قَطَعَهُمَا بِإِيضَاحِ) الْعَظْمِ (فَدِيَةٌ، وَمُوضِحَتَانِ) أَيْ أَرْشُهُمَا، وَلَا يَتْبَعَانِ الدِّيَةَ إذْ لَا يَتْبَعُ مُقَدَّرٌ مُقَدَّرًا.
(الْعُضْوُ الثَّانِي الْعَيْنَانِ فَفِيهِمَا) أَيْ فِي فَقْئِهِمَا (الدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَ أَعْمَشَ أَوْ أَخْفَشَ أَوْ أَعْشَى كَالْقِصَاصِ) ؛ وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ بَاقِيَةٌ فِي أَعْيُنِ هَؤُلَاءِ، وَمِقْدَارُ الْمَنْفَعَةِ لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ، وَفِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «فِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ» رَوَاهُ مَالِكٌ وَرَوَى النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ «فِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ» ؛ وَلِأَنَّهُمَا أَعْظَمُ الْجَوَارِحِ نَفْعًا، وَأَجَلُّ الْحَوَاسِّ قَدْرًا وَالْأَعْمَشُ ضَعِيفُ الرُّؤْيَةِ مَعَ سَيَلَانِ الدَّمْعِ غَالِبًا وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْأَخْفَشِ وَالْأَعْشَى فِي بَابِ خِيَارِ النَّقْصِ (وَكَذَا بَيَاضٌ لَا يُنْقِصُ الضَّوْءَ) فَتَجِبُ مَعَهُ الدِّيَةُ كَمَا تَجِبُ فِي الْيَدِ وَالرِّجْلِ مَعَ الثَّآلِيلِ (فَإِنْ نَقَصَ) الضَّوْءُ (وَانْضَبَطَ) النَّقْصُ بِالِاعْتِبَارِ بِالصَّحِيحَةِ الَّتِي لَا بَيَاضَ فِيهَا (فَقِسْطٌ) مِنْ الدِّيَةِ يَلْزَمُ (وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ) ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ عَيْنِ الْأَعْمَشِ بِأَنَّ الْبَيَاضَ نَقْصُ الضَّوْءِ الَّذِي كَانَ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ، وَعَيْنُ الْأَعْمَشِ لَمْ يَنْقُصْ ضَوْءُهَا عَمَّا كَانَ فِي الْأَصْلِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْعُمْشَ لَوْ تَوَلَّدَ مِنْ آفَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ لَا تَكْمُلُ فِيهِ الدِّيَةُ.
(الْعُضْوُ الثَّالِثُ: الْأَجْفَانُ فَفِي قَطْعِهِمَا أَوْ إحْشَافِهِمَا) الْأَوْلَى فَفِي قَطْعِهَا، وَإِحْشَافِهَا (الدِّيَةُ) ، وَلَوْ كَانَتْ لِأَعْمَى؛ لِأَنَّ فِيهَا جَمَالًا، وَمَنْفَعَةً (وَ) فِي قَطْعِهَا أَوْ إحْشَافِهَا (مَعَ) فَقْءِ (الْعَيْنَيْنِ دِيَتَانِ، وَفِي) قَطْعِ الْجَفْنِ (الْمُسْتَحْشِفِ حُكُومَةٌ، وَكَذَا الْأَهْدَابُ، وَ) سَائِرُ (الشُّعُورِ) كَشَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ تَجِبُ فِي قَطْعِهَا حُكُومَةٌ (إنْ فَسَدَ الْمَنْبَتُ) لَا دِيَةٌ؛ لِأَنَّ الْفَائِتَ بِقَطْعِهَا الزِّينَةُ وَالْجَمَالُ دُونَ الْمَقَاصِدِ الْأَصْلِيَّةِ (وَإِلَّا فَالتَّعْزِيرُ وَتَدْخُلُ حُكُومَةُ الْأَهْدَابِ فِي دِيَةِ الْأَجْفَانِ) كَمَا تَدْخُلُ حُكُومَةُ الْكَفِّ فِي دِيَةِ الْأَصَابِعِ، وَكَمَا أَنَّ شَعْرَ السَّاعِدِ وَالسَّاقِ، وَمَحَلُّ الْمُوضِحَةِ لَا يُفْرَدُ بِحُكُومَةِ الْعُضْوِ.
(الرَّابِعُ: الْأَنْفُ فَفِي) قَطْعِ (الْمَارِنِ) وَهُوَ مَا لَانَ مِنْ الْأَنْفِ (الدِّيَةُ) كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ جَمَالًا، وَمَنْفَعَةً (وَهُوَ) أَيْ الْمَارِنُ (الْمَنْخِرَانِ وَالْحَاجِزُ بَيْنَهُمَا وَالْأَخْشَمُ) فِي ذَلِكَ (كَغَيْرِهِ) ؛ لِأَنَّ الشَّمَّ لَيْسَ فِي الْأَنْفِ (، وَفِي) قَطْعِ (بَاقِي الْمَقْطُوعِ) مِنْ الْمَارِنِ بِجِنَايَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَلَوْ بِجُذَامٍ قِسْطُهُ) مِنْ الدِّيَةِ بِالْمِسَاحَةِ، وَهَذَا عُلِمَ مِنْ صَدْرِ هَذَا الْقِسْمِ (وَإِحْشَافُهَا) أَيْ الْمَنْخِرَيْنِ وَالْحَاجِزُ بَيْنَهُمَا (كَالْأُذُنِ) أَيْ كَإِحْشَافِهَا فَفِيهَا الدِّيَةُ لِإِبْطَالِ مَنْفَعَتِهَا (وَفِي الشَّقِّ) لِلْمَارِنِ إذَا لَمْ يَذْهَبْ مِنْهُ شَيْءٌ (حُكُومَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَئِمْ فَإِنْ تَآكَلَ) بِالشَّقِّ بِأَنْ ذَهَبَ بَعْضُهُ (فَقِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ) وَاجِبٌ (، وَقَاطِعُ الْقَصَبَةِ مُنَقِّلٌ) فَفِي قَطْعِهَا وَحْدَهَا دِيَةُ مُنَقِّلَةٍ (فَلَوْ قَطَعَهَا مَعَ الْمَارِنِ تَبِعَتْهُ فِي الدِّيَةِ) كَذَا رَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ تَرْجِيحَهُ عَنْ الْإِمَامِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ خِلَافُ نَصِّ الْأُمِّ مِنْ وُجُوبِ الْحُكُومَةِ مَعَ الدِّيَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. (وَفِي قَصَبَةٍ كُسِرَتْ وَانْجَبَرَتْ) بَعْدَ كَسْرِهَا بِلَا تَعَوُّجٍ (حُكُومَةٌ، وَمَعَ التَّعَوُّجِ تَكْثُرُ) الْحُكُومَةُ.
(الْعُضْوُ الْخَامِسُ: الشَّفَتَانِ فَفِي قَطْعِهِمَا، وَإِشْلَالِهِمَا الدِّيَةُ) كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ؛ وَلِأَنَّ فِيهِمَا جَمَالًا، وَمَنْفَعَةً سَوَاءٌ أَكَانَتَا غَلِيظَتَيْنِ أَمْ رَقِيقَتَيْنِ كَبِيرَتَيْنِ أَمْ صَغِيرَتَيْنِ (وَهُمَا السَّاتِرَانِ لِلِّثَةِ وَلِلْأَسْنَانِ فِي جَانِبَيْ الْفَمِ) وَتَحْرِيرُهُ أَنَّهُمَا فِي عَرْضِ الْوَجْهِ إلَى الشِّدْقَيْنِ، وَفِي طُولِهِ إلَى مَا يَسْتُرُ اللِّثَةَ، وَهِيَ اللَّحْمُ حَوْلَ الْأَسْنَانِ (وَهَلْ يَسْقُطُ مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ قَطْعِهِمَا (حُكُومَةُ الشَّارِبِ) أَوْ لَا (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ كَمَا فِي الْأَهْدَابِ مَعَ الْأَجْفَانِ (، وَفِي شَقِّهِمَا بِلَا إبَانَةٍ حُكُومَةُ) ، وَكَذَا فِي الشَّفَةِ الشَّلَّاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ قَطَعَ) شَفَةً (مَشْقُوقَةً فَدِيَتُهَا) وَاجِبَةٌ (لَا حُكُومَةُ الشَّقِّ، وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَهُمَا فَتَقَلَّصَا) أَيْ الْبَعْضَانِ الْبَاقِيَانِ (وَبَقِيَا كَمَقْطُوعِ الْجَمِيعِ فَهَلْ تَكْمُلُ الدِّيَةُ) أَوْ يَتَوَزَّعُ عَلَى الْمَقْطُوعِ وَالْبَاقِي (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي وَنَصُّ الْأُمِّ يَقْتَضِيهِ، وَكَذَا كَلَامُ الرَّافِعِيِّ عَلَى قَطْعِ الْأَجْفَانِ وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ فِي الْأَنْوَارِ.
الْعُضْوُ (السَّادِسُ اللِّسَانُ، وَفِيهِ الدِّيَةُ) لِمَا مَرَّ وَ (الْأَلْكَنُ وَالْأَرَتُّ وَالْأَلْثَغُ وَالْمَوْلُودُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمْ (كَغَيْرِهِ) كَضَعِيفِ الْبَطْشِ (فَإِنْ بَلَغَ الْمَوْلُودُ النُّطْقَ وَالتَّحْرِيكَ) أَيْ أَوَانَهُمَا (وَلَمْ يُوجَدَا) مِنْهُ (فَحُكُومَةٌ) لَا دِيَةٌ لِإِشْعَارِ الْحَالِ بِعَجْزِهِ (وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ) يَعْنِي أَوَانَ النُّطْقِ (فَدِيَةٌ) أَخْذًا بِظَاهِرِ السَّلَامَةِ كَمَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي رِجْلِهِ، وَيَدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَالِ مَشْيٌ، وَلَا بَطْشٌ، وَهَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَالْمَوْلُودُ كَغَيْرِهِ (فَإِنْ أُخِذَتْ الْحُكُومَةُ لِقَطْعِ بَعْضِهِ) أَيْ بَعْضِ لِسَانِهِ لِأَمْرٍ اقْتَضَى إيجَابَهَا (ثُمَّ نَطَقَ بِبَعْضِ الْحُرُوفِ) ، وَعَرَفْنَا سَلَامَةَ لِسَانِهِ (وَجَبَ تَمَامُ قِسْطِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ: وَمِقْدَارُ الْمَنْفَعَةِ لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ) كَمَا لَا نَظَرَ لِقُوَّةِ الْبَطْشِ وَالْمَشْيِ وَضَعْفِهِمَا
(قَوْلُهُ: فَفِي الْمَارِنِ الدِّيَةُ) قَالَ الْجُرْجَانِيُّ فِي الشَّافِي، وَلَوْ قَطَعَ مَارِنَهُ وَبَقِيَ مُعَلَّقًا بِجِلْدَةٍ رَقِيقَةٍ فَرَدَّهُ فَالْتَصَقَ فَفِيهِ حُكُومَةٌ؛ لِأَنَّ الْإِبَانَةَ لَمْ تُوجَدْ وَالرَّدُّ مُبَاحٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبَانَهُ فَرَدَّهُ فِي الْأَمْرَيْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَتَحْرِيمُ الرَّدِّ بِنَاءً عَلَى نَجَاسَةِ الْعُضْوِ الْمُنْفَصِلِ كَمَا هُوَ طَرِيقَةُ الْعِرَاقِيِّينَ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ، وَلَوْ أَلْصَقَهُ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ حَتَّى الْتَحَمَ أُخِذَ بِقَطْعِهِ إنْ كَانَ قَبْلَ انْفِصَالِهِ فِي حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَفِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَطَعَهَا مَعَ الْمَارِنِ تَبِعَتْهُ فِي الدِّيَةِ) كَالْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِعِ وَالْأَطْرَافِ مَعَ النَّفْسِ
(قَوْلُهُ: وَتَحْرِيرُهُ أَنَّهُمَا فِي عَرْضِ الْوَجْهِ إلَى الشِّدْقَيْنِ إلَخْ) وَكَذَا عَبَّرَ بِهِ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمِنْهَاجِ وَكَذَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَعَنْ نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ ذَكَرَهَا ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: السَّادِسُ اللِّسَانُ، وَفِيهِ الدِّيَةُ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ نَاطِقًا فَاقِدَ الذَّوْقِ، وَإِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنَّ فِيهِ الْحُكُومَةَ كَالْأَخْرَسِ، وَلَوْ قُطِعَ لِسَانُهُ فَذَهَبَ كَلَامُهُ، وَذَوْقُهُ لَزِمَهُ دِيَتَانِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَوَانَهُمَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَقْتَ التَّحْرِيكِ هُوَ مَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ فِي الزَّمَنِ الْقَرِيبِ مِنْهَا الَّذِي يُحَرِّكُ الْمَوْلُودُ فِيهِ لِسَانَهُ لِبُكَاءٍ، وَمَصٍّ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا قَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ، وَالْمَوْلُودُ كَغَيْرِهِ) ذَكَرَ فِي الْمُحَرَّرِ كَالْوَجِيزِ أَنَّهُ تَجِبُ الدِّيَةُ مُطْلَقًا وَحَكَى الْإِمَامُ قَطْعَ الْأَصْحَابِ بِهِ