للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ بَعْضٍ» فَإِقْرَارُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقِيَافَةَ حَقٌّ وَسَبَبُ سُرُورِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا قَالَ مُجَزِّزٌ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا يَطْعَنُونَ فِي نَسَبِ أُسَامَةَ لِأَنَّهُ كَانَ طَوِيلًا أَسْوَدَا أَقْنَى الْأَنْفِ وَكَانَ زَيْدٌ قَصِيرًا بَيْنَ السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ أَخْنَسَ الْأَنْفِ وَكَانَ طَعْنُهُمْ مُغَايَظَةً لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ كَانَا حَبِيبُهُ فَلِمَا قَالَ الْمُدْلِجِيُّ ذَلِكَ وَهُوَ لَا يَرَى إلَّا أَقْدَامَهُمَا سُرَّ بِهِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ وَقَالَ أَبُو دَاوُد أَنَّ زَيْدًا كَانَ أَبْيَضُ (وَشَرْطُهُ) أَيْ الْقَائِفُ لِيُعْمَلَ بِقَوْلِهِ فِيمَا ذَكَرَ (أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا عَدْلًا حُرًّا ذَكَرًا بَصِيرًا نَاطِقًا مُجَرِّبًا) كَالْحَاكِمِ وَالتَّجْرِبَةُ لَهُ كَالْفِقْهِ لِلْحَاكِمِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُدْلِجِيًّا) أَيْ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ وَهُمْ بَطْنُ مِنْ خُزَاعَةَ وَيُقَالُ مِنْ أَسَدٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقِيَافَةَ نَوْعٌ مِنْ الْعِلْمِ فَكُلُّ مَنْ عَلِمَهُ عَمِلَ بِعِلْمِهِ.

(وَيَكْفِي وَاحِدٌ) كَالْحَاكِمِ وَالْمُفْتِي وَلِلْخَبَرِ السَّابِقِ (وَيُقْبَلُ إثْبَاتُ الْقَائِفِ الْوَلَدَ لِعَدُوِّهِ لَا لِلْآخَرِ) الْمُنَازِعُ لِعَدُوِّهِ لِأَنَّهُ كَالشَّهَادَةِ لِعَدُوِّهِ فِي الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ فِي الثَّانِي (وَبِعَكْسِهِ أُبُوَّةُ) فَيُقْبَلُ إثْبَاتُهُ الْوَلَدَ لِغَيْرِ أَبِيهِ لَا لِأَبِيهِ لِأَنَّهُ كَالشَّهَادَةِ عَلَى أَبِيهِ فِي الْأَوَّلِ وَلَهُ فِي الثَّانِي وَخُرِجَ بِإِثْبَاتِ النَّفْيِ فَهُوَ بِالْعَكْسِ مِمَّا ذُكِرَ (وَلَوْ كَانَ) الْقَائِفُ (قَاضِيًا حُكِمَ بِعِلْمِهِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ (وَالتَّجْرِبَةُ) أَيْ كَيْفِيَّتُهَا (أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ وَلَدٌ فِي نِسْوَةٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمَّهُ مَرَّتَيْنِ) كَذَا وَقَعَ فِي نُسَخِ الرَّوْضَةِ السَّقِيمَةِ وَاَلَّذِي فِي نُسَخِهَا الصَّحِيحَةِ تَبَعًا لِأَصْلِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ وَكَيْفِيَّةُ التَّجْرِبَةِ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ وَلَدٌ فِي نِسْوَةِ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمَّهُ ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمَّهُ ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمَّهُ (ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ هِيَ فِيهِنَّ فَيُصِيبُ فِي الْكُلِّ أَوْ) أَنْ (يُجْمَعَ أَصْنَافٌ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) أَيْ أَحَدُهُمَا وَفِي كُلِّ (صِنْفٍ) مِنْهُمْ أَوْ فِي بَعْضِهِمْ (وَلَدٌ لِبَعْضِهِمْ وَهَذَا) الطَّرِيقُ (أَوْلَى) مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْقَائِفَ فِيهِ قَدْ يُعْلَمُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُولَى أُمَّهُ فَلَا يَبْقَى فِيهَا فَائِدَةً وَقَدْ تَكُونُ أَصَابَتُهُ فِي الرَّابِعَةِ اتِّفَاقًا فَلَا يُوثَقُ بِتَجْرِبَتِهِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي مَعَ ذِكْرِ أَوْلَوِيَّتِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَارِزِيُّ مُوَجِّهًا الْأَلْوِيَةُ بِمَا ذَكَرْته وَذَكَرَ الْأَصْلُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ التَّجْرِبَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالْأُمِّ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ الْمَوْلُودُ مَعَ أَبِيهِ فِي رِجَالٍ لَكِنْ الْعَرْضُ مَعَ الْأُمِّ أَوْلَى قَالَ الْبَارِزِيُّ.

وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَقَالَ الْإِمَامُ الْعِبْرَةُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَقَدْ تَحْصُلُ بِدُونِ ثَلَاثٍ وَإِذَا حَصَلَتْ التَّجْرِبَةُ اعْتَمَدْنَا إلْحَاقَهُ وَلَا تُجَدَّدُ التَّجْرِبَةُ لِكُلِّ إلْحَاقٍ (وَإِذَا تَدَاعَيَا مَجْهُولًا) مِنْ لَقِيطٍ أَوْ غَيْرِهِ (عُرِضَ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَائِفُ كَمَا مَرَّ فِي اللَّقِيطِ مَعَ زِيَادَتِهِ (وَكَذَا لَوْ اشْتَرَكَا فِي وَطْءٍ) لِامْرَأَةٍ (يُثْبَتُ النَّسَبُ) بِأَنْ يَكُونَ بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ (فَوَلَدَتْ) وَلَدًا (مُمْكِنًا) كَوْنِهِ (مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِتَعَذُّرِ إلْحَاقِهِ بِهِمَا وَنَفْيِهِ عَنْهُمَا وَذَلِكَ (كَوَطْءِ مُشْتَرٍ) مِنْ غَيْرِ أَمَةِ (مَوْطُوءَةٍ) لَهُ (بِلَا اسْتِبْرَاءٍ) لَهَا (مِنْهُمَا) بِأَنْ وَطِئَاهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ (وَكَوَطْءِ مَنْكُوحَةٍ بِشُبْهَةِ) وَيُفَارِقُ مَا لَوْ نَكَحَ امْرَأَةً بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنِهِ مِنْ الْأَوَّلِ أَيْضًا بِأَنَّ الْعِدَّةَ أَمَارَةٌ ظَاهِرَةٌ فِي الْبَرَاءَةِ عَنْ الْأَوَّلِ وَهُنَا بِخِلَافِهِ (فَإِنْ وَلَدَتْ) مِنْ اشْتَرَكَ فِي وَطْئِهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ اثْنَانِ وَلَدًا مُمْكِنًا مِنْهُمَا (لِمَا بَيْنَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ الْوَطْأَيْنِ وَادَّعَيَاهُ) بَلْ أَوْ لَمْ يَدَّعِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ فَصْلِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ عَدْلًا) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْعَدَالَةُ الَّتِي تُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ فَلَا تَكْفِي الظَّاهِرَةُ غ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الشَّهَادَةِ فَيَشْمَلُ انْتِفَاءَ الْعَدَاوَةِ عَنْ الَّذِي يَنْفِيه عَنْهُ وَانْتِفَاءِ الْوِلَادَةِ عَنْ الَّذِي يَلْحَقُهُ بِهِ (قَوْلُهُ بَصِيرًا) فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَصْحَابِ اعْتِبَارِ السَّمْعِ وَمَنَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ هُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ نَقْلًا فَلَمْ أَجِدْ فِي كَلَامِهِمْ اعْتِبَارِهِ وَمَعْنَى لِأَنَّهُ يُبْصِرُ الصِّفَاتِ وَلَيْسَ هُنَا قَوْلٌ يُعْتَبَرُ سَمَاعُهُ وَقَوْلُنَا لَهُ هَذَا ابْنُ مَنْ فِي هَؤُلَاءِ قَدْ يُعْرَفُ بِكِتَابَةٍ أَوْ إشَارَةٍ ثُمَّ هُوَ يَنْطِقُ بِمَا ظَهَرَ لَهُ (قَوْلُهُ مُجَرِّبًا) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا حُكْمَ إلَّا ذُو تَجْرِبَةٍ» حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَكَمَا لَا يُوَلَّى الْقَضَاءَ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ بِالْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ كَالْحَاكِمِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الشَّهَادَةِ فَشَمَلَ انْتِفَاءَ الْعَدَاوَةِ عَنْ الَّذِي يَنْفِيه عَنْهُ وَانْتِفَاءَ الْوِلَادَةِ عَنْ الَّذِي يَلْحَقُهُ بِهِ (قَوْلُهُ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ وَلَدٌ فِي نِسْوَةٍ) جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّ الرَّاعِيَّ يَلْتَقِطُ النَّتَاجَ لَيْلًا فَإِذَا أَصْبَحَ جَعَلَ كُلَّ بَهِيمَةٍ عِنْدَ أُمِّهَا مُسْتَدِلًّا بِالصُّوفِ قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ فِي التَّنَازُعِ كَالنَّسَبِ وَخَالَفَهُ الْجُمْهُورُ فَارِقِينَ بِشَرَفِ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَائِفَ فِيهِ يَعْلَمُ إلَخْ) هَذَا إشْكَالٌ أَبْدَاهُ الْإِمَامُ قَالَ فِي آخِرَهُ الصَّوَابُ أَنَّهُ يُعْرَضُ تَارَةً فِي الْأَوَّلِ وَتَارَةً فِي الثَّانِي وَهَلُمَّ جَرًّا لِيُمْكِنَّ اعْتِبَارُهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ الْعَرْضُ مَعَ الْأُمِّ أَوْلَى) بَلْ لَوْ فُقِدَتْ عُرِضَ مَعَ عَصَبَةِ الْمَيِّتِ وَقَرَابَتِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبَارِزِيُّ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ الْعِبْرَةُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ مِنْ لَقِيطٍ أَوْ غَيْرِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا كَالطِّفْلِ غ قَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ أَوْ شُبْهَةٍ) شَمَلَ وَطْءُ أَبَوَيْ الشَّرِيكَيْنِ الْأَمَةُ الْمُشْتَرَكَةُ وَوَطْءِ الشَّرِيكِ وَأَبِي الْآخَرِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُسَاوٍ لِلْمَجْهُولِ فِي أَحْكَامِ الْعَرْضِ عَلَى الْقَائِفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأُمُورٍ أَحَدُهَا أَنَّ هَذَا يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا مُكَلَّفًا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ فِقْهٌ ظَاهِرٌ ثَانِيهَا أَنَّهُ يُعْرَضُ هُنَا عَلَى الْأَظْهَرِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا سَاكِنًا أَوْ مُنْكِرًا وَلَوْ أَنْكَرَاهُ مَعًا عُرِضَ ثَالِثُهَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الِاشْتِبَاهُ إلَى آخِرَ مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) كَانَ أَنْكَرَاهُ (قَوْلُهُ بِأَنْ وَطِئَاهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ) قَالَ الكوهكيلوني لَوْ فُرِضَ أَنَّهُمَا وَطِئَاهَا فِي حَيْضٍ فَلِيَجِبْ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَمَا إذَا وَطِئَا فِي الطُّهْرِ (تَنْبِيهٌ)

إذَا كَانَ الِاشْتِبَاهُ لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْفِرَاشِ لَمْ يَصِحَّ إلْحَاقُهُ بِالْقَائِفِ إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَحَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ تَلْخِيصِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ ظَاهِرُ ذِكْرِ الْوَطْءِ اشْتِرَاطُ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ وَلَيْسَ هَذَا عِنْدِي بِمُعْتَبَرٍ فِي هَذَا الْمَكَانِ بَلْ لَوْ لَمْ يُدَخِّلْ الْحَشَفَةَ كُلَّهَا وَأَنْزَلَ دَاخِلَ الْفَرْجِ كَانَ كَالْوَطْءِ وَكَذَا الْإِنْزَالُ خَارِجِ الْفَرْجِ بِحَيْثُ دَخَلَ الْمَاءُ فِي الْفَرْجِ وَاسْتِدْخَالِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ فَإِنْ وَلَدَتْ لِمَا بَيْنَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحَيْنِ فَإِذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلِّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>