(وَالْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ حَلَفَ عَلَى مَالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ» (وَقَطْعَ الرَّحِمِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ» قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي رِوَايَةٍ يَعْنِي قَاطِعَ رَحِمٍ (وَالْخِيَانَةَ فِي كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ) لِغَيْرِ الشَّيْءِ التَّافِهِ قَالَ تَعَالَى {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: ١] الْآيَةَ وَالْكَيْلُ يَشْمَلُ الذَّرْعَ عُرْفًا أَمَّا لِلتَّافِهِ فَصَغِيرَةٌ (وَتَقْدِيمَ الصَّلَاةِ أَوْ تَأْخِيرَهَا عَنْ وَقْتِهَا بِلَا عُذْرٍ) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ «مَنْ جَمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ أَتَى بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْكَبَائِرِ» وَأَوْلَى بِذَلِكَ تَرْكُهَا بِخِلَافِ ذَلِكَ بِعُذْرٍ كَسَفَرٍ (وَضَرْبَ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَّاتٌ» إلَى آخِرِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي التَّقْيِيدِ بِالْمُسْلِمِ نَظَرٌ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ لِلْمَضْرُوبِ رَحِمٌ وَقَرَابَةٌ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ لَهُ ذِمَّةٌ أَوْ عَهْدٌ مُعْتَبَرٌ قَالَ وَأَطْلَقَ الْحَلِيمِيُّ أَنَّ الْخَدْشَةَ وَالضَّرْبَةَ وَالضَّرْبَتَيْنِ مِنْ الصَّغَائِرِ وَقَدْ يُفْصَلُ بَيْنَ مَضْرُوبٍ وَمَضْرُوبٍ مِنْ حَيْثُ الْقُوَّةِ وَضِدِّهَا وَالشَّرَفِ وَالدَّنَاءَةِ.
(وَسَبَّ الصَّحَابَةِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ شَيْءٌ فَسَبَّهُ خَالِدٌ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَسُبُّوا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِي فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَوْ أَنْفَقَ» إلَى آخِرِهِ الْخِطَابُ لِلصَّحَابَةِ السَّابِّينَ نَزَّلَهُمْ لِسَبِّهِمْ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِهِمْ مَنْزِلَةَ غَيْرِهِمْ حَيْثُ عَلَّلَ بِمَا ذَكَرَهُ أَمَّا سَبُّ غَيْرِ الصَّحَابَةِ فَصَغِيرَةٌ وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ» مَعْنَاهُ تَكْرَارُ السَّبِّ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى طَاعَاتِهِ (وَأَخْذَ الرِّشْوَةِ) لِمَا مَرَّ فِي بَابِ آدَابِ الْقَضَاءِ (وَالدِّيَاثَةَ) بِالْمُثَلَّثَةِ لِخَبَرِ «ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ الْعَاقُّ وَالِدَيْهِ وَالدَّيُّوثُ وَرَجْلَةُ النِّسَاءِ» رَوَاهُ الذَّهَبِيُّ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ (وَالْقِيَادَةَ) قِيَاسٌ عَلَى الدِّيَاثَةِ وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُمَا فِي الطَّلَاقِ (وَالسِّعَايَةَ عِنْدَ السُّلْطَانِ) وَهِيَ أَنْ يَذْهَبَ إلَيْهِ لِيَتَكَلَّمَ عِنْدَهُ فِي غَيْرِهِ بِمَا يُؤْذِيهِ بِهِ وَفِي نِهَايَةِ ابْنِ الْأَثِيرِ خَبَرُ السَّاعِي مُثَلِّثٌ أَيْ مُهْلِكٌ بِسِعَايَتِهِ نَفْسَهُ وَالْمَسْعَى بِهِ وَإِلَيْهِ.
(وَمَنْعَ الزَّكَاةِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إلَّا إذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صُفِحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ» إلَى آخِرِهِ (وَتَرْكَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ مَعَ الْقُدْرَةِ) عَلَيْهِمَا لِآيَةِ {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ} [المائدة: ٧٨] وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْمُنْكَرِ بِالْكَبِيرَةِ (وَالسِّحْرَ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَدَّهُ مِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ (وَنِسْيَانَ الْقُرْآنِ) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ «عُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ أَوْ آيَةٍ أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا» قَالَ فِي الرَّوْضَةِ لَكِنْ فِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ وَتَكَلَّمَ فِيهِ التِّرْمِذِيُّ (وَإِحْرَاقَ حَيَوَانٍ) إذْ لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إلَّا خَالِقُهَا (وَامْتِنَاعَهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (مِنْ زَوْجِهَا بِلَا سَبَبٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ» (وَالْيَأْسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: ٨٧] (وَأَمْنُ مَكْرِهِ) تَعَالَى بِالِاسْتِرْسَالِ فِي الْمَعَاصِي وَالِاتِّكَالِ عَلَى الْعَفْوِ قَالَ تَعَالَى {فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: ٩٩] (وَالظِّهَارَ) قَالَ تَعَالَى فِيهِ {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} [المجادلة: ٢] أَيْ حَيْثُ شَبَّهُوا الزَّوْجَةَ بِالْأُمِّ فِي التَّحْرِيمِ (وَأَكْلَ لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَمَيْتَةٍ بِلَا عُذْرٍ) قَالَ تَعَالَى {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: ١٤٥] الْآيَةَ.
(وَنَمِيمَةً) وَهِيَ نَقْلُ بَعْضِ كَلَامِ النَّاسِ إلَى بَعْضٍ عَلَى وَجْهِ الْإِفْسَادِ بَيْنَهُمْ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ» أَمَّا نَقْلُ الْكَلَامِ نَصِيحَةً لِلْمَنْقُولِ إلَيْهِ فَوَاجِبٌ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَةِ {يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ} [القصص: ٢٠] (وَالْوَقْعَ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ وَحَمَلَةِ الْقُرْآنِ) لِشِدَّةِ احْتِرَامِهِمْ وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ الْغَيْبَةُ صَغِيرَةٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلِلتَّوَقُّفِ مَجَالٌ فِي بَعْضِ الْمَذْكُورَاتِ كَقَطْعِ الرَّحِمِ وَتَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى إطْلَاقِهِمْ وَنِسْيَانِ الْقُرْآنِ وَإِحْرَاقِ الْحَيَوَانِ وَقَدْ أَشَارَ الْغَزَالِيُّ فِي
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
الْحَاكِمُ «الرِّبَا سَبْعُونَ بَابًا أَيْسَرُهَا مِثْلُ أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ» (قَوْلُهُ وَقَطْعَ الرَّحِمِ) الرَّحِمُ كُلُّ قَرَابَةٍ يَحْرُمُ نِكَاحُهَا وَقِيلَ كُلُّ قَرَابَةٍ إلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ جِدًّا وَقِيلَ كُلُّ قَرَابَةٍ تَجِبُ نَفَقَتُهَا وَهَلْ تَخْتَصُّ الْقَطِيعَةُ بِالْإِسَاءَةِ أَوْ تَتَعَدَّى إلَى تَرْكِ الْإِحْسَانِ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ وَسَبَّ الصَّحَابَةِ) كَانَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ صَحَابِيٍّ عِنْدَ وَفَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي» إلَخْ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْيَأْسُ مِنْ بُلُوغِ مَنْ بَعْدَهُمْ مَرْتَبَةَ أَحَدِهِمْ فِي الْفَضْلِ فَإِنَّ هَذَا الْمَفْرُوضَ مِنْ مِلْكِ الْإِنْسَانِ ذَهَبًا بِقَدْرِ أُحُدٍ مُحَالٌ فِي الْعَادَةِ لَمْ يَتَّفِقْ لِأَحَدٍ مِنْ الْخَلْقِ وَبِتَقْدِيرِ وُقُوعِهِ وَإِنْفَاقِهِ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ لَا يَبْلُغُ الثَّوَابُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى ذَلِكَ ثَوَابَ الْوَاحِدِ مِنْ الصَّحَابَةِ إذَا تَصَدَّقَ بِنِصْفِ مُدٍّ وَلَوْ مِنْ شَعِيرٍ وَذَلِكَ بِالتَّقْرِيبِ رُبْعُ قَدَحٍ مِصْرِيٍّ وَذَلِكَ إذَا طُحِنَ وَعُجِنَ لَا يَبْلُغُ رَغِيفًا عَلَى الْمُعْتَادِ وَمَنْ تَدَبَّرَ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَجِدْ فِي مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ أَبْلَغَ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْمُنْكَرِ بِالْكَبِيرَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ فِي النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ فَيُقَالُ إنْ كَانَ كَبِيرَةً فَالسُّكُوتُ عَلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى دَفْعِهِ كَبِيرَةٌ وَإِنْ كَانَ صَغِيرَةً فَالسُّكُوتُ صَغِيرَةٌ وَكَذَلِكَ تَرْكُ الْمَأْمُورِ بِهِ يُقَاسُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ إذَا قُلْنَا إنَّ الْوَاجِبَاتِ تَتَفَاوَتُ وَالظَّاهِرُ تَفَاوُتُهَا وَقَوْلُهُ فَيُقَالُ إنْ كَانَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَنِسْيَانَ الْقُرْآنِ) مَحِلُّهُ إذَا كَانَ نِسْيَانُهُ تَهَاوُنًا وَتَكَاسُلًا ع (قَوْلُهُ وَإِحْرَاقَ حَيَوَانٍ) وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُسْتَحَبُّ قَتْلُهُ كَالْبَقِّ وَالْبُرْغُوثِ
(فَرْعٌ) يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَتْلُ الْهَوَامِّ الَّذِي لَيْسَ بِمُؤْذٍ مِنْ الْكَبَائِرِ لِأَنَّ «امْرَأَةً دَخَلَتْ النَّارَ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا» وَيَلْحَقُ بِهَا مَا فِي مَعْنَاهَا وَكَذَلِكَ التَّصْوِيرُ وَغَيْرُهُ مِمَّا ثَبَتَ لَعْنُ فَاعِلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute