(وَيَجِبُ) لَهَا (مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَوْ زَادَ عَلَى مَا ادَّعَتْ) لِمَصِيرِ الصَّدَاقِ بِالتَّحَالُفِ مَجْهُولًا (فَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا مُسَمًّى) وَكَانَ فَوْقَ مَهْرِ مِثْلِ الزَّوْجَةِ فِيمَا إذَا ادَّعَتْهُ أَوْ دُونَهُ فِيمَا إذَا ادَّعَاهُ الزَّوْجُ (وَأَنْكَرَ الْآخَرُ التَّسْمِيَةَ وَلَمْ يَدَّعِ تَفْوِيضًا تَحَالَفَا) لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ اخْتِلَافَهُمَا فِي الْقَدْرِ لِأَنَّ الْمُنْكِرَ يَقُولُ الْوَاجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَالْآخَرَ يَدَّعِي أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ دُونَهُ عَلَى مَا عُرِفَ وَكَذَا يَتَحَالَفَانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُدَّعَى الزَّوْجَةِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِأَعْيَانِ الْأَمْوَالِ ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (وَإِنْ ادَّعَاهُ) أَيْ التَّفْوِيضَ (فَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّسْمِيَةِ) مِنْ جَانِبٍ (وَعَدَمُ التَّفْوِيضِ) مِنْ جَانِبٍ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ مُدَّعَى الْآخَرِ تَمَسُّكًا بِالْأَصْلِ وَكَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَقْدَيْنِ فَإِذَا حَلَفَتْ وَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ لِلتَّفْوِيضِ وَكَانَتْ دَعْوَاهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَظَاهِرٌ كَمَا قِيلَ إنَّ دَعْوَاهَا لَا تُسْمَعُ لِأَنَّهَا لَا تَدَّعِي عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا فِي الْحَالِ غَايَتُهُ أَنَّ لَهَا أَنْ تُطَالِبَ بِالْفَرْضِ.
(وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا التَّفْوِيضَ وَالْآخَرُ السُّكُوتَ عَنْ الْمَهْرِ صُدِّقَ الْآخَرُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّفْوِيضِ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَيَأْتِي فِيهِ مَا قَدَّمْته آنِفًا وَإِذَا حَكَمْنَا بِالتَّحَالُفِ فَحَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ حَكَمْنَا لِلْحَالِفِ وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً حَكَمْنَا بِهَا (وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) مُخْتَلِفَتَيْنِ (بِقَدْرِهِ) أَيْ الْمَهْرِ (فَيَتَعَارَضَانِ) حَتَّى يَتَسَاقَطَا فَيَتَحَالَفَا (أَوْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا وَجْهَانِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ (وَلَوْ ادَّعَتْ النِّكَاحَ وَمَهْرَ الْمِثْلِ فَاعْتَرَفَ بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ الْمَهْرَ) أَوْ سَكَتَ عَنْهُ وَلَمْ يَدَّعِ تَفْوِيضًا وَلَا إخْلَاءَ النِّكَاحِ عَنْ ذِكْرِ الْمَهْرِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (طُولِبَ بِالْبَيَانِ) لِمَهْرٍ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَقْتَضِيهِ مَثَلًا فَلِلْقَاضِي فِي قَوْلِهِ أَنَّهَا تَحْلِفُ وَيَثْبُتُ لَهَا الْمَهْرُ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا طُولِبَ بِبَيَانِهِ (لِيَتَحَالَفَا) إنْ ادَّعَتْ زِيَادَةً عَلَى مَا بَيَّنَهُ (فَإِنْ أَصَرَّ) عَلَى الْإِنْكَارِ (حَلَفَتْ) يَمِينَ الرَّدِّ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ مَهْرَ مِثْلِهَا وَقَضَى لَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا ابْتِدَاءً لِأَنَّ النِّكَاحَ قَدْ يُعْقَدُ بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ فَلَا يَسْتَلْزِمُ وُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يَتَوَجَّهُ التَّحَالُفُ أَيْضًا لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ حَلِفِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى إثْبَاتِ مُدَّعَاهُ وَنَفْيِ مُدَّعَى الْآخَرِ وَالْفَرْضُ أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَدَّعِ قَدْرًا.
(وَإِنْ ادَّعَتْ) عَلَيْهِ مَعَ النِّكَاحِ (مُسَمَّى قَدْرِ الْمَهْرِ فَقَالَ لَا أَدْرِي) أَوْ سَكَتَ (كُلِّفَ الْبَيَانَ) لِمَهْرٍ لِمَا مَرَّ أَنَّ النِّكَاحَ يَقْتَضِيهِ (فَإِنْ أَصَرَّ) عَلَى الْإِنْكَارِ (حَلَفَتْ) يَمِينَ الرَّدِّ (وَقُضِيَ لَهَا) بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَقَوْلُهُ كُلِّفَ الْبَيَانَ فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ مَعَ حَذْفِ شَيْءٍ مِنْهُ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ التَّصْوِيرِ الْمَذْكُورِ قَالَ الْإِمَامُ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا قَالَ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَتْهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَقُضِيَ لَهَا ثُمَّ حُكِيَ عَنْ الْقَاضِي عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ لَهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ يَعْنِي بَعْدَ دَعْوَاهَا عَلَيْهِ النِّكَاحَ وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ عَلِقَتْ بِهِ مِنْهُ فِيهِ هَذَا وَلَدِي مِنْهَا لَزِمَهُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ إذَا حَلَفَتْ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ ظَاهِرٌ أَوْ قِيَاسُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُكَلَّفُ الْبَيَانَ إذَا أَنْكَرَ فَإِنْ أَصَرَّ حَلَفَتْ انْتَهَى فَتَكْلِيفُهُ الْبَيَانَ إنَّمَا هُوَ فِي الَّتِي حَذَفَهَا كَاَلَّتِي ذَكَرَهَا أَوَّلًا لَا فِي الَّتِي ذَكَرَهَا ثَانِيًا وَفَارَقَتْهُمَا بِأَنَّ الْمُدَّعَى فِيهَا مَعْلُومٌ فَكَانَتْ كَنَظَائِرِهَا بِخِلَافِهِ فِيهِمَا لَكِنَّهُ جَزَمَ كَأَصْلِهِ فِيهَا فِي بَابِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ لَهَا الْمَهْرُ لِإِقْرَارِهِ بِمَا يَقْتَضِيهِ وَهَذَا هُوَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى حَذْفِهَا هُنَا.
(وَإِنْ ادَّعَتْ مُسَمًّى عَلَى الْوَارِثِ) لِلزَّوْجِ (فَقَالَ لَا أَدْرِي) أَوْ سَكَتَ (حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَوَجَبَ) لَهَا (مَهْرُ الْمِثْلِ) لِأَنَّ تَعَذُّرَ مَعْرِفَةِ الْمُسَمَّى كَعَدَمِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُكَلَّفْ الْبَيَانَ كَمَا فِي دَعْوَاهَا عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّ الزَّوْجَ يُمْكِنُهُ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَا عَقَدَ بِهِ غَالِبًا (وَالزَّوْجُ وَوَلِيُّ الصَّغِيرَةِ يَتَحَالَفَانِ) لِأَنَّ الْوَلِيَّ هُوَ الْعَاقِدُ وَلَهُ وِلَايَةُ قَبْضِ الْمَهْرِ فَكَانَ اخْتِلَافُهُ مَعَ الزَّوْجِ كَاخْتِلَافِ الْبَالِغَةِ مَعَهُ وَلِأَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِي النِّكَاحِ وَالْمَهْرِ فَلَا يَبْعُدُ تَحْلِيفُهُ وَفَائِدَةُ التَّحَالُفِ أَنَّهُ رُبَّمَا يَنْكُلُ الزَّوْجُ فَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ فَيَثْبُتُ مُدَّعَاهُ وَلَك أَنْ تَقُولَ هَذِهِ الْفَائِدَةُ تَحْصُلُ بِتَحْلِيفِ الزَّوْجِ مِنْ غَيْرِ تَحَالُفٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يُنَافِي مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ حَلِفِ الْوَلِيِّ مَا فِي
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ) لِأَنَّ التَّحَالُفَ يُسْقِطُ اعْتِبَارَ الْمُسَمَّى فَصَارَ الِاعْتِبَارُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَوْ مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ فَظَاهِرٌ كَمَا قِيلَ أَنَّ دَعْوَاهَا لَا تُسْمَعُ إلَخْ) مَا قِيلَ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِامْتِنَاعِ مُطَالَبَتِهَا لَهُ حِينَئِذٍ بِفَرْضِ مَهْرِ مِثْلِهَا لِدَعْوَاهُ مُسَمَّى دُونَهُ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ مُدَّعَى الْآخَرِ وَقَدْ شَمِلَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ مَعَ حَذْفِ شَيْءٍ مِنْهُ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ صَحِيحٌ وَلَعَلَّ سُكُوتَ الشَّيْخَيْنِ عَنْهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا ذَكَرَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُمَا وَقِيَاسُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ إلَى آخِرِهِ مِنْ كَلَامِهِمَا لَا حِكَايَةً لِكَلَامِ الْإِمَامِ فَيَكُونُ رَاجِعًا إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ وَالْفَرْقُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لَا يُؤَثِّرُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْوَارِثِ صَرِيحٌ فِيهِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ ادَّعَتْ نِكَاحًا وَمَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ مَهْرًا مُسَمًّى يُسَاوِيهِ أَوْ ادَّعَاهُ الْوَلِيُّ فَأَقَرَّ الزَّوْجُ بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ الْمَهْرَ أَوْ سَكَتَ وَلَمْ يَدَّعِ التَّفْوِيضَ أَوْ قَالَ فُلَانٌ ابْنِي مِنْ فُلَانَةَ كُلِّفَ بِبَيَانِ الْمَهْرِ فَإِنْ ذَكَرَ قَدْرًا وَزَادَتْ تَحَالَفَا وَإِنْ أَصَرَّ وَلَمْ يَذْكُرْ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِمَا وَقُضِيَ لَهَا.
وَقَالَ ابْنِ أَبِي شَرِيفٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ فِي قَوْلِ الْحَاوِي وَإِنْ ادَّعَتْ مَهْرَ الْمِثْلِ تَصْوِيرٌ لَا تَقْيِيدٌ فَالْمُسَمَّى كَذَلِكَ وَلِذَا أَطْلَقَ الْإِرْشَادُ الْمَهْرَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِنِكَاحٍ لَا مَهْرٍ كُلِّفَ الْبَيَانَ وَقَالَ النَّسَائِيّ فِي نُكَتِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَلَوْ قَالَ وَإِنْ ادَّعَتْ مَهْرًا وَأَقَرَّ بِالنِّكَاحِ دُونَهُ كُلِّفَ بِالْبَيَانِ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّوَابُ وُجُوبُ أَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَالزَّوْجُ وَوَلِيُّ الصَّغِيرَةِ إلَخْ) وَالْمَرْأَةُ وَوَلِيُّ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ وَلَك أَنْ تَقُولَ هَذِهِ الْفَائِدَةُ إلَخْ) يُجَابُ بِأَنَّهُمَا إنَّمَا تَحَالَفَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ فَلَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَإِنَّمَا يَحْلِفُ أَحَدُ الْمُتَنَازِعَيْنِ فَقَطْ إذَا تَرَجَّحَ جَانِبُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute