للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ نَائِبُهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يُعْطِيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَالٌ وَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ التَّاجُ السُّبْكِيّ خِلَافُهُ إنْ كَانَ الْمَالُ فِي مَحَلِّ عَمَلِهِ وَقَدْ يُحْمَلُ قَوْلُهُ هُنَاكَ عَلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَيَزُولُ الْإِشْكَالُ (أَوْ عَلَى حَاضِرٍ فَقَالَ) لَهُ (أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك) الْغَائِبُ عَمَّا ادَّعَيْته عَلَيَّ (لَمْ يُؤَخَّرْ الْحُكْمُ لِيَمِينِهِ) عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ بَعْدَ حُضُورِهِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ بِالْوُكَلَاءِ (بَلْ) يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ ثُمَّ (يُثْبِتُ) هُوَ (الْإِبْرَاءَ أَوْ يُسَلِّمُ) الْحَقَّ عِبَارَةُ الْأَصْلِ بَلْ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْحَقِّ ثُمَّ يُثْبِتُ الْإِبْرَاءَ (وَكَذَا إنْ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى أَحَدِ (صَبِيٍّ مَالًا) وَادَّعَاهُ وَلِيُّهُ عَلَيْهِ (فَادَّعَى أَنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيْهِ عَيْنًا) بَدَلَهَا مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ وَقَدْرِهِ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ وَيُسَلِّمُ الْحَقَّ (وَيَحْلِفُ) لَهُ (الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ) عَاقِلًا.

(وَلَوْ سَأَلَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (تَحْلِيفَ الْوَكِيلِ) الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ (أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ) أَنَّ مُوَكِّلَهُ أَبْرَأَهُ مِنْ الْحَقِّ (أُجِيبَ) إلَيْهِ (وَقَالَ) صَوَابُهُ قَالَهُ (الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا سَبَقَ) مِنْ أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَحْلِفُ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ هُوَ مَا أَوْرَدَهُ الْعِرَاقِيُّونَ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحِ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ مِنْ أَنَّ الْوَكِيلَ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فِيمَا لَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَرَضِيَ بِهِ وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ نَحْوَهُ وَقَالَ فَفِي الْبَحْرِ: أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ خَرَجَ مِنْ الْوَكَالَةِ وَالْخُصُومَةِ وَلَا يُشْكِلُ بِمَا سَبَقَ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَحْلِيفِهِ هُنَا تَحْلِيفُهُ ثَمَّ؛ لِأَنَّ تَحْلِيفَهُ هُنَا إنَّمَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ دَعْوَى صَحِيحَةٍ يَقْتَضِي اعْتِرَافُهُ بِهَا سُقُوطَ مُطَالَبَتِهِ بِخِلَافِ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ فَإِنَّ حَاصِلَهَا أَنَّ الْمَالَ ثَابِتٌ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ أَوْ الْمَيِّتِ وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى مِنْ الْوَكِيلِ (وَلَوْ قَالَ) شَخْصٌ لِآخَرَ (أَنْتَ وَكِيلُهُ) أَيْ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَلِي عَلَيْهِ كَذَا وَادَّعَى عَلَيْك وَأُقِيمُ بِهِ بَيِّنَةً (فَأَنْكَرَ) الْوَكَالَةَ (أَوْ قَالَ لَا أَعْلَمُ) أَنِّي وَكِيلٌ (لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) بِأَنَّهُ وَكِيلُهُ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ حَقٌّ لَهُ فَكَيْفَ تُقَامُ بَيِّنَةٌ بِهَا قَبْلَ دَعْوَاهُ وَقَوْلُهُ فَأَنْكَرَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ وَكِيلٌ وَأَرَادَ أَنْ لَا يُخَاصَمَ فَلْيَعْزِلْ نَفْسَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَا أَعْلَمُ أَنِّي وَكِيلٌ وَلَا يَقُولُ لَسْت بِوَكِيلٍ فَيَكُونُ مُكَذِّبًا لِبَيِّنَةٍ قَدْ تَقُومُ عَلَيْهِ بِالْوَكَالَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ وَيَكْفِي اعْتِرَافُ الْخَصْمِ بِهَا حَتَّى لَوْ صَدَّقَهُ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَبِهِ أَجَابَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْقَاضِي.

وَجَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَسْمَعُ تَخَاصُمَهُمَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ خِلَافًا لِابْنِ سُرَيْجٍ نَقَلَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ ثُمَّ قَالَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ قَصْدُ الْوَكِيلِ إثْبَاتَ الدَّيْنِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ أَوْ تَسْلِيمَ الْمَالِ فَلَا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ ثَبَتَ الْحَقُّ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُهُ إلَّا عَلَى وَجْهٍ يُبْرِئُهُ مِنْهُ انْتَهَى وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ

(الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي كِتَابِ الْقَاضِي) إلَى الْقَاضِي (يَجُوزُ) لِلْقَاضِي (أَنْ يَسْمَعَ الْبَيِّنَةَ) عَلَى الْغَائِبِ (وَيُنْهِي) الْأَمْرَ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ لِيَحْكُمَ وَيَسْتَوْفِيَ (وَأَنْ يَحْكُمَ) عَلَيْهِ بِالْحَقِّ (وَيُنْهِي) الْأَمْرَ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ يُوَفَّى عَنْهُ مِنْهُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

(قَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ التَّاجُ السُّبْكِيّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُحْمَلُ هُنَاكَ عَلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ قَالَ الْغَزِّيِّ وَالْمَالُ الْغَائِبُ الَّذِي فِي وِلَايَةِ الْقَاضِي كَالْحَاضِرِ (تَنْبِيهٌ)

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَطْلَقَ الْقُضَاةُ عَلَى الْمَالِ الْحَاضِرِ وَمَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْمَالِ الْحَاضِرِ حَقٌّ فَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا أَوْ عَبْدًا جَانِيًا وَهُنَاكَ فَضْلٌ فَهَلْ نَقُولُ لِلْقَاضِي بِطَلَبِ صَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يُلْزِمَ الْمُرْتَهِنَ وَالْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ بِأَخْذِ مُسْتَحِقِّهِمَا بِطَرِيقِهِ لِيُوَفِّيَ مَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ لِمُدَّعِي الدَّيْنِ عَلَى الْغَائِبِ أَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ هَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ وَالْأَرْجَحُ إجَابَةُ الْمَدِينِ لِذَلِكَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَالَ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا إذَا لَمْ يَقْتَضِ الْحَالُ إجْبَارَ الْحَاضِرِ عَلَى دَفْعِ مُقَابِلِهِ لِلْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ كَمَا فِي الزَّوْجَةِ تَدَّعِي بِصَدَاقِهَا الْحَالِّ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى الْغَائِبِ وَأَنَّ مَالَهُ حَاضِرٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُوَفِّيهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ يُجْبَرَانِ وَمِثْلُهُ لَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي الْغَائِبِ فَإِنَّ دَعْوَاهُ لَا تُسْمَعُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْغَائِبَ تَسْلِيمُهُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يُجْبَرُ عَلَى التَّسْلِيمِ أَوَّلًا وَحَيْثُ قُلْنَا يُجْبَرَانِ فَالْحُكْمُ كَمَا فِي الزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ فَقَالَ أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك) أَيْ أَوْ اسْتَوْفَاهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ صَبِيٌّ مَالًا إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ انْتِظَارِ بُلُوغِ الصَّبِيِّ فِيمَا مَرَّ وَاضِحٌ فَإِنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ هُنَا أَنَّ وَلِيَّ الصَّبِيِّ ادَّعَى دَيْنًا لَهُ عَلَى حَاضِرٍ رَشِيدٍ فَاعْتَرَفَ بِهِ ثُمَّ ادَّعَى وُجُودَ مُسْقِطٍ مِنْ الصَّبِيِّ، وَهُوَ إتْلَافُهُ فَلَا يُؤَخَّرُ الِاسْتِيفَاءُ لِلْيَمِينِ الْمُتَوَجِّهَةِ عَلَى الصَّبِيِّ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الطِّفْلِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ مِنْ غَائِبٍ وَمَجْنُونٍ لَا يُعْمَلُ بِهَا حَتَّى يَحْلِفَ مُقِيمُهَا عَلَى نَفْيِ الْمُسْقِطَاتِ الَّتِي يُتَصَوَّرُ دَعْوَاهَا مِنْ الْغَائِبِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ فَلَمْ تَتِمَّ الْحُجَّةُ الَّتِي يُعْمَلُ بِهَا فَإِنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِالْبَيِّنَةِ وَحْدَهَا (قَوْلُهُ إنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ مُوَكِّلَهُ أَبْرَأهُ) أَوْ أَنَّهُ اسْتَوْفَاهُ أَوْ أَنَّهُ عَزَلَهُ عَنْ الْوَكَالَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَوْ اعْتَرَفَ بِهِ الْوَكِيلُ لَسَقَطَتْ مُطَالَبَتُهُ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ قَصْدُ الْوَكِيلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ وَأَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ وَيُنْهِي) لِمَا رَوَى الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ «وَلَّانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بَعْضِ الْأَعْرَابِ ثُمَّ كَتَبَ إلَيْهِ أَنْ وَرِّثْ امْرَأَةَ أَشْيَمَ بِسُكُونِ الشِّينِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ الضَّبَابِيِّ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا فَوَرِثَهَا» رَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَاحْتَجَّ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ بِالْإِجْمَاعِ فِيهِ وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو لِذَلِكَ فَإِنَّ مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فِي بَلَدٍ وَخَصْمٌ فِي بَلَدٍ آخَرَ لَا يُمْكِنُهُ حَمْلُهَا إلَى بَلَدِ الْخَصْمِ وَلَا حَمْلُ الْخَصْمِ إلَى بَلَدِ الْبَيِّنَةِ فَيَضِيعُ الْحَقُّ

(تَنْبِيهٌ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي عَمَلِ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ بِكِتَابِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي عَالِمًا بِصِحَّةِ وِلَايَةِ الْأَوَّلِ وَبِصِحَّةِ أَحْكَامِهِ وَكَمَالِ عَدَالَتِهِ وَإِنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنَّ الْجُمْهُورَ جَوَّزُوا الْكِتَابَ الْمُطْلَقَ وَالْكِتَابَ إلَى مُعَيَّنٍ وَإِلَى كُلِّ مَنْ يَبْلُغُهُ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ غَالِبَ قُضَاةِ الْبِلَادِ الْمُتَبَاعِدَةِ وَالْأَقْطَارِ الْمُتَنَائِيَةِ لَا يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ مِنْ حَالِ بَعْضٍ شَيْئًا فَيَتَعَذَّرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>