للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِانْتِفَاءِ طَلَبِ الْمَوَدَّةِ مَعَهُ وَلِأَنَّهُ يُسْتَقْذَرُ طَعَامُهُ لِاحْتِمَالِ نَجَاسَتِهِ وَفَسَادِ تَصَرُّفِهِ (وَ) لِهَذَا (لَا تُسْتَحَبُّ إجَابَةُ الذِّمِّيِّ كَاسْتِحْبَابِ إجَابَةِ الْمُسْلِمِ) فِيمَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ إجَابَتُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إجَابَةُ الذِّمِّيِّ (وَإِنْ كُرِهَتْ مُخَالَطَتُهُ) وَيُعْتَبَرُ فِي الْوُجُوبِ كَوْنُ الْمَدْعُوِّ مُسْلِمًا أَيْضًا فَلَوْ دَعَا مُسْلِمٌ كَافِرًا لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ.

ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ (وَأَنْ لَا يَخُصَّ) بِالدَّعْوَةِ (الْأَغْنِيَاءَ) وَلَا غَيْرَهُمْ بَلْ يَعُمُّ عَشِيرَتَهُ أَوْ جِيرَانَهُ أَوْ أَهْلَ حِرْفَتِهِ وَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ أَغْنِيَاءَ لِخَبَرِ شَرُّ الطَّعَامِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَعُمَّ جَمِيعَ النَّاسِ لِتَعَذُّرِهِ بَلْ لَوْ كَثُرَتْ عَشِيرَتُهُ أَوْ نَحْوُهَا وَخَرَجَتْ عَنْ الضَّبْطِ أَوْ كَانَ فَقِيرًا لَا يُمْكِنُهُ اسْتِيعَابُهَا فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَدَمُ اشْتِرَاطِ عُمُومِ الدَّعْوَى بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَظْهَرَ مِنْهُ قَصْدُ التَّخْصِيصِ (وَ) أَنْ (لَا يَطْلُبَهُ طَمَعًا) فِي جَاهِهِ أَوْ لِإِعَانَتِهِ عَلَى بَاطِلٍ (أَوْ خَوْفًا مِنْهُ) لَوْ لَمْ يَحْضُرْهُ بَلْ لِلتَّوَدُّدِ وَالتَّقَرُّبِ وَكَذَا لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ (وَأَنْ يُعَيِّنَ الْمَدْعُوَّ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ (لَا إنْ نَادَى فِي النَّاسِ) كَأَنْ فَتَحَ الْبَابَ وَقَالَ لِيَحْضُرَ مَنْ أَرَادَ أَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ اُدْعُ مَنْ شِئْت فَلَا تُطْلَبُ الْإِجَابَةُ مِنْ الْمَدْعُوِّ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ حِينَئِذٍ لَا يُورِثُ وَحْشَةً (وَأَنْ يَدْعُوَ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ) أَيْ فِيهِ فَلَوْ أَوْلَمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ لَمْ تَجِبْ الْإِجَابَةُ إلَّا فِي الْأَوَّلِ.

(وَتُسْتَحَبُّ فِي الثَّانِي ثُمَّ تُكْرَهُ) فِيمَا بَعْدَهُ فَفِي أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْوَلِيمَةُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حَقٌّ وَفِي الثَّانِي مَعْرُوفٌ وَفِي الثَّالِث رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ» نَعَمْ لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ اسْتِيعَابُ النَّاسِ فِي الْأَوَّلِ لِكَثْرَتِهِمْ أَوْ صِغَرِ مَنْزِلِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ كَوَلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ دُعِيَ النَّاسُ إلَيْهَا أَفْوَاجًا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ أَوْلَمَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الثَّانِيَةَ كَالْيَوْمِ الثَّانِي فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فَلَا تُطْلَبُ إجَابَةُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِصِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ وَإِنْ أَذِنَ وَلِيُّهُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِحِفْظِ مَالِهِ لَا بِإِتْلَافِهِ نَعَمْ إنْ اتَّخَذَهَا الْوَلِيُّ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ أَبٌ أَوْ جَدٌّ فَيَظْهَرُ وُجُوبُ الْحُضُورِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَأَنْ لَا يَحْضُرَ) هُنَاكَ (مَنْ يُؤْذِي) الْمَدْعُوَّ (أَوْ تَقْبُحُ مُجَالَسَتُهُ) كَالْأَرَاذِلِ فَإِنْ كَانَ فَهُوَ مَعْذُورٌ فِي التَّخَلُّفِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّأَذِّي فِي الْأَوَّلِ وَالْغَضَاضَةِ فِي الثَّانِي.

وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مُنْكَرٌ وَلِهَذَا فَرَّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (فَلَوْ كَانَ مُنْكَرٌ) كَفَرْشِ الْحَرِيرِ فِي دَعْوَةٍ اُتُّخِذَتْ لِلرِّجَالِ وَفَرْشِ جُلُودِ نُمُورٍ بَقِيَ وَبَرُهَا كَمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ وَغَيْرُهُ (وَصُورَةُ الْحَيَوَانِ الْمَرْفُوعَةِ) كَأَنْ كَانَتْ عَلَى سَقْفٍ أَوْ جِدَارٍ أَوْ ثِيَابٍ مَلْبُوسَةٍ أَوْ وِسَادَةٍ مَنْصُوبَةٍ (لَا) صُوَرُ (الشَّجَرِ وَالْقَمَرَيْنِ حَرُمَ الْحُضُورُ) لِأَنَّ الْحُضُورَ حِينَئِذٍ كَالرِّضَا بِالْمُنْكَرِ وَلِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ بِخِلَافِ صُوَرِ الشَّجَرِ وَالْقَمَرَيْنِ لِأَنَّهُ يَحِلُّ تَصْوِيرُهَا كَمَا سَيَأْتِي هَذَا (إنْ لَمْ يَزُلْ) أَيْ الْمُنْكَرُ (لِأَجْلِهِ) أَيْ الْمَدْعُوِّ فَإِنْ كَانَ يَزُولُ لِأَجْلِهِ وَجَبَتْ إجَابَتُهُ إجَابَةً لِلدَّعْوَةِ وَإِزَالَةً لِلْمُنْكَرِ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الدُّخُولِ فَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ عَدَمِ تَحْرِيمِهِ حَيْثُ قَالَ وَهَلْ دُخُولُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

وَقَالَ شَيْخُنَا بَعْدَ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ إجَابَتُهُ هُوَ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ وَلَا تُسْتَحَبُّ إجَابَةُ الذِّمِّيِّ) الْإِضَافَةُ فِيهِ إضَافَةٌ إلَى الْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ كَوْنُ الْمَدْعُوِّ مُسْلِمًا أَيْضًا) أَيْ وَكَوْنُهُ حُرًّا فَفِي الْعَبْدِ يُعْتَبَرُ إذْنُ سَيِّدِهِ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ كَوْنِ الدَّعْوَةِ وَقْتَ اسْتِحْبَابِ الْوَلِيمَةِ وَلَمْ نَرَ لِلْأَصْحَابِ تَصْرِيحًا بِوَقْتِهَا ثُمَّ نَقَلَ اسْتِنْبَاطَ وَالِدِهِ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ اتِّسَاعُهُ مِنْ الْعَقْدِ وَأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الدُّخُولِ وَغَيْرُ مَعْذُورٍ بِمُرَخَّصٍ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَأَنْ يَكُونَ الْمَدْعُوُّ مُكَلَّفًا رَشِيدًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَأَنْ لَا يَكُونَ أَمْرُدَ يَخَافُ رِيبَةً أَوْ تُهْمَةً وَقَالَهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ أَجِيرًا إجَارَةَ عَيْنٍ عَلَى عَمَلِ شَرَعَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ.

(وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَأَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ أَوْلَمَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَظْهَرُ وُجُوبُ الْحُضُورِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَحْضُرُ مَنْ يُؤْذِي الْمَدْعُوَّ) فَلَوْ كَانَ هُنَاكَ عَدُوٌّ لَهُ أَوْ دَعَاهُ عَدُوٌّ لَهُ لَا يَتَأَذَّى بِهِ فِيهِمَا وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ وَأَفْتَى الْبَارِزِيُّ بِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْعَدَاوَةُ دِينِيَّةً كَانَتْ عُذْرًا فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ وَإِلَّا فَلَا تَكُونُ عُذْرًا (قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ مُنْكَرٌ إلَخْ) شَمَلَ إطْلَاقُهُ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ أَنَّ ذَلِكَ مُنْكَرٌ كَمَا فِي النَّبِيذِ لَكِنْ قَالَ الرَّافِعِيُّ إنْ كَانُوا يَشْرَبُونَ النَّبِيذَ الْمُخْتَلَفَ فِي حِلِّهِ فَلَا يُنْكَرُ قَالَ ابْنُ كَجٍّ لِأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ اجْتِهَادٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْحُضُورُ فِي حَقِّ مَنْ يَعْتَقِدُ التَّحْرِيمَ كَمَا فِي الْمُنْكَرِ الْمُجْمَعِ عَلَى تَحْرِيمِهِ.

(قَوْلُهُ كَفُرُشِ الْحَرِيرِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَدْ سَبَقَ عَنْ نَقْلِ النَّوَوِيُّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ بَسَطَ عَلَى فِرَاشِ الْحَرِيرِ شَيْئًا جَازَ الْجُلُوسُ عَلَيْهِ كَالْحَشْوَةِ فَقَدْ يُقَالُ يَحْضُرُ وَيُفْرَشُ فَوْقَهُ شَيْءٌ وَيَجْلِسُ عَلَيْهِ وَهُوَ بَعِيدٌ وَقَدَّمْنَا عَنْ الْقَفَّالِ فِي آخِرِ صَلَاةِ الْخَوْفِ الْمَنْعَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ (قَوْلُهُ وَصُوَرُ الْحَيَوَانِ إلَخْ) وَمَغْصُوبٌ وَمَسْرُوقٌ وَكَلْبٌ لَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ وَالْأَعْمَى حُكْمُهُ فِي دُخُولِ هَذَا الْبَيْتِ حُكْمُ الْبَصِيرِ وَعَدَّ فِي الْإِحْيَاءِ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مُبْتَدِعٌ يَدْعُو إلَى بِدْعَتِهِ وَلَا يَقْدِرُ الْمَدْعُوُّ عَلَى رَدِّهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مَنْ يَضْحَكُ بِالْكَذِبِ وَالْفُحْشِ وَأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ آنِيَةُ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي طَعَامِ الدَّعْوَةِ أَوْ شَرَابِهَا فَظَاهِرٌ وَإِنْ أَرَادَ وُجُودَهَا وَإِنْ لَمْ تُسْتَعْمَلْ لِتَحْرِيمِ اقْتِنَائِهَا عَلَى الْأَصَحِّ فَقِيَاسُهُ أَنَّ كُلَّ مَا حَرُمَ اقْتِنَاؤُهُ كَانَ وُجُودُهُ هُنَاكَ عُذْرًا فِي عَدَمِ الْإِجَابَةِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ أَرَادَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فِي كِتَابِهِ الِانْتِصَارِ إذَا كَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ دُخُولُهُ وَالْجُلُوسُ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِعُذْرٍ فِي إجَابَةِ الدَّعْوَةِ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ أَوْ ثِيَابٌ مَلْبُوسَةٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ظَاهِرٌ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ مُنْكَرًا فِي كَوْنِهَا مَلْبُوسَةً وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا يُرَادُ لِلُّبْسِ سَوَاءٌ كَانَ مَلْبُوسًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوْ مُعَلَّقًا أَوْ مَوْضُوعًا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ فَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ عَدَمِ تَحْرِيمِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>