بِخِلَافِ مَا إذَا أَطَاقَهُ بِأَنْ كَانَ قَدْرًا يَعْتَادُ مِثْلُهُ حَمْلَهُ بِنَفْسِهِ لِانْتِفَاءِ الْحَاجَةِ وَمَا زِدْتُهُ مِنْ التَّمْلِيكِ فِيمَا ذُكِرَ أَخَذْتُهُ مِنْ إطْلَاقِ الْأَصْلِ قَوْلُهُ وَيُهَيَّأُ لَهُ الْمَرْكُوبُ وَمِمَّا يَأْتِي فِي الْغَازِي وَإِنْ فُرِّقَ بِأَنَّ الْغَازِيَ يُعْطَى لِحَاجَتِنَا مَعَ الْغِنَى، وَابْنُ السَّبِيلِ يُعْطَى لِحَاجَتِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِيمَا قُلْنَا لِأَنَّهُ إذَا رَجَعَ اُسْتُرِدَّ مِنْهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي عَلَى أَنَّهُ نُقِلَ عَنْ السَّرَخْسِيِّ وَأَقَرَّهُ أَنَّهُ إنْ قَلَّ الْمَالُ أُعْطِيَ كِرَاءَ الْمَرْكُوبِ وَإِلَّا اُشْتُرِيَ لَهُ ذَلِكَ وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْمَغَازِي أَنَّهُ إنْ قَلَّ الْمَالُ تَعَيَّنَ الِاسْتِئْجَارُ أَوْ الْإِعَارَةُ لَهُ
(فَرْعٌ وَالْغَازِي يُعْطَى النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَإِقَامَةً فِي الثَّغْرِ) إلَى الْفَتْحِ (وَإِنْ طَالَتْ) بِخِلَافِ ابْنِ السَّبِيلِ لَا يُعْطَى لِمُدَّةِ إقَامَتِهِ الزَّائِدَةِ عَلَى إقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ كَمَا مَرَّ لِزَوَالِ الِاسْمِ عَنْهُ وَاسْمُ الْغَازِي لَا يَزُولُ بِذَلِكَ بَلْ يَتَأَكَّدُ بِهِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ لِتَوَقُّعِ فَتْحِ الْحِصْنِ (وَ) يُعْطَى (نَفَقَةَ عِيَالِهِ) وَكِسْوَتَهُمْ لِذَلِكَ (وَقِيمَةُ الْفَرَسِ) إنْ كَانَ مِمَّنْ يُقَابِلُ فَارِسًا وَإِلَّا فَلَا (وَ) قِيمَةَ (آلَةِ الْحَرْبِ) لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ (وَيَصِيرُ) جَمِيعُ ذَلِكَ (مِلْكَهُ) وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يُعْطِيَهُ الْفَرَسَ وَالْآلَةَ لِامْتِنَاعِ الْإِبْدَالِ فِي الزَّكَاةِ وَلِلْإِمَامِ ذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَيْهِ فَيَشْتَرِي لَهُ ذَلِكَ وَيُعْطَاهُ (أَوْ يُسْتَأْجَرُ لَهُ أَوْ يُعَارُ) لَهُ مِمَّا اشْتَرَاهُ وَوَقَفَهُ كَمَا سَيَأْتِي أَوْ لَمْ يَقِفْهُ لَكِنْ يَتَعَيَّنُ الِاسْتِئْجَارُ أَوْ الْإِعَارَةُ (إنْ قَلَّ الْمَالُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيَخْتَلِفُ الْحَالُ بِحَسَبِ كَثْرَةِ الْمَالِ وَقِلَّتِهِ (وَلِلْإِمَامِ) لَا لِلْمَالِكِ (أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ هَذَا السَّهْمِ خَيْلًا وَيَقِفَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) وَيُعِيرَهُ إيَّاهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ وَفِي نُسْخَةٍ وَيُوقِفَهَا مِنْ أَوْقَفَهُ وَهِيَ لُغَةٌ شَاذَّةٌ (وَحَمْلُ زَادِهِ وَ) حَمْلُ (نَفْسِهِ) فِي الطَّرِيقِ (كَابْنِ السَّبِيلِ) فَيُعْطَى مَا يَحْمِلُهُ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ
(فَرْعٌ إنَّمَا يُعْطَى) الْغَازِي ذَلِكَ (وَقْتَ الْخُرُوجِ) لِيُهَيِّئَ بِهِ أَسْبَابَ السَّفَرِ (فَإِنْ مَاتَ فِي الطَّرِيقِ) أَوْ فِي الْمَقْصِدِ أَوْ امْتَنَعَ فِيهَا مِنْ الْغَزْوِ (اُسْتُرِدَّ) مِنْهُ (مَا بَقِيَ وَإِنْ غَزَا وَرَجَعَ وَبَقِيَ مَعَهُ شَيْءٌ فَإِنْ قَتَّرَ) أَيْ ضَيَّقَ عَلَى نَفْسِهِ (أَوْ كَانَ) الْبَاقِي قَدْرًا (يَسِيرًا لَمْ يُسْتَرَدَّ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقَتِّرْ وَكَانَ الْبَاقِي قَدْرًا كَثِيرًا (اُسْتُرِدَّ) لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُعْطَى لَهُ فَوْقَ الْحَاجَةِ وَإِنَّ الْمُعْطِي أَخْطَأَ فِي الِاجْتِهَادِ (وَيُسْتَرَدُّ فَاضِلُ ابْنِ السَّبِيلِ مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّا دَفَعْنَا إلَى الْغَازِي لِحَاجَتِنَا وَقَدْ تَحَصَّلْنَا عَلَى الْغَرَضِ لَمَّا غَزَا، وَابْنِ السَّبِيلِ إلَيْهِ لِحَاجَتِهِ وَقَدْ زَالَتْ.
(فَرْعٌ الْمُؤَلَّفُ) بِأَنْوَاعِهِ (يُعْطَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ) أَوْ الْمَالِكُ إنْ فَرَّقَ عَلَى قِيَاسِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يُعْطَى الْمُؤَلَّفُ أَوْ يُقَالُ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ سَوَاءٌ أَفَرَّقَ هُوَ أَوْ الْمَالِكُ (وَالْعَامِلُ يَسْتَحِقُّ) مِنْ الزَّكَاةِ (أُجْرَةَ) مِثْلِ (مَا عَمِلَهُ) فَإِنْ شَاءَ الْإِمَامُ بَعَثَهُ بِلَا شَرْطٍ ثُمَّ أَعْطَاهُ إيَّاهَا وَإِنْ شَاءَ سَمَّاهَا لَهُ إجَارَةً كَمَا سَيَأْتِي أَوْ جَعَالَةً ثُمَّ أَدَّاهُ مِنْ الزَّكَاةِ وَبِمَا قَالَهُ عُلِمَ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِالْعَمَلِ وَبِهِ صَرَّحَ أَوَاخِرَ الْبَابِ فَلَوْ أَدَّاهَا الْمَالِكُ قَبْلَ قُدُومِ الْعَامِلِ أَوْ حَمَلَهَا إلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ (وَلِلْإِمَامِ اسْتِئْجَارُهُ لَا بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ فَإِنْ زَادَ) عَلَيْهَا (بَطَلَتْ) أَيْ الْإِجَارَةُ لِتَصَرُّفِهِ بِغَيْرِ الْمَصْلَحَةِ (وَالزَّائِدُ) مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِ (عَلَى أُجْرَتِهِ) يَرْجِعُ لِلْأَصْنَافِ وَمَتَى نَقَصَ سَهْمُهُ عَنْهَا كَمَّلَ (قَدْرَهَا) مِنْ الزَّكَاةِ ثُمَّ قَسَّمَ الْبَاقِي (وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يَجْعَلَ أُجْرَةَ الْعَامِلِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) إجَارَةً أَوْ جَعَالَةً (جَازَ وَبَطَلَ سَهْمُهُ) فَتُقْسَمُ الزَّكَاةُ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَامِلٌ.
(فَرْعٌ) قَالَ الدَّارِمِيُّ وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى الْعَامِلُ إذَا لَمْ يُوجَدْ مُتَطَوِّعٌ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْهُ وَأَقَرَّهُ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ عَمِلَ مُتَبَرِّعًا لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا عَلَى الْقَاعِدَةِ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَكِنْ رَدَّهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ هَذَا فَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِمَنْ عَمَلَ كَالْغَنِيمَةِ يَسْتَحِقُّهَا الْمُجَاهِدُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إلَّا إعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا عَمِلَ عَلَى أَنْ لَا يَأْخُذَ شَيْئًا اسْتَحَقَّ وَإِسْقَاطُهُ بَعْدَ الْعَمَلِ لِمَا مَلَكَهُ بِهِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِمَا يُنْقَلُ الْمِلْكُ مِنْ هِبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَلَيْسَ كَمَنْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ عَمَلًا بِقَصْدِ التَّبَرُّعِ حَتَّى يُقَالَ إنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَى شَرْطٍ مِنْ الْمَخْلُوقِ وَهَذَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى كَالْمِيرَاثِ وَالْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ.
(فَرْعٌ مَتَى اجْتَمَعَ فِي رَجُلٍ) مَثَلًا (صِفَتَانِ) كَفَقِيرٍ غَازٍ (وَلَوْ) كَانَ (عَامِلًا فَقِيرًا أَخَذْنَا بِأَيَّتِهِمَا شَاءَ) لَا بِهِمَا لِأَنَّ الْعَطْفَ فِي الْآيَةِ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ وَالتَّرْجِيحُ فِي الْعَامِلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَعَلَى هَذَا (فَإِنْ أَخَذَ فَقِيرٌ) غَارِمٌ (مَعَ الْغَارِمِينَ) نَصِيبَهُ مِنْ سَهْمِهِمْ (فَأَعْطَاهُ غَرِيمُهُ أُعْطِيَ مَعَ الْفُقَرَاءِ) نَصِيبَهُ مِنْ سَهْمِهِمْ لِأَنَّهُ الْآنَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَقِيمَةُ الْفَرَسِ إلَخْ) وَهَذَا غَيْرُ مَرْكُوبِهِ فِي السَّفَرِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَوْفِيرِ الْخَيْلِ إلَى وَقْتِ الْحَرْبِ إذْ لَوْ رَكِبُوهَا مِنْ دَارِنَا إلَى دَارِ الْحَرْبِ رُبَّمَا كَلَّتْ وَعَجَزَتْ عَنْ الْكَرِّ وَالْفَرِّ حَالَ الْمُطَارَدَةِ وَالْقِتَالِ لَا سِيَّمَا إذَا بَعُدَ الْمَغْزَى (قَوْلُهُ أَوْ يَسَارٌ لَهُ) فِي تَسْمِيَةِ هَذَا عَارِيَّةٍ نَظَرٌ فَإِنَّ انْتِفَاعَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِالْوَقْفِ لَيْسَ عَارِيَّةً وَلِهَذَا لَا يَضْمَنُهُ إذَا تَلِفَ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ التَّسْمِيَةَ صَحِيحَةٌ إذْ لَيْسَ لِلْآحَادِ الِاسْتِبْدَادُ بِأَخْذِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا بِإِذْنِ النَّاظِرِ عَلَى الْوَقْفِ وَلَيْسَ هُوَ مُعَيَّنًا فِي الْوَقْفِ حَتَّى يَكُونَ مَالِكًا لِلْمَنْفَعَةِ وَإِنَّمَا الْوَقْفُ عَلَى الْجِهَةِ فَصَحَّ تَسْمِيَةُ ذَلِكَ عَارِيَّةً وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ عَارِيَّةً أَنْ يَضْمَنَهُ فَالْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَضْمَنُ وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ كُتُبًا وَشَرَطَ أَنْ لَا يُعَارُ مِنْهَا شَيْءٌ إلَّا بِرَهْنٍ صَحَّ الْوَقْفُ وَاتُّبِعَ الشَّرْطُ فَالْقَفَّالُ قَدْ أَطْلَقَ الْعَارِيَّةَ عَلَى الْوَقْفِ قَالَ شَيْخُنَا الشَّرْطُ بَاطِلٌ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ هَذَا السَّهْمِ خَيْلًا إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ لَهُ فِي إعْطَاءِ الْفَرَسِ وَالسِّلَاحِ طُرُقٌ دَفْعُ الثَّمَنِ أَوْ الْأُجْرَةِ أَوْ الشِّرَاءِ أَوْ الِاسْتِئْجَارِ لَهُ أَوْ لِلْجِهَةِ أَوْ الْوَقْفِ عَلَيْهَا وَلَا يَمْلِكُ إلَّا فِي دَفْعِ الثَّمَنِ.
(قَوْلُهُ وَالْعَامِلُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ مَا عَمِلَهُ) وَلَوْ كَانَ مَا جَمَعَهُ مِنْ الزَّكَاةِ قَدْرَهَا (قَوْلُهُ وَلِلْإِمَامِ اسْتِئْجَارُهُ لَا بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ إلَخْ) نَقَلَ الْجُورِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ السَّاعِيَ يَأْخُذُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ بِأَنَّ قِسْمَةَ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ لَا يَسْتَقِلُّ بِهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حَتَّى يَحْضُرَ الْآخَرُ أَوْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي إلَّا أَنْ يَعْتَذِرَ بِأَنَّهُ أَمِينٌ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ (قَوْلُهُ لَكِنْ رَدَّهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ هَذَا فَرْضُ اللَّهِ تَعَالَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ عَامِلًا فَقِيرًا) أَيْ أَوْ غَارِمًا