للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَيْسَ مُرَادًا (وَتَبِعَ السَّابِي) فِي إسْلَامِهِ (فَإِنْ قَتَلَهُ عَبْدُ اُقْتُصَّ مِنْهُ) لِمُكَافَأَتِهِ لَهُ، فَإِنْ وَجَبَ الْمَالُ فَهُوَ قِيمَةُ عَبْدٍ مُسْلِمٍ.

(وَيَنْفَسِخُ نِكَاحُ مَنْ رَقَّ بِالْأَسْرِ) وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ لِعُمُومِ خَبَرِ «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ» إذْ لَمْ يُفَرَّقْ فِيهِ بَيْنَ الْمَنْكُوحَةِ وَغَيْرِهَا وَلِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَعَنْ زَوْجَتِهِ أَوْلَى، وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَإِنْ أُسِرَ صَبِيٌّ لَهُ زَوْجَةٌ انْفَسَخَ النِّكَاحُ بِأَسْرِهِ.

(وَكَذَا) يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْأَسِيرِ (إنْ اُسْتُرِقَّ لَا إنْ كَانَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ رَقِيقِينَ) فَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ إذْ لَمْ يَحْدُثْ رِقٌّ وَإِنَّمَا انْتَقَلَ الْمِلْكُ مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ وَذَلِكَ لَا يَقْطَعُ النِّكَاحَ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا رَقِيقًا وَالْآخَرُ حُرًّا فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمَا إنْ سُبِيَا أَوْ الْحُرُّ وَحْدَهُ وَأَرَقَّهُ الْإِمَامُ فِيمَا إذَا كَانَ زَوْجًا كَامِلًا انْفَسَخَ النِّكَاحُ لِحُدُوثِ الرِّقِّ أَوْ الرَّقِيقِ وَحْدَهُ فَلَا لِعَدَمِ حُدُوثِهِ.

(وَإِنْ أَسْلَمَ) مِنْ الْأَسْرَى (رَجُلٌ حُرٌّ) مُكَلَّفٌ (قَبْلَ اخْتِيَارٍ) مِنْ الْإِمَامِ (فِيهِ عَصَمَ دَمَهُ) مِنْ الْقَتْلِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا» (وَلَمْ يَرِقَّ) بِإِسْلَامِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (فَيَخْتَارُ فِيهِ الْإِمَامُ مَا سِوَى الْقَتْلِ) مِنْ إرْقَاقٍ وَمِنْ فِدَاءٍ كَمَا أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ الْإِعْتَاقِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ يَبْقَى مُخَيَّرًا بَيْنَ الْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ (لَكِنْ لَا يُفَادِي إلَّا مَنْ كَانَ عَزِيزًا فِي قَوْمِهِ) أَوْ لَهُ فِيهِمْ عَشِيرَةٌ (وَلَا يَخْشَى الْفِتْنَةَ فِي دِينِهِ) وَلَا فِي نَفْسِهِ.

(أَوْ) أَسْلَمَ كَافِرٌ مُكَلَّفٌ (قَبْلَ الظَّفَرِ بِهِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً عَصَمَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ) لِخَبَرِ السَّابِقِ (وَ) عَصَمَ (وَلَدَهُ الصَّغِيرَ وَالْمَجْنُونَ) الْحُرَّيْنِ مِنْ السَّبْيِ (وَكَذَا الْحَمْلُ) تَبَعًا لَهُ فِيهِمَا (لَا إنْ اُسْتُرِقَّتْ) أُمُّهُ (قَبْلَ إسْلَامِ الْأَبِ) فَلَا يَعْصِمُهُ إسْلَامُهُ أَيْ لَا يَبْطُلُ رِقُّهُ كَالْمُنْفَصِلِ وَإِنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ (وَكَذَا) يَعْصِمُ إسْلَامُهُ (وَلَدَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ) وَإِنْ كَانَ الِابْنُ حَيًّا (وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ) أَيْ وَلَدِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ تَبَعًا لَهُ وَالْمَجْنُونُ كَالصَّغِيرِ وَلَوْ عَبَّرَ بِوَلَدِ وَلَدِهِ كَانَ أَوْلَى (وَلَا يَعْصِمُ) إسْلَامُهُ (زَوْجَتَهُ) مِنْ السَّبْيِ وَالِاسْتِرْقَاقِ وَيُفَارِقُ عَتِيقَهُ بِأَنَّ الْوَلَاءَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ لَا يَرْتَفِعُ وَإِنْ تَرَاضَيَا؛ لِأَنَّهُ لَحْمَةٌ كَلَحْمَةِ النَّسَبِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يَرْتَفِعُ بِأَسْبَابٍ مِنْهَا حُدُوثُ الرِّقِّ وَيُفَارِقُ أَيْضًا مَا لَوْ بَذَلَ الْجِزْيَةَ حَيْثُ يَمْتَنِعُ إرْقَاقُ زَوْجَتِهِ وَابْنَتِهِ الْبَالِغَةِ بِأَنَّ مَا يُمْكِنُ اسْتِقْلَالُ الشَّخْصِ بِهِ لَا يُجْعَلُ فِيهِ تَابِعًا لِغَيْرِهِ وَالْبَالِغَةُ تَسْتَقِلُّ بِالْإِسْلَامِ وَلَا تَسْتَقِلُّ بِبَذْلِ الْجِزْيَةِ.

(وَإِنْ اُسْتُرِقَّتْ) وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ (انْقَطَعَ نِكَاحُهُ) لِزَوَالِ مِلْكِهَا عَنْ نَفْسِهَا فَزَوَالُ مِلْكِ الزَّوْجِ عَنْهَا أَوْلَى كَمَا مَرَّ وَلِامْتِنَاعِ نِكَاحِ الْمُسْلِمِ الْأَمَةَ الْكَافِرَةَ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَفِي تَعْبِيرِهِمْ هُنَا وَفِيمَا قَبْلَهُ بِاسْتُرِقَّتْ تَجُوزُ فَإِنَّهَا تَرِقُّ بِنَفْسِ الْأَسْرِ فَلَوْ عَبَّرُوا بِرَقَّتْ كَانَ أَوْلَى.

(وَلَا يَعْصِمُ) إسْلَامُهُ (ابْنَهُ) الْأَوْلَى وَلَدُهُ (الْبَالِغُ الْعَاقِلُ) لِاسْتِقْلَالِهِ بِالْإِسْلَامِ.

(وَإِنْ اسْتَأْجَرَ مُسْلِمٌ حَرْبِيًّا) رَقِيقًا أَوْ حُرًّا (فَاسْتُرِقَّ أَوْ دَارُهُ فَغُنِمَتْ فَلَهُ اسْتِيفَاءُ مُدَّتِهِ) ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْأَمْوَالِ مَمْلُوكَةٌ مِلْكًا تَامًّا مَضْمُونَةٌ بِالْيَدِ كَأَعْيَانِ الْأَمْوَالِ وَكَمَا لَا تُغْنَمُ الْعَيْنُ الْمَمْلُوكَةُ لِلْمُسْلِمِ لَا تُغْنَمُ الْمَنَافِعُ الْمَمْلُوكَةُ لَهُ بِخِلَافِ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ فَإِنَّهَا تُسْتَبَاحُ وَلَا تُمْلَكُ مِلْكًا تَامًّا وَلِهَذَا لَا تُضْمَنُ بِالْيَدِ.

(وَتُسْتَرَقُّ زَوْجَةُ الذِّمِّيِّ الْحَرْبِيَّةُ وَعَتِيقُهُ) الْحَرْبِيُّ؛ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ لَوْ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ اُسْتُرِقَّ فَزَوْجَتُهُ وَعَتِيقُهُ أَوْلَى وَفِي قَوْلِهِ تَسْتَرِقُّ تَجُوزُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الزَّوْجَةِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ وَاسْتَشْكَلَ مَا ذُكِرَ بِمَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا عُقِدَتْ لَهُ الْجِزْيَةُ عَصَمَ نَفْسَهُ وَزَوْجَتَهُ مِنْ الِاسْتِرْقَاقِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ ثَمَّ الزَّوْجَةُ الْمَوْجُودَةُ حِينَ الْعَقْدِ لِيَتَنَاوَلَ الْعَقْدَ لَهَا عَلَى وَجْهِ التَّبَعِيَّةِ وَهُنَا الزَّوْجَةُ الْمُتَجَدِّدَةُ بَعْدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ لِعَدَمِ تَنَاوُلِهِ لَهَا أَوْ يُحْمَلُ مَا هُنَاكَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ زَوْجَتُهُ دَاخِلَةً تَحْتَ الْقُدْرَةِ حِينَ الْعَقْدِ وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ.

(وَكَذَا) تُسْتَرَقُّ (زَوْجَةُ الْمُسْلِمِ) الْحَرْبِيَّةُ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ إسْلَامِهِ (لَا عَتِيقُهُ) كَمَا فِي زَوْجَةِ مَنْ أَسْلَمَ وَعَتِيقُهُ وَخَالَفَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ فَصَحَّحَ عَدَمَ جَوَازِ اسْتِرْقَاقِ زَوْجَتِهِ مَعَ تَصْحِيحِهِ جَوَازَهُ فِي زَوْجَةِ مَنْ أَسْلَمَ.

(وَإِنْ نَقَضَ ذِمِّيٌّ) عَهْدَهُ (فَاسْتُرِقَّ وَمَلَكَهُ عَتِيقُهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (الْوَلَاءُ عَلَى الْآخَرِ) فَوَلَاءُ السَّيِّدِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمَا إنْ سَبَّبَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسْلَمَ رَجُلٌ حُرٌّ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ إلَخْ) فَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْإِمَامِ فِيهِ الْمَنَّ أَوْ الْفِدَاءَ أَوْ الرِّقَّ لَمْ يَتَخَيَّرْ فِي الْبَاقِي بَلْ يَتَعَيَّنُ مَا اخْتَارَهُ (قَوْلُهُ: فَيَخْتَارُ الْإِمَامُ فِيهِ مَا سِوَى الْقَتْلِ إلَخْ) وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ» فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ الْأَسْرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا بِحَقِّهَا وَمِنْ حَقِّهَا أَنَّ مَالَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَسْرِ غَنِيمَةٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَرِدُ عَلَى مَفْهُومِهِ الْحَرْبِيُّ إذَا دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ مِنْ غَيْرِ أَمَانٍ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَتَخَيَّرُ فِيهِ كَالْأَسِيرِ لَكِنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ اخْتِيَارِ الْإِمَامِ وَاحِدَةً سَقَطَ الْكُلُّ بِخِلَافِ الْأَسِيرِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ فِي بَابِ الْهُدْنَةِ أَشَارَ إلَيْهِ الْأَصْحَابُ فِي السِّيَرِ وَالرَّافِعِيُّ فِي الْهُدْنَةِ

(قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَ الظَّفَرِ بِهِ) أَيْ اسْتِرْقَاقِهِ

(قَوْلُهُ وَتُسْتَرَقُّ زَوْجَةُ الذِّمِّيِّ الْحَرْبِيَّةِ) لِأَنَّ مَحَلَّ الرِّقِّ الرَّقَبَةُ وَهِيَ فَارِغَةٌ عَنْ اسْتِحْقَاقِ الذِّمِّيِّ فَإِنَّ حَقَّهُ الْمَنْفَعَةُ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ هُنَا يُخَالِفُ كَلَامَهُمْ فِي أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا بَذَلَ الْجِزْيَةَ عَصَمَ نَفْسَهُ وَزَوْجَتَهُ مِنْ الِاسْتِرْقَاقِ وَقَدْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُرَادَ ثَمَّ الزَّوْجَةُ الْمَوْجُودَةُ حِينَ الْعَقْدِ يَتَنَاوَلُهَا الْعَقْدُ عَلَى وَجْهِ التَّبَعِيَّةِ وَالْمُرَادُ هُنَا الزَّوْجَةُ الْمُتَّخَذَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ، فَإِنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا أَوْ يُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ زَوْجَتُهُ دَاخِلَةً تَحْتَ الْقُدْرَةِ عِنْدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ ثَمَّ الزَّوْجَةُ الْمَوْجُودَةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ: لَا عَتِيقُهُ) وَلَوْ كَانَ حِينَ أَعْتَقَهُ كَافِرًا لَكِنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ الْأَسْرِ (قَوْلُهُ: وَخَالَفَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ فَصَحَّحَ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ لَا مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا الْمُقْتَضَى كَلَامَ أَصْلِهِ وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ قَالَ ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ لَوْ تَزَوَّجَ بِذِمِّيَّةٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ إنَّهَا أُلْحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا تُسْتَرَقُّ قَوْلًا وَاحِدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>