للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ وَفِي رِوَايَةٍ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي الْعَبْدِ وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ قِيمَةَ الْعَبْدِ فَهُوَ عَتِيقٌ وَفِي رِوَايَةٍ إذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَكَانَ لَهُ مَالٌ فَقَدْ عَتَقَ كُلُّهُ» وَأَمَّا رِوَايَةُ «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُوِّمَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ، ثُمَّ اُسْتُسْعِيَ لِصَاحِبِهِ فِي قِيمَتِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» فَمُدْرَجَةٌ فِي الْخَبَرِ كَمَا قَالَهُ الْحُفَّاظُ أَوْ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَسْعَى لِشَرِيكِ الْمُعْتِقِ أَيْ يَخْدُمُهُ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ لِئَلَّا يَظُنَّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِخْدَامُهُ.

(وَلِلسِّرَايَةِ شُرُوطٌ) أَرْبَعَةٌ (الْأَوَّلُ) وَفِي نُسْخَةٍ أَحَدُهُمَا (أَنْ يَكُونَ لَهُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ مَالٌ) يَفِي بِقِيمَةِ الْبَاقِي أَوْ بَعْضِهِ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهُ كَمَا سَيَأْتِي وَيُبَاعُ فِيهَا مَا (يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ) مِنْ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ وَغَيْرِهِمْ مِمَّا مَرَّ فِي التَّفْلِيسِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ تَصِيرُ كَالدَّيْنِ لِتَنَزُّلِ الْإِعْتَاقِ مَنْزِلَةَ الْإِتْلَافِ (فَيَسْرِيَ) الْعِتْقُ (وَإِنْ كَانَ) الْمُعْتِقُ (مَدْيُونًا وَاسْتَغْرَقَتْ الْقِيمَةُ مَالَهُ) لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا فِي يَدِهِ نَافِذٌ تَصَرُّفَهُ فِيهِ وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى بِهِ عَبْدًا أَوْ أَعْتَقَهُ نَفَذَ فَكَذَا يَسْرِي فِيمَا ذُكِرَ (حَتَّى يُضَارِبَ الشَّرِيكُ) بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ (مَعَ الْغُرَمَاءِ) فَإِنْ أَصَابَهُ بِالْمُضَارَبَةِ مَا يَفِي بِقِيمَةِ جَمِيعِ نَصِيبِهِ فَذَاكَ، وَإِلَّا أَخَذَ حِصَّتَهُ وَيَعْتِقُ جَمِيعُ الْعَبْدِ بِنَاءً عَلَى حُصُولِ السِّرَايَةِ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ (كَمَنْ لَمْ يَجِدْ عَيْنَ مَالِهِ) الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْإِعْتَاقِ فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى الْبَاقِي أَوْ بَعْضِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ قَالَ مَنْ يَمْلِكُ عَشَرَةً فَقَطْ لِأَحَدِ) الشَّرِيكَيْنِ (الْمُتَنَاصِفَيْنِ فِي عَبْدٍ قِيمَتُهُ عِشْرُونَ أَعْتِقْ نَصِيبَك) مِنْهُ (عَنِّي عَلَى هَذِهِ الْعَشَرَةِ فَفَعَلَ عَتَقَ) نَصِيبُهُ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمُسْتَدْعِي (وَلَا سِرَايَةَ) لِأَنَّهُ زَالَ مِلْكُهُ عَنْ الْعَشَرَةِ بِمَا جَرَى وَهُوَ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا (أَوْ) قَالَ لَهُ (أَعْتِقْهُ) عَنِّي (عَلَى عَشَرَةٍ فِي ذِمَّتِي) فَفَعَلَ (عَتَقَ جَمِيعُهُ) بِنَاءً عَلَى حُصُولِ السِّرَايَةِ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ وَأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُهَا (وَتُقْسَمُ الْعَشَرَةُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ) بِالسَّوِيَّةِ، وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ قَسْمُهَا بَعْدَ الْحَجْرِ (وَالْبَاقِي لَهُمَا) لِكُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسَةٌ (فِي ذِمَّتِهِ) وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَكِنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ عَشَرَةٌ عَتَقَ جَمِيعُهُ وَيَتَضَارَبُ الشَّرِيكَانِ فِي الْعَشَرَةِ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَدْعِيَ مِنْهُ يَسْتَحِقُّ عَشَرَةً وَالْآخَرُ قِيمَةَ نِصْفِهِ وَهِيَ خَمْسَةٌ وَلَوْ كَانَتْ بِحَالِهَا لَكِنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ ثَلَاثُونَ عَتَقَ مِنْهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ النِّصْفُ بِالِاسْتِدْعَاءِ وَالْإِجَابَةِ وَالثُّلُثُ؛ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ بِقِيمَةِ الثُّلُثِ وَيَتَضَارَبَانِ بِالْعَشَرَةِ بِالسَّوِيَّةِ ذَكَرَ ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ هُنَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسْتَدْعَى مُوسِرًا بِقِيمَةِ الْجَمِيعِ سَرَى عَلَيْهِ قَطْعًا وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ أَوَاخِرَ الْبَابِ عَنْ الرُّويَانِيِّ مَا يُخَالِفُهُ وَضَرَبَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ.

(وَلَوْ مَلَكَ) شَخْصٌ (نِصْفَيْ) وَفِي نُسْخَةٍ نِصْفَ (عَبْدَيْنِ قِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ فَأَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْهُمَا مَعًا وَهُوَ مُوسِرٌ بِقِيمَةِ نِصْفٍ) هَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ (وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (عَتَقَ) نَصِيبُهُ مِنْهُمَا وَسَرَى إلَى نِصْفِ نَصِيبِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

بِشَرْطِ الْيَسَارِ وَلَا يَغْرَمُ لَهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ صَادَفَ مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ) قَالَ الشَّافِعِيُّ وَزَادَ بَعْضُهُمْ وَرُقَّ مِنْهُ مَا رُقَّ وَأَخْرَجَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مَحْمُولُهُ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَسْعَى لِشَرِيكِهِ إلَخْ) وَيَتَعَيَّنُ ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ

(قَوْلُهُ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ مَالٌ) الْمُرَادُ بِيَوْمِ الْإِعْتَاقِ وَقْتُ الْإِعْتَاقِ وَإِطْلَاقُ الْيَوْمِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فِي أَنَّ قِيمَتَهُ لَا تَخْتَلِفُ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ أَوْ أُرِيدَ بِالْيَوْمِ الْقِطْعَةُ مِنْ الزَّمَانِ (قَوْلُهُ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ) ضَبَطَ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ بِضَابِطٍ آخَرَ لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهِ فَقَالَ الْمُوسِرُ فِي السِّرَايَةِ مَنْ يَمْلِكُ مَا يُوَفِّي الْمَطْلُوبَ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ عَيْنًا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا مَا سَيَذْكُرُ أَوْ دَيْنًا حَالًّا عَلَى مَلِيءٍ تَيَسَّرَ تَحْصِيلُهُ مِنْهُ، وَمَادَّةُ ذَلِكَ مَا ذُكِرَ فِي الزَّكَاةِ مِنْ وُجُوبِ الْإِخْرَاجِ وَعَدَمِ وُجُوبِهِ وَمَا فِيهِ قَوْلَانِ فَيَعُودَانِ هُنَا، وَفِي الْأُجْرَةِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِخْرَاجُ إلَّا عَنْ الْقَدْرِ الَّذِي تَقَرَّرَ، وَلَكِنَّ الْأَرْجَحَ هُنَا أَنَّهُ يُعَدُّ بِهِ مُوسِرًا وَيُوَفِّي بِهِ الدَّيْنَ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي مُقَابَلَةِ مَا أَتْلَفَ فَتَعَلَّقَ بِمَا يَمْلِكُهُ الْمُتْلِفُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ فَإِنَّ فِيهَا مَعْنَى الْمُوَاسَاةِ، وَإِنَّمَا يُوَاسِي مَنْ تَمَّ مِلْكُهُ قَالَ وَيَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْعَيْنَ إذَا كَانَتْ مَغْصُوبَةً بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ مَالِكُهَا عَلَى انْتِزَاعِهَا مِنْ الْغَاصِبِ لَا يُعَدُّ بِهَا مُوسِرًا فِي السِّرَايَةِ، وَكَذَا الضَّالُّ وَالْآبِقُ وَالدَّيْنُ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَأَمَّا الْعَيْنُ الَّتِي تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ عِبَادَةٍ فَلَا يُعَدُّ بِهَا مُوسِرًا وَذَلِكَ فِي الْمَالِ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ الطَّهَارَةُ بَعْدَ الْوَقْتِ، وَكَذَا مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ رَهْنٍ مَقْبُوضٍ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ أَوْ جِنَايَةٍ تُوجِبُ مَالًا مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَلَا فَضْلَةَ فِيهَا وَلَا فِي الرَّهْنِ بِدَيْنٍ حَالٍّ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ فَضْلَةٌ فَهُوَ مُوسِرٌ بِالْفَضْلِ بِالنِّسْبَةِ إلَى السِّرَايَةِ، وَكَذَا الْمَبِيعُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْحَبْسِ لِلْبَائِعِ، وَإِذَا كَانَتْ الْعَيْنُ غَائِبَةً بِحَيْثُ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ لَا يُعَدُّ بِهَا مُوسِرًا، وَلَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ السَّرِيَّةُ الَّتِي أَعَفَّ الْفَرْعُ أَصْلَهُ بِهَا وَحَجَرَ الْحَاكِمُ عَلَيْهَا فِيهَا فَإِنَّ الْأَصْلَ لَا يُعَدُّ بِهَا مُوسِرًا وَالرَّهْنُ الشَّرْعِيُّ كَالْوَضْعِيِّ بِدَيْنٍ حَالٍّ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ الشَّرْعِيَّ لَا يَكُونُ إلَّا بِدَيْنٍ حَالٍّ وَلَا يُعَدُّ مُوسِرًا بِالْأُجْرَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَالْمُسْتَوْلَدَةِ قَطْعًا، وَلَوْ أَمْكَنَ إجَارَتُهُ مُدَّةً بِمُعَجَّلٍ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَقْبَلِ لَا بِالْكَائِنِ عِنْدَ الْإِعْتَاقِ وَلَا نَظَرَ إلَى مَا ذَكَرَ فِي الْمُفْلِسِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ.

(قَوْلُهُ هَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ بِنِصْفِ قِيمَةٍ) وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ فَإِنَّ نِصْفَ الْقِيمَةِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ النِّصْفِ لِأَجْلِ التَّشْقِيصِ وَتَكَرَّرَ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ مَا يَقْتَضِي قِيمَةَ النِّصْفِ لَكِنَّهُ ضَرَبَ مِثَالًا فِي عَبْدٍ قِيمَتُهُ عِشْرُونَ، وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى إيجَابِ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَفِي الْمُهَذَّبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَةُ النِّصْفِ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الصَّدَاقِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الصُّوَرُ السَّابِقَةُ فِي حَالِ الْخِيَارِ وَفِي حَالِ اللُّزُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْمُعْتَقِ فِيهَا قِيمَةٌ مَعَ وُجُودِ السِّرَايَةِ وَيُضَافُ إلَيْهَا صُوَرٌ تَحْصُلُ فِيهَا السِّرَايَةُ وَلَا يَغْرَمُ فِيهَا الْمُعْتَقُ قِيمَةَ مَا ذُكِرَ. إحْدَاهَا إذَا وَهَبَ الْأَصْلُ لِفَرْعِهِ شِقْصًا مِنْ رَقِيقٍ وَقَبَضَهُ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْأَصْلُ الْبَاقِيَ عَلَى مِلْكِهِ فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى نَصِيبِ الْفَرْعِ مَعَ الْيَسَارِ وَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا عَلَى الْأَرْجَحِ، وَشَاهِدُهُ مَا لَوْ أَعْتَقَ الْأَصْلُ مَا وَهَبَهُ لِفَرْعِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ رَاجِعًا وَيَصِحُّ الْعِتْقُ عَلَى وَجْهٍ أَوْ رَاجِعًا وَلَا عِتْقَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>