للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَأَنَّهُ تَقْبِيلُ اسْتِحْسَانٍ لَا تَمْنَعُ أَوْ فَعَلَهُ بَيَانًا لِلْجَوَازِ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ مَنْ يَنْظُرُهُ أَوْ لِأَنَّ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ لَا تَضُرُّ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ (أَوْ حِكَايَةِ مَا يَفْعَلُهُ مَعَهَا فِي الْخَلْوَةِ) تَقَدَّمَ كَرَاهَةُ هَذَا مَعَ زِيَادَةٍ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ مِنْ أَبْوَابِ النِّكَاحِ (وَالْإِكْثَارِ مِنْ الْحِكَايَاتِ الْمُضْحِكَةِ وَ) مِنْ (سُوءِ الْعِشْرَةِ مَعَ الْمُعَامِلِينَ) وَالْأَهْلِ وَالْجِيرَانِ (وَ) مِنْ (الْمُضَايَقَةِ فِي الْيَسِيرِ) الَّذِي لَا يُسْتَقْصَى فِيهِ (وَالْإِكْبَابِ عَلَى لَعِبِ الشِّطْرَنْجِ وَالْحَمَامِ وَالْغِنَاءِ وَسَمَاعِهِ) أَيْ اسْتِمَاعِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهَا مَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ (وَكَذَا) الْإِكْبَابُ عَلَى (إنْشَادِ الشِّعْرِ وَاسْتِنْشَادِهِ حَتَّى يَتْرُكَ بِهِ مُهِمَّاتِهِ وَ) مِثْلَ (اتِّخَاذِ جَارِيَةٍ وَغُلَامٍ لِيُغَنِّيَا لِلنَّاسِ) وَالْمُرَادُ جِنْسُهُمْ (وَ) مِثْلُ الْإِكْبَابِ عَلَى (الرَّقْصِ وَ) عَلَى (الضَّرْبِ بِالدُّفِّ وَيَرْجِعُ فِي الْإِكْثَارِ) مِمَّا ذُكِرَ (إلَى الْعَادَةِ وَالشُّخُوصِ) إذْ يُسْتَقْبَحُ مِنْ شَخْصٍ قَدْرٌ لَا يُسْتَقْبَحُ مِنْ غَيْرِهِ (وَلِلْأَمْكِنَةِ) وَالْأَزْمِنَةِ فِيهِ (تَأْثِيرٌ فَلَيْسَ اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ) مَثَلًا (فِي الْخَلْوَةِ مِرَارًا كَالسُّوقِ وَالطُّرُقِ) أَيْ كَاللَّعِبِ فِيهِمَا (مَرَّةً) فِي مَلَأٍ مِنْ النَّاسِ وَظَاهِرُ تَقْيِيدِهِمْ مَا ذُكِرَ بِالْكَثْرَةِ أَنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ فِيمَا عَدَاهُ لَكِنْ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ التَّقْيِيدَ فِي الْكُلِّ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ.

ثُمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا يُعَدُّ خَارِمًا لَهَا بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ وَغَيْرِهِ فَالْأَكْلُ مِنْ غَيْرِ السُّوقِيِّ مَرَّةً فِي السُّوقِ لَيْسَ كَالْمَشْيِ فِيهِ مَكْشُوفًا (وَالتَّكَسُّبُ بِالشِّعْرِ وَالْغِنَاءِ قَدْ لَا يَزْرِي بِمَنْ يَلِيقُ بِهِ) فَلَا يَكُونُ تَرْكًا لِلْمُرُوءَةِ هَذَا فِي الشِّعْرِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ الْقَاصِّ وَفِي الْغِنَاءِ بَحَثَهُ وَقَالَ إنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ وَقَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ بِمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ مِنْ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا كَانَ لَا يُتَقَصَّى إذَا مُدِحَ وَلَا يُذَمُّ إذَا مَنَعَ بَلْ يَقْبَلُ مَا وَصَلَ إلَيْهِ وَرُدَّ الثَّانِي بِأَنَّ الْوَجْهَ إبْقَاءُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَلَى إطْلَاقِهِ فَإِنْ ذَلِكَ وَضِيعٌ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّهُ تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْأَصْلَ مُسَلِّمٌ أَنَّ الْأَصْحَابَ أَطْلَقُوا ذَلِكَ فَلَا يُنَاسِبُهُ الرَّدُّ عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ (وَحَمْلُ الْمَاءِ وَالْأَطْعِمَةِ إلَى الْبَيْتِ شُحًّا لَا اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ) التَّارِكِينَ لِلتَّكَلُّفِ (قِلُّ) بِمَعْنَى قِلَّةٍ أَيْ خَرْمُ (مُرُوءَةٍ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ) بِخِلَافِ مَنْ يَلِيقُ بِهِ وَمَنْ يَفْعَلُهُ اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ (وَالتَّقَشُّفُ فِي الْأَكْلِ) وَاللِّبْسِ (كَذَلِكَ) فَيُخِلُّ بِمُرُوءَةِ مَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ إنْ فَعَلَهُ شُحًّا لَا اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْحِرَفِ) الْمُبَاحَةِ (الدَّنِيئَةِ) بِالْهَمْزِ (إنْ لَاقَتْ بِهِمْ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حِرْفَةَ آبَائِهِمْ (كَحَجَّامٍ وَكَنَّاسٍ وَدَبَّاغٍ وَكَذَا مَنْ يُبَاشِرُ النَّجَاسَةَ إنْ حَافَظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا فِي ثِيَابٍ طَاهِرَةٍ وَحَارِسٍ وَحَمَّامِيٍّ وَإِسْكَافٍ وَقَصَّابٍ وَحَائِكٍ) وَذَلِكَ لِأَنَّهَا حِرَفٌ مُبَاحَةٌ وَالنَّاسُ مُحْتَاجُونَ إلَيْهَا وَلَوْ رَدَدْنَا شَهَادَةَ أَرْبَابِهَا لَمْ نَأْمَنْ أَنْ يَتْرُكُوهَا فَيَعُمُّ الضَّرَرُ بِخِلَافِ مَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ (وَلَيْسَ الصَّبَّاغُ وَالصَّائِغُ مِنْهُمْ) قَضِيَّتُهُ قَبُولُ شَهَادَتِهِمَا وَإِنْ لَمْ تَلِقْ بِهِمَا حِرْفَتُهَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهُمَا كَالْمَذْكُورِينَ لَكِنَّهُمَا أَوْلَى بِالْقَبُولِ (وَمَنْ أَكْثَرَ مِنْ أَهْلِ الصَّنَائِعِ) الْمَذْكُورَةِ وَغَيْرِهَا (الْكَذِبَ وَخُلْفَ الْوَعْدِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ)

(تَنْبِيهٌ) التَّوْبَةُ مِمَّا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ سُنَّةٌ كَمَا فِي الْمَعَاصِي ذَكَرَهُ فِي التَّنْبِيهِ (فَرْعٌ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى تَرْكِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ وَتَسْبِيحَاتِ الصَّلَاةِ تَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ) لِتَهَاوُنِ مُرْتَكِبِهَا بِالدِّينِ وَإِشْعَارِهِ بِقِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِالْمُهِمَّاتِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُ فِي الْحَاضِرِ أَمَّا مَنْ يُدِيمُ السَّفَرَ كَالْمَلَّاحِ وَالْمُكَارَى وَبَعْضِ التُّجَّارِ فَلَا (وَكَذَا) يَقْدَحُ فِيهَا مُدَاوَمَةُ (مُنَادَمَةِ مُسْتَحِلِّ النَّبِيذِ مَعَ السُّفَهَاءِ وَ) كَذَا (كَثْرَةُ شُرْبِهِ) إيَّاهُ (مَعَهُمْ) لِإِخْلَالِ ذَلِكَ بِالْمُرُوءَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا) كَثْرَةُ (السُّؤَالِ لِلْحَاجَةِ وَإِنْ طَافَ) مُكْثِرُهُ (بِالْأَبْوَابِ) فَلَا يَقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى كَسْبٍ مُبَاحٍ يَكْفِيهِ لِحِلِّ الْمَسْأَلَةِ لَهُ حِينَئِذٍ (إلَّا إنْ أَكْثَرَ الْكَذِبَ فِي دَعْوَى الْحَاجَةِ أَوْ أَخْذِ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ) أَخْذُهُ فَيَقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ فِي الثَّانِيَةِ قَلِيلًا اُعْتُبِرَ التَّكَرُّرُ كَمَا مَرَّ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

وَفِي مَعْنَى الْقُبْلَةِ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى مَوْضِعِ الِاسْتِمْتَاعِ كَالصَّدْرِ وَنَحْوِهِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمُرَادُ النَّاسُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْإِكْثَارِ مِنْ الْحِكَايَاتِ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ مَا عَدَاهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْإِكْثَارِ وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ (فَرْعٌ) خِضَابُ اللِّحْيَةِ بِالسَّوَادِ سَفَهٌ تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ وَكَذَا نَتْفُهَا إبْقَاءً لِلْمُرُوءَةِ أَوْ عَيْنًا بَعْدَ تَكَامُلِهَا أَوْ تَدَيُّنًا كَالْقَلَنْدَرِيَّ وَنَتْفُ إبِطِهِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَالتَّكَسُّبُ بِالشِّعْرِ) مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى التَّكَسُّبُ بِالشَّهَادَةِ وَذَلِكَ قَادِحٌ فِي الْعَدَالَةِ لَا سِيَّمَا إذَا مَنَعْنَا أَخْذَ الْأُجْرَةِ عَلَى التَّحَمُّلِ أَوْ كَأَنْ يَأْخُذ وَلَا يَكْتُبَ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلُ بِمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قُلُّ مُرُوءَةٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِهَا.

(قَوْلُهُ إنْ لَاقَتْ بِهِمْ) أَوْ أَجْبَرَهُمْ الْإِمَامُ عَلَيْهَا وَخَرَجَ بِالْمُبَاحَةِ غَيْرُهَا كَحِرْفَةٍ الْمُنَجِّمِ وَالْعَرَّافِ وَالْكُهَّانِ وَالْمُصَوِّرِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ لِأَنَّ شِعَارَهُمْ التَّلْبِيسُ عَلَى الْعَامَّةِ وَمِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى التَّكَسُّبُ بِالشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّ شَرِكَةَ الْأَبْدَانِ بَاطِلَةٌ وَذَلِكَ قَادِحٌ فِي الْعَدَالَةِ لَا سِيَّمَا إذَا مَنَعْنَا أَخْذَ الْأُجْرَةِ عَلَى التَّحَمُّلِ أَوْ كَانَ يَأْخُذُ وَلَا يَكْتُبُ فَإِنَّ نُفُوسَ شُرَكَائِهِ لَا تَطِيبُ بِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَسْلَمُ طَرِيقٍ فِيهِ أَنْ يَشْتَرِيَ وَرَقُ مُشْتَرَكٍ وَيَكْتُبُ وَيُقَسَّمُ عَلَى قَدْرِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ثَمَنِ الْوَرَقِ فَإِنَّ الشَّرِكَةَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّسَاوِي فِي الْعَمَلِ وَكَانَ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ الْكِنَانِيُّ يَسْتَشْكِلُ جَعْلَهُمْ الْحِرَفَ الدَّنِيَّةَ مِنْ خَوَارِمِ الْمُرُوءَةِ مَعَ جَعْلِهِمْ الْحِرَفَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ كَلَامَهُمْ يَنْزِلُ عَلَى مَنْ اخْتَارَهَا لِنَفْسِهِ مَعَ حُصُولِ الْكِفَايَةِ بِغَيْرِهِ ر (قَوْلُهُ وَخُلْفُ الْوَعْدِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ فِي التَّنْبِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَذَكَرَ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّ الْأَصْحَابَ أَلْحَقُوا ذَلِكَ بِالْفِسْقِ (قَوْلُهُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى تَرْكِ الْفِسْقِ إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي وَلَوْ تَرَكَ السُّنَنَ وَاشْتَغَلَ بِقَضَاءِ الْفَرَائِضِ فَإِنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ الْوِتْرَ أَوْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ أَوْ غَيْرَهُمَا فَلَا (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>