للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرو دَيْنٌ وَلِعَمْرٍو عَلَى بَكْرٍ مِثْلُهُ فَلِزَيْدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ بَكْرٍ مَا لَهُ عَلَى عَمْرٍو.

(وَإِنْ رَدَّ) الْغَرِيمُ (إقْرَارَهُ) أَيْ إقْرَارَ غَرِيمِ الْغَرِيمِ (لَهُ) أَوْ جَحَدَ غَرِيمُ الْغَرِيمِ اسْتِحْقَاقَ رَدِّ الدَّيْنِ عَلَى الْغَرِيمِ وَشَرْطُ ذَلِكَ أَنْ لَا يَظْفَرَ بِمَالِ الْغَرِيمِ وَأَنْ يَكُونَ غَرِيمُ الْغَرِيمِ جَاحِدًا أَوْ مُمْتَنِعًا أَيْضًا وَعَلَى الِامْتِنَاعِ يُحْمَلُ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَتْنِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّرْطِ الْأَخِيرِ وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ يَلْزَمُ الْآخِذَ أَنْ يُعْلِمَ الْغَرِيمَ بِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ حَتَّى إذَا طَالَبَهُ الْغَرِيمُ بَعْدُ كَانَ هُوَ الظَّالِمَ (وَلَهُ اسْتِيفَاءُ دَيْنٍ) لَهُ عَلَى آخَرَ جَاحِدٍ لَهُ (بِشُهُودِ دَيْنٍ آخَرَ) لَهُ عَلَيْهِ (قَدْ قُضِيَ) أَيْ أُدِّيَ وَلَمْ يَعْلَمُوا أَدَاءَهُ (وَلَهُ جَحْدُ مَنْ جَحَدَهُ) أَيْ وَلِأَحَدِ الْغَرِيمَيْنِ إذَا كَانَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ مِثْلُ مَا لَهُ عَلَيْهِ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ جَحَدَ حَقَّ الْآخَرِ إنْ جَحَدَ الْآخَرُ حَقَّهُ لِيَحْصُلَ التَّقَاصُّ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ النَّقْدَيْنِ لِلضَّرُورَةِ فَإِنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دُونَ مَا لِلْآخَرِ عَلَيْهِ جَحَدَ مِنْ حَقِّهِ بِقَدْرِهِ

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي حَدِّ الْمُدَّعِي) وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَهُوَ) أَيْ الْمُدَّعِي (مَنْ يُخَالِفُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ يُوَافِقُهُ) وَلِذَلِكَ جُعِلَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ الْيَمِينِ الَّتِي جُعِلَتْ عَلَى الْمُنْكِرِ لِيَنْجَبِرَ ضَعْفُ جَانِبِ الْمُدَّعِي بِقُوَّةِ حُجَّتِهِ وَضَعْفُ حُجَّةِ الْمُنْكِرِ بِقُوَّةِ جَانِبِهِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تُحْوِجُ إلَى مَعْرِفَةِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيُطَالِبَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِحُجَّتِهِ إذَا تَخَاصَمَا وَقِيلَ الْمُدَّعِي مَنْ لَوْ سَكَتَ خُلِّيَ وَلَمْ يُطَالِبْ بِشَيْءٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ لَا يُخَلَّى وَلَا يَكْفِيهِ السُّكُوتُ فَإِذَا طَالَبَ زَيْدٌ عَمْرًا بِحَقٍّ فَأَنْكَرَ فَزَيْدٌ خَالَفَ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ مِنْ بَرَاءَةِ عَمْرٍو وَلَوْ سَكَتَ تُرِكَ وَعَمْرٌو يُوَافِقُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ وَلَوْ سَكَتَ لَمْ يُتْرَكْ فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَزَيْدٌ مُدَّعٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَلَا يَخْتَلِفُ مُوجِبُهُمَا غَالِبًا وَقَدْ يَخْتَلِفُ كَالْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ قَالَ) الزَّوْجُ وَقَدْ أَسْلَمَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ (قَبْلَ الدُّخُولِ أَسْلَمْنَا مَعًا) فَالنِّكَاحُ بَاقٍ (وَقَالَتْ) بَلْ أَسْلَمْنَا (مُرَتَّبًا) فَالنِّكَاحُ مُرْتَفِعٌ (فَالزَّوْجُ) عَلَى الْأَصَحِّ (مُدَّعٍ) لِأَنَّ وُقُوعَ الْإِسِلَامَيْنِ مَعًا بِخِلَافِ الظَّاهِرِ وَهِيَ مُدَّعًى عَلَيْهَا وَعَلَى الثَّانِي هِيَ مُدَّعِيَةٌ لِأَنَّهَا لَوْ سَكَتَتْ تُرِكَتْ وَهُوَ مُدَعًّى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُتْرَكُ لَوْ سَكَتَ لِزَعْمِهِمَا انْفِسَاخَ النِّكَاحِ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَحْلِفُ الزَّوْجَةُ وَيَرْتَفِعُ النِّكَاحُ وَعَلَى الثَّانِي يَحْلِفُ الزَّوْجُ وَيَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ فَمَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ مِنْ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ ثُمَّ (وَإِنْ قَالَ) لَهَا (أَسْلَمْتِ قَبْلِي فَلَا نِكَاحَ) بَيْنَنَا (وَلَا مَهْرَ) لَك (وَقَالَتْ) بَلْ أَسْلَمْنَا (مَعًا صُدِّقَ) فِي الْفُرْقَةِ بِلَا يَمِينٍ وَفِي الْمَهْرِ (بِيَمِينِهِ) عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ وَصُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهَا

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ مَلَكَهُ إذَا كَانَ عَلَى صِفَةِ حَقِّهِ أَوْ دُونَهَا أَمَّا لَوْ كَانَ فَوْقَ حَقِّهِ فِي النَّوْعِ أَوْ الصِّفَةِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَطْعًا لِأَنَّهُ اسْتِيفَاءٌ قَهْرِيٌّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الْأَجْوَدِ فِيهِ وَالضَّابِطُ فِيمَا يَظْهَرُ إنْ كَانَ مَا يُجْبَرُ الْمَدِينُ عَلَى دَفْعِ مِثْلِهِ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالْأَخْذِ وَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ أَجْوَدَ مِنْ حَقِّهِ نَوْعًا أَوْ صِفَةً فَلَا كَمَا لَوْ كَانَ حَقُّهُ مِنْ نَوْعٍ رَدِيءٍ، وَالْمَأْخُوذُ مِنْ نَوْعٍ جَيِّدٍ أَوْ كَانَ حَقُّهُ مَعِيبًا وَالْمَأْخُوذُ سَلِيمًا وَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ دُونَ حَقِّهِ فِي النَّوْعِ وَالصِّفَةِ بِأَنْ كَانَ بِالْعَكْسِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ إذَا رَضِيَ بِهِ وَسَامَحَ بِالْجَوْدَةِ نَعَمْ لَوْ كَانَ حَقُّهُ وَجَبَ عَنْ سَلَمٍ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَسْتَبْدِلَ عَنْهُ غَيْرَ نَوْعِهِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافُ النَّوْعِ هُنَا كَاخْتِلَافِ الْجِنْسِ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَدَّ الْغَرِيمُ إقْرَارَهُ لَهُ أَوْ جَحَدَ إلَخْ) قَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عِلْمُ الْغَرِيمَيْنِ بِالْأَخْذِ وَتَنْزِيلِ مَالِ الثَّانِي مَنْزِلَةَ مَالِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ ذَلِكَ أَنْ لَا يَظْفَرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْآخِذُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَهُ اسْتِيفَاءُ دَيْنٍ بِشُهُودِ دَيْنٍ آخَرَ قَدْ قُضِيَ) يُظْهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى غَائِبٍ أَوْ مَيِّتٍ أَوْ غَيْرِهِمَا حَيْثُ نُوجِبُ الْيَمِينَ عَلَى عَدَمِ الْمُسْقِطَاتِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ نِيَّةُ الْقَاضِي الْمُسْتَحْلِفِ وَهُوَ إنَّمَا يُحَلِّفُهُ عَلَى مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ فَإِذَا قَصَدَ بِيَمِينِهِ غَيْرَهُ لَمْ يُطَابِقْ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ أَبْرَأَتْ زَوْجَهَا مِنْ صَدَاقِهَا ثُمَّ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْحُكْمِ وَهِيَ ضَامِنَةٌ لَهُ فَهَلْ لَهَا إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى صَدَاقِهَا وَتَحْلِفُ عَلَيْهِ وَتَأْخُذُ الدَّيْنَ وَتَوَفِّيهِ عَنْهُ فَأَجَابَ إنْ كَانَتْ ضَمِنَتْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا أَوْ بِإِذْنِهِ فَطَرِيقُهَا أَنْ تُؤَدِّيَ عَنْهُ الدَّيْنَ أَوَّلًا ثُمَّ تَحْلِفُ عَلَى مِقْدَارِ الدَّيْنِ أَنَّهَا مُسْتَحِقَّةٌ لِهَذَا الْمِقْدَارِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَصِفَهُ بِكَوْنِهِ صَدَاقًا فَإِنَّهَا لَا يَلْزَمُهَا التَّعَرُّضَ لِذَلِكَ وَمَا قَالَهُ مُشْكِلٌ غ

(قَوْلُهُ وَهُوَ مَنْ يُخَالِفُ قَوْلُهُ: الظَّاهِرَ) الظَّاهِرُ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْمَطْلُوبُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ دَلِيلُهُ وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الظَّنُّ الْأَرْجَحُ وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ اسْتِصْحَابُ مَا كَانَ مِنْ وُجُودٍ وَعَدَمٍ وَكُلٌّ مِنْهَا مُتَعَذِّرٌ هُنَا لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ الْأَوَّلُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ مُدَّعِيًا أَبَدًا لِأَنَّ دَلِيلًا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِ هَذَا وَآخَرُ عَلَى بَرَاءَةِ هَذَا وَإِنْ أُرِيدَ الثَّانِي فَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَالْقَرَائِنِ الْوَاقِعَةِ فِي الْحَادِثَةِ فَتَارَةٌ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ الطَّالِبِ وَأُخْرَى صِدْقُ الْمَطْلُوبِ وَإِنْ أُرِيدَ الثَّالِثُ فَلَمْ تُجْعَلْ الْمَرْأَةُ مُدَّعَى عَلَيْهَا إذَا قُلْنَا بِالْأَظْهَرِ وَهِيَ لَا تَسْتَصْحِبُ شَيْئًا بَلْ تَتْرُكُ اسْتِصْحَابَ الْأَصْلِ الَّذِي كَانَ كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ يَلْتَزِمُ الثَّالِثُ وَيُمْنَعُ كَوْنُ الْمَرْأَةِ لَيْسَتْ مُسْتَصْحِبَةً بَلْ تَسْتَصْحِبُ بَقَاءَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْكُفْرِ عِنْدَ إسْلَامِ الْآخَرِ ر وَقَالَ الزَّنْجَانِيُّ نَعْنِي بِهِ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ هَذِهِ الْأُمُورِ الْمُعَيَّنَةِ عَلَى أَنَّا نَقُولُ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الِاسْتِصْحَابَ فَإِنْ قَالَ الْمَرْأَةُ لَا تَسْتَصْحِبُ شَيْئًا قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ بَلْ تَسْتَصْحِبُ بَقَاءَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْكُفْرِ عِنْدَ إسْلَامِ الْآخَرِ أَوْ نَقُولُ نَعْنِي بِهِ مَا يَخْرُجُ عَلَى وَفْقِ الْغَالِبِ الْمُسْتَمِرِّ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّعَاقُبَ كَذَلِكَ لَا التَّسَاوُقَ اهـ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ إلَخْ) شَمِلَ مَا إذَا جَاءَا نَا مَعًا وَمَا إذَا جَاءَتْنَا أَوَّلًا وَعَكْسَهُ (قَوْلُهُ فَالزَّوْجُ عَلَى الْأَصَحِّ مُدَّعٍ) يُمْكِنُ أَنْ يَعْكِسَ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْبِنَاءِ وَيُقَالُ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ لِزَعْمِهَا ارْتِفَاعُ النِّكَاحِ وَالظَّاهِرُ دَوَامُهُ غ (قَوْلُهُ فَمَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ مِنْ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ) لِتَرْجِيحِ جَانِبِهِ بِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ فَهُوَ كَالْأَمِينِ إذَا ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فَمَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ مَبْنِيٌّ عَلَى الرَّاجِحِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُ هُنَا خِلَافَهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّ الْخِلَافِ مَجِيئُهُمَا مُسْلِمَيْنِ فَلَوْ جَاءَتْنَا مُسْلِمَةً ثُمَّ جَاءَ وَادَّعَى إسْلَامَهُمَا مَعًا صُدِّقَتْ قَطْعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>