أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَشْرَعْنَ فِيهِ فِي الْعِدَّةِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ» (وَالْبِدْعِيُّ طَلَاقُ مَدْخُولٍ بِهَا بِلَا عِوَضٍ مِنْهَا فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ) وَلَوْ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ وَهِيَ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ وَذَلِكَ لِمُخَالَفَتِهِ قَوْله تَعَالَى {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] وَزَمَنُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ وَالْمَعْنَى فِيهِ تَضَرُّرُهَا بِطُولِ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ (أَوْ) فِي (طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ فِيهِ وَلَوْ) كَانَ الْجِمَاعُ أَوْ الِاسْتِدْخَالُ (فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ أَوْ فِي الدُّبُرِ) (إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ حَمْلُهَا) وَكَانَتْ مِمَّنْ قَدْ تَحْبَلُ لِأَدَائِهِ إلَى النَّدَمِ عِنْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُطَلِّقُ الْحَائِلَ دُونَ الْحَامِلِ وَعِنْدَ النَّدَمِ قَدْ لَا يُمْكِنُهُ التَّدَارُكُ فَيَتَضَرَّرُ هُوَ وَالْوَلَدُ وَلِأَنَّ عِدَّتَهَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا تَكُونُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَلَوْ كَانَتْ حَائِلًا تَكُونُ بِالْأَقْرَاءِ وَرُبَّمَا يَلْتَبِسُ الْأَمْرُ وَتَبْقَى مُرْتَابَةً فَلَا يَتَهَيَّأُ لَهَا التَّزَوُّجُ.
وَأَلْحَقُوا الْجِمَاعَ فِي الْحَيْضِ بِالْجِمَاعِ فِي الطُّهْرِ لِاحْتِمَالِ الْعُلُوقِ فِيهِ وَكَوْنِ بَقِيَّتِهِ مِمَّا دَفَعَتْهُ الطَّبِيعَةُ أَوَّلًا وَتَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ وَأَلْحَقُوا الْجِمَاعَ فِي الدُّبُرِ بِالْجِمَاعِ فِي الْقُبُلِ لِثُبُوتِ النَّسَبِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ بِهِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَلَوْ فِي حَيْضٍ أَنَّ مَا قَبْلَهُ شَامِلٌ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ أَوْ قَالَ أَوْ حِيضَ قَبْلَهُ كَانَ أَوْلَى وَكَأَنَّهُ غَلَّبَ قَوْلَهُ أَوْ فِي الدُّبُرِ عَلَى ذَلِكَ (وَكَذَا) طَلَاقُ (مَنْ لَمْ تَسْتَوْفِ دَوْرَهَا مِنْ الْقَسْمِ) فَإِنَّهُ يُدْعَى كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا إذَا طَلَّقَهَا بِغَيْرِ سُؤَالِهَا وَإِلَّا فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِبِدْعِيٍّ كَمَا فِي الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ عَلَى رَأْيٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا بِسُؤَالِهَا مُسْقِطَةٌ لَحَقِّهَا مِنْ الْقَسْمِ فَيَجُوزُ هُنَا قَطْعًا
(أَمَّا الصَّغِيرَةُ وَالْحَامِلُ) مِنْ الْمُطَلِّقِ (وَلَوْ حَاضَتْ وَغَيْرُ الْمَمْسُوسَةِ وَالْآيِسَةُ وَالْمُخْتَلِعَةُ فَلَا بِدْعَةَ لَهُنَّ وَلَا سُنَّةَ) لِانْتِقَاءِ مَا ذُكِرَ فِيهِمَا وَلِأَنَّ افْتِدَاءَ الْمُخْتَلِعَةِ يَقْتَضِي حَاجَتَهَا إلَى الْخَلَاصِ بِالْفِرَاقِ وَرِضَاهَا بِطُولِ التَّرَبُّصِ وَأَخْذَهُ الْعِوَضَ يُؤَكِّدُ دَاعِيَةَ الْفِرَاقِ وَيُبْعِدُ احْتِمَالَ النَّدَمِ وَالْحَامِلُ وَإِنْ تَضَرَّرَتْ بِالطُّولِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فَقَدْ اسْتَعْقَبَ الطَّلَاقَ شُرُوعُهَا فِي الْعِدَّةِ.
قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَقَدْ تُضْبَطُ الْأَقْسَامُ عَلَى الْإِبْهَامِ بِأَنْ يُقَالَ الطَّلَاقُ إنْ حَرُمَ إيقَاعُهُ فَبِدْعِيٌّ وَإِلَّا فَسُنِّيٌّ فِي حَقِّ مَنْ يَعْتَوِرُهَا التَّحْرِيمُ وَلَيْسَ بِسُنِّيٍّ وَلَا بِدْعِيٍّ فِي غَيْرِهَا
(وَقَدْ يَجِبُ الطَّلَاقُ فِي الْإِيلَاءِ) عَلَى الْمُوَلَّى (وَ) فِي (الشِّقَاقِ) عَلَى الْحَكَمَيْنِ (إذَا أَمَرَ) الْمُطَلِّقُ (بِهِ فَلَا بِدْعَةَ فِيهِ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ مَعَ رِضَا الزَّوْجَةِ بِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فِي الْأَوْلَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِتَحْرِيمِهِ لِأَنَّهُ أَحْوَجُهَا بِالْإِيذَاءِ إلَى الطَّلَبِ وَهُوَ غَيْرُ مَلْجَأٍ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَيْئَةِ وَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ فِيهَا الْوُجُوبُ الْمُخَيَّرُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا إمَّا الطَّلَاقُ أَوْ الْفَيْئَةُ أَوْ الْوُجُوبُ الْعَيْنِيُّ بِحَمْلِ الطَّلَاقِ عَلَى مَا إذَا تَعَيَّنَ بِأَنْ قَامَ بِالزَّوْجِ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ كَإِحْرَامٍ.
(وَيُسْتَحَبُّ الطَّلَاقُ لِخَوْفِ تَقْصِيرِهِ) فِي حَقِّهَا لِبُغْضٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ لِعَدَمِ عِفَّتِهَا) بِأَنْ لَا تَكُونَ عَفِيفَةً وَأَلْحَقَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ طَلَاقَ الْوَلَدِ إذَا أَمَرَهُ بِهِ وَالِدُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا أَمَرَهُ بِهِ لَا لِتَعَنُّتٍ وَنَحْوِهِ (وَيُكْرَهُ عِنْدَ سَلَامَةِ الْحَالِ) لِخَبَرِ «لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْحَلَالِ أَبْغَضَ إلَى اللَّهِ مِنْ الطَّلَاقِ» .
(وَلَوْ سَأَلَتْهُ) الطَّلَاقَ (بِلَا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَقَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا) الْأَمْرُ بِالْأَمْرِ بِهَا فِي الْحَدِيثِ أَمْرُ نَدْبٍ وَالْقَرِينَةُ عَلَى كَوْنِهِ أَمْرًا لَامُ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ فَلْيُرَاجِعْهَا لِأَنَّهُ لَوْ حَذَفَ لَفْظَ مُرْهُ وَالْفَاءَ وَقِيلَ لِيُرَاجِعْهَا لَكَانَ أَمْرًا لِلْغَائِبِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرْهُ مُرَادٌ بِهِ الْأَمْرُ مِنْ قِبَلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ قَالُوا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَلِكِ لِوَزِيرِهِ قُلْ لِفُلَانٍ يَفْعَلْ كَذَا أَنَّهُ أَمْرٌ مِنْ الْمَلِكِ وَالْقَرِينَةُ الْعِلْمُ بِأَنَّهُ مُبْلِغٌ لِأَمْرِ الْمَلِكِ وَمِثْلُهُ يَأْتِي هَا هُنَا.
(قَوْلُهُ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ) إذَا لَمْ يَسْتَعْقِبْ الطَّلَاقَ الْعِدَّةُ أَوْ كَانَ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ أَوْ فِي الْحَيْضِ قَبْلَهُ وَلَمْ يَظْهَرْ الْحَمْلُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَالِمِ بِحَالِهَا وَبِتَحْرِيمِ طَلَاقِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ تَصْرِيحًا. اهـ. وَذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ نَحْوَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْبِدْعِيِّ وَقَوْلُهُ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ) بِنَاءً عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ وَهُوَ اسْتِئْنَافُهَا الْعِدَّةَ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ تَضَرُّرُهَا بِطُولِ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ) وَلَا يَمْنَعُ تَحْرِيمُهُ وُقُوعَهُ لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ مَبْنِيٍّ عَلَى التَّغْلِيبِ فَلَا يَمْنَعُهُ تَضَرُّرُ الْمَمْلُوكِ كَالْعِتْقِ (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ) أَيْ الْمُحْتَرَمَ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ عَلَى رَأْيٍ) أَيْ مَرْجُوحٍ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ هُنَا قَطْعًا) أَيْ إنْ قُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ الْمَارِّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ هُنَا الْجَزْمُ بِالْجَوَازِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً وَقَالَ لَهَا سَيِّدُهَا إنْ طَلَّقَك الزَّوْجُ الْيَوْمَ فَأَنْت حُرَّةٌ فَسَأَلَتْهُ ذَلِكَ لِأَجَلٍ الْعِتْقِ بَلْ يَتَّجِهُ هَذَا فِيمَا لَوْ كَانَتْ حَائِضًا.
وَالصُّورَةُ مَا ذَكَرْنَاهُ فَسَأَلَتْهُ لِلْخَلَاصِ مِنْ الرِّقِّ إذْ دَوَامُهُ أَضُرُّ بِهَا مِنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ وَقَدْ لَا يَسْمَحُ بِهِ السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ يَمُوتُ فَيَدُومُ أَسْرُهَا بِالرِّقِّ وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ لَوْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ فِي الْحَيْضِ لَمْ يَكُنْ بِدْعِيًّا وَإِنْ طَالَ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ قَصَدَ خَلَاصَهَا مِنْ أَصْلِ الرِّقِّ وَأَنْعَمَ عَلَيْهَا بِالْعِتْقِ
(قَوْلُهُ وَغَيْرُ الْمَمْسُوسَةِ وَالْآيِسَةُ) أَيْ وَالْمُتَحَيِّرَةُ
(قَوْلُهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَيْئَةِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمُرَادُهُ يَعْنِي الرَّافِعِيَّ الْفَيْئَةُ بِاللِّسَانِ إذْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْوَطْءَ حَرَامٌ فِي الْحَيْضِ. اهـ. فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ فِي صُورَةٍ خَاصَّةٍ فَالْحُكْمُ مِنْ حَيْثُ هَؤُلَاءِ يَتَقَيَّدُ بِفَيْئَةِ اللِّسَانِ بَلْ لَا تَكْفِي فِيمَا إذَا طَلَبَتْ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ وَلَمْ يَظْهَرْ الْحَمْلُ.
(قَوْلُهُ بِحَمْلِ الطَّلَاقِ عَلَى مَا إذَا تَعَيَّنَ بِأَنْ قَامَ بِالزَّوْجِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّ الطَّلَاقَ قَدْ يَتَعَيَّنُ كَمَا لَوْ آلَى ثُمَّ غَابَ أَوْ آلَى وَهُوَ غَائِبٌ فَمَضَتْ الْمُدَّةُ فَوَكَّلَتْ فِي الْمُطَالَبَةِ فَذَهَبَ وَكِيلُهَا إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الزَّوْجُ وَطَالَبَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُهُ بِالْفَيْئَةِ بِاللِّسَانِ فِي الْحَالِ وَبِالسَّيْرِ إلَيْهَا أَوْ بِحَمْلِهَا إلَيْهِ أَوْ الطَّلَاقِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ إمْكَانِ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ أَسِيرُ إلَيْهَا لَمْ يُمَكَّنْ بَلْ يُجْبَرْ عَلَى الطَّلَاقِ عَيْنًا. اهـ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ لَا تَكُونَ عَفِيفَةً) أَوْ تَارِكَةً لِلصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ وَاجِبِ الدِّينِ أَوْ كَانَتْ تُؤْذِي أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا أَوْ كَانَتْ مُفْسِدَةً لِمَالِهِ أَوْ يَخَافُ مِنْ الْقَالَةِ لِبُرُوزِهَا وَتَبَرُّجِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ فُجُورَهَا أَوْ بَانَ كَوْنُهَا عَقِيمًا