للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدْعُو إلَيْهِ فَيَحْتَاجُ إلَى الزَّجْرِ عَنْهُ وَبِهَذَيْنِ التَّعْلِيلَيْنِ فَارَقَ ذَلِكَ عَدَمُ وُجُوبِ الْحَدِّ بِالْوَطْءِ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ وَلَوْ ذِمِّيًّا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ تَحْرِيمَ ذَلِكَ أَيْ مُطْلَقًا لِيَخْرُجَ الْحَنَفِيُّ الشَّارِبُ لِلنَّبِيذِ وَبِالْمُكَلَّفِ غَيْرُهُ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ (لَا) أَيْ يُحَدُّ مَنْ ذُكِرَ بِشُرْبِ الْمُسْكِرِ لَا (بِإِسْعَاطٍ وَحُقْنَةٍ) بِهِ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ لِلزَّجْرِ وَلَا حَاجَةَ فِيهِمَا إلَى زَجْرٍ، فَإِنَّ النَّفْسَ لَا تَدْعُو إلَيْهِمَا (وَ) يُحَدُّ (بِمَرَقِ) أَيْ بِشُرْبِ مَرَقِ (مَا طُبِخَ بِهِ) أَيْ بِالْمُسْكِرِ (لَا) بِأَكْلِ (لَحْمِهِ) لِذَهَابِ الْعَيْنِ مِنْهُ (وَ) يُحَدُّ (بِأَكْلِ مَا ثُرِدَ بِهِ) أَوْ غُمِسَ فِيهِ (لَا) بِأَكْلِ (مَا عُجِنَ بِهِ) لِاسْتِهْلَاكِهِ فِيهِ (وَلَا بِشُرْبِهِ) أَيْ الْمُسْكِرِ (فِيمَا اسْتَهْلَكَهُ) كَأَنْ شَرِبَ مَا فِيهِ قَطَرَاتُ خَمْرٍ، وَالْمَاءُ غَالِبٌ بِصِفَاتِهِ لِذَلِكَ (وَلَا يُحَدُّ مُكْرَهٌ بِشُرْبِهِ) لِشُبْهَةِ الْإِكْرَاهِ وَلِأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ شُرْبُهُ بِالْإِكْرَاهِ (وَ) لَا (مُسِيغُ) أَيْ مُزْدَرِدُ (لُقْمَةٍ) بِهِ حِينَ (غَصَّ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ أَيْ شَرِقَ (بِهَا وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ الْإِسَاغَةُ (وَخَافَ) الْهَلَاكَ إنْ لَمْ يَفْعَلْ لِلضَّرُورَةِ (وَيَجُوزُ) لَهُ حِينَئِذٍ إسَاغَتُهَا بِهِ (بَلْ يَجِبُ) دَفْعًا لِلْهَلَاكِ (فَلَوْ شَرِبَهَا) أَيْ الْخَمْرَ (لِتَدَاوٍ أَوْ) لِدَفْعِ (جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ أَثِمَ) وَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا كَمَا مَرَّ مَعَ زِيَادَةٍ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ (وَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ بِشُرْبِهَا لِذَلِكَ وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ فِي التَّدَاوِي وَمِثْلُهُ مَا بَعْدَهُ وَلَمْ يُصَحِّحْ كَالرَّافِعِيِّ فِيهِمَا شَيْئًا وَإِنَّمَا قَالَا قَالَ الْقَاضِي وَالْغَزَالِيُّ لَا حَدَّ بِالتَّدَاوِي، وَإِنْ حَكَمْنَا بِالْحُرْمَةِ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ فِي حِلِّ الشُّرْبِ وَقَالَ الْإِمَامُ أَطْلَقَ الْأَئِمَّةُ الْمُعْتَبَرُونَ أَقْوَالَهُمْ: إنَّهُ حَرَامٌ مُوجِبٌ لِلْحَدِّ ثُمَّ قَالَ فِي الشُّرْبِ لِلْعَطَشِ وَإِذَا حَرَّمْنَاهُ فَفِي الْحَدِّ الْخِلَافُ كَالتَّدَاوِي وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ فِيهِمَا فَيَكُونُ هُوَ الْأَصَحَّ مَذْهَبًا وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَ شَيْخُنَا الْحِجَازِيُّ كَلَامَ الرَّوْضَةِ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَوْجَهُ لِشُبْهَةِ قَصْدِ التَّدَاوِي كَمَا جُعِلَ الْإِكْرَاهُ عَلَى الزِّنَا شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْحَدِّ وَإِنْ كَانَ لَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ

(وَيَجُوزُ التَّدَاوِي بِنَجَسٍ) غَيْرِ مُسْكِرٍ (كَلَحْمِ حَيَّةٍ وَبَوْلٍ وَمَعْجُونِ خَمْرٍ) كَمَا مَرَّ فِي الْأَطْعِمَةِ (وَلَوْ) كَانَ التَّدَاوِي (لِتَعْجِيلِ شِفَاءٍ) كَمَا يَكُونُ لِرَجَائِهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ (بِشَرْطِ إخْبَارِ طَبِيبٍ مُسْلِمٍ) عَدْلٍ بِذَلِكَ (أَوْ مَعْرِفَةِ الْمُتَدَاوِي) بِهِ إنْ عُرِفَ (وَ) بِشَرْطِ (عَدَمِ مَا يَقُومُ بِهِ مَقَامَهُ) مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ التَّدَاوِي مِنْ الطَّاهِرَاتِ (، وَالْمَعْذُورُ) فِي شُرْبِ الْمُسْكِرِ بِشَيْءٍ (مَنْ جَهْلِ التَّحْرِيمَ) لَهُ (لِقُرْبِ عَهْدٍ) مِنْهُ بِالْإِسْلَامِ (وَنَحْوِهِ) كَنَشْئِهِ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ (أَوْ) مَنْ (جَهِلِ كَوْنَهُ خَمْرًا لَا يُحَدُّ) لِعُذْرِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِنَحْوِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ) الْفَائِتَةِ (مُدَّةَ السُّكْرِ) كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ (بِخِلَافِ الْعَالِمِ) بِذَلِكَ لِتَعَدِّيهِ (وَإِنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَجَهِلَ وُجُوبَ الْحَدِّ أَوْ كَوْنَهُ مُسْكِرًا لِقِلَّتِهِ حُدَّ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ التَّحْرِيمَ فَحَقُّهُ أَنْ يَمْتَنِعَ

(وَإِنَّمَا يُحَدُّ) السَّكْرَانُ (بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَوْ إقْرَارِهِ أَنَّهُ شَرِبَ خَمْرًا أَوْ مُسْكِرًا) لَا بِنِسْوَةٍ وَلَا بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَلَا بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ (فَيَكْفِي) ذَلِكَ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَالِمًا مُخْتَارًا) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الشَّارِبِ الْعِلْمُ بِمَا يَشْرَبُهُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ فَصَارَ كَالْإِقْرَارِ بِالْبَيْعِ، وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِمَا، وَالشَّهَادَةِ بِهَا بِخِلَافِ الزِّنَا؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مُقَدِّمَاتِهِ كَمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ «الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ» فَاحْتِيجَ فِي الْإِقْرَارِ، وَالشَّهَادَةِ بِهِ إلَى الِاحْتِيَاطِ (وَلَا تَعْوِيلَ عَلَى) مُشَاهَدَةِ (السُّكْرِ وَ) لَا عَلَى ظُهُورِ (النَّكْهَةِ) أَيْ رَائِحَةِ الْفَمِ وَلَا عَلَى تَقَيُّؤِ الْخَمْرِ لِاحْتِمَالِ الْغَلَطِ أَوْ الْإِكْرَاهِ، وَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ

(فَرْعٌ مُزِيلُ الْعَقْلِ مِنْ غَيْرِ الْأَشْرِبَةِ كَالْبَنْجِ) ، وَالْحَشِيشَةِ حَرَامٌ لِإِزَالَتِهِ الْعَقْلَ (لَا حَدَّ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

الشَّافِعِيُّ لَا يُحَدُّ الْحَنَفِيُّ إذَا وَطِئَ مُطَلَّقَتَهُ الرَّجْعِيَّةَ وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيُّ إذَا صَلَّى خَلْفَ الْحَنَفِيِّ بَعْدَ مَا مَسَّ فَرْجَهُ لَا تَصِحُّ بِخِلَافِ مَا إذَا اقْتَصَدَ، فَإِنَّهَا تَصِحُّ وَكَذَلِكَ إذَا تَوَضَّأَ الْحَنَفِيُّ بِغَيْرِ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ، فَإِنَّ الْأَصَحَّ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ الْمَاءَ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا فَالْجَوَابُ أَمَّا مَسْأَلَةُ الرَّجْعَةِ فَلِأَنَّ الْوَطْءَ عِنْدَ الْحَنَفِيِّ يَكُونُ رَجْعَةً فَأَشْبَهَ عَقْدَ النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ وَلَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ إنْكَارُهُ عَلَى الْحَنَفِيِّ وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ بِغَيْرِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ أَوْ مَعَ مَسِّ الْفَرْجِ لَيْسَ لِلشَّافِعَيَّ إنْكَارُهُ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تُوصَفُ بِالِانْعِقَادِ فَهِيَ كَالْبِيَاعَاتِ وَالْأَنْكِحَةِ وَغَيْرِهَا بِخِلَافِ شُرْبِ النَّبِيذِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِاخْتِلَافٍ فِي عَقْدٍ تَحْصُلُ مِنْهُ إبَاحَةٌ وَإِنَّمَا هُوَ اخْتِلَافٌ فِي نَفْسِ الْإِبَاحَةِ وَلَا ضَرُورَةَ لِلْحَنَفِيِّ إلَى تَعَاطِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الْعُقُودِ، فَإِنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى تَعَاطِيهَا وَأَمَّا الِاقْتِدَاءُ وَالْوُضُوءُ، فَإِنَّمَا قُلْنَا لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ عَمَلًا بِاعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ وَقُلْنَا يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا عَمَلًا بِاعْتِقَادِ الْمُتَوَضِّئِ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ تَحْرِيمَ ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ بِالذِّمَّةِ مِمَّا لَا يَعْتَقِدُهُ إلَّا الْأَحْكَامَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْعِبَادِ وَكَتَبَ أَيْضًا كَيْفَ يُقَالُ هَذَا وَقَدْ قَرَّرَ أَهْلُ الْأُصُولِ أَنَّ الْخَمْرَ لَمْ يَزَلْ مُحَرَّمًا فِي كُلِّ الْمِلَلِ (قَوْلُهُ: وَلَا مُسِيغُ لُقْمَةٍ غَصَّ بِهَا وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ) قَالَ شَيْخُنَا وَكَذَا لَا حَدَّ فِي كُلِّ مَنْ شَرِبَهُ لِلْعَطَشِ أَوْ التَّدَاوِي أَوْ كَوْنِهِ غَصَّ وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لِدَفْعِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ أَثِمَ) أَيْ إنْ لَمْ يَخَفْ الْهَلَاكَ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْأَقْوَى وَقَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَا حَدَّ عَلَى الْمُتَدَاوِي وَإِنْ لَمْ يَجُزْ الشُّرْبُ تَدَاوِيًا وَيَكُونُ قَصْدُ التَّدَاوِي شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْحَدِّ وَقِيلَ بِخِلَافِهِ اهـ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْقِيَاسُ نَفْيُ الْحَدِّ وَيَشْهَدُ لَهُ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى الْمُكْرَهِ عَلَى الزِّنَا وَجُعِلَ الْإِكْرَاهُ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْحَدِّ وَإِنْ كَانَ لَا يُبَاحُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ بِالْإِكْرَاهِ فَهَذَا مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي حِلِّهِ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ أَطْلَقَ الْأَئِمَّةُ إلَخْ) ضَعَّفَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ

(قَوْلُهُ: وَالْمَعْذُورُ مَنْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ اسْمٌ مَوْصُولٌ أَوْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ خَبَرُ الْمَعْذُورُ وَلَا يُحَدُّ خَبَرٌ ثَانٍ أَوْ بِكَسْرِهَا تَعْلِيلِيَّةٌ (قَوْلُهُ: لِقُرْبِ عَهْدِهِ مِنْهُ بِالْإِسْلَامِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَنْ نَشَأَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ بِبَادِيَةٍ نَائِيَةٍ فَأَمَّا النَّاشِئُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُخَالِطُ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ تَحْرِيمُهَا فِي شَرْعِنَا

(قَوْلُهُ: أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ شَرِبَ خَمْرًا إلَخْ) كَأَنْ قَالَ شَرِبْت مِمَّا شَرِبَ مِنْهُ غَيْرِي فَسَكِرَ مِنْهُ أَوْ قَالَ الشَّاهِدُ مِثْلَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>