للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوُرُودِهَا فِي الْقُرْآنِ مَعَ تَكَرُّرِ بَعْضِهَا فِيهِ وَإِلْحَاقِ مَا لَمْ يَتَكَرَّرْ مِنْهَا بِمَا تَكَرَّرَ بِجَامِعِ اسْتِعْمَالِهِمَا فِيمَا ذُكِرَ (كَأَنْتِ طَالِقٌ وَمُطَلَّقٌ) بِالتَّشْدِيدِ (وَيَا طَالِقُ وَيَا مُطَلَّقَةُ) بِالتَّشْدِيدِ (أَمَّا مُطْلَقَةٌ بِالتَّخْفِيفِ فَكِنَايَةٌ) لِاحْتِمَالِهَا الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ (وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ الطَّلَاقُ أَوْ طَلِقَةٌ أَوْ نِصْفُ طَلِقَةٍ أَمَّا أَنْتِ كُلٌّ طَلِقَةٌ وَنِصْفُ طَالِقٍ فَصَرِيحٌ) لَيْسَ أَنْتِ كُلٌّ طَلِقَةٌ فِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ بَلْ فِي السَّقِيمَةِ الَّتِي أَخَذَ مِنْهَا صَاحِبُ الرَّوْضَةِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ إذْ الْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ عَنْ تَهْذِيبِ الْبَغَوِيّ وَاَلَّذِي فِيهِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي نُسَخِهِ الْمُعْتَمَدَةِ أَنَّ أَنْتِ لَك طَلِقَةٌ بِتَقْدِيمِ اللَّامِ عَلَى الْكَافِ صَرِيحٌ أَمَّا أَنْتِ كُلٌّ طَلِقَةٌ فَالْأَوْجَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ كَأَنْتِ طَلِقَةٌ (وَالْفِعْلُ مِنْ لَفْظَيْ الطَّلَاقِ وَالسَّرَاحِ صَرِيحٌ) كَفَارَقْتُك وَسَرَّحْتُك فَهُمَا كَطَلَّقْتُك (وَالْمُشْتَقُّ مِنْهُمَا) كَمُفَارَقَةٍ وَمُسَرَّحَةٍ (كَالْمُشْتَقِّ مِنْ الطَّلَاقِ) أَيْ كَمُطَلَّقَةٍ (وَ) قَوْلُهُ (أَنْتِ وَطَلِقَةٌ أَوْ وَأَنْتِ وَالطَّلَاقُ) أَيْ قَرَنْت بَيْنَكُمَا (كِنَايَةٌ) وَلَا مَعْنًى لِلْوَاوِ وَالثَّانِيَةُ فِي أَوْ وَأَنْتِ (وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَثَاقٍ أَوْ مِنْ الْعَمَلِ وَسَرَّحْتُك إلَى كَذَا وَفَارَقْتُك فِي الْمَنْزِلِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا (كِنَايَةٌ إنْ قَارَنَهُ الْعَزْمُ عَلَى الزِّيَادَةِ) الَّتِي أَتَى بِهَا (أَوْ تَوَسَّطَ) هـ (لَا إنْ بَدَا لَهُ بَعْدُ فَقَالَ مِنْ وَثَاقٍ) أَوْ نَحْوَهُ فَلَا تَكُونُ كِنَايَةً بَلْ صَرِيحٌ فَتَأْثِيرُ النِّيَّةِ مَشْرُوطٌ بِالْإِتْيَانِ بِهَا قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ لَفْظِ الطَّلَاقِ كَمَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ مَا يَأْتِي أَوَّلَ الْفَصْلِ الْآتِي.

(وَتَرْجَمَةُ) لَفْظِ (الطَّلَاقِ بِالْعَجَمِيَّةِ صَرِيحٌ) لِشُهْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا فِي مَعْنَاهَا عِنْدَ أَهْلِهَا شُهْرَةَ اسْتِعْمَالِ الْعَرَبِيَّةِ عِنْدَ أَهْلِهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ عَدَمِ صَرَاحَةٍ نَحْوِ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ عِنْدَ النَّوَوِيِّ بِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلطَّلَاقِ بِخُصُوصِهِ بِخِلَافِ ذَاكَ وَإِنْ اشْتَهَرَ فِيهِ (وَ) تَرْجَمَةُ (صَاحِبَيْهِ) أَيْ الطَّلَاقُ وَهُمَا الْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ (كِنَايَةٌ) كَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ فِي تَرْجَمَتِهِمَا الْوَجْهَانِ فِي تَرْجَمَةِ الطَّلَاقِ لَكِنْ بِالتَّرْتِيبِ وَأَوْلَى بِعَدَمِ الصَّرَاحَةِ لِأَنَّ تَرْجَمَتَهُمَا بَعِيدَةٌ عَنْ الِاسْتِعْمَالِ فِي الطَّلَاقِ قَالَ الْإِمَامُ وَهُوَ أَظْهَرُ وَبِهِ أَجَابَ الرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ انْتَهَى وَعِبَارَةُ الْإِمَامِ هُنَا الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ وَعِبَارَةُ الرُّويَانِيِّ فِي حِلْيَتِهِ لَا يَكُونُ صَرِيحًا عِنْدِي وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ اخْتِيَارٌ لَهُمَا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَبِهِ جَزَمَ الْجُوَيْنِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ فِي الْخُلْعِ عَنْ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَكَلَامُ الْمُحَرَّرِ يَقْتَضِيهِ وَقَدْ بَسَطَ الْأَذْرَعِيُّ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ فَالْمَذْهَبُ مَا فِي الْمُحَرَّرِ لَا مَا فِي الرَّوْضَةِ (وَ) قَوْلُهُ (أَلْقَيْت عَلَيْك طَلْقَةً صَرِيحٌ وَفِي وَضَعْت عَلَيْك) طَلْقَةً (أَوْ لَك طَلْقَةٌ) (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ لِوُجُودِ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَالثَّانِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَضَمَّنْ إيقَاعًا. وَقَوْلُ الْقَائِلِ لَك هَذَا الثَّوْبُ يَحْتَمِلُ الْإِخْبَارَ عَنْ الْمِلْكِ وَيَحْتَمِلُ الْهِبَةَ وَقِيَاسٌ صَرَاحَةً أَوْقَعْت عَلَيْك طَلَاقِي تَرْجِيحُ صَرَاحَةً وَضَعْت عَلَيْك طَلْقَةً وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَمِيلُ إلَى تَرْجِيحِ صَرَاحَةً لَك طَلْقَةٌ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا كِنَايَةٌ.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

عِنْدَنَا صَرِيحًا أَمْ كِنَايَةً وَكُلُّ مَا كَانَ عِنْدَهُمْ كِنَايَةً أُجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْكِنَايَةِ وَإِنْ كَانَ صَرِيحًا عِنْدَنَا لِأَنَّا نَعْتَبِرُ عُقُودَهُمْ فِي شِرْكِهِمْ بِمُعْتَقِدِهِمْ فَكَذَا إطْلَاقُهُمْ. اهـ. وَلَمْ أَرَ لِغَيْرِهِ التَّصْرِيحَ بِخِلَافِهِ وَلَا رِفَاقِهِ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمْ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا حَكَمْنَا فِي الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ بَيْنَهُمْ بِمَا نَحْكُمُ بِهِ بَيْنَنَا نَعَمْ لَا نَتَعَرَّضُ إلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ تَرَافُعٍ. اهـ. وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ قَوْلُ الرُّويَانِيِّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ حَكَمْنَا فِي الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) أَيْ وَأَنْتِ سَرَاحٌ أَوْ السَّرَاحُ أَوْ أَنْتِ أَطْلَقُ مِنْ امْرَأَةٍ فُلَانٍ وَامْرَأَةُ فُلَانٍ مُطَلَّقَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ نِصْفُ طَالِقٍ فَصَرِيحٌ) كَقَوْلِهِ نِصْفُك طَالِقٌ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِيهِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي نُسَخِهِ الْمُعْتَمَدَةِ إنْ أَنْتِ لَك طَلْقَةٌ بِتَقْدِيمِ اللَّامِ عَلَى الْكَافِ إلَخْ) سَتَأْتِي هَذِهِ فِي كَلَامِهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُمَا (فَرْعٌ) فِي الْوَدَائِعِ لِابْنِ سُرَيْجٍ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ كُلَّ تَطْلِيقٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ لِلطَّلَاقِ غَايَةً وَهَذِهِ غَايَتُهُ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ الْعَمَلِ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ مِمَّنْ لَا يَعْمَلُ كَبَنَاتِ الْمُلُوكِ (قَوْلُهُ وَفَارَقْتُك فِي الْمَنْزِلِ كِنَايَةٌ) قَدْ ذَكَرُوا فِيمَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فَقَالَ لِإِحْدَاهُنَّ فَارَقْتُك أَنَّهُ فَسْخٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ (قَوْلُهُ إنْ قَارَنَهُ الْعَزْمُ عَلَى الزِّيَادَةِ الَّتِي أَتَى بِهَا) فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِالزِّيَادَةِ وَنَوَاهَا قَبْلَ فَرَاغِ لَفْظِ الطَّلَاقِ دُيِّنَ فَإِنْ كَانَتْ قَرِينَةٌ كَمَا لَوْ قَالَهُ وَهُوَ يُحِلُّهَا مِنْ وَثَاقٍ قُبِلَ ظَاهِرًا فِي الْأَصَحِّ.

(فَرْعٌ) قَالَ لِزَوْجَتِهِ مَا كِدْت أَنْ أُطَلِّقَك فَهُوَ إقْرَارٌ بِالطَّلَاقِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ قَالَ الْغَزِّيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ النَّفْيَ الدَّاخِلَ عَلَى كَادَ أَنْ لَا يُثْبِتَهُ عَلَى الْأَصَحِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ وَأَخَذْنَاهُ بِهِ لِلْعُرْفِ.

(قَوْلُهُ وَتَرْجَمَةُ الطَّلَاقِ بِالْعَجَمِيَّةِ صَرِيحٌ) سُئِلْت عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ وَهُوَ لَا يُفَرِّقُ هُوَ وَلَا قَوْمُهُ بَيْنَ الطَّاءِ وَالتَّاءِ فَيَنْطِقُونَ بِالتَّاءِ مَكَانَ الطَّاءِ فَقَالَ أَنْت تَالِقٌ أَوْ التَّلَاقُ لَازِمٌ لِي أَوْ وَاجِبٌ عَلَيَّ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ هَلْ يَكُونُ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ وَالشَّرَفُ الْمُنَاوِيُّ وَالسِّرَاجُ الْعَبَّادِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعَصْرِيِّينَ وَقَاسُوهُ عَلَى تَرْجَمَةِ الطَّلَاقِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ تَرْجَمَةَ الطَّلَاقِ مَوْضُوعَةٌ فِي لُغَةِ الْعَجَمِ لِلطَّلَاقِ فَلَمْ تَحْتَمِلْ غَيْرَهُ بِخِلَافِ التَّلَاقِ بِالتَّاءِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ لِغَيْرِ الطَّلَاقِ فَإِذَا اُشْتُهِرَ فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ يَكُونُ كِنَايَةً فِيهِ كَحَلَالِ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَحْوِهِ فَأَجَبْت بِأَنَّ الْأَلْفَاظَ الْمَذْكُورَةَ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهَا إلَّا بِنِيَّةٍ وَقَدْ شَمِلَهَا قَوْلُهُمْ إذَا اُشْتُهِرَ فِي الطَّلَاقِ سِوَى الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ الصَّرِيحَةِ كَحَلَالِ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ فَفِي الْتِحَاقِهِ بِالصَّرِيحِ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْمُتَقَدِّمُونَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ مُطْلَقًا. اهـ. وَيُؤَيِّدُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِهَا عِنْدَ نِيَّتِهِ أَنَّ حَرْفَ التَّاءِ قَرِيبٌ مِنْ مَخْرَجِ الطَّاءِ وَيُبْدَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَلْفَاظِ قَالَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ الْوَالِدُ فِي " لَازِمٌ لِي، وَوَاجِبٌ عَلَيَّ " مَمْنُوعٌ. (قَوْلُهُ كَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَكَلَامٌ الصَّغِيرُ يَفْهَمُهُ وَالْفَرْقُ اشْتِهَارُ لَفْظِ الطَّلَاقِ فِي كُلِّ لُغَةٍ بِخِلَافِ لَفْظِ الْفِرَاقِ وَالسَّرَاحِ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ) هُوَ الْأَصَحُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>