لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ مَالِهٍ لِأَنَّ الْخِيَارَ فِي تَعْيِينِ الْمَالِ الْمَدْفُوعِ إلَى الْمَدِينِ (فَإِنْ) خَالَفَ وَ (أَخَذَ مِنْ مَالِهِ) شَيْئًا (رَدَّهُ) إلَيْهِ إنْ بَقِيَ (فَإِنْ تَلِفَ) عِنْدَهُ (ضَمِنَهُ فَإِنْ اتَّفَقَا) أَيْ الْحَقَّانِ (جَاءَ التَّقَاصُّ وَإِنْ كَانَ) الدَّيْنُ (عَلَى) مُقِرٍّ (مُمَاطِلٍ) بِهِ (أَوْ مُنْكِرٍ) لَهُ (يَحْتَاجُ) فِي أَخْذِ الْحَقِّ مِنْهُ (إلَى بَيِّنَةٍ أَوْ تَحْلِيفٍ أُخِذَ مِنْ مَالِهِ) اسْتِقْلَالًا وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ أَوْ يَرْجُو إقْرَارَهُ لَوْ رَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي (جِنْسَ حَقِّهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَغَيْرُهُ بِهِ) وَلَا يَجِبُ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي لِخَبَرِ هِنْدَ «خُذِي مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِيك وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» وَلِأَنَّ فِي الرَّفْعِ إلَيْهِ مَشَقَّةً وَمُؤْنَةً وَتَضْيِيعَ زَمَانٍ وَيَتَعَيَّنُ فِي أَخْذِ غَيْرِ الْجِنْسِ تَقْدِيمُ النَّقْدِ عَلَى غَيْرِهِ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ وَاضِحٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ أَخْذِ غَيْرِ الْأَمَةِ عَلَيْهَا احْتِيَاطًا لِلْإِبْضَاعِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ كَانَ الْمَدِينُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ مَيِّتًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَا يَأْخُذْ إلَّا قَدْرَ حِصَّتِهِ بِالْمُضَارَبَةِ إنْ عَلِمَهَا.
(وَيُنَقِّبُ) جَوَازًا (لَهُ) أَيْ لِأَخْذِهِ (الْحِرْزَ إنْ لَمْ يَصِلْ) إلَيْهِ (إلَّا بِهِ) أَيْ بِالنَّقْبِ الشَّامِلِ لِكَسْرِ الْبَابِ لِأَنَّ مَنْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا اسْتَحَقَّ الْوُصُولَ إلَيْهِ (بِلَا ضَمَانٍ) عَلَيْهِ كَمَا فِي دَفْعِ الصَّائِلِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْحِرْزُ لِلدَّيْنِ وَغَيْرَ مَرْهُونٍ وَأَنْ لَا يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلَسٍ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ وَمِثْلُهُ سَائِرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ كَإِجَارَةٍ وَوَصِيَّةٍ بِمَنْفَعَةٍ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ الْقَاضِي وَلَوْ وَكَّلَ بِذَلِكَ أَجْنَبِيًّا لَمْ يَجُزْ وَلَوْ فَعَلَ ضَمِنَ (ثُمَّ يَتَمَلَّكُ الْجِنْسَ) الْمَأْخُوذَ أَيْ جِنْسَ حَقِّهِ بَدَلًا عَنْهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَوَجْهُهُ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ إنَّمَا يَجُوزُ لِمَنْ يَقْصِدُ أَخْذَ حَقِّهِ بِلَا شَكٍّ؛ وَلِهَذَا قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ لَوْ أَخَذَهُ لِيَكُونَ رَهْنًا بِحَقِّهِ لَمْ يَجُزْ وَإِذَا وُجِدَ الْقَصْدُ مُقَارِنًا لِلْأَخْذِ كَفَى وَلَا حَاجَةَ إلَى اشْتِرَاطِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ -
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
أَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِرْغَابِ بِظَنِّ الذِّهَابِ بَلْ سَبِيلُهُ الطَّلَبُ وَمَنْ لَهُ الْعَيْنُ حَقِيقَةً هُوَ مَالِكُهَا فَيَخْرُجُ مَنْ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهَا كَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ تَصْرِيحًا بَلْ مُقْتَضَى عِبَارَتِهِمْ أَنَّ الِاسْتِقْلَالَ بِالْأَخْذِ لِلْمَالِكِ فَقَطْ وَالظَّاهِرُ الْتِحَاقُ مَنْ ذَكَرْنَاهُ بِالْمَالِكِ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مُؤَبَّدَةً وَقَدْ سَوَّوْا بَيْنَهُمَا فِي التَّقَدُّمِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُسْتَحِقُّ بِمِلْكٍ أَوْ وِلَايَةٍ وَسَيَأْتِي مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ تَجْوِيزِ الْأَخْذِ لِوَلِيِّ الطِّفْلِ وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ ر.
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى مُمَاطِلٍ) مِثْلُهُ الْمُتَوَارِي وَالْمُتَعَزِّزُ وَالْهَارِبُ (قَوْلُهُ أَوْ مُنْكِرٍ لَهُ) أَيْ وَلَوْ فِي الظَّاهِرِ فَقَطْ وَكَتَبَ أَيْضًا بِمَا يَتَحَقَّقُ امْتِنَاعُهُ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ أَحَدُهُمَا بِجُحُودِهِ بَعْدَ رَفْعِهِ إلَى الْحَاكِمِ وَالثَّانِي بِأَنْ يُطَالِبَهُ فَيَأْبَى وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْهُ لِحَاكِمٍ وَأَلْحَقَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمْ بِذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ وَعَجَزَ عَنْ الْأَخْذِ لِقُوَّةِ سُلْطَانِ الْغَرِيمِ قَالَ فِي الْكَافِي وَكَذَا لَوْ كَانَ بَابُ الْحَاكِمِ فَاسِدًا وَكَمَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلِلْمَرْءِ أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ حَقِّهِ وَحَقِّ مَنْ يَلِي أَمَرَهُ مِنْ مَالِ مَنْ جَحَدَهُ إذَا قُدِّرَ عَلَيْهِ مِثْلُ حَقِّهِ أَوْ قِيمَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا عَرَضًا بَاعَهُ وَاسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِهِ مِقْدَارَ حَقِّهِ. اهـ. (تَنْبِيهٌ)
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَفِي مَعْنَى الْمُنْكِرِ غَيْرُ مَقْبُولِ الْإِقْرَارِ كَالسَّفِيهِ وَنَحْوِهِ لَكِنْ فِي الذَّخَائِرِ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ مَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَى صَغِيرٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ إنْ ظَفَرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ وَنَبَّهَ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ الْجَزْمِ بِأَخْذِ الْجِنْسِ مَا إذَا كَانَ مِثْلِيًّا فَإِنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا فَهُوَ كَغَيْرِ الْجِنْسِ حَتَّى يَجِيءَ فِيهِ الْخِلَافُ وَنَصُّ الْمُخْتَصَرِ يَدُلُّ لِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ حَيْثُ وَجَدَهُ بِوَزْنِهِ أَوْ كَيْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ كَانَتْ قِيمَتُهُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ بَاعَ عَرَضَهُ وَاسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِهِ حَقَّهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْحَابَ قَسَّمُوا الْمَالَ الْمُدَّعَى بِهِ إلَى عَيْنٍ وَدَيْنٍ وَبَقِيَ قِسْمٌ ثَالِثٌ وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا تَعَرَّضَ لِذِكْرِهَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا كَالْعَيْنِ إنْ وَرَدَتْ عَلَى الْعَيْنِ فَلَهُ اسْتِيفَاؤُهَا مِنْ تِلْكَ الْعَيْنِ بِيَدِهِ إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً وَكَالدَّيْنِ إنْ وَرَدَتْ عَلَى الذِّمَّةِ فَلَوْ قَدَرَ عَلَى تَحْصِيلِهَا بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِ فَلَهُ ذَلِكَ بِشَرْطِهِ ع وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَشْبَهُ أَنَّ مُسْتَحِقَّ الْمَنْفَعَةِ لَا سِيَّمَا الْمُؤَبَّدَةُ كَالْمَالِكِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَغَيْرُهُ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ قَدَرَ عَلَى الْجِنْسِ عِنْدَ الظَّفْرِ لَمْ يَعْدِلْ إلَى غَيْرِهِ قَطْعًا وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ حِينَئِذٍ أَوْ احْتَاجَ فِي أَخْذِهِ إلَى رُكُوبٍ خَطَرٍ لِشِدَّةِ إحْرَازِهِ أَخَذَ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ فِي الرَّفْعِ إلَيْهِ إلَخْ) وَلِأَنَّ فِيهِ غَرَرَا لِأَنَّ الشُّهُودَ رُبَّمَا جُرِحُوا (قَوْلُهُ وَيَتَعَيَّنُ فِي أَخْذِ غَيْرِ الْجِنْسِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ أَخْذِ غَيْرِ الْأَمَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ كَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ إلَّا بِهِ) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّخَلُّصُ بِالْقَاضِي أَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ كَمَا حَرَّرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ (قَوْلُهُ كَمَا فِي دَفْعِ الصَّائِلِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ صُورَتَهُ مَا إذَا كَانَ الْحَقُّ عَلَى مُنْكِرٍ وَلَا بَيِّنَةَ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَوْجِيهِ جَوَازِ كَسْرِ بَابِ الْغَرِيمِ وَنَقْبِ جِدَارِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ الْمُمْتَنِعِ أَوْ الْمُنْكِرِ مَعَ الْبَيِّنَةِ أَوْ الْغَائِبِ الْمَعْذُورِ أَوْ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ أَوْ غَرِيمِ الْغَرِيمِ وَفِي مَعْنَى الْمَالِ الْمُخْتَصِّ كَمَا تَفَقَّهَهُ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَمَحَلُّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِلْمَدِينِ) أَيْ الْحَاضِرُ أَوْ الْغَائِبُ بِلَا عُذْرٍ أَمَّا الْغَائِبُ الَمَعْذُورِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مِلْكِهِ وَلَا فِي مِلْكِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي وَلَوْ وُكِّلَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْمَقُولُ خِلَافُهُ. اهـ. فَقَوْلُ الشَّيْخَيْنِ لَهُ تَمَلُّكُهُ أَيْ تَمَوُّلُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْأَخْذِ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا أَخَذَهُ لَا بِقَصْدِ الِاسْتِيفَاءِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ تَمْلِيكٍ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِذَا وُجِدَ الْقَصْدُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ يَصِيرُ عَلَى مِلْكِهِ وَعِبَارَةُ تَعْلِيقِ إبْرَاهِيمَ الْمَرُّوذِيِّ فَإِنْ أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ إنْ كَانَ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ بِتِلْكَ الصِّفَةِ كَمَا أَخَذَهُ مِلْكَهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اخْتِيَارِهِ التَّمَلُّكِ. اهـ. بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute