فِي اللِّسَانِ لَيْسَ كَالْبَطْشِ فِي الْيَدِ (فَلَوْ قَطَعَ رُبُعَهَا فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ) أَيْ نِصْفُ أَحْرُفِهِ (أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ قُطِعَ نِصْفُ لِسَانِهِ فَذَهَبَ رُبُعُ كَلَامِهِ (فَنِصْفُ دِيَةٍ) تَجِبُ اعْتِبَارًا بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ الْمَضْمُونِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ (وَلَوْ قُطِعَ) فِي الصُّورَتَيْنِ (آخِرُ الْبَاقِي فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا) أَيْ الدِّيَةِ تَجِبُ؛ لِأَنَّهُ قُطِعَ فِي الْأُولَى ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ اللِّسَانِ، وَفِيهَا قُوَّةُ الْكَلَامِ، وَأُبْطِلَ فِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْكَلَامِ، وَلَوْ تَسَاوَتْ نِسْبَةُ الْجِرْمِ وَالْكَلَامِ بِأَنْ قُطِعَ نِصْفُ لِسَانِهِ فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(وَلَا يَقْتَصُّ مَقْطُوعُ نِصْفٍ ذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ مِنْ مَقْطُوعِ نِصْفٍ ذَهَبَ رُبُعُ كَلَامِهِ) إذَا قَطَعَ الثَّانِي الْبَاقِيَ مِنْ لِسَانِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ أَجْرَيْنَا الْقِصَاصَ فِي بَعْضِ اللِّسَانِ لَنَقَصَ الْأَوَّلُ عَنْ الثَّانِي (وَتَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ أَذْهَبَ النُّطْقَ بِقَطْعٍ) لِلِسَانِ غَيْرِهِ أَوْ لِبَعْضِهِ (وَلَمْ يُذْهِبْهُ الْقِصَاصُ) مِنْ الْجَانِي فَلَوْ قُطِعَ نِصْفُ لِسَانِهِ فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ فَاقْتُصَّ مِنْ الْجَانِي فَلَمْ يَذْهَبْ إلَّا رُبُعُ كَلَامِهِ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ رُبُعُ الدِّيَةِ لِيَتِمَّ حَقُّهُ، وَذِكْرُ حُكْمِ قَطْعِ جَمِيعِ اللِّسَانِ فِي ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا عَكْسُهُ) بِأَنْ لَمْ يُذْهِبْ الْجَانِي النُّطْقَ، وَأَذْهَبَهُ الْقِصَاصُ فَلَا تَجِبُ الدِّيَةُ فَلَوْ اُقْتُصَّ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ مِنْ الْجَانِي فَذَهَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ كَلَامِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ سِرَايَةَ الْقِصَاصِ مُهْدَرَةٌ (، وَيَضْمَنُ أَرْشَ حَرْفٍ فَوَّتَتْهُ ضَرْبَةٌ أَفَادَتْهُ حُرُوفًا) لَمْ يَكُنْ يَتَمَكَّنُ مِنْ النُّطْقِ بِهَا، وَلَا يَنْجَبِرُ الْفَائِتُ بِمَا حَدَثَ؛ لِأَنَّهُ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ، وَهَلْ يُوَزَّعُ عَلَى الْحُرُوفِ، وَفِيهَا الْحُرُوفُ الْمُفَادَةُ أَوْ عَلَيْهَا قَبْلَ الْجِنَايَةِ قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ.
وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحُ الثَّانِي، وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِحُرُوفٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِحَرْفٍ. (وَلَا تَضْمَنُ ضَرْبَةٌ قَوَّمَتْ لِسَانًا اعْوَجَّ) بِوَاسِطَةِ عَجَلَةٍ أَوْ اضْطِرَابٍ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُنْقِصْ مِنْهُ حَرْفًا، وَلَا مَنْفَعَةً (وَلَوْ قُطِعَ بَعْضُ لِسَانٍ، وَبَقِيَ نُطْقُهُ فَحُكُومَةٌ) تَجِبُ لَا قِسْطٌ إذْ لَوْ وَجَبَ لَلَزِمَ إيجَابُ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى لُزُومِ الْقِسْطِ، وَبِهِ أَجَابَ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ (وَلَوْ قَطَعَ لِسَانًا ذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ بِجِنَايَةٍ) عَلَى اللِّسَانِ (مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ) لِشَيْءٍ مِنْهُ (فَالدِّيَةُ) تَجِبُ لِقَطْعِهِ جَمِيعَ اللِّسَانِ مَعَ بَقَاءِ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ، وَاللِّسَانُ يُذَكَّرُ، وَيُؤَنَّثُ، وَقَدْ اسْتَعْمَلَهَا الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْفَصْلِ.
(السَّادِسُ: الصَّوْتُ، وَفِيهِ) أَيْ فِي إبْطَالِهِ، وَلَوْ مَعَ بَقَاءِ اللِّسَانِ عَلَى اعْتِدَالِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّقْطِيعِ وَالتَّرْدِيدِ (الدِّيَةُ) لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ «مَضَتْ السُّنَّةُ فِي الصَّوْتِ إذَا انْقَطَعَ بِالدِّيَةِ» ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ (فَإِنْ أَشَلَّ بِإِذْهَابِهِ) أَيْ الصَّوْتِ (اللِّسَانَ) بِأَنْ عَجَزَ عَنْ التَّقْطِيعِ وَالتَّرْدِيدِ (فَدِيَتَانِ) تَجِبَانِ؛ لِأَنَّهُمَا مَنْفَعَتَانِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إذَا انْفَرَدَتْ بِالتَّفْوِيتِ كَمَالُ الدِّيَةِ (وَلَوْ أَذْهَبَ بِهِ) أَيْ بِإِبْطَالِ الصَّوْتِ (النُّطْقَ، وَهِيَ) أَيْ اللِّسَانُ (سَلِيمَةً) فَقَدْ تَعَطَّلَ النُّطْقُ بِفَوَاتِ الصَّوْتِ (فَدِيَةٌ) وَاحِدَةٌ تَجِبُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَعْطِيلَ الْمَنْفَعَةِ لَيْسَ كَإِبْطَالِهَا، وَيَنْبَغِي إيجَابُ حُكُومَةٍ لِتَعْطِيلِ النُّطْقِ.
(السَّابِعُ وَالثَّامِنُ الْمَضْغُ وَالذَّوْقُ، وَفِي) إبْطَالِ (كُلٍّ) مِنْهُمَا (الدِّيَةُ) كَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ (، وَإِبْطَالُ الْمَضْغِ) يَحْصُلُ (بِاسْتِرْخَاءِ اللَّحْيَيْنِ) بِأَنْ يَتَصَلَّبَ مَغْرِسُهُمَا حَتَّى تَمْتَنِعَ حَرَكَتُهُمَا مَجِيئًا وَذَهَابًا (وَتَخْدِيرُهُمَا) بِأَنْ يَجْنِيَ عَلَى الْأَسْنَانِ فَيُصِيبَهُمَا خَدْرٌ وَتَبْطُلُ صَلَاحِيَّتُهُمَا لِمَضْغٍ (، وَدِيَةُ الذَّوْقِ مُوَزَّعَةٌ عَلَى خَمْسَةٍ حَلَاوَةٍ وَحُمُوضَةٍ، وَمَرَارَةٍ وَمُلُوحَةٍ، وَعُذُوبَةٍ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: فَلَوْ قَطَعَ رُبْعَهَا فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إطْلَاقُ ذَهَابِ رُبْعِ كَلَامِهِ أَوْ نِصْفِ كَلَامِهِ مَجَازٌ، وَالْمُرَادُ ذَهَبَ رُبْعُ أَحْرُفِ كَلَامِهِ أَوْ نِصْفُ أَحْرُفِ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي هُوَ اللَّفْظُ الْمُفِيدُ فَائِدَةً يَحْسُنُ السُّكُوتُ عَلَيْهَا لَا تَوْزِيعَ عَلَيْهِ إنَّمَا التَّوْزِيعُ عَلَى حُرُوفِ الْهِجَاءِ، وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ الشَّافِعِيَّ وَالْأَصْحَابَ وَنَبَّهْت عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يُفْهَمَ مِنْهَا غَيْرُ الْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ) الْمَضْمُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ فَالنُّطْقُ مُعْتَبَرٌ فِي الْحَالَيْنِ، وَشَاهِدُهُ مَا لَوْ قُطِعَ بَعْضُ لِسَانِهِ، وَلَمْ يَذْهَبْ شَيْءٌ مِنْ كَلَامِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْجَانِي قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الْحُكُومَةُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنَّمَا، وَجَبَتْ حُكُومَةٌ لِئَلَّا تَذْهَبَ الْجِنَايَةُ هَدَرًا، وَلَوْ كَانَ الْجُرْمُ مُعْتَبَرًا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى النُّطْقِ لَكَانَ الْأَصَحُّ التَّقْسِيطَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالنُّطْقِ كَمَا قُلْنَاهُ، وَأَيْضًا فَلَوْ قَطَعَ عَذْبَةَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ الْكَلَامُ مِنْهُ لَزِمَتْهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ اعْتِبَارًا بِالنُّطْقِ، وَأَيْضًا فَلَوْ اُقْتُصَّ مِمَّنْ قَطَعَ نِصْفَ اللِّسَانِ، وَكَانَ ذَهَبَ بِجِنَايَتِهِ نِصْفُ الْكَلَامِ فَلَمْ يَذْهَبْ بِالْقِصَاصِ إلَّا رُبْعُ الْكَلَامِ أَنَّهُ يَأْخُذُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ رُبْعَ الدِّيَةِ لِيَتِمَّ حَقُّهُ، وَكُلُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ مِنْ الِاعْتِبَارِ بِالنُّطْقِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ النِّصْفُ فِيمَا إذَا قُطِعَ نِصْفُ اللِّسَانِ فَذَهَبَ رُبْعُ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى النِّصْفِ الْجَرْمِيِّ قَدْ تَحَقَّقَتْ، وَقَاعِدَةُ الْإِجْرَامِ ذَوَاتُ الْمَنَافِعِ أَنْ يُقَسَّطَ عَلَى نِسْبَتِهَا فَرَجَعْنَا لِهَذَا الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَيْهَا قَبْلَ الْجِنَايَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ كَغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ «مَضَتْ السُّنَّةُ» إلَخْ) ، وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ مِنْ السُّنَّةِ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا مَنْفَعَتَانِ) فِي كُلٍّ مِنْهُمْ إذَا انْفَرَدَتْ بِالتَّفْوِيتِ كَمَالُ الدِّيَةِ كَالنُّطْقِ وَالذَّوْقِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي إيجَابُ حُكُومَةٍ لِتَعْطِيلِ النُّطْقِ) قَدْ مَرَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى السَّمْعِ أَنَّ الْحُكُومَةَ تَجِبُ فِي تَعْطِيلِ النُّطْقِ
(قَوْلُهُ: السَّابِعُ وَالثَّامِنُ الْمَضْغُ وَالذَّوْقُ، وَفِي إبْطَالِ كُلٍّ الدِّيَةُ.) إبْطَالُ الذَّوْقِ بِأَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَ حُلْوٍ وَحَامِضٍ وَمُرٍّ، وَمَالِحٍ وَعَذْبٍ (قَوْلُهُ: وَدِيَةُ الذَّوْقِ مُوَزَّعَةٌ عَلَى خَمْسَةٍ حَلَاوَةٍ إلَخْ) قَالَ فِي التَّوْشِيحِ قَالَ الْحُكَمَاءُ الْجِسْمُ إمَّا لَطِيفٌ أَوْ كَثِيفٌ أَوْ مُعْتَدِلٌ وَالْفَاعِلُ فِيهِ إمَّا الْحَرَارَةُ أَوْ الْبُرُودَةُ أَوْ الْمُعْتَدِلُ بَيْنَهُمَا فَيَفْعَلُ الْحَارُّ فِي الْكَثِيفِ مَرَارَةً، وَفِي اللَّطِيفِ حَرَافَةً، وَفِي الْمُعْتَدِلِ مُلُوحَةً، وَالْبُرُودَةُ فِي الْكَثِيفِ عُفُوصَةً، وَفِي اللَّطِيفِ حُمُوضَةً، وَفِي الْمُعْتَدِلِ قَبْضًا، وَالْكَيْفِيَّةُ الْمُعْتَدِلَةُ فِي الْكَثِيفِ حَلَاوَةً، وَفِي اللَّطِيفِ دُسُومَةً، وَفِي الْمُعْتَدِلِ تَفَاهَةً وَكَأَنَّ الْفُقَهَاءَ ذَكَرُوا أُصُولَ الطُّعُومِ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ أُصُولُهَا أَرْبَعَةٌ الْحَلَاوَةُ وَالْمَرَارَةُ وَالْحُمُوضَةُ وَالْمُلُوحَةُ، وَأَنَّ مَا عَدَاهَا مُرَكَّبٌ مِنْهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ