يَسَعُ الطَّلَاقَ فَلَمْ يُطَلِّقْ) فِيهِ (طَلُقَتْ لَا إنْ مُنِعَ) مِنْ الطَّلَاقِ كَأَنْ أَمْسَكَ غَيْرُهُ فَمَه أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى تَرْكِ التَّطْلِيقِ فَلَا تَطْلُقُ لِلْعُذْرِ (وَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِإِذَا مَعْنَى أَنْ قُبِلَ ظَاهِرًا) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ يُقَامُ مَقَامَ الْآخَرِ (فَإِنْ كَانَ) التَّعْلِيقُ (بِصِيغَةِ إنْ لَمْ) أُطَلِّقْك (فَلَا تَطْلُقُ إلَّا عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ الطَّلَاقِ) وَالْفَرْقُ أَنَّ إنْ حَرْفُ شَرْطٍ لَا إشْعَارَ لَهُ بِالزَّمَانِ وَغَيْرَهَا ظَرْفُ زَمَانٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا قِيلَ لَك مَتَى أَلْقَاك صَحَّ أَنْ تَقُولَ إذَا أَوْ مَتَى شِئْت أَوْ نَحْوَهُمَا وَلَا يَصِحُّ إنْ شِئْت فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك مَعْنَاهُ إنْ فَاتَنِي تَطْلِيقُك وَفَوَاتُهُ بِالْيَأْسِ وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك مَعْنَاهُ أَيُّ وَقْتٍ فَاتَنِي فِيهِ التَّطْلِيقُ وَفَوَاتُهُ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يَتَأَتَّى فِيهِ التَّطْلِيقُ وَلَمْ يُطَلِّقْ وَيَحْصُلُ الْيَأْسُ مِنْهُ (بِأَنْ يَمُوتَ أَحَدُهُمَا أَوْ يُجَنَّ الزَّوْجُ جُنُونًا مُتَّصِلًا بِمَوْتِهِ فَيَقَعُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ أَوْ الْجُنُونِ) بِحَيْثُ لَا يَبْقَى زَمَنٌ يُمْكِنُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِيهِ لِانْتِفَاءِ التَّكْلِيفِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا لَمْ يَحْصُلْ الْيَأْسُ بِمُجَرَّدِ جُنُونِهِ لِاحْتِمَالِ الْإِفَاقَةِ وَالتَّطْلِيقِ بَعْدَهَا.
قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالتَّعْبِيرُ بِقُبَيْلَ غَيْرُ مُحَرَّرٍ وَالصَّوَابُ وُقُوعُهُ إذَا بَقِيَ مَا لَا يَسَعُ التَّطْلِيقَ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَكَالْجُنُونِ الْإِغْمَاءُ وَالْخَرَسُ الَّذِي لَا كِتَابَةَ لِصَاحِبِهِ وَلَا إشَارَةَ مُفْهِمَةً.
(وَإِنْ فُسِخَ النِّكَاحُ) أَوْ انْفَسَخَ (أَوْ طَلَّقَهَا وَكِيلُهُ وَمَاتَ) أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ (قَبْلَ تَجْدِيدِ النِّكَاحِ) أَوْ الرَّجْعَةِ (أَوْ بَعْدَهُ) وَلَمْ يُطَلِّقْ (تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ إنْ كَانَ) الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ (رَجْعِيًّا) إذْ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ لِفَوَاتِ الْمَحِلِّ بِالِانْفِسَاخِ إنْ لَمْ يُجَدِّدْ وَعَدَمُ عَوْدِ الْحِنْثِ إنْ جَدَّدَ وَلَمْ يُطَلِّقْ فَيَتَعَيَّنُ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ وَاعْتُبِرَ طَلَاقُ وَكِيلِهِ لِأَنَّهُ لَا يُفَوِّتُ الصِّفَةَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ طَلَاقِهِ هُوَ وَهَذَا هُوَ فَائِدَةُ عَطْفِهِ طَلَاقَ الْوَكِيلِ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَإِلَّا فَهُوَ لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَهُ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى حُكْمِ مَا قَبْلَهُ وَاعْتُبِرَ فِي وُقُوعِهِ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ كَوْنُهُ رَجْعِيًّا لِيُتَصَوَّرَ الِانْفِسَاخُ بَعْدَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ بَائِنًا (لَمْ يَقَعْ) قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ (لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ تَمْنَعُ الِانْفِسَاخَ فَيَقَعُ الدَّوْرُ) إذْ لَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ لَمْ يَحْصُلْ الِانْفِسَاخُ فَلَمْ يَحْصُلْ الْيَأْسُ فَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ (فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ التَّجْدِيدِ) لِلنِّكَاحِ (أَوْ عَلَّقَ بِنَفْيِ فِعْلٍ) غَيْرِ التَّطْلِيقِ (كَالضَّرْبِ فَضَرَبَهَا وَهُوَ مَجْنُونٌ أَوْ وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ) وَلَوْ طَلَاقًا بَائِنًا (انْحَلَّتْ الْيَمِينُ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْبِرَّ لَا يَخْتَصُّ بِحَالِ النِّكَاحِ وَلِهَذَا يَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ حَالَ الْبَيْنُونَةِ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ ضَرْبَ الْمَجْنُونِ فِي تَحَقُّقِ الصِّفَةِ وَنَفْيِهَا كَضَرْبِ الْعَاقِلِ وَالضَّرْبُ حَالَ الْبَيْنُونَةِ مُمْكِنٌ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنْ أَبَانَهَا وَاسْتَمَرَّتْ الْبَيْنُونَةُ إلَى الْمَوْتِ وَلَمْ يَتَّفِقْ ضَرْبٌ تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَسِيطِ وَإِنْ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الْأَصْلِ هُنَا مَا يَقْتَضِي عَدَمَ وُقُوعِهِ أَصْلًا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ.
(وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ فَأَنْت طَالِقٌ) فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا (طَلُقَتْ قُبَيْلَ الْغُرُوبِ) لِحُصُولِ الْيَأْسِ حِينَئِذٍ وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ آخِرَ فَصْلٍ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ غَدَ أَمْسِ (وَقَوْلُهُ إنْ تَرَكْت طَلَاقَك أَوْ) إنْ (سَكَتّ عَنْهُ) فَأَنْت طَالِقٌ (يَقْتَضِي الْفَوْرَ) فَإِذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا فِي الْحَالِ طَلُقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ (بِخِلَافِ مَا إذَا نَفَاهُمَا) فَقَالَ إنْ لَمْ أَتْرُكْ طَلَاقَك أَوْ إنْ لَمْ أَسْكُتْ عَنْهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَقْتَضِي الْفَوْرَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ طَلَّقَ فَوْرًا) وَاحِدَةً ثُمَّ سَكَتَ (انْحَلَّ يَمِينُ التَّرْكِ) فَلَا تَقَعُ أُخْرَى لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ طَلَاقَهَا (لَا) يَمِينُ (السُّكُوتِ) فَتَقَعُ أُخْرَى لِسُكُوتِهِ وَانْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَالْفَرْقُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ.
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
وَحَرْفَ إذَا يُسْتَعْمَلُ فِيمَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ وَلِهَذَا إذَا قَالَ الْقَائِلُ إنْ مِتَّ أَوْ إنْ جَاءَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ حُكِمَ بِكُفْرِهِ لِتَرَدُّدِهِ فِي ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ إذَا مِتَّ أَوْ جَاءَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ وَقَوْلُهُ حُكِمَ بِكُفْرِهِ لِتَرَدُّدِهِ قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحِلَّ كُفْرِهِ إذَا اسْتَحْضَرَ التَّرَدُّدَ بِالْفِعْلِ.
(قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ وُقُوعُهُ إذَا بَقِيَ مَا لَا يَسَعُ التَّطْلِيقَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ) شَمِلَ الِانْفِسَاخَ بِسَبَبِ تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا بِلِعَانٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ.
(قَوْلُهُ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ) وَلَيْسَ فِيهِ عَوْدُ الْحِنْثِ؛ لِأَنَّ كَلَامَنَا بِالنِّسْبَةِ إلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ لَا إلَى الْمُجَدَّدِ.
(قَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي عِبَارَةِ الْأَصْلِ هُنَا إلَخْ) عِبَارَتُهُ وَلَوْ أَبَانَهَا وَدَامَتْ الْبَيْنُونَةُ إلَى الْمَوْتِ وَلَمْ يَتَّفِقْ الضَّرْبُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَلَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِهِ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ مُمْكِنٌ وَالطَّلَاقَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ. اهـ. وَقَوْلُهُ وَلَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِهِ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) لَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَكُونِي اللَّيْلَةَ فِي دَارِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَلَا دَارَ لَهُ فَهَلْ تَطْلُقُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا تَطْلُقُ عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ حُصُولِهَا فِي دَارِهِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَبِعْ هَذَا الْعَبْدَ الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْتَقَهُ أَوْ جُنَّ السَّيِّدُ طَلُقَتْ لَكِنْ حَالًا أَوْ بِالْغُرُوبِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا.
(قَوْلُهُ فَيَقَعُ أُخْرَى لِسُكُوتِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّوَابُ لَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا طَلَّقَهَا فِي الْحَالِ لَمْ يَسْكُتْ عَنْ طَلَاقِهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَأَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ ثَانِيًا بِغَيْرِ إذْنٍ فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِالْخُرُوجِ الْأَوَّلِ كَذَلِكَ هُنَا انْحَلَّتْ الْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ السُّكُوتُ فِعْلٌ فَإِذَا طَلَّقَ ثُمَّ سَكَتَ فَكَأَنَّهُ أَنْشَأَ سُكُوتًا بِخِلَافِ التَّرْكِ فَإِنَّهُ عَدِمَ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْخَادِمِ فَرَّقَ الْمَاوَرْدِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ تَرَكْت طَلَاقَك فَأَنْتِ طَالِقٌ بِمَنْزِلِهِ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِذَا طَلَّقَهَا وَقَعَ الْمُنَجَّزُ دُونَ الْمُعَلَّقِ وَارْتَفَعَ حُكْمُ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ التَّعْلِيقِ وَقَدْ زَالَ الشَّرْطُ بِوُقُوعِ الْمُنَجَّزِ فَلَمْ يَبْقَ لِلتَّعْلِيقِ حُكْمٌ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ أَدْخُلَ ثُمَّ دَخَلَ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ رَفَعَ حُكْمَ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِالدُّخُولِ وَأَمَّا قَوْلُهُ إنْ سَكَتُّ عَنْ طَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا عَقِبَ ذَلِكَ يَقَعُ الْمُنَجَّزُ وَلَا يَبْطُلُ حُكْمُ التَّعْلِيقِ لِبَقَاءِ شَرْطِهِ وَهُوَ التَّعْلِيقُ عَلَى السُّكُوتِ وَالْمُتَلَفِّظُ بِالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ لَا يُسَمَّى سَاكِتًا حَالَ تَلَفُّظِهِ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ سُكُوتٌ عَنْ الطَّلَاقِ فَيَبْقَى التَّعْلِيقُ عَلَى حَالِهِ وَإِنْ سَكَتَ عَقِبَ الْمُنَجَّزِ لَحْظَةً وَقَعَ الْمُعَلَّقُ وَالْمُعَلَّقُ بِالسُّكُوتِ وَلَا يُسَمَّى سَاكِتًا حَالَ تَلَفُّظِهِ بِالطَّلَاقِ الْمُنَجَّزِ