للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ (قَاضِي الْحَاجَةِ) مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَيْ مَنْ أَرَادَ قَضَاءَهَا (يَبْعُدُ) عَنْ النَّاسِ (فِي الصَّحْرَاءِ) إلَى حَيْثُ لَا يُسْمَعُ لِلْخَارِجِ مِنْهُ صَوْتٌ، وَلَا يُشَمُّ لَهُ رِيحٌ، وَذِكْرُ الصَّحْرَاءِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَتَرْكُهَا أَوْلَى فَإِنَّ غَيْرَهَا مِمَّا لَمْ يُهَيَّأْ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ مِثْلُهَا كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْحَلِيمِيِّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْإِبْعَادُ عَنْهُمْ اُسْتُحِبَّ لَهُمْ الْإِبْعَادُ عَنْهُ إلَى مَكَان لَا يَسْمَعُونَ.

(وَيَسْتَتِرُ) عَنْ أَعْيُنِهِمْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَتَى الْغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا أَنْ يَجْمَعَ كَثِيبًا مِنْ رَمْلٍ فَلْيَسْتَتِرْ بِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَلْعَبُ بِمَقَاعِدِ بَنِي آدَمَ مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَغَيْرُهُ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهُ حَسَنٌ، وَيَحْصُلُ ذَلِكَ (، وَلَوْ بِقَدْرِ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ) ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ (وَيَدْنُو مِنْهُ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ فَأَقَلَّ) بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ الْمُعْتَدِلِ هَذَا إنْ كَانَ بِصَحْرَاءَ أَوْ بِبِنَاءٍ لَا يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ كَأَنْ جَلَسَ فِي وَسَطِ مَكَان، وَاسِعٍ كَبُسْتَانٍ فَإِنْ كَانَ بِبِنَاءٍ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ كَفَى كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَلَوْ تَسَتَّرَ) فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ نَحْوِهَا (بِرَاحِلَتِهِ أَوْ بِوَهْدَةٍ أَوْ إرْخَاءِ ذَيْلِهِ) أَوْ نَحْوِهَا (كَفَى) ، وَلَوْ تَعَارَضَ التَّسَتُّرُ، وَالْإِبْعَادُ فَالظَّاهِرُ رِعَايَةُ التَّسَتُّرِ (وَيُعَدُّ النُّبَلُ) بِضَمِّ النُّونِ، وَفَتْحِ الْبَاءِ، وَقِيلَ بِفَتْحِهِمَا، وَقِيلَ بِضَمِّهِمَا أَيْ أَحْجَارُ الِاسْتِنْجَاءِ إنْ أَرَادَ الِاسْتِنْجَاءَ بِهَا لِخَبَرِ «إذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إلَى الْغَائِطِ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ إسْنَادُهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَحَذَرًا مِنْ الِانْتِشَارِ إذَا طَلَبَهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ (أَوْ الْمَاءُ) إنْ أَرَادَ الِاسْتِنْجَاءَ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (و) يُقَدِّمُ (رِجْلَهُ الْيُسْرَى دُخُولًا) لِمَحِلِّ قَضَاءِ الْحَاجَةِ (و) لَوْ (لِلْجُلُوسِ بِصَحْرَاءَ) أَوْ نَحْوِهَا، وَلَوْ تَرَكَ الْجُلُوسَ كَمَا تَرَكَهُ فِيمَا يَأْتِي عَقِبَهُ كَانَ أَوْلَى لَكِنَّهُ جَرَى كَغَيْرِهِ فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ (وَيَعْتَمِدُهَا) ، وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى بِأَنْ يَضَعَ أَصَابِعَهَا عَلَى الْأَرْضِ، وَيَرْفَعَ بَاقِيَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْهَلُ لِخُرُوجِ الْخَارِجِ، وَلِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ هُنَا سَوَاءٌ أَقَضَى حَاجَتَهُ قَائِمًا أَمْ قَاعِدًا كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ فَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ، وَأَنْ يَعْتَمِدْ فِي جُلُوسِهِ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى (و) يُقَدِّمَ (الْيُمْنَى خُرُوجًا) مِنْ الْمَحَلِّ (كَالْحَمَّامِ) فِي تَقْدِيمِ الْيُسْرَى دُخُولًا، وَالْيُمْنَى خُرُوجًا لِأَنَّ الْيُسْرَى لِلْأَذَى، وَالْيُمْنَى لِغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ، وَفِي مَعْنَى الرِّجْلِ بَدَلُهَا فِي أَقْطَعْهَا (وَيَضُمُّ) كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ عِنْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ (فَخْذَيْهِ) لِأَنَّهُ أَسْتَرُ وَأَسْهَلُ لِخُرُوجِ الْخَارِجِ، وَهَذَا وَذِكْرُ الْحَمَّامِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا يَدْخُلُ الْمَحِلَّ حَافِيًا وَلَا حَاسِرًا) أَيْ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مُرْسَلًا لَكِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ الْمُرْسَلَ، وَالضَّعِيفَ، وَالْمَوْقُوفَ يُتَسَامَحُ بِهِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ، وَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ (وَيَكْفِي فِي كَوْنِهِ غَيْرَ حَاسِرٍ تَقَنُّعٌ بِكُمِّهِ) ، وَفِي نُسْخَةٍ بِكُمٍّ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ

(وَيُكْرَهُ) عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ (حَمْلُ مَكْتُوبِ قُرْآنٍ، وَاسْمٍ لِلَّهِ) تَعَالَى (وَ) اسْمٍ (لِنَبِيٍّ) ، وَكُلِّ اسْمٍ مُعَظَّمٍ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ تَعْظِيمًا لِذَلِكَ «، وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ، وَضَعَ خَاتَمَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ «، وَكَانَ نَقْشُ خَاتَمِهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «كَانَ نَقْشُ خَاتَمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَةُ أَسْطُرٍ مُحَمَّدٌ سَطْرٌ وَرَسُولُ سَطْرٌ وَاَللَّهِ سَطْرٌ» ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْأَسْمَاءُ الْمُخْتَصَّةُ بِاَللَّهِ، وَبِنَبِيِّهِ مَثَلًا دُونَ مَا لَا يَخْتَصُّ كَعَزِيزٍ، وَكَرِيمٍ، وَمُحَمَّدٍ، وَأَحْمَدَ إذَا لَمْ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَلَا يُشَمُّ لَهُ رِيحٌ) وَيَتَوَارَى عَنْ الْعُيُونِ إنْ أَمْكَنَ كَمَا فِي التَّوَسُّطِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ «كُنْت مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ فَقَالَ يَا مُغِيرَةُ خُذْ الْإِدَاوَةَ فَأَخَذْتهَا فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى تَوَارَى عَنِّي فَقَضَى حَاجَتَهُ» ، وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أَرَادَ الْبِرَازَ انْطَلَقَ حَتَّى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ» اش.

(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ بِبِنَاءٍ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِمَا يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ الْعَادَةُ فِي أَمْثَالِهِ ع. (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ رِعَايَةُ التَّسَتُّرِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ عَدِّ السَّتْرِ مِنْ الْآدَابِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَةِ مَنْ يَرَى عَوْرَتَهُ مِمَّنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نَظَرُهَا أَمَّا بِحَضْرَتِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ وَكَشْفُ الْعَوْرَةِ بِحَضْرَتِهِ حَرَامٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ التَّوَسُّطِ وَالْخَادِمِ وَالْبُلْقِينِيُّ فِي فَتَاوِيهِ اث قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَهَذَا الضَّابِطُ لِلسَّتْرِ عَنْ الْعُيُونِ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ قَعَدَ لِلْحَاجَةِ فِيمَا يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ فِي مُقَابَلَةِ شَخْصٍ يَنْظُرُ إلَيْهِ لَمْ يَحْرُمْ وَهُوَ خَطَأٌ صَرِيحٌ بَلْ الصَّوَابُ عَدَمُ اعْتِبَارِ الضَّابِطِ فِي السُّتْرَةِ عَنْ الْعُيُونِ فَمَتَى كَانَ هُنَاكَ مَنْ لَا يَغُضُّ بَصَرَهُ عَنْ النَّظَرِ إلَيْهِ وَجَبَ السَّتْرُ عَنْهُ بِذَيْلِهِ وَنَحْوُهُ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْجِدَارِ أَوْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ وَلَوْ لِلْجُلُوسِ بِصَحْرَاءَ أَوْ نَحْوِهَا) لِأَنَّهُ لَمَّا قَصَدَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ انْحَطَّتْ رُتْبَتُهُ فَصَارَ دَنِيًّا كَالْخَلَاءِ الْجَدِيدِ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ أَحَدٌ فِيهِ حَاجَتَهُ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي الصَّلَاةِ فِي الصَّحْرَاءِ هَكَذَا أَيْضًا أَيْ يُقَدِّمُ الْيُمْنَى فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي اخْتَارَهُ لِلصَّلَاةِ كَمَا يُقَدِّمُهَا فِي الْمَسْجِدِ.

(قَوْلُهُ وَيَعْتَمِدُهَا) قَالَ النَّاشِرِيُّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْبَوْلِ أَيْضًا وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَثْنَى الْبَوْلُ قَائِمًا فَإِنَّهُ يُفَرِّجُ رِجْلَيْهِ فَفِي صَحِيحِ ابْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ ذَلِكَ إذْ هُوَ أَحْرَى أَنْ لَا يَنْتَشِرَ الْبَوْلُ عَلَى الْفَخْذَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ وَأَنْ يَعْتَمِدَ فِي جُلُوسِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَلَوْ بَالَ قَائِمًا فَرَّجَ بَيْنَهُمَا وَيَعْتَمِدُهُمَا (قَوْلُهُ كَالْحَمَّامِ) أَيْ وَمَكَانِ الظُّلْمِ وَالصَّاغَةِ

(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ حَمْلُ مَكْتُوبِ قُرْآنٍ إلَخْ) قُلْت الْوَجْهُ تَحْرِيمُ اسْتِصْحَابِ الْمُصْحَفِ وَنَحْوِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ لِأَنَّهُ يَحْمِلُهُ مَعَ الْحَدَثِ وَيُعَرِّضُهُ لِلْأَذَى وَلِمَا فِيهِ مِنْ عَدَمِ تَوْقِيرِ الْقُرْآنِ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى مَا لَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ حَمْلُهُ كَالدَّرَاهِمِ وَالْخَاتَمِ وَمَا تَعُمُّ الْبَلْوَى بِحَمْلِهِ ت قَالَ شَيْخُنَا أَمَّا حَمْلُهُ مَعَ الْحَدَثِ فَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ إذْ هُوَ خَارِجٌ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا الْكَلَامُ فِي حَمْلِهِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ لِذَاتِهِ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ. (قَوْلُهُ وَاسْمٌ لِنَبِيٍّ) أَيْ أَوْ مَلِكٍ. (قَوْلُهُ ثَلَاثَةُ أَسْطُرٍ مُحَمَّدٌ سَطْرٌ إلَخْ) وَكَانَتْ تُقْرَأُ مِنْ أَسْفَلِهَا لِيَكُونَ اسْمُ اللَّهِ فَوْقَ الْجَمِيعِ د وَقِيلَ كَانَ النَّقْشُ مَعْكُوسًا لِيُقْرَأَ مُسْتَقِيمًا (تَنْبِيهٌ)

هَلْ هَذِهِ الْآدَابُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ تَنْجِيَةِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى رَسُولَهُ وَمِنْ قَوْلِهِ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك

<<  <  ج: ص:  >  >>