للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَائِدًا فَوُجُوبُ التَّتَابُعِ أَوْلَى لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ وَصْفٍ وَأَجَابَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا سَيَأْتِي أَنْ يَنْذُرَ أَيَّامًا مُعَيَّنَةً فَتَجِبُ اللَّيَالِي الْمُتَخَلِّلَةُ لِأَنَّهُ قَدْ أَحَاطَ بِهَا وَاجِبَانِ كَمَا نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ مِمَّا يَأْتِي وَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ التَّتَابُعَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الزَّمَنِ الْمَنْذُورِ وَبِخِلَافِ اللَّيَالِي بِالنِّسْبَةِ لِلْأَيَّامِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إيجَابِ الْجِنْسِ بِنِيَّةِ التَّتَابُعِ إيجَابُ غَيْرِهِ بِهَا

(وَلَوْ اسْتَثْنَى) مِنْ الشَّهْرِ وَنَحْوِهِ (اللَّيَالِيَ) أَوْ الْأَيَّامَ (بِقَلْبِهِ لَا لِسَانِهِ) بِأَنْ نَوَاهُ (لَمْ يُؤَثِّرْ) كَمَا لَا يَلْزَمُ الِاعْتِكَافُ بِنِيَّتِهِ وَقَوْلُهُ لَا لِسَانِهِ إيضَاحٌ (وَيَكْفِيهِ) فِيمَا لَوْ نَذَرَ شَهْرًا أَوْ دَخَلَ قُبَيْلَ الِاسْتِهْلَالِ شَهْرٌ (هِلَالِيٌّ) تَمَّ أَوْ نَقَصَ لِصِدْقِ الشَّهْرِ بِهِ (فَإِنْ كَسَرَ) الشَّهْرَ بِأَنْ دَخَلَ فِي أَثْنَائِهِ (فَثَلَاثُونَ يَوْمًا) يَعْتَكِفُهَا أَخْذًا بِالْعَدَدِ (وَلَوْ شَرَطَ التَّفْرِيقَ أَجْزَأَهُ التَّتَابُعُ) لِأَنَّهُ أَفْضَلُ كَمَا يَقُومُ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ مَقَامَ غَيْرِهِ فِيمَا ذُكِرَ وَالْإِفْرَادُ مَقَامُ الْقِرَانِ إذَا نَذَرَهُ نَعَمْ إنْ نَوَى أَيَّامًا مُعَيَّنَةً كَسَبْعَةِ أَيَّامٍ مُتَفَرِّقَةٍ أَوَّلُهَا غَدًا تَعَيَّنَ التَّفْرِيقُ ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ لِتَعَيُّنِ زَمَنِ الِاعْتِكَافِ بِالتَّعْيِينِ وَمَا قَالَاهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى طَرِيقَتِهِمَا مِنْ أَنَّ النِّيَّةَ تُؤَثِّرُ كَاللَّفْظِ وَقَدْ عُرِفَ مَا فِيهِ

(وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ لَمْ يَجُزْ تَلْفِيقُهُ مِنْ أَيَّامٍ) بِخِلَافِ أَيَّامِ الشَّهْرِ إذْ الْمَفْهُومُ مِنْ لَفْظِ الْيَوْمِ الِاتِّصَالُ (فَلَوْ اعْتَكَفَ ظُهْرًا) أَيْ مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمٍ (وَوَقَفَ) أَيْ مَكَثَ (إلَى) وَقْتِ الظُّهْرِ مِنْ ثَانِيهِ (أَجْزَأَهُ) عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ لِحُصُولِ التَّتَابُعِ بِالْبَيْتُوتَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ لَا يُجْزِئُهُ لِتَفْرِيقِ سَاعَاتِهِ بِتَخَلُّلِ مَا لَيْسَ مِنْهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ الْوَجْهُ (لَا إنْ خَرَجَ لَيْلًا) فَلَا يُجْزِئُهُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَعْهُودَ مِنْ لَفْظِ الْيَوْمِ الِاتِّصَالُ (وَيَجِبُ ذَلِكَ) أَيْ مُكْثُ الْمِقْدَارِ الْمَذْكُورِ (إنْ نَذَرَ يَوْمًا أَوَّلَهُ الظُّهْرُ) فَيَمْتَنِعُ الْخُرُوجُ لَيْلًا بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُلْتَزَمَ يَوْمُ السَّبْتِ اللَّيْلَةَ مِنْهُ فَلَا يُمْنَعُ التَّتَابُعُ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَجْعَلَ فَائِدَةَ تَقْيِيدِهِ فِي هَذِهِ الْقَطْعُ بِجِوَارِ التَّفْرِيقِ لَا غَيْرُ

(وَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَلَوْ (نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ تَعَيَّنَ) لِأَنَّهُ وَصْفٌ مَقْصُودٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ إلَى الْبَاقِي عَقِبَ الْإِتْيَانِ بِبَعْضِهِ وَالتَّتَابُعُ فِيهِ وَاقِعٌ ضَرُورَةً لَا قَصْدًا (فَإِنْ أَفْسَدَ بَعْضَهُ لَمْ يَسْتَأْنِفْ) بَلْ يَجِبُ قَضَاءُ مَا أَفْسَدَهُ فَقَطْ (وَلَمْ يَجِبْ التَّتَابُعُ فِي قَضَائِهِ) لِأَنَّ التَّتَابُعَ فِيهِ لَمْ يَقَعْ مَقْصُودًا بَلْ مِنْ ضَرُورَةِ تَعْيِينِ الْوَقْتِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا سَبَقَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ (إلَّا أَنَّ شَرْطَهُ فِي أَدَائِهِ) فَيَجِبُ حِينَئِذٍ لِالْتِزَامِهِ إيَّاهُ (وَإِنْ قَالَ) لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ (أَيَّامَ الشَّهْرِ أَوْ شَهْرًا نَهَارًا لَمْ تَلْزَمْهُ اللَّيَالِي) لِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي مُسَمَّى الْأَيَّامِ وَالشَّهْرِ (حَتَّى يَنْوِيَهَا) وَلَوْ بِدُونِ لَفْظٍ فَتَلْزَمُهُ (كَمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ) لَا يَلْزَمُهُ ضَمُّ اللَّيْلَةِ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهَا فَتَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْيَوْمَ قَدْ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْيَوْمُ بِلَيْلَتِهِ وَفَارَقَ تَأْثِيرَ النِّيَّةِ هُنَا عَدَمُ تَأْثِيرِهَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ فِي ذَلِكَ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَبِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ النِّيَّةِ هُنَا إدْخَالُ مَا قَدْ يُرَادُ مِنْ اللَّفْظِ وَهُنَاكَ إخْرَاجُ مَا شَمِلَهُ اللَّفْظُ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ حَتَّى يَنْوِيَهَا أَخْذًا مِمَّا نُظِرَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمَيْنِ أَوْ عَشَرَةً أَوْ عِشْرِينَ يَوْمًا) أَوْ نَحْوَهَا (لَمْ تَجِبْ اللَّيَالِي الْمُتَخَلَّلَةِ) بَيْنَهُمَا لِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي مُسَمَّاهَا بِخِلَافِ الشَّهْرِ (إلَّا إنْ شَرَطَ التَّتَابُعَ أَوْ نَوَاهُ) فَتَجِبُ اللَّيَالِي عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَعِنْدَ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَآخَرِينَ لَا تَجِبُ إلَّا إنْ شَرَطَهَا أَوْ نَوَاهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْوَجْهُ التَّوَسُّطُ فَإِنْ أُرِيدَ بِالتَّتَابُعِ تَوَالِي الْأَيَّامِ فَالْحَقُّ قَوْلُ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ أَوْ تَوَاصَلَ الِاعْتِكَافُ فَالْحَقُّ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ وَنُقِلَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الدَّارِمِيِّ التَّصْرِيحُ بِهَذَا وَحَاصِلُهُ حَمْلُ الْكَلَامَيْنِ عَلَى حَالَيْنِ لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ وَذَكَرَ فِيهَا الدَّارِمِيُّ وَجْهَيْنِ أَوْجُهُهُمَا عَدَمُ الْوُجُوبِ (كَعَكْسِهِ) بِأَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ لَيْلَتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ نَحْوَهَا فَإِنَّهُ لَا تَجِبُ الْأَيَّامُ الْمُتَخَلِّلَةُ إلَّا إنْ شَرَطَ التَّتَابُعَ أَوْ نَوَاهُ عَلَى مَا مَرَّ وَقَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ وُجُوبِ اللَّيَالِي أَوْ الْأَيَّامِ الْمُتَخَلِّلَةِ بِنِيَّةِ التَّتَابُعِ وُجُوبُ التَّتَابُعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بِشَرْطِهِ كَمَا مَرَّ

(وَإِنْ قَالَ) لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ (الْعَشْرَ الْأَخِيرَ دَخَلَتْ اللَّيَالِي فِيهَا) حَتَّى اللَّيْلَةَ الْأُولَى (وَيُجْزِئُ) اعْتِكَافُهَا (وَإِنْ نَقَصَ الشَّهْرُ) لِأَنَّ هَذَا الِاسْمَ يَقَعُ عَلَى مَا بَعْدَ الْعِشْرِينَ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ (بِخِلَافِ قَوْلِهِ) لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ (عَشَرَةَ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِهِ) وَكَانَ نَاقِصًا لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ جَرَّدَ الْقَصْدَ إلَيْهَا

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَأَجَابَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ غَيْرُهُ

(قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ) فَإِنْ قَصَدَ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ سَبْعَةُ أَيَّامٍ مُتَفَرِّقَةٍ أَوَّلُهَا الْغَدُ تَعَيَّنَ التَّفْرِيقُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُنْذَرَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ مُتَفَرِّقَةٍ بِغَيْرِ صَوْمٍ فَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَهَا صَائِمًا لَزِمَهُ التَّفْرِيقُ لِأَنَّ الصَّوْمَ الْمُتَتَابِعَ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْمُتَفَرِّقِ كَمَا أَنَّ التَّفَرُّقَ لَا يَقُومُ مَقَامَ التَّتَابُعِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ إلَخْ) سَقَطَ اعْتِرَاضُ الشَّارِحِ

(قَوْلُهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ الْوَجْهُ) قَالَ فِي الْمَيْدَانِ لِلْأَكْثَرِينَ أَنْ يَقُولُوا الْمَحْذُورُ التَّفْرِيقُ وَلَا تَفَرُّقَ هَاهُنَا وَأَنْ يَمْنَعُوا عَدَمَ صِدْقِ الْيَوْمِ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ إذَا مَضَى يَوْمٌ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ إذَا جَاءَ مِثْلُ ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَقَالُوا إذَا قَالَ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ أَجَّرْتُك هَذَا يَوْمًا صَحَّ وَكَانَتْ الْمُدَّةُ مِنْ وَقْتِ الْإِجَارَةِ إلَى مِثْلِهِ وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ يَوْمًا فَجَاءَ مِثْلُ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَقَوْلُ الْخَلِيلِ أَنَّ الْيَوْمَ اسْمٌ لِمَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ بَيَانٌ لِلْمِقْدَارِ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي مَا ذَكَرْنَاهُ

(قَوْلُهُ وَذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الدَّارِمِيِّ التَّصْرِيحُ بِهَذَا) قَالَ إذَا نَوَى اعْتِكَافَ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعًا لَزِمَهُ اللَّيْلَةُ مَعَهُمَا وَإِنْ نَوَى الْمُتَابَعَةَ فِي النَّهَارِ كَالصَّوْمِ لَمْ يَلْزَمْهُ اللَّيْلُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ تَتَابُعًا فَوَجْهَانِ وَإِنْ نَذَرَ لَيَالِيَ فَإِنْ نَوَى مُتَتَابِعًا لَزِمَتْهُ الْأَيَّامُ وَإِنْ نَوَى تَتَابُعَ اللَّيَالِي لَمْ تَلْزَمْهُ الْأَيَّامُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِي التَّتَابُعَ فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا لَا يَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ أَوْجَهُهَا عَدَمُ الْوُجُوبِ) وَيُوَافِقُ مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ مَا صَحَّحَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ لَزِمَهُ ضَمُّ اللَّيْلَةِ إلَيْهِ إنْ نَوَاهَا س

<<  <  ج: ص:  >  >>