للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَا بَعْدَهُ أَخَذَهُ مِنْ طَرِيقَةٍ نَقَلَهَا النَّوَوِيُّ عَنْ اخْتِيَارِ الْمَاوَرْدِيِّ وَاسْتَحْسَنَهَا بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ أَنَّ مَنْ إفَاقَتِهِ أَكْثَرُ أَوْ اسْتَوَى فِيهِ الْأَمْرُ أَنْ يُجْزِئَ وَقَالَ إنَّهُ الْمَذْهَبُ فَلَمَّا رَأَى الْمُصَنِّفُ كَالْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا حَسَّنَ مِنْهُ التَّقْيِيدَ (وَ) لَا يُجْزِئُ (مَرِيضٌ لَا يُرْجَى) بُرْؤُهُ كَدَاءِ السُّلِّ بِخِلَافِ مَنْ يُرْجَى بُرْؤُهُ (وَ) لَا (قَاتِلَ قُدِّمَ لِلْقِصَاصِ) أَوْ نَحْوُهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَمَنْ قُدِّمَ لِلْقَتْلِ كَانَ أَعَمَّ (فَلَوْ أَعْتَقَ مَنْ لَا يُرْجَى) بُرْؤُهُ (فَبَرِئَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ يُرْجَى) بُرْؤُهُ (فَمَاتَ أَجْزَأَهُ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْمَنْعَ كَانَ بِنَاءً عَلَى ظَنٍّ قَدْ بَانَ خِلَافُهُ كَمَا فِي الْحَجِّ عَنْ الْمَغْصُوبِ، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ ثَمَّ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِقِيَامِ الرَّجَاءِ عِنْدَ الْإِعْتَاقِ، وَاتِّصَالُ الْمَوْتِ بِهِ قَدْ يَكُونُ لِعِلَّةٍ أُخْرَى (لَا) إنْ أَعْتَقَ (أَعْمَى) فَلَا يُجْزِئُ، وَإِنْ (أَبْصَرَ) لِتَحَقُّقِ الْيَأْسِ فِي الْعَمَى، وَعُرُوضُ الْبَصَرِ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ بِخِلَافِ الْمَرَضِ فِيمَا مَرَّ لَكِنَّ هَذَا قَدْ يُشْكِلُ بِقَوْلِهِمْ لَوْ ذَهَبَ بَصَرُهُ بِجِنَايَةٍ فَأَخَذَ دِيَتَهُ عَادَ اسْتَرَدَّتْ؛ لِأَنَّ الْعَمَى الْمُحَقَّقِ لَا يَزُولُ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ أَبْصَرَ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا (وَيُجْزِئُ مَقْطُوعُ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ) لِأَنَّ فَقْدَهَا لَا يُخِلُّ بِالْعَمَلِ (وَكَذَا الْخِنْصَرِ وَالْبِنْصِرِ) أَيْ مَقْطُوعُهُمَا (مِنْ يَدَيْنِ) لِذَلِكَ (لَا) مِنْ يَدٍ (وَاحِدَةٍ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُخِلُّ بِالْعَمَلِ (وَكَذَا الْأَنَامِلِ الْعُلْيَا) مِنْ غَيْرِ الْإِبْهَامِ وَلَوْ مِنْ يَدٍ وَاحِدَةٍ يُجْزِئُ؛ لِأَنَّ الْأَصَابِعَ بَعْدَهَا كَأَصَابِعَ قَصِيرَةٍ فَلَا يُخِلُّ فَقْدُهَا بِالْعَمَلِ (لَا أُنْمُلَةٍ مِنْ الْإِبْهَامِ) فَلَا يُجْزِئُ؛ لِأَنَّهَا أُنْمُلَتَانِ فَتَخْتَلُّ مَنْفَعَتُهَا بِذَلِكَ (وَلَا أُنْمُلَتَيْنِ مِنْ الْوُسْطَى أَوْ السَّبَّابَةِ وَلَا الْقَدَمِ وَالْأَشَلُّ) بِمَا ذَكَرَ (كَالْمَقْطُوعِ) وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ مَقْطُوعُ يَدٍ وَلَا مَقْطُوعُ أَصَابِعِهَا وَلَا مَقْطُوعُ أُصْبُعٍ مِنْ الْإِبْهَامِ وَالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى

(فَرْعٌ يُجْزِئُ شَيْخٌ وَنِضْوٌ) أَيْ نَحِيفٌ (يَقْدِرَانِ عَلَى الْعَمَلِ) بِخِلَافِهِمَا إذَا لَمْ يَقْدِرَا عَلَيْهِ (وَأَحْمَقُ) وَهُوَ مَنْ يَفْعَلُ الشَّيْءَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِقُبْحِهِ كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ (وَأَعْرُجُ يُتَابِعُ الْمَشْيَ) بِخِلَافِهِ إذَا مُنِعَ مُتَابَعَةَ الْمَشْيِ لِإِخْلَالِهِ بِالْعَمَلِ (وَأَعْوَرُ لَمْ يَضْعُفْ بَصَرُ سَلِيمَتِهِ ضَعْفًا يَضُرُّ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا) الْأَوْلَى إضْرَارًا (بَيِّنًا) وَإِلَّا فَلَا يُجْزِئُ وَفَارَقَ الْإِجْزَاءُ هُنَا عَدَمَهُ فِي الْأُضْحِيَّةِ بِأَنَّ الْعَيْنَ مَقْصُودَةٌ بِالْأَكْلِ وَبِأَنَّ الْعَوَرَ يُنْقِصُ قُوَّةَ الرَّعْيِ وَيُورِثُ الْهُزَالَ (وَيُجْزِئُ أَصَمُّ) وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مَعَ الْمُبَالَغَةِ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الِاكْتِسَابِ (وَأَخْرَسُ يَفْهَمُ الْإِشَارَةَ) وَتُفْهَمُ عَنْهُ (وَ) يُجْزِئُ (مَقْطُوعُ الْأُذُنَيْنِ وَالْأَنْفِ) وَأَقْرَعُ وَأَبْرَصُ وَخَصِيٌّ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ (وَأَخْشَمُ وَأَكْوَعُ) أَيْ أَعْوَجُ الْكُوعِ وَأَوْكَعُ أَيْ لَئِيمٌ وَيُقَالُ كَاذِبٌ وَأَخْوَفُ وَضَعِيفُ الرَّأْيِ كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا فِي الرَّوْضَةِ (وَأَجْذَمُ وَمَجْنُونٌ وَرَتْقَاءُ) وَقَرْنَاءُ (وَأَدْرَدُ) أَيْ مَفْقُودُ الْأَسْنَانِ (وَوَلَدُ زِنًا وَضَعِيفُ بَطْشٍ وَمَوْلُودٌ انْفَصَلَ) بِخِلَافِ جَنِينٍ، وَإِنْ انْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْأَحْيَاءِ وَلِذَلِكَ لَا تَجِبُ فِطْرَتُهُ (وَ) يُجْزِئُ (مَنْ لَا يُحْسِنُ صَنْعَةً) إذْ يُمْكِنُهُ تَعَلُّمُهَا (أَوْ فَاسِقٌ أَوْ ذُو جُرْحٍ مُنْدَمِلٍ أَوْ) غَيْرِ مُنْدَمِلٍ لَكِنَّهُ (غَيْرُ مَخُوفٍ) بِخِلَافِ الْمَخُوفِ كَمَأْمُومَةٍ وَجَائِفَةٍ.

(الشَّرْطُ الثَّالِثُ كَمَالُ الرِّقِّ) فِي الْإِعْتَاقِ عَنْ الْكَفَّارَةِ (فَإِنْ أَعْتَقَ عَنْهَا مُسْتَوْلَدَةً) وَفِي نُسْخَةٍ مُسْتَوْلَدَتَهُ (أَوْ ذَا كِتَابَةٍ صَحِيحَةٍ) وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا مِنْ النُّجُومِ (لَمْ يُجْزِئْهُ) لِنَقْصِ رَقِّهِمَا بِاسْتِحْقَاقِهِمَا الْعِتْقَ وَامْتِنَاعِ بَيْعِهِمَا بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً (وَعِتْقُ) كُلٍّ مِنْهُمَا تَطَوُّعًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إذَا بَطَلَ الْخُصُوصُ بَقِيَ الْعُمُومُ (وَكَذَا إنْ عَلَّقَ عِتْقَ مُكَاتَبٍ عَنْهَا بِعَجْزِهِ) عَنْ النُّجُومِ فَعَجَزَ عَتَقَ وَلَمْ يَجُزْ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ حِينَ عَلَّقَ لَمْ يَكُنْ بِصِفَةِ الْإِجْزَاءِ (أَوْ) عَلَّقَ عِتْقَ (كَافِرٍ) عَنْهَا (بِإِسْلَامِهِ) فَأَسْلَمَ (أَوْ) عِتْقَ (جَنِينٍ) عَنْهَا (بِوِلَادَتِهِ) فَوُلِدَ فَكَذَلِكَ (وَيُجْزِئُ مُتَحَتِّمُ الْقَتْلِ بِمُحَارَبَةٍ) أَوْ غَيْرِهَا وَاسْتَشْكَلَ بِعَدَمِ إجْزَاءِ مَنْ قُدِّمَ لِلْقَتْلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُقَدَّمَ لِلْقَتْلِ يُقْتَلُ غَالِبًا، فَإِنْ لَمْ يُقْتَلْ كَانَ كَمَرِيضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَعْتَقَهُ فَبَرِئَ وَالْمُتَحَتِّمُ قَتْلُهُ يَتَأَخَّرُ الْقَتْلُ عَنْهُ وَقَدْ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ أَنَّ إفَاقَتَهُ أَكْثَرُ أَوْ اسْتَوَى فِيهِ الْأَمْرُ أَنْ يُجْزِئَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَحَلُّهُ إذَا اسْتَوَيَا بِالنِّسْبَةِ إلَى اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَأَمَّا إنْ كَانَ يُجَنُّ نَهَارًا أَوْ يُفِيقُ لَيْلًا فَلَا يُجْزِئُ وَعَكْسُهُ يُجْزِئُ قَطْعًا. اهـ. وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَتْ إفَاقَتُهُ زَمَنَ عَمَلِهِ وَهُوَ مُرَادُهُ ع (قَوْلُهُ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ إلَخْ) إلَّا أَعْمَى فَعَادَ بَصَرُهُ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعَمَى الْمُحَقَّقَ لَا يَزُولُ) أَيْ غَالِبًا فَصُورَةُ مَسْأَلَتِنَا فِي الْعَمَى الْمُحَقَّقِ وَصُورَةُ مَسْأَلَةِ الْجِنَايَةِ فِي ظَنِّ ذَهَابِهِ بِهَا فَافْتَرَقَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ يُخِلُّ بِالْعَمَلِ) لِأَنَّهُ يُذْهِبُ نِصْفَ مَنْفَعَةِ الْكَفِّ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْأَنَامِلُ الْعُلْيَا) الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ لَوْ قُطِعَتْ أُنْمُلَةٌ مِنْ الْبِنْصِرِ وَاثْنَتَانِ مِنْ الْخِنْصَرِ مِنْ يَدٍ أَنَّهُ يُجْزِئُ وَفِيهِ نَظَرٌ.

(قَوْلُهُ وَيُجْزِئُ أَصَمُّ إلَخْ) شَمَلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ اجْتَمَعَ فِيهِ الصَّمَمُ وَالْخُرْسُ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ وَأَخْرَسُ يَفْهَمُ الْإِشَارَةَ) قَالَ صَاحِبُ الْمُعِينِ هَذَا إذَا كَانَ إسْلَامُهُ تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ كَانَ كَبِيرًا وَأَشَارَ بِالْإِسْلَامِ وَصَلَّى وَهَلْ تَكْفِي مُجَرَّدُ الْإِشَارَةِ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ؟ وَجْهَانِ أَمَّا إذَا لَمْ يَثْبُتْ إسْلَامُهُ إلَّا بِالْإِشَارَةِ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَلَا يُجْزِئُ عِتْقُهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَوْلُهُ وَهَلْ تَكْفِي مُجَرَّدُ الْإِشَارَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُعْطَى حُكْمَ الْأَحْيَاءِ) أَيْ غَالِبًا (قَوْلُهُ وَامْتِنَاعِ بَيْعِهِمَا) فَلَوْ قَالَ أَعْتِقْ مُسْتَوْلَدَتَك عَنِّي عَلَى أَلْفٍ فَقَالَ أَعْتَقْتهَا عَنْك عَتَقَتْ وَلَغَا قَوْلُهُ عَنْك وَلَا عِوَضَ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِ بِشَرْطِ الْوُقُوعِ لَهُ عَنْهُ وَلَمْ يَقَعْهُ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ الْعِتْقِ فِي الْمُسْتَوْلَدِ مَعَ قَوْلِهِ أَعْتِقْهَا عَنْك يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا وَصَفَ الْعِتْقَ أَوْ الطَّلَاقَ بِوَصْفٍ مُحَالٍ يَلْغُو الْوَصْفُ دُونَ الْأَصْلِ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً فَاسِدَةً) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ فِي الرَّوْضَةِ وَعَنْ التَّنْقِيحِ شَرْحِ الْوَسِيطِ لِلنَّوَوِيِّ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَإِمَامِهِ، ثُمَّ قَالَ وَاَلَّذِي أَطْلَقَهُ جَمِيعُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَ عَنْ الْكَفَّارَةِ نَفَذَ الْعِتْقُ وَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ وَكَذَلِكَ النَّصُّ مُطْلَقًا. اهـ. قَالَ الْغَزِّيِّ وَهُوَ صَحِيحٌ فِي الصَّحِيحَةِ دُونَ الْفَاسِدَةِ (قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ كَفَّارَةً صَحِيحَةً وَإِنَّمَا هُوَ كَالْمُتَلَاعِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>