للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّكَاةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّخْفِيفِ بِخِلَافِهِمَا أَمَّا إذَا مَلَكَ بِنْتَ مَخَاضٍ فَلَا يُجْزِئُهُ مَا ذُكِرَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْأَصْلِ وَفِي كَيْفِيَّةِ مُطَالَبَةِ السَّاعِي بِالْوَاجِبِ عِنْدَ فَقْدِ بِنْتِ الْمَخَاضِ مَعَ ابْنِ اللَّبُونِ وَجْهَانِ نَقَلَهُمَا الشَّيْخَانِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ.

أَحَدُهُمَا يُخَيِّرُهُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي الْإِخْرَاجِ وَالثَّانِي يُطَالِبُهُ بِبِنْتِ مَخَاضٍ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فَإِنْ دَفَعَ ابْنَ لَبُونٍ قُبِلَ مِنْهُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنْ يُقَالَ لِلْخُنْثَى ابْنٌ وَلَيْسَ مُرَادًا وَخَرَجَ بِابْنِ اللَّبُونِ وَنَحْوِهِ ابْنُ الْمَخَاضِ فَلَا يُجْزِئُ وَهُوَ مَا أَوْرَدَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إنَّهُ يُجْزِئُ وَقَالَ الْقَاضِي إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ (لَا عَنْ بِنْتِ لَبُونٍ) أَيْ لَا يُؤْخَذُ عَنْهَا مَا ذُكِرَ لِأَنَّ زِيَادَةَ السِّنِّ فِي ابْنِ اللَّبُونِ وَنَحْوِهِ فِيمَا مَرَّ تُوجِبُ اخْتِصَاصَهُمَا بِقُوَّةِ وُرُودِ الْمَاءِ وَالشَّجَرِ وَالِامْتِنَاعَ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ بِخِلَافِهَا فِي الْحِقِّ وَنَحْوِهِ هُنَا لَا يُوجِبُ اخْتِصَاصَهُمَا عَنْ بِنْتِ اللَّبُونِ بِهَذِهِ الْقُوَّةِ بَلْ هِيَ مَوْجُودَةٌ فِيهِمَا جَمِيعًا فَلَيْسَتْ الزِّيَادَةُ هُنَا فِي مَعْنَى الزِّيَادَةِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَبْرِهَا ثَمَّ جَبْرُهَا هَا هُنَا (وَ) بِنْتُ الْمَخَاضِ (الْمَعِيبَةُ وَالْمَغْصُوبَةُ) إذَا عَجَزَ عَنْ تَخْلِيصِهَا (وَالْمَرْهُونَةُ بِمُؤَجَّلٍ كَالْمَعْدُومَةِ) فَيُؤْخَذُ عَنْهَا مَا ذُكِرَ لِعَدَمِ إجْزَاءِ الْمَعِيبَةِ وَعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ إخْرَاجِ الْأَخِيرَتَيْنِ وَهُمَا مَعَ مَا بَعْدَهُمَا إلَى آخِرِ الْفَصْلِ مَا عَدَا مَسْأَلَةَ الْكَرِيمَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَخَرَجَ بِالْمُؤَجَّلِ الْمَرْهُونَةُ بِحَالٍ أَوْ بِمُؤَجَّلٍ حَلَّ أَيْ وَقَدَرَ عَلَى فَكِّهَا فَيَخْرُجُهَا (وَلَوْ مَلَكَ هُوَ أَوْ وَارِثُهُ بِنْتَ الْمَخَاضِ بَيْنَ) تَمَامِ (الْحَوْلِ وَالْأَدَاءِ تَعَيَّنَتْ) لِلْأَدَاءِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الثَّانِيَةِ خِلَافُ الْمَنْقُولِ فَقَدْ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَوْ تَلِفَتْ بِنْتُ الْمَخَاضِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ إخْرَاجِهَا فَيُتَّجَهُ امْتِنَاعُ ابْنِ اللَّبُونِ لِتَقْصِيرِهِ (وَلَوْ كَانَ لَهُ كَرِيمَةٌ لَمْ يُجْزِهِ ابْنُ لَبُونٍ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى بِنْتِ الْمَخَاضِ (وَلَمْ يُكَلَّفْهَا) «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ عَامِلًا إيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَإِنْ تَطَوَّعَ بِهَا فَقَدْ أَحْسَنَ هَذَا إنْ كَانَتْ بَقِيَّةٌ بَلْ مَهَازِيلُ كَمَا قَيَّدَ بِهَا الْأَصْلُ فَإِنْ كَانَتْ كِرَامًا لَزِمَهُ إخْرَاجُ كَرِيمَةٍ إذْ لَا تَكْلِيفَ وَكَرَائِمُ الْأَمْوَالِ نَفَائِسُهَا الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا نَفْسُ مَالِكِهَا لِعِزَّتِهَا عَلَيْهِ بِسَبَبِ مَا جَمَعْت مِنْ جَمِيلِ الصِّفَاتِ (وَلَا يُكَلَّفُ عَنْ الْحَوَامِلِ حَامِلًا) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ أَخْذِ الشَّافِعِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ أَخْذِ حَيَوَانَيْنِ فَلَوْ أَخْرَجَ حَامِلًا قُبِلَتْ مِنْهُ وَالْحَمْلُ لَيْسَ عَيْبًا فِي الْبَهَائِمِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ خِيَارِ النَّقْصِ.

(فَرْعٌ) إذَا بَلَغَتْ إبِلُهُ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا أَرْبَعُ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ لِأَنَّهَا أَرْبَعُ خَمْسِينَاتٍ وَخَمْسُ أَرْبَعِينَاتِ وَلَهُ فِيهَا خَمْسَةُ أَحْوَالٍ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَجِدَ عِنْدَهُ كُلَّ الْوَاجِبِ بِكُلِّ الْحِسَابَيْنِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ أَوْ يَجِدَ بَعْضَهُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا أَوْ لَا يَجِدُ شَيْئًا مِنْهُمَا وَقَدْ بَيَّنَهَا بِهَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (صَاحِبُ الْمِائَتَيْنِ) أَيْ مِنْ الْإِبِلِ (يَلْزَمُهُ) فِيهَا (الْأَغْبَطُ لِلْمَسَاكِينِ مِنْ أَرْبَعِ حِقَاقٍ وَخَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ إنْ وُجِدَا مَعَهُ) بِصِفَةِ الْإِجْزَاءِ مِنْ غَيْرِ نَفَاسَةٍ عَلَى بَقِيَّةِ الْإِبِلِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَرَضَهُ فَإِذَا اجْتَمَعَا رُوعِيَ مَا فِيهِ حَظُّ الْأَصْنَافِ إذْ لَا مَشَقَّةَ فِي تَحْصِيلِهِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: ٢٦٧] وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَسَاكِينِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي مِمَّا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالزَّكَاةِ أَحَدُ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ بَلْ جَمِيعُهَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي بَابِ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ إنَّمَا عَبَّرُوا بِهِمْ أَوْ بِالْفُقَرَاءِ لِغَلَبَتِهِمْ وَلِأَنَّهُمْ أَهَمُّ الْأَصْنَافِ وَأَشْهَرُهَا عَلَى أَنَّ لَفْظَ الْمَسَاكِينِ سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ.

(فَلَوْ أَخَذَ غَيْرَ الْأَغْبَطِ بِلَا تَقْصِيرٍ) مِمَّنْ يَأْتِي (أَجْزَأَهُ) لِلْعُذْرِ (وَجُبِرَ) التَّفَاوُتُ لِنَقْصِ حَقِّ الْمُسْتَحِقِّينَ (بِالنَّقْدِ) أَيْ بِنَقْدِ الْبَلَدِ (أَوْ بِجُزْءٍ مِنْ الْأَغْبَطِ) لِأَنَّهُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ أَمَّا إذَا مَلَكَ بِنْتَ الْمَخَاضِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مِنْ النِّصَابِ بِأَنْ كَانَتْ مَعْلُوفَةً كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْمُتَّجَهُ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي يُطَالِبُهُ بِبِنْتِ مَخَاضٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهَذَا أَحْسَنُ غ (قَوْلُهُ لِأَنَّ زِيَادَةَ السِّنِّ فِي ابْنِ اللَّبُونِ إلَخْ) وَلِأَنَّ فِي بِنْتِ اللَّبُونِ خِيَارَيْنِ بِالنُّزُولِ وَالصُّعُودِ فَلَا تَثْبُتُ ثَالِثًا بِإِخْرَاجِ الْحَقِّ وَفِي بِنْتِ الْمَخَاضِ خِيَارٌ بِالصُّعُودِ فَقَطْ فَأَثْبَتْنَا لَهُ ثَانِيًا (قَوْلُهُ تَعَيَّنَتْ لِلْأَدَاءِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي عَدَمِهَا حَالَةَ الْأَدَاءِ لَا حَالَةَ الْوُجُودِ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ فَقَدْ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرُّويَانِيِّ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ إخْرَاجِ ابْنِ اللَّبُونِ وَعِنْدَ وَارِثِهِ بِنْتُ مَخَاضٍ أَجْزَأَهُ ابْنُ اللَّبُونِ. اهـ. فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى صَيْرُورَتِهَا بِنْتَ مَخَاضٍ فِي الْمَوْرُوثِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ الزَّكَاةُ وَكَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَيُتَّجَهُ امْتِنَاعُ ابْنِ اللَّبُونِ لِتَقْصِيرِهِ) الْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْأَدَاءِ ثُمَّ رَأَيْت السُّبْكِيَّ قَالَ إنَّهُ الَّذِي يَظْهَرُ (قَوْلُهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى بِنْتِ الْمَخَاضِ) وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ وُجُودُهَا الصُّعُودَ وَالنُّزُولَ وَفَرَّقَ الرُّويَانِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الذَّكَرَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي فَرَائِضِ الْإِبِلِ فَكَانَ الِانْتِقَالُ إلَيْهِ أَغْلَظَ مِنْ الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يُكَلِّفُ عَنْ الْحَوَامِلِ حَامِلًا) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَيَلْحَقُ بِهَا مِنْ طُرُقِهَا الْفَحْلُ وَلَوْ مَرَّةً لِأَنَّ عَادَةَ الْبَهَائِمِ الْحَمْلُ مِنْ مَرَّةٍ بِخِلَافِ الْآدَمِيَّاتِ وَقَوْلُهُ عَنْ الْحَوَامِلِ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُكَلِّفُهَا عَنْ غَيْرِ الْحَوَامِلِ مِنْ بَابِ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ فَفِيهَا أَرْبَعُ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد عَنْ كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِذَا كَانَتْ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا أَرْبَعُ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ» أَيْ السِّنِينَ وُجِدَتْ أُخِذَتْ. اهـ. فَأُوفِيهِ عِنْدَ وُجُودِ السِّنِينَ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ (قَوْلُهُ صَاحِبُ الْمِائَتَيْنِ) أَيْ أَوْ وَلِيُّهُ (قَوْلُهُ يَلْزَمُهُ الْأَغْبَطُ لِلْمَسَاكِينِ) لِزِيَادَةِ قِيمَةٍ أَوْ بِاحْتِيَاجِهِمْ إلَيْهِ لِحَمْلٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ إنْ وُجِدَا مَعَهُ) أَيْ حَالَ الْأَدَاءِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الشَّاتَيْنِ وَالدَّرَاهِمِ أَنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَمَنْ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ أَحَدُ حَقَّيْنِ كَانَ مُخَيَّرًا فِي دَفْعِ أَيِّهِمَا شَاءَ بِخِلَافِ الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ فَإِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ فَخَيَّرْنَا مُسْتَحِقَّهَا وَفَرْقٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا جَازَ لِرَبِّ الْمَالِ الْعُدُولُ عَنْ الْعِشْرِينَ وَالشَّاتَيْنِ إلَى جَوَازِ دَفْعِ الْفَرِيضَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ الشَّاتَيْنِ وَالدَّرَاهِمِ وَلَمَّا لَمْ يَجُزْ لَهُ الْعُدُولُ عَنْ هَذَيْنِ إلَى غَيْرِهِمَا لَمْ يَكُنْ مُخَيَّرًا بَيْنَهُمَا وَفَرَّقَ الْأَصْحَابُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَقْدِ الْوَاجِبِ فِي الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ بِأَنَّ الْمَالِكَ هُنَاكَ لَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنْهُمَا بِتَحْصِيلِ الْفَرْضِ وَإِنَّمَا شُرِعَا لَهُ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ فَفُوِّضَ إلَيْهِ وَهَا هُنَا بِخِلَافِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>