إنْ ذَكَرَهُ ذُهُولٌ مَمْنُوعٌ، وَقَدْ اغْتَرَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ فَحَذَفَهُ مَعَ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْضًا، وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ، وَإِنَّمَا تُسْمَعُ مِنْ مُكَلَّفٍ مُلْتَزِمٍ عَلَى مِثْلِهِ (فَتُسْمَعُ) الدَّعْوَى (، وَإِنْ كَانَ) كُلٌّ مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ (جَنِينًا حَالَ الْقَتْلِ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُعْلَمُ الْحَالُ بِالتَّسَامُعِ وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَحْلِفَ فِي مَظِنَّةِ الْحَلِفِ إذَا عَرَفَ مَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِ الْجَانِي أَوْ سَمَاعِ مَنْ يَثِقُ بِهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَيْنًا، وَقَبَضَهَا فَادَّعَى رَجُلٌ مِلْكَهَا فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إلَيْهِ اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِ الْبَائِعِ، وَذِكْرُ حُكْمِ الْجَنِينِ فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِهِ.
(وَتُسْمَعُ دَعْوَى السَّفِيهِ) أَيْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ (وَيَحْلِفُ وَيَحْلِفُ وَيَقْتَصُّ وَالْمَالُ) إذَا آلَ الْأَمْرُ إلَيْهِ (يَأْخُذُهُ الْوَلِيُّ كَمَا فِي دَعْوَى الْمَالِ) يَدَّعِي السَّفِيهُ وَيَحْلِفُ، وَالْوَلِيُّ يَأْخُذُ الْمَالَ (وَتُسْمَعُ) الدَّعْوَى (عَلَى السَّفِيهِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَوْثٌ (فَإِنْ أَقَرَّ بِمُوجِبِ قِصَاصٍ أَوْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي اقْتَصَّ مِنْهُ) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ الْحَقِيقِيِّ فِي الْأُولَى وَالْحُكْمِيُّ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ مَقْبُولٌ (أَوْ أَقَرَّ بِمُوجِبِ مَالٍ فَلَا) يَقْتَصُّ مِنْهُ لَكِنْ تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ (، وَلَا يَحْلِفُ) الْمُدَّعِي (إنْ أَنْكَرَ السَّفِيهُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ نُكُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِ الْمُدَّعِي كَالْإِقْرَارِ (وَإِنْ كَانَ لَوْثٌ أَقْسَمَ الْمُدَّعِي، وَقُضِيَ لَهُ) كَمَا فِي غَيْرِ السَّفِيهِ (وَإِنْ أَقَرَّ مُفْلِسٌ) إقْرَارًا حَقِيقِيًّا أَوْ حُكْمِيًّا (لِرَجُلٍ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ) أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ (وَكَذَّبَتْهُ الْعَاقِلَةُ أَوْ) بِجِنَايَةِ (عَمْدٍ، وَعَفَا عَلَى مَالٍ زَاحَمَ) الرَّجُلُ (الْغُرَمَاءَ) عَمَلًا بِإِقْرَارِ الْمُفْلِسِ، وَإِنْ صَدَّقَتْهُ الْعَاقِلَةُ تَحَمَّلَتْ مُوجِبَ مَا صَدَّقَتْ فِيهِ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُفْلِسُ فَإِنْ كَانَ بَيِّنَةٌ أَوْ لَوْثٌ، وَأَقْسَمَ الْمُدَّعِي زَاحَمَ الْغُرَمَاءَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ، وَلَا لَوْثٌ حَلَفَ الْمُفْلِسُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي، وَقَضَى لَهُ (وَالدَّعْوَى فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ) تَكُونُ (عَلَيْهِ إنْ أَوْجَبَتْ قِصَاصًا أَوْ كَانَ ثَمَّ لَوْثٌ) لِصِحَّةِ إقْرَارِهِ فِي الْأُولَى وَالْقَسَامَةِ فِي الثَّانِيَةِ فَيُرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ حُكْمُهُ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تُوجِبْ قِصَاصًا، وَلَا ثَمَّ لَوْثٌ (فَعَلَى السَّيِّدِ) الدَّعْوَى (وَتَعَلَّقَ الْمَالُ) حَيْثُ وَجَبَ (بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ) كَسَائِرِ جِنَايَاتِهِ.
الشَّرْطِ (الْخَامِسُ عَدَمُ التَّنَاقُضِ) فِي دَعْوَاهُ (فَإِنْ ادَّعَى انْفِرَادَهُ بِالْقَتْلِ ثُمَّ ادَّعَاهُ عَلَى آخَرَ) شَرِكَةً أَوْ انْفِرَادًا (لَغَتْ) دَعْوَاهُ الثَّانِيَةُ؛ لِأَنَّ الْأُولَى تُكَذِّبُهَا (وَكَذَا) تَلْغُو (الْأُولَى قَبْلَ الْحُكْمِ) ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تُكَذِّبُهَا بِخِلَافِهَا بَعْدَهُ فَيُمْكِنُ مِنْ الْعَوْدِ إلَى الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَاتِلٍ (فَلَوْ أَقَرَّ لَهُ الثَّانِي) بِمَا ادَّعَاهُ (لَزِمَهُ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا وَيُحْتَمَلُ كَذِبُ الْمُدَّعِي فِي الْأُولَى وَصِدْقُهُ فِي الثَّانِيَةِ (وَإِذَا ادَّعَى) قَتْلًا (عَمْدًا وَوَصَفَهُ بِخَطَأٍ) أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ (أَوْ عَكْسَهُ) بِأَنْ ادَّعَى خَطَأً وَوَصَفَهُ بِعَمْدٍ أَوْ شُبْهَةٍ أَوْ ادَّعَى شِبْهَ عَمْدٍ وَوَصَفَهُ بِغَيْرِهِ (سُمِعَتْ) دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُظَنُّ مَا لَيْسَ بِعَمْدٍ أَوْ عَكْسِهِ فَيَتَبَيَّنُ بِتَفْسِيرِهِ أَنَّهُ مُخْطِئٌ فِي اعْتِقَادِهِ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكْذِبُ فِي الْوَصْفِ وَيَصْدُقُ فِي الْأَصْلِ (فَاعْتُمِدَ تَفْسِيرُهُ) فَيَمْضِي حُكْمُهُ.
(وَإِنْ قَالَ) بَعْدَ دَعْوَاهُ الْقَتْلَ، وَأَخْذِهِ الْمَالَ (أَخَذْت الْمَالَ بَاطِلًا) أَوْ مَا أَخَذْته حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ نَحْوِهِ (سُئِلَ فَإِنْ قَالَ لَيْسَ بِقَاتِلٍ) وَكَذَبْت فِي الدَّعْوَى (اُسْتُرِدَّ) الْمَالُ مِنْهُ (أَوْ) قَالَ (قُضِيَ لِي) عَلَيْهِ (بِيَمِينٍ، وَأَنَا حَنَفِيٌّ) لَا أَعْتَقِدُ أَخْذَ الْمَالِ بِيَمِينِ الْمُدَّعِي (لَمْ يَسْتَرِدَّ) مِنْهُ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ إلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ لَا إلَى اعْتِقَادِ الْخَصْمَيْنِ فَلَوْ تَعَذَّرَ سُؤَالُهُ بِمَوْتِهِ سُئِلَ وَارِثُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْجَوَابِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُلْزَمُ بِالرَّدِّ (وَ) نَظِيرُ مَا ذُكِرَ (مَنْ قَالَ لَا أَمْلِكُ هَذَا؛ لِأَنَّهُ إرْثٌ) أَيْ؛ لِأَنِّي وَرِثْته (مِنْ كَافِرٍ وَفُسِّرَ) كُفْرُهُ (بِالِاعْتِزَالِ أَوْ) لَا أَمْلِكُهُ (لِأَنَّهُ قُضِيَ لِي) مِنْ حَنَفِيٍّ بِأَخْذِهِ (بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ) ، وَأَنَا شَافِعِيٌّ لَا أَرَى الْأَخْذَ بِهَا (أَوْ) لَا أَمْلِكُ هَذِهِ الْأَمَةَ (لِأَنَّهَا مُسْتَوْلَدَةُ أَبِي، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ) اسْتَوْلَدَهَا (بِنِكَاحٍ) وَاسْتَنَدَ هُوَ فِيمَا قَالَهُ إلَى ذَلِكَ (فَلَا أَثَرَ لِإِقْرَارِهِ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فَيَمْلِكُ فِيهَا مَا أَقَرَّ بِهِ لِفَسَادِ مَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ.
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
الْأَمَانَ لَا يُنْتَقَضُ فِي مَالِهِ عَلَى الصَّحِيحِ حَتَّى لَوْ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ عَبْدٌ كَافِرٌ قَتَلَهُ كَافِرٌ طَالَبَهُ الْحَرْبِيُّ بِالْقِصَاصِ أَوْ الدِّيَةِ، وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ، وَلَمْ يُنْفِقْ بَيْعَهُ فَقَتَلَهُ مُسْلِمٌ وَذَكَرُوا أَيْضًا هُنَاكَ أَنَّهُ إذَا اقْتَرَضَ حَرْبِيٌّ مِنْ حَرْبِيٍّ أَوْ اشْتَرَى مِنْهُ ثُمَّ أَسْلَمَ الْمَدْيُونُ أَوْ دَخَلَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ فَالصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ أَنَّ دَيْنَ الْحَرْبِيِّ بَاقٍ بِحَالِهِ (قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ، وَإِنَّمَا تُسْمَعُ مِنْ مُكَلَّفٍ مُلْتَزِمٍ عَلَى مِثْلِهِ) لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا لِاشْتِرَاطِ الِالْتِزَامِ فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَتَصِحُّ الدَّعْوَى عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُعَاهَدِ وَالْمُسْتَأْمَنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُلْتَزِمًا وَلِهَذَا لَا يُقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ وَكَذَا عَلَى الْحَرْبِيِّ بِإِتْلَافٍ فِي حَالِ الْتِزَامِهِ
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِهَا بَعْدَهُ فَيُمْكِنُ إلَخْ) سَكَتَ عَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْحُكْمِ، وَأَخْذِ الْمَالِ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنْ قَالَ إنَّ الْأَوَّلَ لَيْسَ قَاتِلًا رَدَّ عَلَيْهِ الْمَالَ، وَإِنْ قَالَ إنَّهُمَا مُشْتَرِكَانِ فِيهِ فَهَلْ يُرَدُّ الْقِسْطُ أَوْ نَقُولُ يَرْتَفِعُ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِهِ، وَيُنْشِئُ الْقَسَامَةَ عَلَى الِاشْتِرَاكِ الَّذِي ادَّعَاهُ أَخِيرًا فَهَذَا مَوْضِعُ تَرَدُّدٍ، وَقِيَاسُ الْبَابِ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ تَفْسِيرَهُ فَيَمْضِي حُكْمُهُ) ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يُفَصِّلُوا بَيْنَ الْعَارِفِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ الِانْتِقَالُ إلَّا إذَا ادَّعَى سَبْقَ لِسَانٍ أَوْ نَحْوَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ، وَلَا بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ تَأْوِيلًا أَوْ لَا وَلِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ بِمُقْتَضَى النَّظَائِرِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ إنْ ادَّعَى الْفَقِيهُ الْعَمْدَ ثُمَّ فَسَّرَهُ بِغَيْرِهِ أَوْ ادَّعَى الْخَطَأَ ثُمَّ فَسَّرَهُ بِالْعَمْدِ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ بِخِلَافِ الْعَامِّيِّ فَإِنَّهُ قَدْ يُظَنُّ مَا لَيْسَ بِعَمْدٍ عَمْدًا وَبِالْعَكْسِ وَكَتَبَ أَيْضًا، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنْ ادَّعَى خَطَأً فَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْأَلَهُ هَلْ كَانَ خَطَأً مَحْضًا أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فَإِنْ فُسِّرَ بِشِبْهِ الْعَمْدِ سَأَلَهُ عَنْ صِفَتِهِ كَمَا يَسْأَلُهُ عَنْ صِفَةِ الْعَمْدِ الْمَحْضِ ثُمَّ يَعْمَلُ عَلَى صِفَتِهِ دُونَ دَعْوَاهُ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ مُخَالَفَةِ صِفَتِهِ دَعْوَاهُ مِنْ جَوَازِ الْقَسَامَةِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ ادَّعَى خَطَأً مَحْضًا فَهَلْ يَلْزَمُ الْحَاكِمُ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ صِفَةِ الْخَطَأِ؟ . فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ أَحْوَالِ الْقَتْلِ، وَأَصَحُّهُمَا اللُّزُومُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُشْتَبَهُ عَلَيْهِ الْقَتْلُ الْمَضْمُونُ بِغَيْرِهِ فَإِنْ طَابَقَتْ الصِّفَةُ فَذَاكَ، وَإِنْ وَصَفَهُ بِمَا لَا يُضْمَنُ فَلَا قَسَامَةَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَرِيءٌ مِنْ الدَّعْوَى، وَإِنْ وَصَفَهُ بِشِبْهِ الْعَمْدِ أَقْسَمَ عَلَى دَعْوَاهُ فِي الْخَطَأِ الْمَحْضِ دُونَ شِبْهِ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى أَقَلُّ مِنْ الصِّفَةِ
(قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُ بِالرَّدِّ) ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute