حُدَّ الْقَاذِفُ.
وَإِنْ (نَكَلَ وَحَلَفَ الْقَاذِفُ سَقَطَ) عَنْهُ (الْحَدُّ وَلَمْ يَثْبُتْ الزِّنَا) عَلَى الْمَقْذُوفِ (بِحَلِفِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِعَدْلَيْنِ فَكَيْفَ يَثْبُتُ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (وَكَذَلِكَ) لَهُ (تَحْلِيفُ وَارِثِ الْمَقْذُوفِ) أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّ مُوَرِّثَهُ زَنَى (إنْ طَالَبَهُ) بِالْحَدِّ كَمَا مَرَّ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ (وَيَثْبُتُ) بِالْيَمِينِ (الْمَرْدُودَةِ) فِي دَعْوَى السَّرِقَةِ (الْمَالُ دُونَ الْقَطْعِ كَمَا فِي السَّرِقَةِ) هَذِهِ الْإِحَالَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْوَجْهُ تَرْكُهَا لِأَنَّ الَّذِي مَرَّ ثَمَّ ثُبُوتُ الْقَطْعِ أَيْضًا وَتَقَدَّمَ بَيَانُ مَا فِيهِ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا هُنَا لِأَنَّ حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَثْبُتُ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (وَإِنْ) أَقَرَّ بِمَا يُوجِبُ حَدًّا وَقُلْنَا لَا يَجِبُ التَّفْصِيلُ فِي الْإِقْرَارِ وَادَّعَى شُبْهَةً كَأَنْ (وَطِئَ أَمَةَ أَبِيهِ وَقَالَ ظَنَنْتُهَا تَحِلُّ) لِي (وَأَمْكَنَ) مَا قَالَهُ (وَحَلَفَ) عَلَيْهِ (فَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ (وَلَمْ يَسْقُطْ الْمَهْرُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْلِفْ حُدَّ وَهُوَ مُشْكِلٌ (وَلَا يَحْلِفُ مُدَّعِي الصِّبَا إنْ احْتَمَلَ بَلْ يُمْهَلُ حَتَّى يَبْلُغَ) وَإِنْ كَانَ لَوْ أَقَرَّ بِالْبُلُوغِ فِي وَقْتِ احْتِمَالِهِ قُبِلَ لِأَنَّ حَلِفَهُ يُثْبِتُ صِبَاهُ وَصِبَاهُ يُبْطِلُ حَلِفَهُ فَفِي تَحْلِيفِهِ إبْطَالُ تَحْلِيفِهِ (إلَّا كَافِرًا) وَقَعَ فِي السَّبْيِ (أُنْبِتَ) أَيْ نَبَتَتْ عَانَتُهُ (وَقَالَ اسْتَعْجَلْتُهُ) أَيْ الْإِنْبَاتَ بِالْعِلَاجِ (فَيَحْلِفُ لِسُقُوطِ الْقَتْلِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِنْبَاتَ عَلَامَةٌ لِلْبُلُوغِ وَاسْتَشْكَلَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَدَّعِي الصِّبَا لَكِنْ اعْتَمَدُوا فِي تَحْلِيفِهِ الْإِنْبَاتَ وَقَالُوا كَيْفَ يُتْرَكُ الدَّلِيلُ الظَّاهِرُ بِزَعْمٍ مُجَرَّدٍ.
(وَحُكِمَ بِرِقِّهِ) كَسَائِرِ الصِّبْيَانِ الْمَسْبِيِّينَ (وَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (قُتِلَ) قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ وَهُوَ حُكْمٌ بِالنُّكُولِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا بَلْ لِدَلِيلِ الْبُلُوغِ دُونَ دَافِعٍ (وَلَا يَحْلِفُ فِي الدَّعْوَى) بِحَقٍّ (عَلَى مَيِّتٍ وَصِيٌّ غَيْرُ وَارِثٍ) لَهُ لِأَنَّ مَقْصُودَ التَّحْلِيفِ الْإِقْرَارُ وَهُوَ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِتَحْلِيفِهِ (وَكَذَا قَيِّمُ الْقَاضِي) لَا يَحْلِفُ إذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثًا لِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا وَارِثَيْنِ فَيَحْلِفَانِ بِحَقِّ الْوِرَاثَةِ وَهَذَا فِيمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِتَصَرُّفِهِمَا بِقَرِينَةِ مَا سَيَأْتِي فِي الْوَلِيِّ (وَيَجُوزُ إثْبَاتُ الْوَكَالَةِ فِي غَيْبَةِ الْخَصْمِ) لَكِنَّ الِاحْتِيَاطَ حُضُورُهُ قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ (وَيُكْتَفَى فِيهَا) أَيْ الْوَكَالَةِ أَيْ إثْبَاتِهَا (بِعِلْمِ الْقَاضِي) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَهُوَ مَعْرُوفُ النَّسَبِ لِلْقَاضِي وَإِلَّا فَلَا
(الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي فَائِدَةِ الْيَمِينِ) وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا (وَهِيَ قَطْعُ الْخُصُومَةِ فِي الْحَالِ) لَا سُقُوطُ حَقِّ الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَرَ رَجُلًا بَعْدَمَا حَلَفَ بِالْخُرُوجِ مِنْ حَقِّ صَاحِبِهِ كَأَنَّهُ عَرَفَ كَذِبَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصُحِّحَ إسْنَادُهُ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» فَلَمْ يَجْعَلْ الْيَمِينَ مُبَرِّئَةً فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ (وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُحْكَمُ بِهَا وَإِنْ نَفَاهَا الْمُدَّعِي حِينَ الْحَلِفِ كَأَنْ قَالَ لَا بَيِّنَةَ لِي حَاضِرَةً وَلَا غَائِبَةً لِمَا ذُكِرَ وَكَذَا لَوْ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَنَكَلَ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً لِاحْتِمَالِ أَنَّ نُكُولَهُ لِلتَّوَرُّعِ عَنْ الْيَمِينِ الصَّادِقَةِ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ أَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَدِيعَةً بِنَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ وَحَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُبَرَّأُ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِأَنَّهُ أَوْدَعَهُ الْوَدِيعَةَ لَمْ يُؤَثِّرْ فَإِنَّهَا لَا تُخَالِفُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ مِنْ نَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ (وَمَنْ كَذَّبَ شُهُودَهُ سَقَطَتْ بَيِّنَتُهُ) لِتَكْذِيبِهِ لَهَا (لَا دَعْوَاهُ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مُحِقًّا فِيهَا وَالشُّهُودُ مُبْطَلِينَ بِشَهَادَتِهِمْ بِمَا لَا يَعْلَمُونَ وَفِي مِثْلِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: ١] (وَلَوْ أَقَامَ خَصْمُهُ شَاهِدًا أَنَّهُ كَذَّبَ شُهُودَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ) مَعَهُ (لِيَجْرَحَ الشُّهُودَ لَمْ يُمَكَّنْ) مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حِينَئِذٍ الطَّعْنُ فِي الشُّهُودِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِمَالٍ (وَلَوْ أَقَامَ) الْمُدَّعِي (شَاهِدَيْنِ بِمِلْكٍ) ادَّعَاهُ (وَكَانَا قَدْ اشْتَرَيَاهُ مِنْهُ لَمْ يُقْبَلَا) لِلتُّهْمَةِ.
(وَلَوْ شَهِدَا) لِشَخْصٍ (بِمِلْكٍ فَقَامَتْ) عَلَيْهِمَا (بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِمَا حِينَ تَصَدَّيَا لِلشَّهَادَةِ أَنْ لَا شَهَادَةَ مَعَهُمَا) بِذَلِكَ (رُدَّتْ) شَهَادَتُهُمَا (أَوْ) قَامَتْ (بِأَنَّهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (أَقَرَّ أَنَّ شَاهِدَيْهِ شَرِبَا خَمْرًا وَقْتَ كَذَا وَقَصُرَتْ الْمُدَّةُ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ (رُدَّتْ) شَهَادَتُهُمَا (وَإِلَّا) بِأَنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ فِي الْأُولَى بِإِقْرَارِهِمَا بِمَا ذَكَرَ قَبْلَ تَصَدِّيهِمَا لِلشَّهَادَةِ أَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ فِي الثَّانِيَةِ (فَلَا) تُرَدُّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الَّذِي مَرَّ ثُبُوتُ الْقَطْعِ أَيْضًا) عِبَارَتُهُ ثُمَّ فَلَوْ نَكَلَ السَّارِقُ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي لَمْ يُقْطَعْ وَهُوَ مَا عَزَاهُ إلَيْهِ تِلْمِيذُهُ الْفَتَى (قَوْلُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا بَلْ لِدَلِيلِ الْبُلُوغِ دُونَ دَافِعٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا قَيَّمَ الْقَاضِي وَمُنْكِرُ الْوَكَالَةِ) أَيْ مُنْكِرُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ وَكِيلُ صَاحِبِ الْحَقِّ وَالسَّفِيهُ فِي إتْلَافِ الْمَالِ وَمُنْكِرُ الْعِتْقِ إذَا ادَّعَى عَلَى مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَآخَرُ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ فَأَقَرَّ بِالْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ لِلْعَبْدِ إذَا لَوْ رَجَعَ لَمْ يُقْبَلْ وَلَمْ يَغْرَمْ وَإِذَا ادَّعَتْ الْجَارِيَةُ الْوَطْءَ وَأُمِّيَّةَ الْوَلَدِ أَيْ لِإِثْبَاتِ النَّسَبِ فَالصَّحِيحُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ وَإِذَا ادَّعَى مَنْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ ظَاهِرًا مُسْقِطًا فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ إيجَابًا عَلَى الْأَظْهَرِ وَالدَّعْوَى بِحُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى فِعْلِهَا فَادَّعَتْهُ وَأَنْكَرَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِوُقُوعِهِ نَعَمْ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْفُرْقَةِ إنْ ادَّعَتْهَا وَلَوْ ادَّعَى عَلَى قَاضٍ أَنَّهُ زَوَّجَهُ امْرَأَةً وَهِيَ مَجْنُونَةٌ وَأَنْكَرَ لَمْ يَحْلِفْ قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَلَوْ طَالَبَ الْإِمَامُ السَّاعِيَّ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ الزَّكَاةِ فَقَالَ لَمْ آخُذْ مِنْهُمْ شَيْئًا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ بَلَغَ رَشِيدًا وَأَنَّ أَبَاهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَرَامَ تَحْلِيفِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَوْ ثَبَتَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى عَمْرو فَادَّعَى عَلَى شَخْصٍ أَنَّ الْعَيْنَ الَّتِي فِي يَدِهِ لِعَمْرٍو فَأَنْكَرَ وَادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ لَمْ يَحْلِفْ وَلَوْ ثَبَتَ لَهُ مَالٌ عَلَى غَائِبٍ فَادَّعَى عَلَى شَخْصٍ أَنَّ بِيَدِهِ أَعْيَانًا لِلْغَائِبِ وَطَلَبَ الْوَفَاءَ مِنْ ذَلِكَ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا وَفَّاهُ الْحَاكِمُ مِنْهَا وَإِنْ أَنْكَرَ لَمْ يَحْلِفْ وَلَا تُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ
(قَوْلُهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) أَيْ وَالنَّسَائِيُّ (قَوْلُهُ وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ) مِثْلُ الْبَيِّنَةِ: الشَّاهِدُ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا صَرَّحُوا فِي الشَّهَادَاتِ، وَكَتَبَ أَيْضًا تَنَاوَلَ إطْلَاقُهُ الْحُجَّةَ الْكَامِلَةَ وَكَذَا الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ إذَا حَلَفَ مَعَهُ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَغَيْرُهُ وَغَلَّظَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْضُ الْمُصَنَّفِينَ ر (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ أَجَابَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute