الصَّلَعِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي النَّزَعَتَيْنِ (وَيَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِ الْعِذَارَيْنِ) بِإِعْجَامِ الذَّالِ (وَإِنْ كَثُفَا، وَهُمَا حِذَاءُ الْأُذُنَيْنِ) أَيْ مُحَاذِيَانِ لَهُمَا بَيْنَ الصُّدْغِ، وَالْعَارِضِ، وَقِيلَ هُمَا الْعَظَمَتَانِ النَّاتِئَانِ بِإِزَاءِ الْأُذُنَيْنِ (وَ) يَجِبُ غَسْلُ (بَاطِنِ سَائِرِ) أَيْ بَاقِي (شُعُورِ الْوَجْهِ) الَّتِي لَمْ تَخْرُجْ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ، وَإِنْ كَثُفَتْ لِأَنَّ كَثَافَتَهَا نَادِرَةٌ فَأُلْحِقَتْ بِالْغَالِبَةِ (لَا الْعَارِضَيْنِ الْكَثِيفَيْنِ) ، وَهُمَا الْمُنْحَطَّانِ عَنْ الْقَدْرِ الْمُحَاذِي لِلْأُذُنَيْنِ فَلَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِهِمَا لِمَا مَرَّ فِي اللِّحْيَةِ، وَلَوْ ذَكَرَهُمَا مَعَهَا كَمَا فِي الْأَصْلِ كَانَ أَنْسَبَ.
وَإِنَّمَا، وَجَبَ غَسْلُ بَاطِنِ الْكَثِيفِ فِي الْغُسْلِ مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ لِقِلَّةِ وُقُوعِهِ (وَ) يَجِبُ (غَسْلُ بَاطِنِ لِحْيَةِ امْرَأَةٍ، وَخُنْثَى) مُشْكِلٍ، وَإِنْ كَثُفَتْ لِنُدْرَتِهَا، وَنُدْرَةِ كَثَافَتِهَا، وَلِأَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْمَرْأَةِ إزَالَتُهَا لِأَنَّهَا مِثْلُهُ فِي حَقِّهَا، وَالْأَصْلُ فِي أَحْكَامِ الْخُنْثَى الْعَمَلُ بِالْيَقِينِ (وَ) يَجِبُ (غَسْلُ سِلْعَةٍ، وَظَاهِرِ شَعْرٍ مِنْ الْوَجْهِ) كَلِحْيَةٍ، وَعَذَارٍ، وَسِبَالٍ إذَا كَانَا (خَارِجَيْنِ عَنْ حَدِّهِ) تَبَعًا لَهُ لِحُصُولِ الْمُوَاجَهَةِ بِهِمَا أَيْضًا، وَأَطْلَقَ كَالْأَصْلِ الِاكْتِفَاءَ بِغَسْلِ ظَاهِرِ الشَّعْرِ الْمَذْكُورِ، وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ كَثِيفًا، وَإِلَّا، وَجَبَ غَسْلُ بَاطِنِهِ أَيْضًا كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ، وَصَوَّبَهُ قَالَ، وَكَلَامُ الْمُطْلِقِينَ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ، وَمُرَادُهُمْ الْكَثِيفُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ.
وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ الْحُكْمَ فِي السِّلْعَةِ، وَالشَّعْرِ بِالْخَارِجَيْنِ لِأَنَّ الدَّاخِلَيْنِ تَقَدَّمَ حُكْمُهُمَا، وَلِأَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّ الْخِلَافِ (وَ) يَجِبُ (غَسْلُ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ و) سَائِرِ (الْجَوَانِبِ الْمُجَاوِرَةِ لِلْوَجْهِ احْتِيَاطًا) لِيَتَحَقَّقَ اسْتِيعَابُهُ (، وَمَنْ لَهُ، وَجْهَانِ غَسَلَهُمَا) وُجُوبًا كَالْيَدَيْنِ عَلَى عَضُدٍ، وَاحِدٍ أَوْ رَأْسَانِ كَفَى مَسْحُ بَعْضِ أَحَدِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْوَجْهِ غَسْلُ جَمِيعِهِ فَيَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِ مَا يُسَمَّى وَجْهًا، وَفِي الرَّأْسِ مَسْحُ بَعْضِ مَا يُسَمَّى رَأْسًا، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِبَعْضِ أَحَدِهِمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَيُسَنُّ غَرْفُ مَاءِ الْوَجْهِ بِالْكَفَّيْنِ) لِلِاتِّبَاعِ، وَلِأَنَّهُ أَمْكَنُ، وَلَوْ أَخَّرَ هَذِهِ إلَى السُّنَنِ كَانَ أَنْسَبَ الْفَرْضِ.
(الثَّالِثُ غَسْلُ الْيَدَيْنِ مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَفَتْحِ الْفَاءِ، وَعَكْسِهِ قَالَ تَعَالَى {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦] وَدَلَّ عَلَى دُخُولِهَا الْآيَةُ، وَالْإِجْمَاعُ، وَفِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُبَيِّنُ لِلْوُضُوءِ الْمَأْمُورِ بِهِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَوَجْهُ دَلَالَةِ الْآيَةِ أَنْ تُجْعَلَ الْيَدُ الَّتِي هِيَ حَقِيقَةٌ إلَى الْمَنْكِبِ عَلَى الْأَصَحِّ مَجَازًا إلَى الْمِرْفَقِ مَعَ جَعْلِ إلَى لِلْغَايَةِ الدَّاخِلَةِ هُنَا فِي الْمُغَيَّا بِمَا يَأْتِي أَوْ لِلْمَعِيَّةِ كَمَا فِي {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} [آل عمران: ٥٢] أَوْ تُجْعَلَ بَاقِيَةً عَلَى حَقِيقَتِهَا إلَى الْمَنْكِبِ مَعَ جَعْلِ إلَى غَايَةً لِلْغَسْلِ أَوْ لِلتَّرْكِ الْمُقَدَّرِ كَمَا قَالَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا جَمَاعَةٌ فَعَلَى الْأَوَّلِ مِنْهُمَا تَدْخُلُ الْغَايَةُ بِقَرِينَتَيْ الْإِجْمَاعِ، وَالِاحْتِيَاطِ لِلْعِبَادَةِ، وَالْمَعْنَى اغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ مِنْ رُءُوسِ أَصَابِعِهَا إلَى الْمَرَافِقِ، وَعَلَى الثَّانِي تَخْرُجُ الْغَايَةُ.
وَالْمَعْنَى اغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ، وَاتْرُكُوا مِنْهَا إلَى الْمَرَافِقِ (فَإِنْ قُطِعَتْ) يَدُهُ (مِنْ الْمِرْفَقِ) بِأَنْ سُلَّ عَظْمُ الذِّرَاعِ، وَبَقِيَ الْعَظْمَتَانِ الْمُسَمَّيَانِ بِرَأْسِ الْعَضُدِ (وَجَبَ غَسْلُ رَأْسِ الْعَضُدِ) لِأَنَّهُ مِنْ الْمِرْفَقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَجْمُوعُ الْعَظْمَاتِ، وَالْإِبْرَةُ الدَّاخِلَةُ بَيْنَهُمَا لَا الْإِبْرَةُ، وَحْدَهَا (وَنُدِبَ غَسْلُ بَاقِيهِ) أَيْ الْعَضُدِ فَلَوْ قُطِعَتْ مِنْ تَحْتِ الْمِرْفَقِ، وَجَبَ غَسْلُ الْبَاقِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَنُدِبَ غَسْلُ الْعَضُدِ كَمَا فُهِمَا مَعًا بِالْأَوْلَى مِنْ الصُّورَةِ السَّابِقَةِ، وَالتَّصْرِيحُ يُنْدَبُ غَسْلُ الْبَاقِي فِيهَا مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ (كَأَنْ قُطِعَ مِنْ فَوْقِهِ) فَإِنَّهُ يُنْدَبُ غَسْلُ بَاقِي عَضُدِهِ لِئَلَّا يَخْلُو الْعُضْوُ عَنْ طَهَارَةٍ، وَلِتَطْوِيلِ التَّحْجِيلِ كَالسَّلِيمِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَسْقُطْ التَّابِعُ بِسُقُوطِ الْمَتْبُوعِ كَرَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ أَيَّامَ الْجُنُونِ لِأَنَّ سُقُوطَ الْمَتْبُوعِ ثَمَّ رُخْصَةٌ فَالتَّابِعُ أَوْلَى بِهِ، وَسُقُوطُهُ هُنَا لَيْسَ رُخْصَةً بَلْ لِتَعَذُّرِهِ فَحُسْنُ الْإِتْيَانِ بِالتَّابِعِ مُحَافَظَةٌ عَلَى الْعِبَادَةِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ كَإِمْرَارِ الْمُحْرِمِ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ عِنْدَ عَدَمِ شَعْرِهِ، وَلِأَنَّ التَّابِعَ ثَمَّ شُرِعَ تَكْمِلَةً لِنَقْصِ الْمَتْبُوعِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ كَلِحْيَةٍ وَعَذَارٍ وَسِبَالٍ إلَخْ) وَلَوْ لِامْرَأَةٍ وَخُنْثَى.
(قَوْلُهُ خَارِجَيْنِ عَنْ حَدِّهِ) اسْتَشْكَلَهُ صَاحِبُ الْوَافِي وَقَالَ أَرَى كُلَّ لِحْيَةٍ خَارِجَةٍ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ طُولًا وَعَرْضًا طَالَتْ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْخَارِجِ عَنْ حَدِّ الرَّأْسِ فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ بِالْمُشَاهَدَةِ قَالَ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا تَدَلَّى وَانْعَطَفَ وَخَرَجَ عَنْ الِانْتِصَابِ إلَى الِاسْتِرْسَالِ وَالنُّزُولِ فَإِنَّ أَوَّلَ خُرُوجِ الشَّعْرِ يَخْرُجُ مُنْتَصِبًا فَهُوَ عَلَى حَدِّ الْوَجْهِ وَمَا زَادَ عَنْ الِانْتِصَابِ إلَى الِاسْتِرْسَالِ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ حَدِّهِ، وَفِي الذَّخَائِرِ الْمُسْتَرْسِلُ هُوَ الشَّعْرُ الَّذِي يَسْتُرُ الْبَشَرَةَ وَيَنْتَشِرُ مِنْ مَنْبِتِهِ حَتَّى يُجَاوِزَ عَرْضَ الْوَجْهِ فِي اسْتِدَارَةِ الشَّعْرِ النَّابِتِ عَلَى الْوَجْهِ وَالِاعْتِبَارُ بِعَرْضِ الْوَجْهِ وَإِلَّا فَأَيُّ شَعْرٍ نَبَتَ عَلَى الذَّقَنِ وَلَوْ قَدْرَ نِصْفِ شَعْرَةٍ فَهُوَ زَائِدٌ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ طُولًا فَيُعْتَبَرُ الشَّعْرُ عَلَى هَذَا الْمَوْضِعِ بِأَنْ يَكُونَ طُولُهُ قَدْرَ مِسَاحَةِ مَا بَيْنَ الْعِذَارَيْنِ وَالْعَارِضَيْنِ مَعَهُمَا وَأَصْلِ الْأُذُنِ لِأَنَّ أَصْلَ الْأُذُنِ آخِرُ الْوَجْهِ عَرْضًا، فَإِنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى هَذَا الْقَدْرِ فَهُوَ الْمُسْتَرْسِلُ. (قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ بِكَسْرِ الْمِيمِ) وَفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ عَكْسِهِ ش (قَوْلُهُ وَأَيْدِيَكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ) ذَكَرَ الْمَرَافِقَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَالْكَعْبَيْنِ بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ لِأَنَّ مُقَابَلَةَ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ تَقْتَضِي انْقِسَامَ الْآحَادِ عَلَى الْآحَادِ وَلِكُلِّ يَدٍ مِرْفَقٌ فَصَحَّتْ الْمُقَابَلَةُ وَلَوْ قِيلَ إلَى الْكِعَابِ لَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْوَاجِبَ لِكُلِّ رِجْلٍ كَعْبٌ وَاحِدٌ فَذَكَرَ الْكَعْبَيْنِ بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ لِيَتَنَاوَلَ الْكَعْبَيْنِ مِنْ كُلِّ رِجْلٍ، فَإِنْ قِيلَ فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ أَنْ لَا يَجِبُ إلَّا غَسْلُ يَدٍ وَاحِدَةٍ وَرِجْلٍ وَاحِدَةٍ قُلْنَا صَدَّنَا عَنْهُ فِعْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ (قَوْلُهُ بِقَرِينَتَيْ الْإِجْمَاعِ وَالِاحْتِيَاطِ) أَيْ لَا لِكَوْنِهَا إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسِ مَا قَبْلَهَا تَدْخُلُ كَمَا قِيلَ لِعَدَمِ اطِّرَادِهِ كَمَا قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ وَغَيْرُهُ، فَإِنَّهَا قَدْ تَدْخُلُ كَمَا فِي نَحْوِ قَرَأْت الْقُرْآنَ إلَى آخِرِهِ وَقَدْ لَا تَدْخُلُ كَمَا فِي نَحْوِ قَرَأْت الْقُرْآنَ إلَى سُورَةِ كَذَا ش. (قَوْلُهُ وَعَلَى الثَّانِي تَخْرُجُ الْغَايَةُ إلَخْ) ، وَلِلِاسْتِدْلَالِ طَرِيقَةٌ أُخْرَى ذَكَرَهَا الْمُتَوَلِّي وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ {وَأَيْدِيَكُمْ} [المائدة: ٦] لَوَجَبَ غَسْلُ الْجَمِيعِ فَلَمَّا قَالَ {إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦] أَخْرَجَ الْبَعْضَ عَنْ الْوُجُوبِ فَمَا تَحَقَّقْنَا خُرُوجَهُ تَرَكْنَاهُ وَمَا شَكَكْنَا فِيهِ أَوْجَبْنَاهُ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُطِعَتْ يَدُهُ) أَنَّثَهَا لِأَنَّ مَا ثُنِّيَ فِي الْإِنْسَانِ مِنْ الْأَعْضَاءِ كَالْيَدِ وَالْعَيْنِ وَالْأُذُنِ فَهُوَ مُؤَنَّثٌ بِخِلَافِ الْأَنْفِ وَالْقَلْبِ وَنَحْوِهِمَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute