للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الْيُسْرَى) هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَصَحَّحَهُ الْأَصْلُ، وَخَالَفَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَحَكَى فِيهِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا هَذَا، وَالثَّانِي بِخِنْصِرِ الْيَدِ الْيُمْنَى، وَالثَّالِثُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ ثُمَّ قَالَ، وَهُوَ الرَّاجِحُ الْمُخْتَارُ، وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ (وَإِيصَالُ الْمَاءِ) إلَى مَا بَيْنَهُمَا (وَاجِبٌ) إذَا كَانَتْ مُلْتَفَّةً لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَيْهِ إلَّا بِالتَّخْلِيلِ أَوْ نَحْوِهِ، وَلَوْ كَانَتْ مُلْتَحِمَةً لَمْ يَجُزْ فَتْقُهَا، وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ (وَنُدِبَ تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ بِالتَّشْبِيكِ) بَيْنَهَا لِخَبَرِ لَقِيطٍ

(وَمِنْهَا تَرْكُ الِاسْتِعَانَةِ فِي صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ الْأَكْثَرُ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأَنَّهَا تَرَفُّهٌ، وَتَكَبُّرٌ لَا يَلِيقُ بِالْمُتَعَبِّدِ فَهِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى حَيْثُ لَا عُذْرَ، وَإِنَّمَا لَمْ تُكْرَهْ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَبَّ عَلَيْهِ أُسَامَةُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَالْمُغِيرَةُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ» (لَا تَرْكُ) الِاسْتِعَانَةِ فِي (إحْضَارِهِ) أَيْ الْمَاءِ فَلَيْسَ بِسُنَّةٍ فَلَا تَكُونُ هِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى لِثُبُوتِهَا عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثِيرًا، وَكُرِهَ مَا ذُكِرَ مِنْ الِاسْتِعَانَةِ (فِي غَسْلِ الْعُضْوِ بِلَا عُذْرٍ) لِأَنَّهَا تَرَفُّهٌ زَائِدٌ لَا يَلِيقُ بِالْمُتَعَبِّدِ فَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ لَمْ تُكْرَهْ بَلْ قَدْ تَجِبُ، وَلَوْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَيَنْبَغِي أَيْ فِي عَدَمِ كَرَاهَتِهَا أَنْ يَكُونَ الْمُعِينُ أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ لِيَخْرُجَ الْكَافِرُ، وَنَحْوُهُ، وَتَعْبِيرُهُمْ بِلَفْظِ الِاسْتِعَانَةِ الْمُقْتَضِي طَلَبَهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَسْتَخْدِمُهُ فَخَدَمَهُ سَاكِتًا لَمْ يَحْنَثْ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طَلَبِهَا، وَعَدَمِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ (، وَيَضَعُ) نَدْبًا الْمُتَوَضِّئُ (الْمَاءَ عَنْ يَمِينِهِ) إنْ كَانَ يَغْتَرِفُ مِنْهُ، وَعَنْ يَسَارِهِ إنْ كَانَ يَصُبُّ مِنْهُ عَلَى يَدِهِ كَإِبْرِيقٍ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْكَنُ فِيمَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ.

وَاسْتَثْنَى السَّرَخْسِيُّ مَا إذَا فَرَغَ مِنْ غَسْلِ وَجْهِهِ، وَيَمِينِهِ فَيُحَوِّلُ الْإِنَاءَ إلَى يَمِينِهِ، وَيَصُبُّ عَلَى يَسَارِهِ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي غَسْلِ الْيَدَانِ يَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى كَفِّهِ فَيَغْسِلُهَا ثُمَّ يَغْسِلُ سَاعِدَهُ ثُمَّ مِرْفَقَهُ قَالَ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْجُمْهُورُ هَذَا التَّحْوِيلَ (وَيَقِفُ الْمُعِينُ) لَهُ (بِالصَّبِّ عَلَى يَسَارِهِ) لِأَنَّهُ أَعْوَنُ وَأَمْكَنُ، وَأَحْسَنُ أَدَبًا، وَقَوْلُهُ وَيَضَعُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ

(وَ) مِنْهَا (تَرْكُ التَّنْشِيفِ) مِنْ بَلَلِ مَاءِ الْوُضُوءِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ «أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ اغْتِسَالِهِ بِمِنْدِيلٍ فَرَدَّهُ، وَجَعَلَ يَنْفُضُ الْمَاءَ بِيَدِهِ» ، وَلِأَنَّهُ أَثَرُ عِبَادَةٍ فَكَانَ تَرْكُهُ أَوْلَى، وَاخْتَارَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ مُبَاحٌ تَرْكُهُ وَفِعْلُهُ سَوَاءٌ هَذَا إذَا لَمْ يَحْتَجَّ إلَيْهِ لِخَوْفِ بَرْدٍ، وَالْتِصَاقِ نَجَاسَةٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَإِلَّا فَلَا يُسَنُّ تَرْكُهُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ يَتَأَكَّدُ سُنَّةً إذَا خَرَجَ عَقِبَ الْوُضُوءِ فِي مَحَلِّ النَّجَاسَاتِ عِنْدَ هُبُوبِ الرِّيحِ، وَكَذَا لَوْ آلَمَهُ شِدَّةُ بَرْدِ الْمَاءِ أَوْ الْمَرَضِ أَوْ الْجُرْحِ أَوْ كَانَ يَتَيَمَّمُ أَثَرَهُ أَوْ نَحْوَهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَنْ يَحْمِلُ الثَّوْبَ الَّذِي يَتَنَشَّفُ بِهِ، وَقَفَ عَنْ يَمِينِهِ انْتَهَى، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْمُعِينِ أَنْ يَقِفَ عَنْ يَسَارِهِ قَالَ فِي الذَّخَائِرِ، وَإِذَا تَنَشَّفَ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ بِذَيْلِهِ، وَطَرَفِ ثَوْبِهِ، وَنَحْوِهِمَا (وَأَمَّا النَّفْضُ لِلْمَاءِ فَمُبَاحٌ) تَرْكُهُ، وَفِعْلُهُ سَوَاءٌ لَا مَكْرُوهٌ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي النَّهْيِ شَيْءٌ وَثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ كَمَا مَرَّ.

وَأَمَّا خَبَرُ «إذَا تَوَضَّأْتُمْ فَلَا تَنْفُضُوا أَيْدِيَكُمْ فَإِنَّهَا مَرَاوِحُ الشَّيْطَانِ» فَضَعِيفٌ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمَجْمُوعِ، وَجَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ بِأَنَّ تَرْكَهُ سُنَّةٌ، وَرَجَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ لِأَنَّهُ كَالتَّبَرِّي مِنْ الْعِبَادَةِ، وَقَالَ فِي شَرْحَيْ مُسْلِمٍ، وَالْوَسِيطِ أَنَّهُ الْأَشْهَرُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَبِهِ الْفَتْوَى فَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ كَجٍّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ

(وَمِنْهَا مَنْدُوبَاتٌ أُخَرُ) ، وَهِيَ (أَنْ يَقُولَ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ) ، وَهِيَ أَوَّلُ السُّنَنِ غَيْرُ النِّيَّةِ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْمَاءَ طَهُورًا) لِمُنَاسَبَتِهِ الْمَقَامَ لَكِنَّهُ جَعَلَ فِي الْأَذْكَارِ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ دُعَاءِ الْأَعْضَاءِ الَّذِي لَا أَصْلَ لَهُ (وَاسْتِصْحَابُ النِّيَّةِ) فِي جَمِيعِ الْأَفْعَالِ ذِكْرًا كَالصَّلَاةِ، وَلِئَلَّا يَخْلُوَ عَمَلُهُ عَنْهَا حَقِيقَةً أَمَّا اسْتِصْحَابُهَا حُكْمًا بِأَنْ لَا يَأْتِيَ بِمَا يُنَافِيهَا فَوَاجِبٌ كَمَا مَرَّ (وَالتَّلَفُّظُ بِهَا) لِيُسَاعِدَ اللِّسَانُ الْقَلْبَ، وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ (سِرًّا) مِنْ زِيَادَتِهِ (وَتَقْدِيمُهَا مَعَ أَوَّلِ السُّنَنِ) عِنْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ (لِتَحْصُلَ) أَيْ السُّنَنُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ، وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ) أَيْ وَشَرْحِ التَّنْبِيهِ

(قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَيْ فِي عَدَمِ كَرَاهَتِهَا إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى السَّرَخْسِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ وَمِنْهَا تَرْكُ التَّنْشِيفِ) يُسْتَحَبُّ التَّنْشِيفُ فِي طَهَارَةٍ وَاحِدَةٍ بِلَا خِلَافٍ وَهِيَ غُسْلُ الْمَيِّتِ. (قَوْلُهُ أَيْضًا وَمِنْهَا تَرْكُ التَّنْشِيفِ) وَالتَّنْشِيفُ أَخْذُ الْمَاءِ بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَالتَّعْبِيرُ بِهِ هُوَ الْمُنَاسِبُ وَأَمَّا النَّشْفُ بِمَعْنَى الشُّرْبِ فَلَا يَظْهَرُ هُنَا إلَّا بِنَوْعِ تَكَلُّفٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَبَّانِيُّ ش. (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ يَتَأَكَّدُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا بَلْ قَدْ يَصِلُ لِلْوُجُوبِ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ) أَيْ وَنُكَتِ التَّنْبِيهِ ح (قَوْلُهُ وَجَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ بِأَنَّ تَرْكَهُ سُنَّةٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَبِهِ الْفَتْوَى) ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ مَذْهَبًا وَبِهِ جَزَمَ خَلَائِقُ مِنْ الْأَصْحَابِ أَيْ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَفْعَلْهُ فِي وُضُوئِهِ وَفَعَلَهُ فِي غُسْلِهِ قَلِيلًا لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ نَفْضَ الْيَدِ عِنْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ وَالْأُذُنِ، وَقَالَ إنَّهُ مُسْتَحَبٌّ، وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ إرْسَالُهُمَا لَا نَفْضُهُمَا. (قَوْلُهُ فَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ كَجٍّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ) وَادَّعَى النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ أَنَّهُ لَا نَصَّ لِلشَّافِعِيِّ فِيهَا ش

(قَوْلُهُ أَيْ السُّنَنُ الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ) أَيْ ثَوَابُهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ الْمَنْوِيَّةُ انْتَهَى، وَفِيهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُهَا إذَا تَعَرَّضَ فِي نِيَّتِهِ لَهَا، وَفِي مَعْنَاهُ مَا يَشْمَلُ فَرْضَ الْوُضُوءِ وَنَفْلَهُ كَنِيَّةِ الْوُضُوءِ أَوْ الطَّهَارَةِ أَمَّا لَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ لَا غَيْرَ فَفِي حُصُولِ ثَوَابِ السُّنَنِ نَظَرًا لِأَنَّ نِيَّتَهُ لَمْ تَشْمَلْهَا وَلَا تُرَدُّ السُّنَنُ الْمُتَأَخِّرَةُ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ ظَاهِرَةٌ فِي الْحُصُولِ مُطْلَقًا وَلَكِنْ فِي عِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ إشَارَةٌ إلَى مَا ذَكَرْته وَلَفْظُهُ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ عَلَيْهِ نَظَرٌ إنْ اسْتَصْحَبَهَا إلَى ابْتِدَاءِ غَسْلِ الْوَجْهِ صَحَّ الْوُضُوءُ وَثَوَابُ السُّنَنِ الْمَنْوِيَّةِ قَبْلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>