(فَلَا) يَغْرَمُونَ لَهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ؛ لِأَنَّ الْمُوسِرَ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا بَلْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِشَرِيكِهِ حِينَئِذٍ.
(وَإِنْ شَهِدَ رَجُلَانِ بِعِتْقِ أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ وَشَهِدَ آخَرَانِ بِعِتْقِ الْآخَرِ نَصِيبَهُ وَهُمَا مُوسِرَانِ، فَإِنْ أُرِّخَتَا) أَيْ الْبَيِّنَتَانِ بِتَارِيخَيْنِ (عَتَقَ الْعَبْدُ كُلُّهُ) عَلَى الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَصِيبِ الْآخَرِ، وَإِنْ لَمْ يُؤَرِّخْ بِتَارِيخَيْنِ عَتَقَ الْعَبْدُ كُلُّهُ (وَلَا تَقْوِيمَ) لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ سَبْقَ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ وَبِتَقْدِيرِ السَّبَقِ لَا يُعْلَمُ السَّابِقُ مِنْهُمَا (فَلَوْ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَلَى أَحَدِهِمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا لَمْ يَغْرَمَا شَيْئًا؛ لِأَنَّا لَا نَدْرِي أَنَّ الْعِتْقَ فِي النِّصْفِ) الَّذِي شَهِدَا بِهِ (حَصَلَ بِشَهَادَتِهِمَا أَمْ بِشَهَادَةِ الْآخَرَيْنِ بِالسِّرَايَةِ فَلَا نُوجِبُ شَيْئًا بِالشَّكِّ، وَإِنْ رَجَعَ الْجَمِيعُ) عَنْ شَهَادَتِهِمْ (غَرِمُوا جَمِيعًا قِيمَةَ الْعَبْدِ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ تَارِيخٌ فَالْحُكْمُ بِعِتْقِ الْعَبْدِ يَتَعَلَّقُ بِشَهَادَةِ الْأَرْبَعَةِ وَيُقَدَّرُ كَأَنَّ الْإِعْتَاقَيْنِ وَقَعَا مَعًا.
(الْخَصِيصَةُ الثَّانِيَةُ الْعِتْقُ بِالْقَرَابَةِ لَا يَعْتِقُ) عَلَى الْحُرِّ (بِالْمِلْكِ إلَّا أَصْلٌ) وَإِنْ عَلَا (وَفَرْعٌ) وَإِنْ سَفَلَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَنْ يَجْزِيَ وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ» أَيْ بِالشِّرَاءِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} [مريم: ٩٢] الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا} [مريم: ٨٨] الْآيَةَ دَلَّ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ اجْتِمَاعِ الْوَلَدِيَّةِ وَالْعَبْدِيَّةِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ مُتَعَلِّقٌ بِالْقَرَابَةِ فَاسْتَوَى فِيهِ الْجَمِيعُ كَرَدِّ الشَّهَادَةِ وَسَوَاءٌ الْمِلْكُ الْقَهْرِيُّ بِالْإِرْثِ وَالِاخْتِيَارِيُّ بِالشِّرَاءِ وَنَحْوِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَ عِتْقِ الْقَرِيبِ وَالسِّرَايَةِ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا عِنْدَ الِاخْتِيَارِ بِأَنَّ الْعِتْقَ صِلَةٌ وَإِكْرَامٌ لِلْقَرِيبِ فَلَا يَسْتَدْعِي الِاخْتِيَارَ وَالسِّرَايَةُ تُوجِبُ التَّغْرِيمَ وَالْمُؤَاخَذَةَ وَذَلِكَ إنَّمَا يَلِيقُ بِحَالِ الِاخْتِيَارِ أَمَّا غَيْرُ الْأَصْلِ وَالْفَرْعُ مِنْ سَائِرِ الْأَقَارِبِ فَلَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ لِانْتِفَاءِ الْبَعْضِيَّةِ عَنْهُ وَأَمَّا خَبَرُ «مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَقَدْ عَتَقَ عَلَيْهِ» فَضَعِيفٌ بَلْ قَالَ النَّسَائِيّ إنَّهُ مُنْكَرٌ وَالتِّرْمِذِيُّ إنَّهُ خَطَأٌ.
وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَسَائِلُ ذُكِرَتْ مُفَرَّقَةً فِي الْكِتَابِ مِنْهَا مَسَائِلُ الْمَرِيضِ (وَيَبْطُلُ شِرَاءُ وَلِيٍّ) مِنْ أَبٍ أَوْ غَيْرِهِ (مَنْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ لَا يَعْتِقُ بِالْمِلْكِ إلَّا أَصْلٌ وَفَرْعٌ) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ ذَلِكَ صُوَرًا: إحْدَاهَا: إذَا اشْتَرَاهُ وَأَلْزَمَ الْبَائِعَ الْبَيْعَ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِإِلْزَامِ الْبَائِعِ الْبَيْعَ فَيَبْقَى الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَيَمْلِكُ الْمَبِيعَ وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِهَذَا الْفَرْعِ وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِيمَا إذَا اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ عَنْ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ يَنْبَنِي ثُبُوتُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ عَلَى أَقْوَالِ الْمِلْكِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، فَإِنْ قُلْنَا لِلْبَائِعِ فَلَهُمَا الْخِيَارُ وَلَا يُحْكَمُ بِالْعِتْقِ حَتَّى يَمْضِيَ زَمَنُ الْخِيَارِ، وَإِنْ قُلْنَا مَوْقُوفٌ فَلَهُمَا الْخِيَارُ، وَإِذَا أَمْضَيْنَا الْعَقْدَ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ عَتَقَ بِالشِّرَاءِ، وَإِنْ قُلْنَا لِلْمُشْتَرِي فَلَا خِيَارَ لَهُ وَيَثْبُتُ لِلْبَائِعِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ حَتَّى يَمْضِيَ زَمَنُ الْخِيَارِ، ثُمَّ يُحْكَمُ يَوْمئِذٍ بِعِتْقِهِ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ وَحَكَى السُّبْكِيُّ فِي الْخِيَارِ عَنْ الْجُورِيُّ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ، وَإِنْ انْقَضَى الْخِيَارُ حَتَّى يُوَفِّيَ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ لِلْبَائِعِ حَقَّ الْحَبْسِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَرِثَهُ مَرْهُونًا.
الثَّانِيَةُ: إذَا اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ بَلْ يُكَاتَبُ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ مَلَكَهُ بِهِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ.
الثَّالِثَةُ: الْمُبَعَّضُ لَوْ مَلَكَ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْإِيمَانِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُكَفِّرُ بِالْإِعْتَاقِ لِتَضَمُّنِهِ الْوَلَاءَ وَالْإِرْثَ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ، ثُمَّ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمِلْكِ وَهُوَ الْمَحْكِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ الْبَعْضِيَّةَ إذَا نَافَتْ الْمِلْكَ فَكَيْفَ يُحْكَمُ بِوُجُودِهِ مَعَ اقْتِرَانِهَا بِسَبَبِهِ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ إذَا قَهَرَ مُسْلِمٌ قَرِيبَهُ الْحَرْبِيَّ لَا يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ دَافِعَةٌ وَلِقُوَّةِ هَذَا السُّؤَالِ قَالَ الْغَزَالِيُّ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بَلْ يَنْدَفِعُ الْمِلْكُ بِمُوجَبِ الْعِتْقِ وَيَتَرَتَّبُ الْعِتْقُ عَلَى سَبَبِ الْمِلْكِ لَا عَلَى حَقِيقَتِهِ وَاخْتَارَهُ هُوَ أَيْضًا فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ تَبَعًا لِأَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَفِي آخِرِ النِّهَايَةِ إنَّمَا جَوَّزْنَا الشِّرَاءَ ذَرِيعَةً إلَى تَخْلِيصِهِ مِنْ الرِّقِّ وَإِلَّا فَالْمُقْتَضِي لِعَدَمِ الْمِلْكِ مَوْجُودٌ، وَقَوْلُهُ وَحَكَى السُّبْكِيُّ فِي الْخِيَارِ عَنْ الْجُورِيُّ إلَخْ وَهُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ (قَوْلُهُ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَنْ يَجْزِيَ» إلَخْ) وَقَالَ تَعَالَى {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ} [الإسراء: ٢٤] وَلَا يَتَأَتَّى خَفْضُ الْجَنَاحِ مَعَ الِاسْتِرْقَاقِ (قَوْلُهُ فَيُعْتِقَهُ) ظَنَّ دَاوُد الظَّاهِرِيُّ أَنَّ الرِّوَايَةَ بِنَصْبِ فَيُعْتِقَهُ عَطْفًا عَلَى يَشْتَرِيَهُ فَيَكُونُ الْوَلَدُ هُوَ الْمُعْتِقُ وَالْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ رَفْعُهُ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْفِعْلُ تَقْدِيرُهُ فَيُعْتِقَهُ الشِّرَاءُ؛ لِأَنَّ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ حَصَلَ الْعِتْقُ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى لَفْظٍ، وَعَلَى النَّصْبِ يَنْعَكِسُ الْمَعْنَى وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَفِي أُخْرَى فَهُوَ حُرٌّ وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى مَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِعْتَاقِ التَّسَبُّبُ إلَيْهِ بِالشِّرَاءِ لَا نَفْسُ التَّلَفُّظِ بِهِ وَفِي الْوَلَدِ الْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ وَجْهَانِ وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ، فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدُ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ عَتَقَ، وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ الْحَامِلَ مِنْهُ هَلْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ الْحَمْلُ؟ لَمْ أَرَهَا مَسْطُورَةً وَيَنْبَغِي تَخْرِيجُهَا عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ هَلْ يُعْلَمُ أَوَّلًا؟ ، فَإِنْ قُلْنَا يُعْلَمُ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا ر (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ الْمِلْكُ الْقَهْرِيُّ إلَخْ) وَسَوَاءٌ أَعَلِمَ أَنَّهُ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ قَالَ النَّسَائِيّ إنَّهُ مُنْكَرٌ إلَخْ) وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَهَمَ فِيهِ رَاوِيهِ، وَلَوْ صَحَّ فَحَقِيقَةُ الرَّحِمِ الِاخْتِصَاصُ بِالْوِلَادَةِ وَفِي غَيْرِهَا مَجَازٌ فَحَمَلْنَاهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَلَوْ سَلِمَ الشُّمُولُ فَنَخُصُّهُ بِالْقِيَاسِ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ قَرِيبٍ لَا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ لَهُ لَا يَعْتِقُ بِالْمِلْكِ كَبَنِي الْأَعْمَامِ غ (قَوْلُهُ وَالتِّرْمِذِيُّ أَنَّهُ خَطَأٌ) أَيْ وَابْنُ عَسَاكِرَ
(قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَسَائِلُ إلَخْ) لَا خَفَاءَ أَنَّهُ لَوْ وَرِثَ قَرِيبُهُ مَرْهُونًا أَوْ جَانِيًا أَوْ فِي مَالِ قَرِيبِهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ أَوْ الَّذِي مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَى الْوَارِثِ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا إذْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُوَفِّيَ مِنْ مَالِهِ دَيْنَ مُوَرِّثِهِ غ قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ لَوْ قَالَ لِمَنْ يَمْلِكُ ابْنَهُ أَعْتِقْهُ عَنِّي عَلَى أَلْفٍ فَفَعَلَ لَمْ يَعْتِقْ عَنْ السَّائِلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا مِنْ السَّائِلِ كُنَّا نُمَلِّكُهُ الْعَبْدَ، ثُمَّ نَجْعَلُ الْمَسْئُولَ نَائِبًا عَنْهُ فِي الْإِعْتَاقِ وَهَا هُنَا يَحْتَاجُ إلَى تَقَدُّمِ الْمِلْكِيَّةِ فِي الْإِعْتَاقِ وَالْمِلْكُ يُوجِبُ الْعِتْقَ فَالتَّوْكِيلُ بَعْدَهُ بِالْإِعْتَاقِ لَا يَصِحُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute