للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرِهَا لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ قَوْلًا، وَاحِدًا لِأَنَّ ارْتِفَاعَ حَدَثِهِ لَا يَتَجَزَّأُ فَإِذَا بَقِيَ بَعْضُهُ بَقِيَ كُلُّهُ مَرْدُودًا مَعَ أَنِّي لَمْ أَرَهُ فِيهَا (وَكَذَا كُلٌّ) أَيْ اسْتِبَاحَةُ كُلٍّ (مَا لِوُضُوءٍ شَرْطٌ لَا مُسْتَحَبٌّ فِيهِ، وَلَوْ طَوَافًا لِبَعِيدٍ ظَنَّ أَنَّهُ بِمَكَّةَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ مَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْوُضُوءُ، وَلَوْ مُسْتَحَبًّا كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ، وَحَدِيثٍ، وَرِوَايَتِهِ، وَدَرْسِ عِلْمٍ، وَدُخُولِ مَسْجِدٍ، وَأَذَانٍ، وَإِقَامَةٍ لِأَنَّهُ يَسْتَبِيحُهُ بِلَا وُضُوءٍ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ ظَنَّ أَنَّهُ بِمَكَّةَ مُضِرٌّ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ أَنَّهُ بِهَا فَفِي الْمَجْمُوعِ لَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةً لَا يُدْرِكُهَا بِأَنْ تَوَضَّأَ فِي رَجَبٍ، وَنَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الْعِيدَ قَالَ الرُّويَانِيُّ قَالَ وَالِدِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَصِحُّ وُضُوءُهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ جَمِيعَ الصَّلَوَاتِ لِأَنَّهُ نَوَى مَا لَا يُسْتَبَاحُ إلَّا بِالْوُضُوءِ.

(الثَّالِثُ أَدَاءُ الْوُضُوءِ أَوْ فَرْضِ الْوُضُوءِ، وَإِنْ كَانَ) الْمُتَوَضِّئُ (صَبِيًّا، وَكَذَا الْوُضُوءُ فَقَطْ) لِتَعَرُّضِهِ لِلْمَقْصُودِ فَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِلْفَرْضِيَّةِ، وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَالْأَوْلَى اعْتِبَارُ كَوْنِ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ لِلتَّمْيِيزِ لَا لِلْقُرْبَةِ، وَإِلَّا لَمَا اكْتَفَى بِنِيَّةِ أَدَاءِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ اعْتِبَارُ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْعِبَادَاتِ، وَمِثْلُ نِيَّةِ الْوُضُوءِ فِيمَا قَالَهُ نِيَّةُ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَغَيْرُهُ قَالَ أَعْنِي الرَّافِعِيَّ، وَإِنَّمَا صَحَّ الْوُضُوءُ بِنِيَّةِ فَرْضِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ مَعَ أَنَّهُ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ أَنَّ مُوجِبَهُ الْحَدَثُ أَوْ يُقَالُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْفَرْضِ هُنَا لُزُومُ الْإِتْيَانِ بِهِ، وَإِلَّا لَامْتَنَعَ وُضُوءُ الصَّبِيِّ بِهَذِهِ النِّيَّةِ بَلْ الْمُرَادُ فِعْلُ طَهَارَةِ الْحَدَثِ الْمَشْرُوطِ لِلصَّلَاةِ، وَشَرْطُ الشَّيْءِ يُسَمَّى فَرْضًا (وَلَوْ لَمْ يُضِفْهُ إلَى اللَّهِ) تَعَالَى فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَغَيْرِهَا.

(وَلَوْ تَوَضَّأَ الشَّاكُّ) بَعْدَ وُضُوئِهِ فِي حَدَثِهِ (احْتِيَاطًا فَبَانَ مُحْدِثًا لَمْ يُجْزِهِ) لِلتَّرَدُّدِ فِي النِّيَّةِ بِلَا ضَرُورَةٍ كَمَا لَوْ قَضَى فَائِتَةَ الظُّهْرِ مَثَلًا شَاكًّا فِي أَنَّهَا عَلَيْهِ ثُمَّ بَانَ أَنَّهَا عَلَيْهِ لَا يَكْفِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبِنْ مُحْدِثًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ لِلضَّرُورَةِ (أَوْ) تَوَضَّأَ الشَّاكُّ (وُجُوبًا) بِأَنْ شَكَّ بَعْدَ حَدَثِهِ فِي وُضُوئِهِ فَتَوَضَّأَ (أَجْزَأَهُ) ، وَإِنْ كَانَ مُتَرَدِّدًا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَدَثِ بَلْ لَوْ نَوَى فِي هَذِهِ إنْ كَانَ مُحْدِثًا فَعَنْ حَدَثِهِ، وَإِلَّا فَتَجْدِيدٌ صَحَّ أَيْضًا، وَإِنْ تَذَكَّرَ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ، وَأَقَرَّهُ (وَدَائِمُ الْحَدَثِ تُجْزِئُهُ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ) ، وَنِيَّةُ أَدَاءِ الْوُضُوءِ، وَنَحْوُهُمَا، وَإِنْ فَرَّقَ النِّيَّةَ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ (لَا) نِيَّةَ (رَفْعِ الْحَدَثِ) لِبَقَائِهِ عَلَيْهِ (كَالْمُتَيَمِّمِ) فِي أَنَّهُ يُجْزِئُهُ نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ لَا نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ لِذَلِكَ بَلْ، وَفِي أَنَّهُ إنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الْفَرْضِ اسْتِبَاحَةً، وَإِلَّا فَلَا كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ، وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَغَيْرِهِ، وَتَنْظِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْمُتَيَمِّمِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (وَنُدِبَ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ لِتَكُونَ نِيَّةُ الرَّفْعِ لِلْحَدَثِ السَّابِقِ، وَنِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ أَوْ نَحْوِهَا لِلْأَحَقِّ فَإِنْ قُلْت نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ، وَنَحْوِهَا تُفِيدُ الرَّفْعَ كَنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ فَالْفَرْضُ يَحْصُلُ بِهَا، وَحْدَهَا قُلْت لَا إذْ الْغَرَضِ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ، وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِمَا يُؤَدِّي الْمَعْنَى مُطَابَقَةً لَا الْتِزَامًا، وَذَلِكَ بِجَمْعِ النِّيَّتَيْنِ.

(تَنْبِيهٌ) مَا تَقَرَّرَ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْأُمُورِ السَّابِقَةِ مَحَلُّهُ فِي الْوُضُوءِ غَيْرِ الْمُجَدَّدِ أَمَّا الْمُجَدَّدُ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِنِيَّةِ الرَّفْعِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ، وَقَدْ يُقَالُ يُكْتَفَى بِهَا كَالصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ غَيْرَ أَنَّ ذَاكَ مُشْكِلٌ خَارِجٌ عَنْ الْقَوَاعِدِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ، وَتَخْرِيجُهُ عَلَى الصَّلَاةِ لَيْسَ بِبَعِيدٍ لِأَنَّ قَضِيَّةَ التَّجْدِيدِ أَنْ يُعِيدَ الشَّيْءَ بِصِفَتِهِ الْأُولَى، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ تَجْدِيدًا.

(فَرْعٌ) (لَوْ نَوَى التَّبَرُّدَ، وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ) حَالَةَ كَوْنِهِ (مُسْتَحْضِرًا) عِنْدَ نِيَّةِ التَّبَرُّدِ (نِيَّةَ الْوُضُوءِ أَجْزَأَهُ) لِحُصُولِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ (كَمُصَلٍّ نَوَاهَا) أَيْ نَوَى الصَّلَاةَ (وَدَفَعَ غَرِيمٌ) فَإِنَّهَا تُجْزِئُهُ لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ عَنْ الْغَرِيمِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحْضِرًا فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ نِيَّتَهُ (تَبَعَّضَ الْوُضُوءُ) فَيَصِحُّ مِنْهُ مَا قَبْلَ نِيَّةِ التَّبَرُّدِ دُونَ مَا بَعْدَهَا لِوُجُودِ الصَّارِفِ، وَمِثْلُهَا نِيَّةُ التَّنْظِيفِ.

(فَرْعٌ) (لَوْ نَسِيَ لُمْعَةً)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

النَّوْمِ وَأَنْ لَا يَرْفَعَهُ أَوْ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ صَلَاةً وَأَنْ لَا يُصَلِّيَهَا فَلَا يَصِحُّ لِتَلَاعُبِهِ وَتَنَاقُضِهِ وَشَرْطُ نِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ قَصْدُ فِعْلِهَا بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ فَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ فِعْلَ الصَّلَاةِ بِوُضُوئِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَهُوَ تَلَاعُبٌ لَا يُصَارُ إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ قَوْلًا وَاحِدًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ مَرْدُودٌ) يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيّ بَقِيَ بَعْضُ حَدَثِهِ الَّذِي نَوَى رَفْعَهُ وَهُنَاكَ الْبَاقِي غَيْرُ الْحَدَثِ الْمَرْفُوعِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ إذَا رَفَعَ غَيْرَهُ غ. (قَوْلُهُ وَلَوْ طَوَافًا لِبَعِيدٍ ظَنَّ أَنَّهُ بِمَكَّةَ) الْفَاءُ لِلصِّفَةِ الَّتِي لَا تَتَأَتَّى مِنْهُ وَإِبْقَاءً لِنِيَّةِ الْعِبَادَةِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى الْوُضُوءِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ مُسْتَحَبًّا كَقِرَاءَةٍ إلَخْ) هُوَ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ نَوْعًا وَأَوْصَلَهَا بَعْضُهُمْ إلَى أَرْبَعِينَ. (قَوْلُهُ قَالَ الرُّويَانِيُّ قَالَ وَالِدِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ الثَّالِثُ أَدَاءُ الْوُضُوءِ إلَخْ) ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ فِعْلِ الصَّلَاةِ وَلَا يَكْفِي إحْضَارُ نَفْسِ الصَّلَاةِ غَافِلًا عَنْ الْفِعْلِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ يُتَّجَهُ مِثْلُهُ هُنَا عِنْدَ نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَالطَّهَارَةِ وَنَحْوِهَا ح.

(قَوْلُهُ أَوْ فَرْضُ الْوُضُوءِ) وَكَذَا أَدَاءُ فَرْضِ الطَّهَارَةِ كَمَا ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ سُلَيْمٌ فِي التَّقْرِيبِ ج (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ أَمَّا الْمُجَدِّدُ إلَخْ) مِثْلُهُ وُضُوءُ الْجُنُبِ إذَا تَجَرَّدَتْ جَنَابَتُهُ لِمَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوُضُوءُ مِنْ أَكْلٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ نَحْوِهِ وَبِهَذَا أَفْتَيْت (قَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ فِيهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ فَرْعٌ لَوْ نَوَى التَّبَرُّدَ وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ إلَخْ) سُئِلَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ هَلْ تَكُونُ كَنِيَّةِ التَّبَرُّدِ حَتَّى إذَا نَوَاهَا بَعْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ وَكَانَ غَافِلًا لَمْ يَصِحَّ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ فَأَجَابَ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ لِأَنَّ نِيَّةَ التَّبَرُّدِ فِيهَا صَرْفٌ لِغَرَضٍ آخَرَ وَأَمَّا نِيَّةُ الِاغْتِرَافِ فَلَيْسَ فِيهَا صَرْفٌ لِغَرَضٍ آخَرَ وَإِنَّمَا يَنْوِي الِاغْتِرَافَ لِيَمْنَعَ حُكْمَ الِاسْتِعْمَالِ فَهَذَا وَلَا بُدَّ ذَاكِرٌ لِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَقَوْلُهُ فَأَجَابَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمُصَلٍّ نَوَاهَا وَدَفَعَ غَرِيمٌ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا أَجْرَ لَهُ مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي كُلِّ مَا شَرَكَ فِيهِ بَيْنَ دِينِيٍّ وَدُنْيَوِيٍّ وَاخْتَارَ الْغَزَالِيُّ اعْتِبَارَ الْبَاعِثِ عَلَى الْعَمَلِ، فَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ قَصْدَ الدِّينِيِّ فَلَهُ أَجْرٌ بِقَدْرِهِ أَوْ الدُّنْيَوِيِّ فَلَا أَجْرَ لَهُ أَوْ تَسَاوَيَا تَسَاقَطَا ش قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>