للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا قَضَى أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ فِي مَسْجِدِهِ فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ فِي بَيْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ خَيْرًا» (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَرْجِعْ إلَى بَيْتِهِ انْتَقَلَ (إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ) لِتَشْهَدَ لَهُ الْمَوَاضِعُ.

وَظَاهِرُ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ أَنَّ صَلَاةَ سَائِرٍ النَّوَافِلِ فِي بَيْتِهِ حَتَّى الرَّوَاتِبِ مَعَ الْفَرَائِضِ وَغَيْرِهَا أَفْضَلُ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ التَّطَوُّعِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، ثُمَّ نَقَلَهُ عَنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ وَسَيَأْتِي، ثَمَّ مَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَصَلَ بِكَلَامِ إنْسَانٍ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ الَّذِي لَا يُطْلَبُ مِنْهُ الِانْصِرَافُ عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِ أَنْ يَمْكُثَ حَتَّى يَقُومَ الْإِمَامُ (ثُمَّ يَنْصَرِفُ) الْإِمَامُ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الرِّجَالِ (بَعْدَ انْصِرَافِ النِّسَاءِ) فَيُسْتَحَبُّ لَهُمْ أَنْ يَمْكُثُوا فِي مُصَلَّاهُمْ يَذْكُرُونَ اللَّهَ حَتَّى يَنْصَرِفْنَ وَيُسْتَحَبُّ لَهُنَّ أَنْ يَنْصَرِفْنَ عَقِبَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَالْقِيَاسُ أَنَّ الْخَنَاثَى مِثْلُهُنَّ وَأَنَّهُمْ يَنْصَرِفُونَ بَعْدَهُنَّ مُتَفَرِّقِينَ وَيَنْصَرِفُ الْمُصَلِّي (صَوْبَ حَاجَتِهِ) إنْ كَانَتْ (وَإِلَّا فَيَمِينًا) ؛ لِأَنَّ جِهَتَهَا أَفْضَلُ (وَلِلْمَأْمُومِ) الْمُوَافِقِ (تَأْخِيرُ السَّلَامِ وَتَطْوِيلُ الدُّعَاءِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ) لِانْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ بِسَلَامِهِ أَمَّا الْمَسْبُوقُ، فَإِنْ كَانَ جُلُوسُهُ مَعَ الْإِمَامِ فِي مَحَلِّ تَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ فَكَذَلِكَ، لَكِنْ مَعَ كَرَاهَةِ تَطْوِيلِهِ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَيَقُومُ عَلَى الْفَوْرِ، فَإِنْ قَعَدَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، أَوْ سَهْوًا سَجَدَ لِلسَّهْوِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي مَحَلِّهِ (وَ) يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ (الْإِتْيَانُ بِالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ تَرَكَهَا إمَامُهُ) لِخُرُوجِهِ عَنْ مُتَابَعَتِهِ بِالْأُولَى بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لَوْ تَرَكَهُ إمَامُهُ لَا يَأْتِي بِهِ لِوُجُوبِ مُتَابَعَتِهِ قَبْلَ السَّلَامِ وَعِبَارَتُهُ تُفْهِمُ أَنَّ مَا قَالَهُ جَائِزٌ لَا مُسْتَحَبٌّ، وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا قَرَّرْته تَبَعًا لِلرَّوْضَةِ (وَيُسْتَحَبُّ) لِلْمُصَلِّي (الْخُشُوعُ) قَالَ تَعَالَى {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: ١] {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: ٢] (وَنَظَرُ مَوْضِعِ سُجُودِهِ فِي) جَمِيعِ (الصَّلَاةِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ فِي التَّشَهُّدِ أَنْ لَا يُجَاوِزَ بَصَرُهُ إشَارَتَهُ لِحَدِيثٍ فِيهِ (وَالدُّخُولُ فِيهَا بِنَشَاطٍ) لِلذَّمِّ عَلَى ضِدِّهِ قَالَ تَعَالَى {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى} [النساء: ١٤٢] (وَفَرَاغُ قَلْبٍ) مِنْ الشَّوَاغِلِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ (وَلَا يُكْرَهُ تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا) كَمَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ إذْ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَهْيٌ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ وَكَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ إنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ فِيهِ نَظَرٌ.

(فَرْعٌ لَوْ قَضَى) فَرِيضَةً (جَهْرِيَّةً) أَوْ سِرِّيَّةً كَمَا فُهِمْت بِالْأَوْلَى (مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى غُرُوبِهَا أَسَرَّ وَبِعَكْسِهِ) بِأَنْ قَضَى سِرِّيَّةً، أَوْ جَهْرِيَّةً كَمَا فُهِمَتْ بِالْأَوْلَى مَا بَيْنَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَى طُلُوعِهَا (يَجْهَرُ) ، فَالْعِبْرَةُ فِي الْإِسْرَارِ، وَالْجَهْرِ بِوَقْتِ الْقَضَاءِ لَا بِوَقْتِ الْأَدَاءِ.

(وَيَجِبُ قَضَاءُ فَوَائِتِ الْفَرَائِضِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ، أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» ، ثُمَّ إنْ فَاتَتْ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَجَبَ قَضَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ وَإِلَّا نُدِبَ (وَيُسْتَحَبُّ تَرْتِيبُهَا) «لِتَرْتِيبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَائِتَ الْخَنْدَقِ» وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَاتٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَالتَّرْتِيبُ فِيهَا مِنْ تَوَابِعِ الْوَقْتِ وَضَرُورَاتِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْقَضَاءِ كَصَوْمِ أَيَّامِ رَمَضَانَ (وَ) يُسْتَحَبُّ (تَقْدِيمُهَا عَلَى حَاضِرَةٍ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَهَا) لِمَا مَرَّ، فَإِنْ خَافَ فَوَاتَهَا وَجَبَ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْفَائِتَةِ لِئَلَّا تَصِيرَ الْأُخْرَى فَائِتَةً وَقَضِيَّتُهُ: أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ بَعْدَ فِعْلِ الْفَائِتَةِ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ جَازَ تَقْدِيمُهَا وَيُحْمَلُ تَحْرِيمُ إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا عَلَى غَيْرِ هَذَا وَلِإِفَادَةِ ذَلِكَ عَدَلَ إلَى مَا قَالَهُ تَبَعًا لِلْمُحَرَّرِ، وَالْمِنْهَاجِ، وَالتَّحْقِيقِ، وَالتَّنْبِيهِ عَنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ عَلَى حَاضِرَةٍ اتَّسَعَ وَقْتُهَا (لَا) إنْ خَافَ (فَوَاتَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

مَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُهُمْ مِنْ عَدَمِ الِانْتِقَالِ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ مَأْمُورٌ بِالْمُبَادَرَةِ، وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَفِي الِانْتِقَالِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الصُّفُوفِ مَشَقَّةٌ خُصُوصًا مَعَ كَثْرَةِ الْمُصَلِّينَ كَالْجُمُعَةِ قُلْت يُسْتَحَبُّ الِانْتِقَالُ إلَّا أَنْ يُعَارِضَهُ شَيْءٌ آخَرُ. اهـ.

ع وَقَوْلُهُ الْمُتَّجَهُ إلَخْ هَذَا الِاتِّجَاهُ أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إلَى بَعْدِ الْفَرِيضَةِ كَمَا لَا يَخْفَى ع (قَوْلُهُ: لِتَشْهَدَ لَهُ الْمَوَاضِعُ) وَلِمَا فِيهِ مِنْ إحْيَاءِ الْبِقَاعِ بِالْعِبَادَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَعَدَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) أَيْ قُعُودًا زَائِدًا عَلَى جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ الْخُشُوعُ) اخْتَلَفُوا هَلْ الْخُشُوعُ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ كَالْخَوْفِ، أَوْ مِنْ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ كَالسُّكُونِ أَوْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَجْمُوعِ فِيهِ خِلَافٌ لِلْعُلَمَاءِ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا مِنْ عَبْدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ يُقْبِلُ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ إلَّا وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ الْجَنَّةَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (قَوْلُهُ: وَنَظَرُ مَوْضِعِ سُجُودِهِ) اسْتَثْنَى جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ الْمُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُ النَّظَرُ إلَى الْكَعْبَةِ لَا إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ، لَكِنْ صَوَّبَ الْبُلْقِينِيُّ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ اسْتِحْبَابَ نَظَرِهِ إلَى الْكَعْبَةِ فِي الصَّلَاةِ ضَعِيفٌ، فَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مَا إذَا كَانَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، وَالْعَدُوُّ أَمَامَهُ فَنَظَرُهُ إلَى جِهَةِ الْعَدُوِّ أَوْلَى مِنْ نَظَرِهِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ لِئَلَّا يَغْتَالَهُ الْعَدُوُّ وَمَا إذَا كَانَ يُصَلِّي إلَى ظَهْرِ نَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَنَظَرُهُ إلَى ظَهْرِهِ أَوْلَى مِنْ نَظَرِهِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ وَمَا إذَا كَانَ يُصَلِّي عَلَى بِسَاطٍ مُصَوَّرٍ، فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَنْظُرَ إلَيْهِ، وَالْمُرَادُ إذَا عَمَّ التَّصْوِيرُ مَكَانَ السُّجُودِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ إلَى الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُسْتَحَبُّ فِي التَّشَهُّدِ إلَخْ) أَيْ إذَا رَفَعَ مُسَبِّحَتَهُ قَالَهُ الْغَزِّيِّ.

(قَوْلُهُ: لَوْ قَضَى جَهْرِيَّةً مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى غُرُوبِهَا أَسَرَّ) شَمِلَ مَا لَوْ قَضَى الْجَهْرِيَّةَ فِي وَقْتِ الْجُمُعَةِ.

(قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ تَرْتِيبُهَا) ، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى صَلَوَاتِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَحْمَدَ، وَإِنْ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ حِينَئِذٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَفُوتَ كُلُّهَا بِعُذْرٍ وَبِغَيْرِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَفُوتَ بَعْضُهَا بِعُذْرٍ وَبَعْضُهَا بِغَيْرِهِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُبَادَرَةَ إلَى قَضَاءِ مَا أَخَّرَهُ عَاصِيًا أَوْلَى بِالْمُرَاعَاةِ مِنْ التَّرْتِيبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا عِبَادَاتٌ مُسْتَقِلَّةٌ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّهَا دُيُونٌ عَلَيْهِ فَلَا يَجِبُ تَرْتِيبُهَا إلَّا بِدَلِيلٍ، وَفِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُجَرَّدُ إنَّمَا يَدُلُّ عِنْدَنَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ بَعْدَ فِعْلِ الْفَائِتَةِ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ جَازَ تَقْدِيمُهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ يَعْنِي يُسْتَحَبُّ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ: عَنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ عَلَى حَاضِرَةٍ اتَّسَعَ وَقْتُهَا)

<<  <  ج: ص:  >  >>