للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا ذَكَره كَأَصْلِهِ فِي ضَبْطِ الصَّغِيرَةِ خَالَفَ فِيهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ فَاعْتُبِرَ الْعُرْفُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ أَحْسَنُ.

ثُمَّ قَالَ وَسَكَتَ الرَّافِعِيُّ عَمَّا جَاوَزَ سُبُعَ الْكَبِيرَةِ، وَلَمْ يَنْتَهِ إلَى حَدِّ الْكِبَرِ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ فِيهِ شَاةٌ أَعْظَمُ مِنْ الْوَاجِبَةِ فِي سُبُعِ الْكَبِيرَةِ (وَإِنْ نَقَصَتْ) عَنْ سُبُعِ الْكَبِيرَةِ (فَالْقِيمَةُ) وَاجِبَةٌ عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَالْمَضْمُونَةُ بِشَاةٍ مَا كَانَتْ قَرِيبَةً مِنْ سُبُعِ الْكَبِيرَةِ فَإِنْ صَغُرَتْ جِدًّا فَالْوَاجِبُ الْقِيمَةُ (وَيَحْرُمُ قَطْعُ) وَقَلْعُ (حَشِيشِهِ) أَيْ حَشِيشِ الْحَرَمِ (الْأَخْضَرِ وَقَلْعِ يَابِسِهِ) إنْ لَمْ يَمُتْ وَيَجُوزُ قَطْعُهُ كَمَا فِي الشَّجَرَةِ، فَلَوْ قَلَعَهُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْلَعْهُ لَنَبَتَ ثَانِيًا (فَلَوْ أَخْلَفَ مَا قَطَعَهُ) مِنْ الْأَخْضَرِ (فَلَا ضَمَانَ) ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ هُنَا الْإِخْلَافُ كَسِنِّ غَيْرِ الْمَثْعُورِ، وَإِنْ لَمْ يُخْلِفْ ضَمِنَهُ بِالْقِيمَةِ (وَيَجُوزُ رَعْيُهُ) أَيْ حَشِيشِ الْحَرَمِ بَلْ وَشَجَرِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ بِالْبَهَائِمِ؛ لِأَنَّ الْهَدَايَا كَانَتْ تُسَاقُ فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَمَا كَانَتْ تُسَدُّ أَفْوَاهُهَا فِي الْحَرَمِ وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَقْبَلْت رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ فَوَجَدْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنًى إلَى غَيْرِ جِدَارٍ فَدَخَلْت فِي الصَّفِّ وَأَرْسَلْت الْأَتَانَ تَرْتَعُ وَمِنًى مِنْ الْحَرَمِ (وَكَذَا قَطْعُهُ لِلْبَهَائِمِ وَالتَّدَاوِي) كَالْحَنْظَلِ وَالتَّغَذِّي كَالرِّجْلَةِ وَالْبَقْلَةِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الزَّرْعِ، وَلَا يُقْطَعُ لِذَلِكَ إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ، وَلَا يَجُوزُ قَطْعُهُ لِلْبَيْعِ مِمَّنْ يَعْلِفُ بِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّهُ كَالطَّعَامِ الَّذِي أُبِيحَ أَكْلُهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّا حَيْثُ جَوَّزْنَا أَخْذَ السِّوَاكِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ جَوَازَ أَخْذِهِ لِلدَّوَاءِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ السَّبَبِ حَتَّى يَجُوزَ أَخْذُهُ لِيَسْتَعْمِلَهُ عِنْدَ وُجُودِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ الْمُتَّجَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ الْمُتَّجَهُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ مَا جَازَ لِلضَّرُورَةِ أَوْ لِلْحَاجَةِ قُيِّدَ بِوُجُودِهَا كَمَا فِي اقْتِنَاءِ الْكَلْبِ (وَالْإِذْخِرُ مُبَاحٌ) أَخْذُهُ لِلتَّسْقِيفِ وَغَيْرِهِ لِاسْتِثْنَائِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ وَخَرَجَ بِالشَّجَرِ وَالْحَشِيشِ الزَّرْعُ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ وَالْبُقُولِ وَالْخَضْرَاوَاتُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَطْعُهُ وَقَلْعُهُ، وَلَا ضَمَانَ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ فِيهِ: وَإِطْلَاقُ الْحَشِيشِ عَلَى الرَّطْبِ مَجَازٌ فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْيَابِسِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لِلرَّطْبِ: كَلَأٌ وَعُشْبٌ.

(فَرْعٌ نَقْلُ تُرَابِ الْحَرَمِ وَأَحْجَارِهِ إلَى الْحِلِّ حَرَامٌ) لِحُرْمَتِهِ فَيَجِبُ رَدُّهُ إلَى الْحَرَمِ (لَا مَاءُ زَمْزَمَ) فَلَا يَحْرُمُ نَقْلُهُ إلَى الْحِلِّ بَلْ، وَلَا يُكْرَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ لِاسْتِخْلَافِهِ «؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَهْدَاهُ، وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو وَعَامَ الْحُدَيْبِيَةِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ؛ وَلِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَنْقُلُهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَزَادَ الْبَيْهَقِيُّ وَكَانَتْ تُخْبِرُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُهُ وَمِنْ هُنَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بِاسْتِحْبَابِ نَقْلِهِ تَبَرُّكًا وَحَكَاهُ عَنْ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ (وَعَكْسُهُ) ، وَهُوَ نَقْلُ تُرَابِ الْحِلِّ وَأَحْجَارِهِ إلَى الْحَرَمِ (مَكْرُوهٌ) كَذَا ذَكَرَهُ كَالرَّوْضَةِ لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى لِئَلَّا يَحْدُثَ لَهَا حُرْمَةٌ لَمْ تَكُنْ، وَلَا يُقَالُ: مَكْرُوهٌ لِعَدَمِ ثُبُوتِ النَّهْيِ عَنْهُ.

(وَيَحْرُمُ أَخْذُ طِيبِ الْكَعْبَةِ وَ) أَخْذُ (سُتُرِهَا) وَمَنْ أَخَذَ مِنْهُمَا شَيْئًا لَزِمَهُ رَدُّهُ (فَمَنْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ) بِهَا فِي طِيبٍ (مَسَحَهَا بِطِيبِ نَفْسِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ، وَلَوْ فَرَّقَ الْإِمَامُ سُتْرَتَهَا جَازَ) تَفْرِيقُهَا (بِالْبَيْعِ وَالْعَطَاءِ وَيَصْرِفُهَا لِبَيْتِ الْمَالِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ الْأَمْرُ فِيهَا إلَى الْإِمَامِ يَصْرِفُهَا فِي بَعْضِ مَصَارِفِ بَيْتِ الْمَالِ بَيْعًا وَعَطَاءً؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقْسِمُهَا عَلَى الْحَاجِّ قَالَ، وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ لِئَلَّا تَتْلَفَ بِالْبِلَى وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَجَوَّزُوا لِمَنْ أَخَذَهَا لُبْسَهَا، وَلَوْ حَائِضًا وَجُنُبًا وَنَبَّهَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى أَنَّ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا وَافَقَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الْوَقْفِ مِنْ تَصْحِيحِ أَنَّهَا تُبَاعُ إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهَا جَمَالٌ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهَا فِي مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْمَسْأَلَةِ أَحْوَالًا أَحَدُهَا - أَنْ تُوقَفَ عَلَى الْكَعْبَةِ وَحُكْمُهَا مَا مَرَّ وَخَطَّأَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّ الَّذِي مَرَّ مَحَلُّهُ إذَا كَسَاهَا الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَمَّا إذَا وُقِفَتْ فَلَا يَتَعَقَّلُ عَالِمٌ جَوَازَ صَرْفِهَا فِي مَصَالِحِ غَيْرِ الْكَعْبَةِ ثَانِيهَا - أَنْ يُمَلِّكَهَا مَالِكُهَا لِلْكَعْبَةِ فَلِقَيِّمِهَا أَنْ يَفْعَلَ فِيهَا مَا يَرَاهُ مِنْ تَعْلِيقِهَا عَلَيْهَا أَوْ بَيْعِهَا وَصَرْفِ ثَمَنِهَا إلَى مَصَالِحِهَا ثَالِثُهَا - أَنْ يُوقَفَ شَيْءٌ عَلَى أَنْ يُؤْخَذَ رِيعُهُ وَيُكْسَى بِهِ الْكَعْبَةُ كَمَا فِي عَصْرِنَا فَإِنَّ الْإِمَامَ قَدْ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ بِلَادًا قَالَ وَقَدْ تَلَخَّصَ لِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّهُ إنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ شَيْئًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ إعْطَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا كَلَامَ، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَقِفْ النَّاظِرُ تِلْكَ الْكِسْوَةَ فَلَهُ بَيْعُهَا وَصَرْفُ ثَمَنِهَا فِي كِسْوَةٍ أُخْرَى، وَإِنْ وَقَفَهَا فَيَأْتِي مَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ خَالَفَ فِيهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الْغَالِبُ عَدَمُ مُتَابَعَةِ النَّوَوِيِّ فِيمَا يَجْزِمُ بِهِ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ، وَلَعَلَّهُ فَعَلَهُ فِي ابْتِدَاءِ أَمْرِهِ (قَوْلُهُ مِمَّنْ يُعْلَفُ بِهِ) أَوْ يُتَدَاوَى بِهِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ السَّبَبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْإِذْخِرُ مُبَاحٌ بِالْإِجْمَاعِ) قَالَ الْغَزِّيِّ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ لِيَبِيعَهُ جَازَ قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ رَدَّهُ الْوَالِدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي فَتَاوِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>