للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ ادَّعَى نُبُوَّةً بَعْدَ نَبِيِّنَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوْ صَدَّقَ مُدَّعِيهَا أَوْ كَفَّرَ مُسْلِمًا) ، وَلَوْ (لِذَنْبِهِ) ، وَقَوْلُهُ لِذَنْبِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَوْ تَرَكَهُ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ، وَإِنَّمَا كَفَرَ مُكَفِّرَهُ؛ لِأَنَّهُ سَمَّى الْإِسْلَامَ كُفْرًا وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ أَوْ قَالَ عَدُوَّ اللَّهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا حَارَ عَلَيْهِ» أَيْ رَجَعَ عَلَيْهِ هَذَا إنْ كَفَّرَهُ (بِلَا تَأْوِيلٍ) لِلْكُفْرِ بِكُفْرِ النِّعْمَةِ أَوْ نَحْوِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَكْفُرُ، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَأَقَرَّهُ وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ الْخَبَرَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ فَلَا يَكْفُرُ غَيْرُهُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي أَذْكَارِهِ إنَّ ذَلِكَ يَحْرُمُ تَحْرِيمًا مُغَلَّظًا.

(أَوْ عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ أَوْ عَلَّقَهُ) بِشَيْءٍ كَقَوْلِهِ إنْ هَلَكَ مَالِي أَوْ وَلَدِي تَهَوَّدْت أَوْ تَنَصَّرْت (أَوْ تَرَدَّدَ هَلْ يَكْفُرُ) أَوْ لَا؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْإِيمَانِ وَاجِبَةٌ فَإِذَا تَرَكَهَا كَفَرَ وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ تَفْسِيقِ الْعَدْلِ بِعَزْمِهِ عَلَى فِعْلِ كَبِيرَةٍ أَوْ تَرَدُّدِهِ فِيهِ (أَوْ رَضِيَ بِالْكُفْرِ) كَأَنْ أَمَرَ مُسْلِمًا بِهِ (أَوْ) الْأَوْلَى وَالْأَنْسَبُ بِالْأَصْلِ كَأَنْ (أَشَارَ بِهِ) عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ عَلَى كَافِرٍ أَرَادَ الْإِسْلَامَ بِأَنْ أَشَارَ عَلَيْهِ بِاسْتِمْرَارِهِ عَلَى كُفْرِهِ (أَوْ لَمْ يُلَقِّنْ الْإِسْلَامَ طَالِبَهُ) مِنْهُ (أَوْ امْتَهَلَ) أَيْ اسْتَمْهَلَ (مِنْهُ) تَلْقِينَهُ كَأَنْ قَالَ لَهُ اصْبِرْ سَاعَةً؛ لِأَنَّهُ اخْتَارَ الْكُفْرَ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَهَذَا كُلُّهُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَأَقَرَّهُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ مَا عَدَا إشَارَتَهُ بِهِ عَلَى مُسْلِمٍ لَكِنَّهُ قَالَ وَمَا قَالَهُ إفْرَاطٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً عَظِيمَةً، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالتَّصْوِيبُ ظَاهِرٌ فِيمَا عَدَا إشَارَتَهُ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يُسْلِمَ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ الصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي.

(أَوْ سَخِرَ بِاسْمِ اللَّهِ) أَوْ بِأَمْرِهِ، أَوْ وَعْدِهِ أَوْ وَعِيدِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (أَوْ) بِاسْمِ (رَسُولِهِ أَوْ قَالَ لَوْ أَمَرَنِي) اللَّهُ أَوْ رَسُولُهُ (بِكَذَا لَمْ أَفْعَلْ) وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ حُكْمِ اسْمِ رَسُولِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ) لَوْ (جَعَلَ الْقِبْلَةَ هُنَا لَمْ أُصَلِّ) إلَيْهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا قَالَهُ اسْتِحْفَافًا أَوْ اسْتِغْنَاءً لَا إنْ أَطْلَقَ (أَوْ) لَوْ (اتَّخَذَ) اللَّهُ (فُلَانًا نَبِيًّا لَمْ أُصَدِّقْهُ، وَلَوْ) أَيْ أَوْ لَوْ (أَوْجَبَ) اللَّهُ (عَلَيَّ الصَّلَاةَ مَعَ حَالِي هَذَا) أَيْ مِنْ مَرَضٍ وَشِدَّةٍ (لَظَلَمَنِي) أَوْ قَالَ الْمَظْلُومُ هَذَا بِتَقْدِيرِ اللَّهِ فَقَالَ الظَّالِمُ أَنَا أَفْعَلُ بِغَيْرِ تَقْدِيرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (أَوْ لَوْ شَهِدَ) عِنْدِي نَبِيٌّ (بِكَذَا أَوْ مَلَكٌ لَمْ أَقْبَلْهُ) أَوْ قَالَ إنَّ اللَّهَ جَلَسَ لِلْإِنْصَافِ أَوْ قَامَ لِلْإِنْصَافِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ تَرَكَهُ؛ لِأَنَّ قَائِلَهُ مُجَسِّمٌ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ تَكْفِيرِهِ.

(أَوْ إنْ كَانَ مَا قَالَهُ الْأَنْبِيَاءُ صِدْقًا نَجَوْنَا أَوْ لَا أَدْرِي النَّبِيَّ إنْسِيٌّ أَوْ جِنِّيٌّ) أَوْ قَالَ إنَّهُ جِنٌّ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (أَوْ لَا أَدْرِي مَا الْإِيمَانُ) احْتِقَارًا (أَوْ صَغَّرَ عُضْوًا مِنْهُ) أَيْ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (احْتِقَارًا أَوْ صَغَّرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى) هَذَا أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ نَادَى رَجُلًا اسْمَهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَأَدْخَلَ فِي آخِرِهِ حَرْفَ الْكَافِ الَّذِي تَدْخُلُ التَّصْغِيرَ بِالْعَجَمِيَّةِ فَقِيلَ يَكْفُرُ، وَقِيلَ إنْ تَعَمَّدَ التَّصْغِيرَ كَفَرَ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ أَوْ جَهِلَ مَا يَقُولُ فَلَا فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ، وَعَلَيْهِ جَرَى صَاحِبُ الْأَنْوَارِ.

(أَوْ قَالَ لِمَنْ حَوْقَلَ لَا حَوْلَ لَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ أَوْ كَذَّبَ الْمُؤَذِّنَ) فِي أَذَانِهِ كَأَنْ قَالَ لَهُ تَكْذِبُ (أَوْ سَمَّى اللَّهَ عَلَى) شُرْبِ (خَمْرٍ أَوْ عَلَى زِنًا اسْتِخْفَافًا) بِاسْمِهِ تَعَالَى (أَوْ قَالَ لَا أَخَافُ الْقِيَامَةَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا إذَا قَصَدَ الِاسْتِخْفَافَ، وَإِلَّا فَلَا يَكْفُرُ وَيُحْمَلُ الْإِطْلَاقُ عَلَى قُوَّةِ رَجَائِهِ وَسَعَةِ غُفْرَانِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ (أَوْ) قَالَ (قَصْعَةٌ مِنْ ثَرِيدٍ خَيْرٌ مِنْ الْعِلْمِ أَوْ قَالَ لِمَنْ قَالَ أَوْدَعْت اللَّهَ مَالِي أَوْدَعْته مَنْ لَا يَتْبَعُ السَّارِقَ) إذَا سَرَقَ، وَقَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِمَا قَيَّدَ بِهِ مَا تَقَدَّمَ آنِفًا، وَيُحْمَلُ الْإِطْلَاقُ عَلَى سِتْرِ اللَّهِ إيَّاهُ وَنَحْوِهِ.

(أَوْ قَالَ تَوَفَّنِي إنْ شِئْت مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا أَوْ) قَالَ (أَخَذْت مَالِي وَوَلَدِي فَمَا تَصْنَعُ أَيْضًا) أَوْ مَاذَا بَقِيَ لَمْ تَفْعَلْهُ (أَوْ قَالَ الْمُعَلِّمُ) لِلصِّبْيَانِ مَثَلًا (الْيَهُودُ خَيْرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) ؛ لِأَنَّهُمْ (يُنْصِفُونَ مُعَلِّمِي صِبْيَانِهِمْ) نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ وَارْتَضَاهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَالظَّاهِرُ عَدَمُ مُوَافَقَةِ أَئِمَّتِنَا لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُعَلِّمَ لَمْ يَقْصِدْ الْخَيْرَ الْمُطْلَقَ بَلْ فِي الْإِحْسَانِ لِلْمُعَلِّمِ وَمُرَاعَاتِهِ (أَوْ أَعْطَى مَنْ أَسْلَمَ مَالًا فَقَالَ) مُسْلِمٌ (لَيْتَنِي كُنْت كَافِرًا فَأُسْلِمُ فَأُعْطَى مَالًا أَوْ أَنْكَرَ) شَخْصٌ (صُحْبَةَ أَبِي بَكْرٍ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى نَصَّ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: ٤٠] بِخِلَافِ سَائِرِ الصَّحَابَةِ (أَوْ قِيلَ أَلَسْت مُسْلِمًا فَقَالَ لَا عَمْدًا أَوْ نُودِيَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

أَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ لَا يَتَوَقَّفُ التَّكْفِيرُ عَلَى مَعْرِفَةِ كَوْنِهِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: لِدِينِهِ) لَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنَّهُ بِكَسْرِ الدَّالِ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ ثُمَّ نُونٍ، وَلَوْ حَمَلَهُ الشَّارِحُ عَلَيْهِ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ وَلَوْ تَرَكَهُ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى، وَأَخْصَرَ) لَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا نَشَأَ مِنْ تَصْحِيفِهِ بِمَا ذَكَرَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ ثُمَّ النُّونِ، وَهُوَ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ، وَأَمَّا التَّكْفِيرُ لِلذَّنْبِ فَلَيْسَ بِكُفْرٍ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ بِلَا تَأْوِيلٍ (قَوْلُهُ: بِلَا تَأْوِيلٍ لِلْكُفْرِ بِكُفْرِ النِّعْمَةِ) أَوْ بِارْتِكَابِهِ كَبِيرَةً كَمَا تَعْتَقِدُهُ الْخَوَارِجُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ رَضِيَ بِالْكُفْرِ) سُئِلَ الْحَلِيمِيُّ عَنْ مُسْلِمٍ فِي قَلْبِهِ غِلٌّ عَلَى كَافِرٍ فَأَسْلَمَ الْكَافِرُ فَحَزِنَ الْمُسْلِمُ لِذَلِكَ، وَتَمَنَّى أَنْ كَانَ لَمْ يُسْلِمْ، وَوَدَّ لَوْ عَادَ لِلْكُفْرِ أَيَكْفُرُ الْمُسْلِمُ بِذَلِكَ أَمْ لَا قِيلَ لَا يَكْفُرُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ اسْتِقْبَاحَهُ الْكُفْرَ هُوَ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى أَنْ يَتَمَنَّاهُ لَهُ وَاسْتِحْسَانَهُ الْإِسْلَامَ هُوَ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى أَنْ يَكْرَهَهُ لَهُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ تَمَنِّي الْكُفْرِ كُفْرًا إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْسَانِ، وَقَدْ تَمَنَّى مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ لَا يُؤْمِنَ فِرْعَوْنُ وَزَادَ عَلَى التَّمَنِّي فَدَعَا اللَّهَ بِذَلِكَ، وَلَا عَاتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَلَا زَجَرَهُ عَنْهُ، وَقَوْلُهُ قِيلَ لَا يَكْفُرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَنْسَبُ بِالْأَصْلِ كَانَ) كِلَا التَّعْبِيرَيْنِ حَسَنٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَشَارَ بِهِ عَلَى شَخْصٍ لِكَرَاهَتِهِ لَهُ فَالْأَنْسَبُ بِهِ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ أَوْ لِمَحَبَّتِهِ لَهُ فَالْأَنْسَبُ بِهِ تَعْبِيرُ أَصْلِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَوْ اتَّخَذَ اللَّهُ فُلَانًا نَبِيًّا لَمْ أُصَدِّقْهُ) أَوْ، قَالَ لَوْ كَانَ فُلَانٌ نَبِيًّا مَا آمَنْت بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَوْ شَهِدَ عِنْدِي نَبِيٌّ بِكَذَا أَوْ مَلَكٌ لَمْ أَقْبَلْهُ) وَسُئِلَ السُّبْكِيُّ عَنْ رَجُلٍ سُئِلَ فِي شَيْءٍ فَقَالَ لَوْ جَاءَنِي جِبْرِيلُ مَا فَعَلْت كَذَا، وَكَذَا فَقَالَ لَا يَكْفُرُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ تَدُلُّ عَلَى تَعْظِيمِ جِبْرِيلَ عِنْدَهُ، وَهُوَ صَحِيحٌ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا إذَا قَصَدَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَعْطَى مَنْ أَسْلَمَ مَالًا فَقَالَ لَيْتَنِي إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ تَمَنَّى أَنْ يَكُونَ كَافِرًا فِي الْحَالِ فَيُسْلِمَ لِيَنَالَ بِذَلِكَ دُنْيَا

<<  <  ج: ص:  >  >>