَا إذَا اخْتَارَ الْمُعْتَقَةَ قَبْلَ إسْلَامِ الْمُتَخَلِّفَتَيْنِ لَكِنَّ سِيَاقَهُ يَأْبَى هَذَا وَنَقَلَ السُّبْكِيُّ ذَلِكَ وَقَالَ الْأَرْجَحُ مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ مِنْ امْتِنَاعِ الْمُتَخَلِّفَتَيْنِ لِاقْتِرَانِ حُرِّيَّةِ إحْدَى الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ بِإِسْلَامِهِمَا وَهِيَ مَانِعَةٌ مِنْ ابْتِدَاءِ نِكَاحِ الْأَمَةِ فَيُمْنَعُ التَّقْرِيرُ عَلَيْهِمَا وَلَا نَقُولُ بِانْدِفَاعِهِمَا بِمُجَرَّدِ عِتْقِ تِلْكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُعْتَقَا ثُمَّ يُسْلِمَا وَإِنَّمَا يَنْدَفِعَانِ إذَا أَسْلَمْنَا عَلَى الرِّقِّ وَأَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ وَذَكَرْت بَعْضَهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَذَكَرَ مِثْلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَصَوَّبَهُ (وَإِنْ عَتَقَتْ الْمُتَقَدِّمَتَانِ) يَعْنِي أَمَتَانِ مِنْ الْأَرْبَعِ (بَعْدَ إسْلَامِهِمَا ثُمَّ عَتَقَتْ الْمُتَخَلِّفَتَانِ ثُمَّ أَسْلَمَتَا انْدَفَعَتْ الْمُتَقَدِّمَتَانِ) وَتَعَيَّنَ إمْسَاكُ الْأَخِيرَتَيْنِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ أَسْلَمَ ثُمَّ عَتَقَتْ ثِنْتَانِ ثُمَّ أَسْلَمَتَا وَأَسْلَمَتْ الْأُخْرَيَانِ ثُمَّ عَتَقَتَا تَعَيَّنَ إمْسَاكُ الْأُولَتَيْنِ وَانْدَفَعَتْ الْمُتَأَخِّرَتَانِ (نَظَرًا) فِي جَمِيعِ ذَلِكَ (إلَى حَالِ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامِيِّينَ) كَمَا مَرَّ.

(فَصْلٌ سَيَأْتِي) فِي الْبَابِ الْآتِي (أَنَّ لِأَمَةٍ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ الْخِيَارَ) فِي فَسْخِ النِّكَاحِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ أَوْ أَسْلَمْنَ وَعَتَقْنَ) عَبَّرَ بِالْوَاوِ لِيَشْمَلَ مَا إذَا تَقَدَّمَ إسْلَامُهُنَّ عَلَى عِتْقِهِنَّ وَعَكْسُهُ

(قَوْلُهُ الْأَوْلَى الْمُوَافِقُ لِلْأَصْلِ فَعَتَقْنَ) عَدَلَ عَنْ الْفَاءِ لِئَلَّا يُفْهَمَ مِنْهَا اشْتِرَاطُ التَّعْقِيبِ (قَوْلُهُ وَأَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ) وَقَوْلُ الْأَصْحَابِ إنَّ حُدُوثَ الْعِتْقِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لَا أَثَرَ لَهُ يُرِيدُونَ بِهِ فِي الْمَاضِي بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ تَقَدَّمَ إسْلَامُهُ مِنْ الزَّوْجَاتِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبَوَاقِي فَلَا وَالْإِمَامُ وَالْفُورَانِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ تَمَسَّكُوا بِهَذَا الْإِطْلَاقِ وَلَا دَلِيلَ لَهُمْ عَلَى أَنَّ لَنَا أَنْ نَقُولَ بِالْإِطْلَاقِ مَعَ اسْتِيفَاءِ النِّزَاعِ لِأَنَّ انْدِفَاعَ الْمُتَخَلِّفَتَيْنِ لَيْسَ مِنْ أَثَرِ الْعِتْقِ بَلْ مِنْ أَثَرِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْحُرَّةِ وَهُوَ مَعْنًى آخَرُ غَيْرُ تَأْثِيرِ الْعِتْقِ بِخُصُوصِهِ فَيَحْتَمِلُ الْإِطْلَاقَ عَلَيْهِ وَلَا نَقُولُ بِأَنَّ كَلَامَ هَؤُلَاءِ بَاطِلٌ قَطْعًا بَلْ هُوَ مُحْتَمَلٌ وَلَهُ اتِّجَاهٌ قَلِيلٌ لَكِنَّ الْأَرْجَحَ مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ وَلَوْلَا الْأَدَبُ لَكُنْت أَقْطَعُ بِمَا قَالَهُ وَأَقُولُ إنَّ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَهْمٌ وَلَعَلَّ الرَّافِعِيَّ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ لَنَبَّهَ عَلَى مُخَالَفَتِهِ اهـ وَتَبِعَهُ فِي الْخَادِمِ وَزَادَ عَلَيْهِ وَبَيَّنَ رَدَّ الْأَوَّلِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>