للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِمْ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ يُقْطَعُ بِذَلِكَ وَلَا نَظَرَ إلَى إنْفَاقِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ لِلضَّرُورَةِ وَبِشَرْطِ الضَّمَانِ كَمَا يُنْفِقُ عَلَى الْمُضْطَرِّ بِشَرْطِ الضَّمَانِ وَانْتِفَاعُهُ بِالْقَنَاطِرِ، وَالرِّبَاطَاتِ لِلتَّبَعِيَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ قَاطِنٌ بِدَارِ الْإِسْلَامِ لَا لِاخْتِصَاصِهِ بِحَقٍّ فِيهَا (لَا) إنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ مَالَ (الصَّدَقَاتِ وَهُوَ) أَيْ السَّارِقُ (غَنِيٌّ) لَيْسَ غَارِمًا لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ وَلَا غَازِيًا، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ فِيهِ بِخِلَافِ الْفَقِيرِ، وَالْغَارِمِ، وَالْغَازِي الْمَذْكُورِينَ

(وَيُقْطَعُ) السَّارِقُ (بِمَا أَفْرَزَ لِغَيْرِهِ مِنْ) مَالِ (بَيْتِ الْمَالِ) كَأَنْ أُفْرِزَ مِنْهُ شَيْءٌ لِذَوِي الْقُرْبَى أَوْ الْمَسَاكِينِ وَلَيْسَ السَّارِقُ مِنْهُمْ وَلَا لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ حِينَئِذٍ (كَكَفَنِ مَيِّتٍ) أَيْ كَمَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ كَفَنَ مَيِّتٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ سَرَقَهُ بَعْدَ دَفْنِهِ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَفِي خَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «مَنْ نَبَشَ قَطَعْنَاهُ» وَلِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَى لِغَيْرِ الْمَيِّتِ فِيهِ حَقٌّ كَمَا لَوْ صُرِفَ إلَى حَيٍّ (وَكَذَا سِتْرُ الْكَعْبَةِ) يُقْطَعُ سَارِقُهُ (إنْ خِيطَ) عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُحْرَزٌ (وَ) كَذَا (بَابُ مَسْجِدٍ وَجُذُوعُهُ) وَتَأْزِيرُهُ وَسَوَارِيهِ وَسُقُوفُهُ (وَقَنَادِيلُ زِينَتِهِ) يُقْطَعُ سَارِقُهُ لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ (لَا) الْقَنَادِيلُ (الَّتِي) فِيهِ (لِلْإِسْرَاجِ وَلَا حُصْرُهُ) وَلَا سَائِرُ مَا يُفْرَشُ فِيهِ فَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهَا؛ لِأَنَّهَا أُعِدَّتْ لِانْتِفَاعِ الْمُسْلِمِ بِهَا بِالْإِضَاءَةِ، وَالِافْتِرَاشِ بِخِلَافِ بَابِهِ وَجِذْعِهِ وَنَحْوِهِمَا، فَإِنَّهَا لِتَحْصِينِهِ وَعِمَارَتِهِ لَا لِلِانْتِفَاعِ هَذَا كُلُّهُ فِي الْمَسْجِدِ الْعَامِّ أَمَّا الْخَاصُّ بِطَائِفَةٍ فَيَخُصُّ الْقَطْعَ بِغَيْرِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إذَا خَصَّ الْمَسْجِدَ بِطَائِفَةٍ اخْتَصَّ بِهَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَا بَكَرَةُ بِئْرٍ مُسَبَّلَةٍ) فَلَا يُقْطَعُ سَارِقُهَا؛ لِأَنَّهَا لِمَنْفَعَةِ النَّاسِ، وَحَاصِلُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّ هَذَا احْتِمَالٌ لِلْبَغَوِيِّ وَأَنَّ الْمَنْقُولَ خِلَافُهُ لَكِنَّ الِاحْتِمَالَ أَفْقَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ جَزْمِهِ بِذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِخُرَاسَانَ يُقْطَعُ وَهُوَ غَلَطٌ قَالَ وَعِنْدِي أَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهَا حَقًّا انْتَهَى (فَإِنْ سَرَقَ ذِمِّيٌّ حُصْرَ مَسْجِدٍ أَوْ قَنَادِيلَهُ) أَوْ غَيْرَهَا (قُطِعَ) لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ

(وَلَوْ سَرَقَ رَجُلٌ وَقْفًا عَلَى غَيْرِهِ أَوْ مُسْتَوْلَدَةً نَائِمَةً أَوْ مَجْنُونَةً) أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا أَوْ سَكْرَانَةً أَوْ مُكْرَهَةً أَوْ أَعْجَمِيَّةً تَعْتَقِدُ طَاعَةَ آمِرِهَا (قُطِعَ) كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ بِخِلَافِ الْعَاقِلَةِ الْمُسْتَيْقِظَةِ الْمُخْتَارَةِ لِقُدْرَتِهَا عَلَى الِامْتِنَاعِ سَوَاءٌ أَقُلْنَا: الْمِلْكُ فِي الْوَقْفِ لِلَّهِ تَعَالَى أَمْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ لَازِمٌ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا كَالْمُسْتَوْلَدَةِ فِي ذَلِكَ غَيْرَهَا مِنْ الْأَرِقَّاءِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (لَا) إنْ سَرَقَ (مُكَاتَبًا وَمُبَعَّضًا) فَلَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ فِي يَدِ نَفْسِهِ كَالْحُرِّ، وَالْمُبَعَّضُ فِيهِ شُبْهَةُ الْحُرِّيَّةِ (وَلَوْ زَنَى بِجَارِيَةِ بَيْتِ الْمَالِ حُدَّ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ

(الشَّرْطُ الْخَامِسُ عَدَمُ الشُّبْهَةِ) لِلسَّارِقِ فِي الْمَسْرُوقِ (فَإِنْ سَرَقَ مَالَ غَرِيمِهِ الْجَاحِدِ) لِلدَّيْنِ الْحَالِّ (أَوْ الْمُمَاطِلِ) وَأَخَذَهُ (بِقَصْدِ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ يُقْطَعْ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَأْذُونٌ لَهُ فِي أَخْذِهِ شَرْعًا (وَإِلَّا قُطِعَ وَغَيْرُ جِنْسِ حَقِّهِ كَهُوَ) أَيْ كَجِنْسِ حَقِّهِ فِي ذَلِكَ (وَلَا يُقْطَعُ بِزَائِدٍ عَلَى) قَدْرِ (حَقِّهِ أَخَذَهُ مَعَهُ) وَإِنْ بَلَغَ الزَّائِدُ نِصَابًا وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الدُّخُولِ، وَالْأَخْذِ لَمْ يَبْقَ الْمَالُ مُحْرَزًا عَنْهُ (وَلَا يُقْطَعُ بِمَالِ فَرْعِهِ) وَإِنْ سَفَلَ (وَأَصْلِهِ) وَإِنْ عَلَا لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الِاتِّحَادِ وَلِأَنَّ مَالَ كُلٍّ مِنْهُمَا مَرْصَدٌ لِحَاجَةِ الْآخَرِ وَمِنْهَا أَنْ لَا تُقْطَعُ يَدُهُ بِسَرِقَةِ ذَلِكَ الْمَالِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَقَارِبِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ السَّارِقُ مِنْهُمَا حُرًّا أَمْ عَبْدًا صَرَّحَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ تَفَقُّهًا مُؤَيِّدًا لَهُ بِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ الرَّقِيقُ أَمَةَ فَرْعِهِ الْحُرِّ لَمْ يُحَدَّ لِلشُّبْهَةِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ لَا الصَّدَقَاتِ) فِي مَعْنَى الزَّكَاةِ مَا يَجِبُ مِنْ الْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ وَنَحْوِهَا وَلَوْ سَرَقَ مِنْ الزَّكَوَاتِ وَنَحْوِهَا مَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ لِشَرَفِهِ وَهُوَ فَقِيرٌ هَلْ يُقْطَعُ كَالْغَنِيِّ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا أَوْ لَا لِشُبْهَةِ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَ مَنْعِهِمْ حَقَّهُمْ مِنْ الْفَيْءِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِصْطَخْرِيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا اهـ وَقَالَ النَّاشِرِيُّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْطَعَ لِأَجْلِ الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ غَنِيٌّ) مِثْلُ الْغَنِيِّ مَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ لِشَرَفِهِ

(قَوْلُهُ وَيُقْطَعُ لِمَا أُفْرِزَ لِغَيْرِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّهُ فِي طَائِفَةٍ لَهَا مُسْتَحَقٌّ مُقَدَّرٌ بِالْإِخْرَاجِ فِي مَالٍ مُشَاعٍ بِصِفَةٍ فَأَمَّا إذَا أَفْرَزَ الْإِمَامُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ لِطَائِفَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَوْ الْقُضَاةِ أَوْ الْمُؤَذِّنِينَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلَا أَثَرَ لِهَذَا الْإِفْرَازِ إذْ لَا سَهْمَ لَهُمْ مُقَدَّرٌ يَتَوَلَّى الْإِمَامُ إفْرَازَهُ لَهُمْ وَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ كَانَ مُشَاعًا قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ اهـ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا دَخْلَ لِتَقْدِيرِ السَّهْمِ وَعَدَمِ تَقْدِيرِهِ فِي إفْرَازِ الْإِمَامِ فَمَا عَيَّنَهُ الْإِمَامُ لِطَائِفَةٍ مِمَّا هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا يَتَعَيَّنُ لَهَا بِالْإِفْرَازِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مُقَدَّرٌ (قَوْلُهُ لَا الَّتِي لِلْإِسْرَاجِ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي حَالَةِ الْأَخْذِ تُسْرَجُ (قَوْلُهُ وَلَا حُصْرُهُ) لَا فَرْقَ فِي حَصْرِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهَا بَيْنَ كَوْنِهَا مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ وَمِنْ مَالِ وَقْفِهِ أَوْ تَبَرَّعَ بِهَا عَلَيْهِ مُتَبَرِّعٌ (تَنْبِيهٌ)

قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِبَلَاطِهِ وَلَوْ سَرَقَ الْمُصْحَفَ الْمَوْقُوفَ لِلْقِرَاءَةِ فِي الْمَسْجِدِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ قَارِئًا لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ حَقًّا فَيَصِيرُ كَالْقَنَادِيلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَارِئًا قُطِعَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: لَا يُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ الْقِرَاءَةَ لِأَنَّهُ قَدْ يَدْفَعُهُ إلَى مَنْ يَقْرَأُ فِيهِ لِإِسْمَاعِ الْحَاضِرِينَ اهـ وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي هُوَ الرَّاجِحُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمِنْبَرُ وَالْكُرْسِيُّ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ لِلْقِرَاءَةِ فِي الْمُصْحَفِ الْمَوْضُوعِ عَلَيْهِ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْكُرْسِيُّ لِجُلُوسِ الْوَاعِظِ عَلَيْهِ وَدَكْمَةُ الْمُؤَذِّنِ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ حَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ جَارٍ فِي تِلْكَ الطَّائِفَةِ وَأَنَّ غَيْرَهَا يُقْطَعُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ لَكِنَّ الِاحْتِمَالَ أَفْقَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَعِنْدِي أَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهَا أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ أَوْ مُسْتَوْلَدَةً نَائِمَةً إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَذَلِكَ الْعَمْيَاءُ لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ (قَوْلُهُ وَكَالْمُسْتَوْلَدَةِ فِي ذَلِكَ غَيْرُهَا مِنْ الْأَرِقَّاءِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ الْجَاحِدُ لِلدَّيْنِ أَوْ الْمُمَاطِلُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى جُحُودَ مَدْيُونِهِ أَوْ مُمَاطَلَتَهُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ (قَوْلُهُ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الِاتِّحَادِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَّفِقُ دِينُهُمَا أَوْ يَخْتَلِفَ (قَوْلُهُ صَرَّحَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ تَفَقُّهًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سَبَقَهُ إلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَاسْتَثْنَى مَا لَوْ نَذَرَ اعْتَاقَ عَبْدِهِ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ فَسَرَقَهُ أَصْلُ النَّاذِرِ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>