للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَجْعَلُ الشَّيْئَيْنِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ (إلَّا إنْ أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ) بِأَنْ أَرَادَ أَحَدَهُمَا فَيَتَعَلَّقُ بِهِ الْحِنْثُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْبِرُّ فِي الْإِثْبَاتِ أَيْضًا، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ (فَإِنْ قَالَ) لَا أُكَلِّمُ (زَيْدًا وَلَا عَمْرًا) أَوْ لَا آكُلُ اللَّحْمَ وَلَا الْعِنَبَ (فَيَمِينَانِ) لِإِعَادَةِ حَرْفِ النَّفْيِ فَيَحْنَثُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا تَنْحَلُّ إحْدَاهُمَا بِالْحِنْثِ فِي الْأُخْرَى كَمَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ عَمْرًا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْإِثْبَاتَ كَالنَّفْيِ الَّذِي لَمْ يُعِدْ مَعَهُ حَرْفَهُ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لِأُكَلِّمَن زَيْدًا وَعَمْرًا أَوْ لَآكُلَن اللَّحْمَ وَالْعِنَبَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْبَارِزِيُّ وَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَنَّهُ كَالنَّفْيِ الْمُعَادِ مَعَهُ حَرْفُهُ حَتَّى يَتَعَدَّدَ الْيَمِينُ لِوُجُودِ حَرْفِ الْعَطْفِ تُوُقِّفَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ أَوْجَبَ حَرْفُ الْعَطْفِ تَعَدُّدَ الْيَمِينِ فِي الْإِثْبَاتِ لَأَوْجَبَهُ فِي النَّفْيِ أَيْ غَيْرِ الْمُعَادِ مَعَهُ حَرْفُهُ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَأَحْسِبُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ تَصَرُّفِهِ وَخَرَجَ بِالْعَطْفِ بِالْوَاوِ الْعَطْفُ بِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ فَإِنَّ الْحَالِفَ حِينَئِذٍ حَالِفٌ عَلَى عَدَمِ أَكْلِ الْعِنَبِ بَعْدَ اللَّحْمِ بِلَا مُهْلَةٍ فِي الْفَاءِ وَبِمُهْلَةٍ فِي ثُمَّ فِي قَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا آكُلُ اللَّحْمَ فَالْعِنَبَ أَوْ ثُمَّ الْعِنَبَ فَلَا يَحْنَثُ إذَا أَكَلَهُمَا مَعًا أَوْ الْعِنَبَ قَبْلَ اللَّحْمِ أَوْ بَعْدَهُ بِمُهْلَةٍ فِي الْفَاءِ وَبِلَا مُهْلَةٍ فِي ثُمَّ (وَإِنْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ أَحَدَهُمَا) أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمَا (وَأَطْلَقَ حَنِثَ بِكَلَامٍ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ) فَلَا يَحْنَثُ بِكَلَامِ الْآخَرِ (وَإِنْ قَالَ لَا آكُلُ هَذِهِ الرُّمَّانَةَ فَأَكَلَهَا إلَّا حَبَّةً لَمْ يَحْنَثْ أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ قَالَ لِآكُلَن هَذِهِ الرُّمَّانَةَ فَأَكَلَهَا إلَّا حَبَّةً (لَمْ يَبَرَّ) لِتَعَلُّقِ يَمِينِهِ بِالْجَمِيعِ فِيهِمَا وَخَرَجَ بِالْحَبَّةِ الْقِشْرُ وَالشَّحْمُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعَادَةِ (أَوْ لَا آكُلُ هَذَا الرَّغِيفَ فَأَكَلَهُ إلَّا شَيْئًا يُمْكِنُ لَقْطُهُ وَأَكْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ) كَمَا لَوْ قَالَ لَا آكُلُ مَا عَلَى هَذَا الطَّبَقِ مِنْ التَّمْرِ فَأَكَلَ مَا عَلَيْهِ إلَّا تَمْرَةً لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَرْكِ بَعْضِ الطَّعَامِ لِلِاحْتِشَامِ مِنْ اسْتِيفَائِهِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ

(وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّءُوسَ) أَوْ الرَّأْسَ (وَأَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى رُءُوسِ نَعَمٍ) ، وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ؛ لِأَنَّهَا تُبَاعُ وَتُشْرَى مُفْرَدَةً فَهِيَ الْمُتَعَارَفَةُ، وَإِنْ اخْتَصَّ بَعْضُهَا بِبَلَدِ الْحَالِفِ (لَا) عَلَى (رُءُوسِ طَيْرٍ وَحُوتٍ وَظَبْيٍ) وَصَيْدٍ آخَرَ (لَمْ يُعْتَدْ بَيْعُهَا مُنْفَرِدَةً فِي بَلَدِهِ) أَيْ الْحَالِفِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُفْهَمُ مِنْ اللَّفْظِ عِنْدَ إطْلَاقِهِ (فَإِنْ اُعْتِيدَ) ذَلِكَ فِي بَلَدِهِ (حَنِثَ بِهَا) الْحَالِفُ أَيْ بِأَكْلِهَا (حَيْثُ كَانَ) إمَّا فِي بَلَدِهِ فَقَطْعًا وَإِمَّا فِي غَيْرِهِ فَعَلَى الْأَقْوَى فِي الْأَصْلِ لِشُمُولِ الِاسْمِ؛ وَلِأَنَّ مَا ثَبَتَ بِهِ الْعُرْفُ فِي مَوْضِعٍ ثَبَتَ فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ كَخُبْزِ الْأَرُزِّ قَالَ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى ظَاهِرِ النَّصِّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَغَيْرِهِ مُقَابِلَهُ وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْبِرُّ فِي الْإِثْبَاتِ) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَكَتَبَ أَوَّلًا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا ظَاهِرُهُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِمَّا بَعْدَ كَذَا فَقَطْ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَلَا عَمْرًا فَيَمِينَانِ) فَلَوْ قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَلَا عَمْرًا وَقَعَ عَلَيْهِ بِكَلَامِهِمَا طَلْقَتَانِ وَلَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا يَوْمًا وَلَا يَوْمَيْنِ انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ عَلَى يَوْمَيْنِ فَلَوْ كَلَّمَهُ فِي الثَّالِثِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا وَيَوْمَيْنِ انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا ثُمَّ فُلَانًا فَإِنْ كَلَّمَ الْمَذْكُورَ أَوَّلًا ثُمَّ الْمَذْكُورَ ثَانِيًا حَنِثَ وَلَا يَحْنَثُ بِكَلَامِ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ قَدَّمَ كَلَامَ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ لَمْ يَحْنَثْ وَأَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ فِي قَوْلِهِ فُلَانًا وَفُلَانًا فَإِذَا كَلَّمَهُمَا حَنِثَ بِأَيِّهِمَا بَدَأَ وَحَكَى ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُجَرَّدِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْت كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَكَلَّمَ أَحَدَهُمَا حَنِثَ وَكَانَتْ الْيَمِينُ بَاقِيَةً فِي حَقِّ الْآخَرِ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْحُسَيْنِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ غُلَامًا فَكَلَّمَ مُلْتَحِيًا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى غُلَامًا وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ أَمْرَدَ فَكَلَّمَ غُلَامًا حَنِثَ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ امْرَأَةً فَكَلَّمَ مُرَاهِقَةً حَنِثَ (قَوْلُهُ أَوْ لَا آكُلُ اللَّحْمَ وَلَا الْعِنَبَ) أَوْ لَا أَشْتَرِي هَذَا وَلَا هَذَا أَوْ لَا أَدْخُلُ هَذَا وَلَا هَذَا أَوْ لَا أَلْبَسُ هَذَا وَلَا هَذَا أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلَمْ يَقْصِدْ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ لِإِعَادَةِ حَرْفِ النَّفْيِ) أَيْ مَعَ حَرْفِ الْعَطْفِ.

(قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْإِثْبَاتَ كَالنَّفْيِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَوَقَّفَ فِيهِ) أَيْ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ أَوْجَبَ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ مُقْتَضَى التَّوَقُّفِ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ السُّبْكِيُّ: لَوْ أَوْجَبَ الْعَطْفَ كَوْنُهُمَا يَمِينَيْنِ لَأَوْجَبَتْهُ التَّثْنِيَةُ فَقَدْ قَالَ الْتِحَاقَاتُ التَّثْنِيَةِ كَالْعَطْفِ (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَأَحْسِبُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ تَصَرُّفِهِ) وَالْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ الْحَقُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَآكُلَن هَذَا الرَّغِيفَ، وَهَذَا الرَّغِيفَ أَنَّهُ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ أَنَّ الْعَامِلَ فِي الثَّانِي هُوَ الْعَامِلُ فِي الْأَوَّلِ بِتَعَدِّيَةِ حَرْفِ الْعَطْفِ وَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَرْجُوحِ عَنْ النَّحْوِيِّينَ أَنَّ الْعَامِلَ فِي الثَّانِي فِعْلٌ مُقَدَّرٌ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْعَطْفِ بِالْوَاوِ الْعَطْفُ بِالْفَاءِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمُعْرِبِ أَمَّا الْعَامِّيُّ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْوَاوِ وَالْفَاءِ

(قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّءُوسَ إلَخْ) مِثْلُ الْأَكْلِ الشِّرَاءُ وَغَيْرُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّ إطْلَاقَ الْيَمِينِ مَحْمُولٌ عَلَى الْجِنْسِ حَتَّى لَوْ أَكَلَ رَأْسًا أَوْ بَعْضَهُ حَنِثَ وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي فُرُوعِهِ: إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا آكُلُ رُءُوسًا فَعِنْدِي لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَأْكُلَ ثَلَاثَةً؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقَعُ عَلَى ثَلَاثَةٍ اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ وَالرُّءُوسُ وَرُءُوسًا ظَاهِرٌ اهـ أَيْ فَيَحْنَثُ فِي قَوْلِهِ الرُّءُوسُ بِوَاحِدٍ إذْ اللَّامُ فِيهِ لِلْجِنْسِ وَلَا يَحْنَثُ بِبَعْضِهِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت النِّسَاءَ أَوْ اشْتَرَيْت الْعَبِيدَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِتَزْوِيجِ وَاحِدَةٍ وَبِشِرَاءِ وَاحِدٍ وَلَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِهِ رُءُوسًا إلَّا بِثَلَاثَةٍ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت نِسَاءً أَوْ اشْتَرَيْت عَبِيدًا فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى ثَلَاثَةٍ قَالَ شَيْخُنَا كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ وَاضِحٌ إلَّا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ نِسَاءٍ وَالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَوْجُودَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَوَاخِرَ بَابِ الطَّلَاقِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّهُ الصَّوَابُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْت النِّسَاءَ أَوْ اشْتَرَيْت الْعَبِيدَ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِثَلَاثٍ مِنْ كُلٍّ لَكِنَّهُ فِي الْفَتَاوَى فِي الْإِيمَانِ سَلَّمَ التَّنَاقُضَ وَأَشَارَ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ فَإِنْ اُعْتِيدَ ذَلِكَ) فِي بَلْدَةٍ لِكَثْرَتِهَا وَاعْتِيَادِ أَكْلِهَا (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى ظَاهِرِ النَّصِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>