للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْئًا لِلْأَقَارِبِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ يُنْفِقُ نَفَقَةَ الْمُعْسِرِ (وَالِاعْتِبَارُ فِي يَسَارِهِ، وَإِعْسَارِهِ) وَتَوَسُّطِهِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يَطْرَأُ لَهُ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ.

(الْوَاجِبُ الثَّانِي الْأُدْمُ فَيَجِبُ) لَهَا (وَلَوْ لَمْ تَأْكُلْهُ مِنْ غَالِبِ أُدْمِ الْبَلَدِ) مِنْ سَمْنٍ وَزَيْتٍ وَشَيْرَجٍ وَخُبْزٍ وَتَمْرٍ وَغَيْرِهَا إذْ لَا يَتِمُّ الْعَيْشُ بِدُونِهِ؛ وَلِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ وَلَيْسَ مِنْهَا تَكْلِيفُهَا الصَّبْرَ عَلَى الْخُبْزِ وَحْدَهُ، وَإِنَّمَا وَجَبَ لَهَا، وَإِنْ لَمْ تَأْكُلْهُ؛ لِأَنَّهَا إلَيْهَا وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ تَرْكِ التَّأَدُّمِ كَمَا لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ صَرْفِ بَعْضِ الْقُوتِ إلَى الْأُدْمِ؛ لِأَنَّهَا مُتَصَرِّفَةٌ فِي مِلْكِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَإِنَّمَا يَتَّضِحُ وُجُوبُ الْأُدْمِ حَيْثُ يَكُونُ الْقُوتُ الْوَاجِبُ مِمَّا لَا يُسَاغُ عَادَةً إلَّا بِالْأُدْمِ كَالْخُبْزِ بِأَنْوَاعِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ لَحْمًا أَوْ لَبَنًا أَوْ أَقَطًّا فَيَتَّجِهُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ إذَا جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِالِاقْتِيَاتِ بِهِ وَحْدَهُ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأُدْمُ وَلَمْ يَكُنْ غَالِبٌ فَاللَّائِقُ بِهِ لَا بِهَا كَمَا مَرَّ فِي الطَّعَامِ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ (بِحَسَبِ) اخْتِلَافِ (الْفُصُولِ) فَيَجِبُ فِي كُلِّ فَصْلٍ مَا يَلِيقُ بِهِ وَبِعَادَةِ النَّاسِ.

(وَإِنْ كَانَ فَاكِهَةً وَيُقَدِّرُهُ الْقَاضِي) بِاجْتِهَادِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ إذْ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فَيَنْظُرُ فِي جِنْسِهِ وَيُقَدِّرُ مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُدُّ فَيَفْرِضُهُ لِلْإِعْسَارِ (وَيُضَاعِفُهُ لِلْيَسَارِ) وَيُوَسِّطُهُ بَيْنَهُمَا لِلتَّوَسُّطِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ مَكِيلَةِ زَيْتٍ أَوْ سَمْنٍ أَيْ أُوقِيَّةً فَتَقْرِيبٌ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ. (وَ) يَجِبُ لَهَا (اللَّحْمُ بِحَسَبِ عَادَةِ الْبَلَدِ) وَبِمَا يَلِيقُ بِيَسَارِهِ وَغَيْرِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ رَطْلِ لَحْمٍ فِي الْأُسْبُوعِ الَّذِي حُمِلَ عَلَى الْمُعْسِرِ وَجُعِلَ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ عَلَى الْمُوسِرِ رِطْلَانِ وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ رَطْلٌ وَنِصْفٌ، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالتَّوْسِيعِ فِيهِ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ عَلَى مَا كَانَ فِي أَيَّامِهِ بِمِصْرَ مِنْ قِلَّةِ اللَّحْمِ فِيهَا وَيُعْتَبَرُ فِيهِ تَقْدِيرُ الْقَاضِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَسِيطِ (وَيُشْبِهُ أَنْ لَا أُدْمَ) غَيْرَ اللَّحْمِ (فِي يَوْمِهِ) أَيْ اللَّحْمَ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إذَا أَوْجَبْنَا عَلَى الْمُوسِرِ اللَّحْمَ كُلَّ يَوْمٍ يَلْزَمُهُ الْأُدْمُ أَيْضًا لِيَكُونَ أَحَدُهُمَا غَدَاءً وَالْآخَرُ عَشَاءً عَلَى الْعَادَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ الْأُدْمُ يَوْمَ إعْطَاءِ اللَّحْمِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ عَادَتِهِ (وَلَوْ تَبَرَّمَتْ بِأُدْمٍ) أَيْ سَئِمَتْ مِنْهُ (لَمْ يَلْزَمْهُ إبْدَالُهُ) وَتُبْدِلُهُ هِيَ إنْ شَاءَتْ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهَا نَعَمْ لَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ وَلَيْسَ لَهَا مَنْ يَقُومُ بِذَلِكَ فَاللَّائِقُ بِالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الزَّوْجَ إبْدَالُهُ عِنْدَ إمْكَانِهِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ.

(فَرْعٌ: تَجِبُ لَهَا) عَلَيْهِ (الْآلَةُ) لِلطَّبْخِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ (كَقِدْرٍ وَآنِيَةٍ) مِنْ كُوزٍ وَجَرَّةٍ مُفْرَغَةٍ، وَقَصْعَةٍ وَنَحْوِهَا لِحَاجَتِهَا إلَيْهَا فِي الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ وَذِكْرُ الْآنِيَةِ بَعْدَ الْقِدْرِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (وَيَكْفِي) فِيهَا (خَشَبٌ وَخَزَفٌ وَحَجَرٌ وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ (شَرِيفَةً) فَلَا يَجِبُ لَهَا الْآلَةُ مِنْ نُحَاسٍ؛ لِأَنَّهُ رُعُونَةٌ، وَهُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ لِلْإِمَامِ ثَانِيهِمَا يَجِبُ لَهَا ذَلِكَ مِنْهُ لِلْعَادَةِ وَتَرْجِيحُ الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلَ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَنْوَارِ.

(الْوَاجِبُ الثَّالِثُ الْخَادِمُ فَعَلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا أَوْ عَبْدًا إخْدَامُ حُرَّةٍ) وَلَوْ ذِمِّيَّةً؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا (لَا) إخْدَامُ (أَمَةٍ، وَإِنْ اعْتَادَتْ) لِجَمَالِهَا بِالْخِدْمَةِ لِنَقْصِهَا بِالرِّقِّ، وَحَقُّهَا أَنْ تَخْدُمَ لَا أَنْ تُخْدَمَ، وَكَالْأَمَةِ الْمُبَعَّضَةِ قَالَهُ الْقَاضِي (وَلَوْ) كَانَتْ الْحُرَّةُ (بَائِنًا حَامِلًا) فَعَلَيْهِ إخْدَامُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ نَفَقَتَهَا لَهَا لَا لِلْحَمْلِ هَذَا (إنْ كَانَتْ مَخْدُومَةً) أَيْ مِمَّنْ يُخْدَمُ عَادَةً (فِي بَيْتِ أَبِيهَا مَثَلًا وَلَا عِبْرَةَ بِتَرَفُّهِهَا فِي بَيْتِ الزَّوْجِ) بِحَيْثُ صَارَ يَلِيقُ بِحَالِهَا إخْدَامُهَا، وَإِذَا أَخْدَمَ زَوْجَتَهُ (فَيُخْدِمُهَا بِامْرَأَةٍ) حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ وَلَوْ مُسْتَأْجَرَةً أَوْ صُحْبَتِهَا (أَوْ صَغِيرٍ) أَيْ مُمَيِّزٍ غَيْرِ مُرَاهِقٍ (أَوْ مَحْرَمٍ) لَهَا (أَوْ مَمْلُوكَةٍ لَهُ أَوْ لَهَا) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَالْأَخِيرَةُ دَاخِلَةٌ فِي الْأُولَى (لَا ذِمِّيَّةٍ لِمُسْلِمَةٍ إذْ لَا تُؤْمَنُ عَدَاوَتُهَا) الدِّينِيَّةُ وَلِتَحْرِيمِ النَّظَرِ. وَالْوَجْهُ عَدَمُ جَوَازِ عَكْسِهِ أَيْضًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَهَانَةِ، ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ.

(وَ) لَا (كَبِيرٍ وَلَوْ) شَيْخًا (هُمَا) لِتَحْرِيمِ النَّظَرِ، وَالتَّرْجِيحُ فِي مَمْلُوكَتِهَا، وَفِي الذِّمِّيَّةِ وَالْكَبِيرِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ وَفِي

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: فَيَتَّجِهُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَاللَّحْمُ بِحَسَبِ عَادَةِ الْبَلَدِ) فَيَخْتَلِفُ بِعَادَتِهِمْ كَلَحْمِ الْأَنْعَامِ وَالطَّيْرِ، وَلَحْمُ بَعْضِ الْأَنْعَامِ أَطْيَبُ مِنْ بَعْضٍ فَلَحْمُ الْغَنَمِ أَطْيَبُ مِنْ لَحْمِ الْبَقَرَةِ فَلَا يُكَلَّفُ الزَّوْجُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَحْمَ الضَّأْنِ دَائِمًا، وَلَكِنْ بِحَسَبِ الْعَادَةِ فَمَرَّةً ضَأْنًا، وَمَرَّةً مَعْزًا، وَمَرَّةً بَقَرًا، وَمَرَّةً حَمَلًا عَلَى عَادَتِهِمْ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إذَا أَوْجَبْنَا عَلَى الْمُوسِرِ اللَّحْمَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ الْأُدْمُ إلَخْ) ، وَقَالَ أَبُو شُكَيْلٍ الَّذِي يَظْهَرُ تَوَسُّطٌ بَيْنَ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا مَعَ اللَّحْمِ نِصْفُ الْأُدْمِ الْمُعْتَادِ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ كَالْمُتَعَيِّنِ إذْ لَا يَتَّجِهُ غَيْرُهُ فَيُقَالُ إنْ أَعْطَاهَا مِنْ اللَّحْمِ مَا يَكْفِيهَا لِلْوَقْتَيْنِ فَلَيْسَ لَهَا فِي ذَلِكَ النَّهَارِ إدَامٌ غَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهَا إلَّا مَا يَكْفِيهَا لِوَقْتٍ وَاحِدٍ وَجَبَ قَالَهُ فِي التَّفْقِيهِ، وَقَوْلُهُ: الَّذِي يَظْهَرُ تَوَسُّطٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: فَيُقَالُ إنْ أَعْطَاهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَاللَّائِقُ بِالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ يَلْزَمَ الزَّوْجَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَكْلِ، وَالشُّرْبِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ وُجُوبُ الْمَشْرُوبِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ الظَّرْفُ فَكَذَا الْمَظْرُوفُ، وَأَمَّا قَدْرُهُ فَقَالَ الدَّمِيرِيِّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ الْكِفَايَةُ قَالَ وَيَكُونُ إمْتَاعًا لَا تَمْلِيكًا حَتَّى لَوْ مَضَتْ عَلَيْهِ مُدَّةٌ، وَلَمْ تَشْرَبْهُ لَمْ تَمْلِكْهُ، وَإِذَا شَرِبَ غَالِبُ أَهْلِ الْبَلَدِ مَاءً مِلْحًا وَخَوَاصُّهَا عَذْبًا وَجَبَ مَا يَلِيقُ بِالزَّوْجِ. اهـ. وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ تَمْلِيكٌ (قَوْلُهُ: ثَانِيهِمَا يَجِبُ لَهَا ذَلِكَ مِنْهُ لِلْعَادَةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ هَذَا التَّعْبِيرَ هُوَ الصَّوَابُ الْمَوْجُودُ فِي نُسَخِ الشَّرْحَيْنِ الْمُعْتَمَدَةِ لَا تَعْبِيرَ الرَّوْضَةِ عَنْ الِاحْتِمَالِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ، وَيَجِبُ أَنْ يَجِبَ لِلشَّرِيفَةِ كَمَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْعَزِيزِ قَالَ: وَقِيَاسُ الْبَابِ اتِّبَاعُ الْعُرْفِ، وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَغَيْرِهِ وَبَسَطَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَنْوَارِ) ، وَالْأَسْفُونِيِّ وَالْحِجَازِيِّ نَعَمْ إنْ اطَّرَدَتْ عَادَةُ أَمْثَالِهَا بِكَوْنِهَا نُحَاسًا وَجَبَتْ لَهَا كَذَلِكَ إذْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِيمَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ عَادَةُ أَمْثَالِهَا.

(قَوْلُهُ: وَكَالْأَمَةِ الْمُبَعَّضَةِ قَالَهُ الْقَاضِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْوَجْهُ عَدَمُ جَوَازِ عَكْسِهِ أَيْضًا إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>