ثُمَّ بُرِيَ) وَكَتَبَ بِهِ (لَمْ يَحْنَثْ) ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُنْبُوبَةُ وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ فِي الْأُولَى لَمْ تَتَنَاوَلْ الزِّيَادَةَ حَالَةَ الْحَلِفِ وَالْقَلَمَ فِي الثَّانِيَةِ اسْمٌ لِلْمَبْرِيِّ دُونَ الْقَصَبَةِ، وَإِنَّمَا تُسَمَّى قَبْلَ الْبَرْيِ قَلَمًا مَجَازًا؛ لِأَنَّهَا سَتَصِيرُ قَلَمًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحِنْثِ فِي الْأُولَى أَنَّ الْأَفْضَلِيَّةَ الثَّابِتَةَ لِمَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُسْتَفَادَةَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَاصَّةٌ بِمَا كَانَ فِي زَمَنِهِ دُونَ مَا زِيدَ فِيهِ بَعْدُ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ وَغَيْرُهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مَسْجِدَ بَنِي فُلَانٍ فَدَخَلَ زِيَادَةٌ حَادِثَةٌ فِيهِ حَنِثَ قَالَ الرَّافِعِيُّ (أَوْ لَا يَسْتَنِدُ إلَى هَذَا الْجِدَارِ) أَوْ لَا يَجْلِسُ عَلَيْهِ (فَهُدِمَ وَبُنِيَ بِآلَتِهِ لَا بِغَيْرِهَا وَلَا بِبَعْضِهَا) وَاسْتَنَدَ إلَيْهِ أَوْ جَلَسَ عَلَيْهِ (حَنِثَ)
(أَوْ لَا يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِهِ فِيمَا) أَيْ فَيَحْنَثُ بِمَا (يَمْلِكُ مِنْ مُبَاحٍ وَبِعَقْدٍ لَا إرْثٍ وَيَحْنَثُ بِكَسْبٍ) كَسْبِهِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ ثُمَّ (مَاتَ عَنْهُ وَوَرِثَهُ الْحَالِفُ) وَأَكَلَهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ انْتَقَلَ إلَى غَيْرِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ وَصِيَّةٍ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ مَا قَبِلَهُ غَيْرُهُ صَارَ مُكْتَسَبًا لَهُ فَلَا يَبْقَى مُكْتَسَبًا لِلْأَوَّلِ بِخِلَافِ الْمَوْرُوثِ فَيَبْقَى مُكْتَسِبًا لِلْأَوَّلِ وَيَكُونُ كَمَا لَوْ قَالَ لَا آكُلُ مِمَّا زَرَعَهُ فَأَكَلَ مِمَّا زَرَعَهُ وَبَاعَهُ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ قَالَ وَلَك أَنْ لَا تُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا وَيُشْتَرَطُ لِكَسْبِهِ أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا فِي مِلْكِهِ (وَالْحَلْوَى مَا اُتُّخِذَ مِنْ نَحْوِ عَسَلٍ وَسُكَّرٍ) مِنْ كُلِّ حُلْوٍ لَيْسَ فِي جِنْسِهِ حَامِضٌ كَدِبْسٍ وَقَنْدٍ وَفَانِيذٍ لَا عِنَبٍ وَإِجَّاصٍ وَرُمَّانٍ (لَا هُمَا) أَيْ الْعَسَلِ وَالسُّكَّرِ وَنَحْوِهِمَا فَلَيْسَتْ بِحَلْوَى بِدَلِيلِ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُحِبُّ الْحَلْوَى وَالْعَسَلَ فَيُشْتَرَطُ فِي الْحَلْوَى أَنْ تَكُونَ مَعْمُولَةً فَلَا يَحْنَثُ بِغَيْرِ الْمَعْمُولِ بِخِلَافِ الْحُلْوِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِي اللَّوْزَيْنَجِ وَالْجَوْزَيْنَجِ وَجْهَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَعَلَّ الْأَشْبَهَ الْحِنْثُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يُعِدُّونَهُمَا حَلْوَاءَ قَالَ وَمِثْلُهُ مَا يُقَالُ لَهُ الْمُكَفَّنُ وَالْخُشْكَنَانِ وَالْقَطَائِفُ (وَالشِّوَاءُ يَقَعُ عَلَى اللَّحْمِ) الْمَشْوِيِّ (لَا) عَلَى (الشَّحْمِ) وَالسَّمَكِ الْمَشْوِيَّيْنِ (وَالطَّبِيخُ) يَقَعُ (عَلَى مَرَقٍ وَلَحْمِهِ وَكَذَا) عَلَى (أُرْزٍ وَعَدَسٍ طُبِخَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (بِوَدَكٍ أَوْ زَيْتٍ أَوْ سَمْنٍ وَالْمَرَقُ) يَصْدُقُ (بِمَطْبُوخِ اللَّحْمِ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْمَرَقَ فَهُوَ مَا يُطْبَخُ بِاللَّحْمِ أَيِّ لَحْمٍ كَانَ (فَإِنْ طُبِخَ بِهِ) أَيْ بِالْمَرَقِ وَالْمُرَادُ بِالْمَاءِ (الشَّحْمُ وَالْبُطُونُ) وَالْكَرِشُ (فَوَجْهَانِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَأَكْثَرُ النَّاسِ يُعِدُّونَ ذَلِكَ مَرَقًا وَلَا يُقَصِّرُونَ الْمَرَقَ عَلَى مَا يُطْبَخُ بِاللَّحْمِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْمَطْبُوخَ حَنِثَ بِمَا طُبِخَ بِالنَّارِ أَوْ أُغْلِيَ وَلَا يَحْنَثُ بِالْمَشْوِيِّ وَالطَّبَاهِجَةِ مُسْتَوِيَةٌ وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ (وَالْغَدَاءُ) أَيْ وَقْتُهُ (مِنْ) طُلُوعِ (الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ ثُمَّ الْعَشَاءُ) أَيْ وَقْتُهُ مِنْ الزَّوَالِ (إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، وَقَدْرُهُمَا) أَنْ يَأْكُلَ (فَوْقَ نِصْفِ الشِّبَعِ ثُمَّ هُوَ) أَيْ مَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ (سَحُورٌ) أَيْ وُقِّتَ لَهُ (إلَى) طُلُوعِ (الْفَجْرِ وَالْغَدْوَةِ مِنْ) طُلُوعِ (الْفَجْرِ) إلَى الِاسْتِوَاءِ (وَالضَّحْوَةِ بَعْدَ) طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ حِينِ (زَوَالِ الْكَرَاهَةِ) لِلصَّلَاةِ (إلَى الِاسْتِوَاءِ وَالصَّبَاحُ مَا بَعْدَ الطُّلُوعِ) لِلشَّمْسِ (إلَى ارْتِفَاعِ الضُّحَى) قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي كَوْنِ الْعَشَاءِ مِنْ الزَّوَالِ وَفِي مِقْدَارِ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ وَفِي امْتِدَادِ الْغَدْوَةِ إلَى نِصْفِ النَّهَارِ وَفِي أَنَّ الضَّحْوَةَ مِنْ السَّاعَةِ الَّتِي تَحِلُّ فِيهَا الصَّلَاةُ قُلْت، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ أَيْضًا فِي كَوْنِ الصَّبَاحِ مُقَيَّدًا بِمَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ
(وَقَوْلُهُ لِمَنْ دَقَّ الْبَابَ) وَكَانَ قَدْ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَهُ (مَنْ هَذَا كَلَامٌ) مِنْهُ (لَهُ) فَيَحْنَثُ (إنْ عَلِمَ بِهِ) وَإِلَّا فَلَا (وَكَذَا إيقَاظُ نَائِمٍ) حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ وَأَيْقَظَهُ بِالْكَلَامِ فَإِنَّهُ كَلَامٌ لَهُ فَيَحْنَثُ إنْ عَلِمَ بِهِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْعِلْمِ بِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا انْتَبَهَ النَّائِمُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فِيهَا نَقْلًا عَنْ الْحَنَفِيَّةِ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ فَنَبَّهَهُ مِنْ النَّوْمِ حَنِثَ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَبِهْ، وَهَذَا غَيْرُ مَقْبُولٍ فَلَعَلَّهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ، وَهَذَا غَيْرُ مَقْبُولٍ إلَى مَا ذَكَرْته (وَقَوْلُهُ لَا أُكَلِّمُهُ الْيَوْمَ وَلَا غَدًا أَوْ الْيَوْمَ وَغَدًا لَمْ يَحْنَثْ بِاللَّيْلِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْيَمِينِ (إلَّا بِنِيَّتِهِ) فَيَحْنَثُ بِهِ أَيْضًا (أَوْ) قَالَ (لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا وَلَا يَوْمَيْنِ فَالْيَمِينُ عَلَى يَوْمَيْنِ فَقَطْ) فَلَوْ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَمْ يَحْنَثْ (أَوْ) لَا أُكَلِّمُهُ (يَوْمًا وَيَوْمَيْنِ فَثَلَاثَةٌ) أَيْ فَالْيَمِينُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ عَطْفٌ مُبْتَدَأٌ (وَيُشْتَرَطُ فِي) الْبِرِّ فِي الْحَلِفِ عَلَى (هَدْمٍ) أَوْ نَقْضِ هَذِهِ (الدَّارِ كَذَا) هَذَا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَأَكْثَرُ النَّاسِ يَعُدُّونَ ذَلِكَ مَرَقًا) هُوَ الْأَصَحُّ
(٩٨) (فَرْعٌ) لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ ثَرِيدًا لَمْ يَحْنَثْ بِخُبْزٍ غَيْرِ مُثْرَدٍ فِي مَرَقٍ وَفِي الْحَاوِي لَوْ حَلَفَ لَا أَكَلَتْ لَذِيذًا فَأَكَلَ مَا يَسْتَلِذُّ بِهِ هُوَ وَلَا يَسْتَلِذُّهُ غَيْرُهُ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَلَذٍّ بِمَا أَكَلَهُ وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا أَكَلْت مُسْتَلَذًّا حَنِثَ بِمَا يَسْتَلِذُّهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَلَذَّ مِنْ صِفَاتِ الْمَأْكُولِ وَاللَّذِيذُ مِنْ صِفَاتِ الْأَكْلِ وَفِيمَا أَطْلَقَهُ نَظَرٌ وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ يَحْنَثُ بِمَا يُعَدُّ مُسْتَلَذًّا عُرْفًا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَلِذَّهُ هُوَ وَإِلَّا فَقَدْ يَسْتَلِذُّ بَعْضُ الْأَجْلَافِ بِمَا لَا يُسْتَلَذُّ أَصْلًا وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُهُ وَكَذَا الْفَرْقُ لَيْسَ بِالْوَاضِحِ غ (قَوْلُهُ وَالضَّحْوَةُ بَعْدَ زَوَالِ الْكَرَاهَةِ) وَالصَّيْفُ وَالشِّتَاءُ وَالرَّبِيعُ وَالْخَرِيفُ الْمُدَدُ الْمَعْلُومَةُ
(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا تَنَبَّهَ النَّائِمُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الْجِلْدُ الَّذِي عَلَيْهِ الصُّوفُ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَذَبَحَ شَاةً فِي بَطْنِهَا جَنِينٌ حَنِثَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ إلَخْ.
(خَاتِمَةٌ) وَلَوْ قَالَ لَا أَشْرَبُ الْخَمْرَ فَشَرِبَ النَّبِيذَ قَالَ الْقَاضِي لَا يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ: لَا أَبِيعُ الْعَبْدَ فَبَاعَ بَعْضَهُ أَوْ بَاعَ بَعْضَهُ وَوَهَبَ بَعْضَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي لَهَا ثَوْبًا فَاشْتَرَى ثَوْبًا بِنِيَّتِهَا لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَمْ يَقَعْ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ لَهُ لَا لَهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ بِوَكَالَتِهَا وَلَوْ قَالَتْ لَا أَلْبَسُ ثَوْبَهُ فَاشْتَرَى ثَوْبًا بِنِيَّتِهَا فَلَبِسَتْهُ حَنِثَتْ، وَإِنْ مَلَكَهَا فَلَبِسَتْهُ لَمْ تَحْنَثْ وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ مَا فَعَلْت كَذَا وَعِنْدَهُ أَنَّهُ فَعَلَهُ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْأَمْرَ بِخِلَافِهِ فَلَا كَفَّارَةَ وَلَوْ حَلَفَ لَا لَبِسْت ثَوْبًا فَوَهَبَهُ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ لَمْ يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ لَا أَخَذْت لَهُ دِرْهَمًا فَوَهَبَهُ دِرْهَمًا فَقَبَضَهُ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ لَهُ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا مَلَكَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ فَحَالَةُ الْقَبْضِ هُوَ قَابِضٌ دِرْهَمًا لِغَيْرِهِ، وَأَمَّا الثَّوْبُ فَإِنَّمَا لَبِسَهُ بَعْدَ أَنْ صَارَ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute