(وَاسْتِهْلَالِ الْوَلَدِ فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ أَوْ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ مَضَتْ السُّنَّةُ بِأَنَّهُ تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ مِنْ وِلَادَةِ النِّسَاءِ وَعُيُوبِهِنَّ وَقِيسَ بِذَلِكَ غَيْرُهُ مِمَّا شَارَكَهُ فِي الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ وَإِذَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُنَّ فِي ذَلِكَ مُنْفَرِدَاتٍ فَقَبُولُ الرَّجُلَيْنِ وَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ أَوْلَى.
وَمَا تَقَرَّرَ فِي مَسْأَلَةِ الرَّضَاعِ قَيَّدَهُ الْقَفَّالُ وَالْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي بِمَا إذَا كَانَ الرَّضَاعُ مِنْ الثَّدْيِ فَإِنْ كَانَ مِنْ إنَاءٍ حُلِبَ فِيهِ اللَّبَنُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ النِّسَاءِ بِهِ لَكِنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ بِأَنَّ هَذَا اللَّبَنَ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الرِّجَالَ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَيْهِ غَالِبًا وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ يُقْبَلْنَ فِيهِ مُنْفَرِدَاتٍ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ إلَّا أَرْبَعٌ إلَى آخِرِهِ (وَلَا يَثْبُتُ عَيْبٌ بِوَجْهِ الْحُرَّةِ وَكَفَّيْهَا إلَّا بِرَجُلَيْنِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى ذَلِكَ (وَيَثْبُتُ) الْعَيْبُ (فِي الْأَمَةِ فِيمَا يَبْدُو حَالَ الْمِهْنَةِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ) مِنْهُ (الْمَالُ) لَكِنْ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ إنَّمَا بِإِتْيَانٍ عَلَى الْقَوْلِ بِحِلِّ النَّظَرِ إلَى ذَلِكَ أَمَّا عَلَى مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْأُولَى وَالنَّوَوِيُّ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ تَحْرِيمِ ذَلِكَ فَالْأَوْجَهُ قَبُولُ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ إثْبَاتُ الْعَيْبِ لِفَسْخِ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ لِفَسْخِ النِّكَاحِ لَمْ يُقْبَلْ
(الضَّرْبُ الثَّالِثُ الْمَالُ وَمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْمَالُ كَالْأَعْيَانِ وَالدُّيُونِ) فِي الْأَوَّلِ (وَالْعُقُودِ الْمَالِيَّةِ) وَنَحْوِهَا (وَكَذَا الْإِقْرَارُ بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ فِي الثَّانِي (يَثْبُتُ) كُلٌّ مِنْهُمَا (بِرَجُلَيْنِ وَرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: ٢٨٢] وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَثْبُتُ أَيْضًا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ (وَلَا يَثْبُتُ نِسْوَةٌ مُنْفَرِدَاتٌ) لِعَدَمِ اخْتِصَاصِهِنَّ بِمَعْرِفَتِهِ وَمَثَّلَ لِلْأَمْثِلَةِ السَّابِقَةِ لِكَوْنِهَا مُجْمَلَةً بِقَوْلِهِ (كَالْبُيُوعَاتِ وَالْإِقَالَةِ وَالضَّمَانِ) وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْحَوَالَةِ وَالصُّلْحِ (وَالْإِبْرَاءِ وَالْقَرْضِ وَالشُّفْعَةِ وَالْمُسَابَقَةِ وَالْغَصْبِ وَالْوَصِيَّةِ بِمَالٍ وَالْمَهْرِ فِي النِّكَاحِ وَوَطْءِ الشُّبْهَةِ وَالْجِنَايَةِ فِي الْمَالِ وَقَتْلِ الْخَطَأِ وَقَتْلِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَ) قَتْلِ (حُرٍّ عَبْدًا وَمُسْلِمٍ ذِمِّيًّا وَوَالِدٍ وَلَدًا) وَالسَّرِقَةِ الَّتِي لَا قَطْعَ فِيهَا (وَكَذَا) يَثْبُتُ بِذَلِكَ (حُقُوقُ الْأَمْوَالِ) وَالْعُقُودِ (كَشَرْطِ الرَّهْنِ وَالْخِيَارِ وَالْأَجَلِ وَقَبْضِ الْمَالِ وَلَوْ أُخِّرَ نَجْمٌ فِي الْكِتَابَةِ) وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمَالُ وَالْعِتْقُ يَحْصُلُ بِالْكِتَابَةِ (وَطَاعَةِ الزَّوْجَةِ لِتَسْتَحِقَّ النَّفَقَةِ وَقَتْلِ كَافِرٍ لِسَلْبِهِ وَإِنْ مَاتَ صَيْدٌ لِتَمَلُّكِهِ وَعَجْزِ مُكَاتَبٍ) عَنْ النُّجُومِ.
(وَرُجُوعِ الْمَيِّتِ عَنْ التَّدْبِيرِ) بِدَعْوَى وَارِثِهِ (وَإِثْبَاتِ السَّيِّدِ) أَيْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ (بِأُمِّ الْوَلَدِ) الَّتِي ادَّعَاهَا عَلَى غَيْرِهِ فَيَثْبُتُ مِلْكُهَا لَهُ وَإِيلَادُهَا لَكِنْ فِي صُورَةِ شَهَادَةٍ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ يَثْبُتُ عِتْقُهَا بِمَوْتِهِ بِإِقْرَارِهِ (وَالْعِوَضِ) أَصْلًا أَوْ قَدْرًا (فِي الطَّلَاقِ وَ) فِي (الْعِتْقِ وَ) فِي (النِّكَاحِ وَ) كَذَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ (فَسْخُ الْعُقُودِ الْمَالِيَّةِ) بِخِلَافِ فَسْخِ النِّكَاحِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ (وَشَهَادَةُ الْخُنْثَى كَالْأُنْثَى) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ أُنْثَى (فَرْعٌ إذَا شَهِدَ بِالسَّرِقَةِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ثَبَتَ الْمَالُ لَا الْقَطْعُ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا (وَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقًا أَوْ عِتْقًا بِوِلَادَةٍ فَشَهِدَ بِهَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ) أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ (ثَبَتَتْ دُونَهُمَا) كَمَا يَثْبُتُ صَوْمُ رَمَضَانَ بِوَاحِدٍ وَلَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَلَّقَيْنِ بِاسْتِهْلَالِهِ بِشَهَادَةِ ذَلِكَ الْوَاحِدِ (وَلَوْ ثَبَتَتْ الْوِلَادَةُ بِهِنَّ) أَوْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ (أَوَّلًا ثُمَّ قَالَ إنْ كُنْت وَلَدْت فَأَنْت طَالِقٌ) أَوْ حُرَّةٌ (طَلُقَتْ) وَعَتَقَتْ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا أَنَّ التَّعْلِيقَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَاقِعٌ بَعْدَ ثُبُوتِ الْمُعَلَّقِ بِهِ ظَاهِرًا فَنَزَلَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ مُرَاغَمَةٌ لِحُكْمِ الْقَاضِي وَقَدْحٌ فِيهِ وَالتَّعْلِيقُ قَبْلَهُ يَنْصَرِفُ إلَى نَفْسِ الْمُعَلَّقِ بِهِ فَإِذَا شَهِدُوا بِهِ لَا يَقَعُ الْمُعَلَّقُ وَإِنْ ثَبَتَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ) أَمَّا اعْتِبَارُ الْأَرْبَعِ فَلِأَنَّ مَا لَيْسَ بِمَالٍ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَقَامَ الرَّجُلَ مَقَامَ الْمَرْأَتَيْنِ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «لَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ» فَلَزِمَ اعْتِبَارُ الْأَرْبَعِ (قَوْلُهُ قَيَّدَهُ الْقَفَّالُ وَالْمُتَوَلِّي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ بِأَنَّ هَذَا اللَّبَنَ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ) قَدْ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَثْبُتُ عَيْبٌ بِوَجْهِ الْحُرَّةِ وَكَفَّيْهَا إلَّا بِرَجُلَيْنِ) لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ كَوْنُهُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا قَالَ شَيْخُنَا فَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمَتْنِ وَلَا يُنَافِيهِ كَوْنُ نَظَرَ ذَلِكَ حَرَامًا إذْ لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ) أَطْلَقَ الْمَاوَرْدِيُّ نَقْلَ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ عُيُوبَ النِّسَاءِ فِي الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا الرِّجَالُ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِيهِمَا وَذَكَرَهُ الْجُرْجَانِيُّ فِي الْحُرَّةِ ثُمَّ أَلْحَقَ بِهَا الْأَمَةَ فِيمَا سِوَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ إطْلَاقُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ الْحُسَيْنُ
(الضَّرْبُ الثَّالِثُ الْمَالُ) (قَوْلُهُ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى وَاسْتَشْهِدُوا إلَخْ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي الدُّيُونِ وَقِسْنَا عَلَيْهِ الْبَاقِيَ وَالْمَعْنَى فِي تَسْهِيلِ ذَلِكَ كَثْرَةُ جِهَاتِ الْمُدَايَنَاتِ وَعُمُومُ الْبَلْوَى بِهَا وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ قَبُولُهُمْ مَعَ وُجُودِ الرَّجُلَيْنِ وَظَاهِرُ الْآيَةِ غَيْرُ مُرَادٍ بِالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ وَالْمَهْرِ فِي النِّكَاحِ) أَوْ الْإِرْثِ فِيهِ كَأَنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ نَكَحَهَا وَطَلَّقَهَا وَطَلَبَتْ شَطْرَ الصَّدَاقِ أَوْ أَنَّهَا زَوْجَةُ فُلَانٍ الْمَيِّتِ وَطَلَبَتْ الْإِرْثَ (قَوْلُهُ وَالسَّرِقَةِ الَّتِي لَا قَطْعَ فِيهَا) وَالْمُوضِحَةِ الَّتِي عَجَزَ عَنْ تَعْيِينِهَا أَوْ تَعْيِينِ قَدْرِ مِسَاحَتِهَا (قَوْلُهُ وَالْخِيَارِ) دَخَلَ فِيهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ وَسَبَبِ الْإِفْلَاسِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ فَيَثْبُتُ مِلْكُهَا لَهُ) لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ وَمَنَافِعَهَا مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ فَهِيَ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الثَّابِتَةِ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ فَسْخِ النِّكَاحِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ) وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ وَفَسْخُ الطَّلَاقِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ وَهُوَ سَهْوٌ (قَوْلُهُ ثَبَتَ الْمَالُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بَدَلًا عَنْ الْقَطْعِ بِدَلِيلِ اجْتِمَاعِهِمَا بِخِلَافِ الدِّيَةِ مَعَ الْقَوَدِ وَلِأَنَّ الْمَالَ فِي السَّرِقَةِ أَصْلٌ وَالْقَطْعَ فَرْعٌ فَجَازَ ثُبُوتُ حُكْمِ الْأَصْلِ مَعَ سُقُوطِ حُكْمِ الْفَرْعِ وَالْقِصَاصُ مَعَ الدِّيَةِ بِالْعَكْسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute