لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ، فَلَوْ عَبَّرَ كَأَصْلِهِ بِقَوْلِهِ، وَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ كَانَ أَوْلَى نَعَمْ الْأَوْلَى لِلْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى أَنْ يُوَكِّلَا رَجُلًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ اسْتِحْبَابُ التَّوْكِيلِ لِكُلِّ مَنْ ضَعُفَ عَنْ الذَّبْحِ مِنْ الرِّجَالِ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ وَيَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُهُ لِلْأَعْمَى وَكُلِّ مَنْ تُكْرَهُ ذَكَاتُهُ (وَ) أَنْ (يَحْضُرَ) الذَّبْحَ إذَا وَكَّلَ فِيهِ لِمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِفَاطِمَةَ قُومِي إلَى أُضْحِيَّتِكِ فَاشْهَدِيهَا فَإِنَّهُ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا يُغْفَرُ لَكِ مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِك» (وَيُجْزِئُ كِتَابِيٌّ) أَيْ تَوْكِيلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلذَّبْحِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَعْتَانَ الْمُسْلِم فِي قُرَبِهِ بِالْكَافِرِ كَمَا يَعْتَانُ بِهِ فِي قِسْمَةِ الزَّكَاةِ، وَلَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ غَيْرِ الْكِتَابِيِّ كَالْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ وَالْمُرْتَدِّ إذْ لَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُمْ (وَيُكْرَهُ صَبِيٌّ وَأَعْمَى) أَيْ تَوْكِيلُهُمَا (وَالْحَائِضُ) أَيْ تَوْكِيلُهَا (أَوْلَى مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ تَوْكِيلِهِمَا، وَلَا يُكْرَهُ تَوْكِيلُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ نَهْيٌ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ، ثُمَّ قَالَ: لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَكَالْحَائِضِ النُّفَسَاءُ وَذِكْرُ الْأَعْمَى مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ هُنَا مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَذَكَرَ أَنَّ الْحَائِضَ أَوْلَى مِنْهُ مِنْ زِيَادَتِهِ.
(وَالصَّبِيُّ) الْمُسْلِمُ أَيْ تَوْكِيلُهُ (أَوْلَى مِنْ) تَوْكِيلِ (الْكِتَابِيِّ) وَمِثْلُهُ الْأَعْمَى كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالرَّوْضَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَوْكِيلُ الذِّمِّيِّ فِي ذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ.
(وَلَا بُدَّ) فِي التَّضْحِيَةِ (مِنْ النِّيَّةِ) ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ (وَلَوْ قَبْلَ الذَّبْحِ) عِنْدَ تَعْيِينِ الْأُضْحِيَّةِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ (وَلَوْ عَيَّنَ شَاةً لِلْأُضْحِيَّةِ) بِأَنْ قَالَ جَعَلْتهَا أُضْحِيَّةً (أَوْ) عَيَّنَهَا (عَنْ نَذْرٍ فِي ذِمَّتِهِ لَمْ تُجْزَ عَنْ نِيَّةِ الذَّبْحِ) لِلْأُضْحِيَّةِ فَلَا يَكْفِي تَعْيِينُهَا؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ فِي نَفْسِهَا فَوَجَبَتْ النِّيَّةُ فِيهَا (وَلَوْ نَوَى دُونَ وَكِيلِهِ، وَلَوْ عِنْدَ الدَّفْعِ) أَيْ دَفْعِ الْأُضْحِيَّةِ (إلَيْهِ) أَوْ تَعْيِينِهِ لَهَا (كَفَى) فَلَا حَاجَةَ إلَى نِيَّةِ الْوَكِيلِ بَلْ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُضَحٍّ لَمْ يَضُرَّ (وَيَجُوزُ تَفْوِيضُهَا إلَى الْوَكِيلِ الْمُسْلِمِ) الْمُمَيِّزِ كَمَا يُفَوِّضُ إلَيْهِ الذَّبْحَ، وَكَمَا فِي الزَّكَاةِ بِخِلَافِ الْكِتَابِيِّ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَمَجْنُونٍ وَسَكْرَانَ لِعَدَمِ صِحَّتِهَا مِنْهُمْ.
(، وَلَا أُضْحِيَّةَ لِرَقِيقٍ) ، وَلَوْ مُدَبَّرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا (فَإِنْ أَذِنَ لَهُ) سَيِّدُهُ وَضَحَّى فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَاتَبٍ (وَقَعَتْ لِلسَّيِّدِ) أَيْ عَنْهُ أَوْ مُكَاتَبًا (وَ) قَعَتْ (عَنْ الْمُكَاتَبِ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْهُ تَبَرُّعٌ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ سَيِّدُهُ وَيُوَجَّهُ وُقُوعُهَا عَنْ السَّيِّدِ فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبِ بِالْإِذْنِ بِأَنَّهُ بِمَنْزِلَتِهِ وَيَدَهُ كَيَدِهِ (وَلِمَنْ بَعْضُهُ رَقِيقٌ أَنْ يُضَحِّيَ بِمَا يَمْلِكُهُ) بِحُرِّيَّتِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ سَيِّدِهِ كَمَا لَوْ تَصَدَّقَ بِهِ (، وَلَا يُضَحِّي أَحَدٌ عَنْ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (وَلَوْ) كَانَ (مَيِّتًا) فَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَقَعَتْ عَنْهُ، وَصُورَةُ الْإِذْنِ فِي الْمَيِّتِ أَنْ يُوصِيَ بِهَا وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا «أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِكَبْشَيْنِ عَنْ نَفْسِهِ وَقَالَ: إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَنِي أَنْ أُضَحِّيَ عَنْهُ أَبَدًا» فَعُلِمَ أَنَّهَا لَا تَقَعُ عَنْهُ، وَلَا عَنْ غَيْرِهِ إذَا ضَحَّى عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ (نَعَمْ تَقَعُ عَنْ الْمُضَحِّي) أُضْحِيَّةٌ (مُعَيَّنَةٌ بِالنَّذْرِ) مِنْهُ فَمُعَيَّنَةٌ مَرْفُوعٌ بِالْفَاعِلِيَّةِ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ بِالْحَالِيَّةِ.
(الشَّرْطُ الرَّابِعُ الذَّبْحُ، وَلَا يَحِلُّ حَيَوَانٌ) مَأْكُولٌ (مَقْدُورٌ عَلَيْهِ غَيْرَ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ) إنْسِيًّا كَانَ أَوْ وَحْشِيًّا أُضْحِيَّةً كَانَ أَوْ غَيْرَهَا (إلَّا بِالتَّذْفِيفِ بِقَطْعِ جَمِيعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ) حَالَةَ كَوْنِ الْقَطْعِ (مَحْضًا) أَيْ خَالِصًا (وَالْحَيَاةِ مُسْتَقِرَّةٌ لَا بِعَظْمٍ وَظُفُرٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا لَاقُو الْعَدُوِّ غَدًا، وَلَيْسَتْ مَعَنَا مُدًى أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ قَالَ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوهُ لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ» وَأُلْحِقَ بِهِمَا بَاقِي الْعِظَامُ وَسَيَأْتِي فِي الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ اسْتِيفَاءُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَقَوْلُهُ كَأَصْلِهِ جَمِيعُ تَأْكِيدٍ (وَلَا يُقْطَعُ) الرَّأْسُ (بِإِلْصَاقِ السِّكِّينِ بِاللَّحْيَيْنِ) فَوْقَ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْهَا، وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ صَدْرُ كَلَامِهِ الْآتِي عَلَى الْأَثَرِ، وَلَوْ جَعَلَهُ مِثَالًا لَهُ كَانَ أَوْلَى (فَإِنْ لَمْ يَقْطَعْهُمَا أَوْ اخْتَطَفَ رَأْسَ عُصْفُورٍ) أَوْ غَيْرِهِ (بِبُنْدُقَةٍ) أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ بَقِيَ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ شَيْءٌ (يَسِيرٌ) فَمَاتَ الْحَيَوَانُ أَوْ قُطِعَ بَعْدَ رَفْعِ السِّكِّينِ مَا بَقِيَ بَعْدَ انْتِهَائِهِ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ (فَمَيْتَةٌ وَيَعْصَى بِالذَّبْحِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَذْبَحَ الْمُضَحِّي بِنَفْسِهِ) وَأَنْ يَكُونَ فِي بَيْتِهِ بِمَشْهَدِ أَهْلِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ اسْتِحْبَابُ التَّوْكِيلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ) بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج: ٣٧] (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ تَفْوِيضُهَا إلَى الْوَكِيلِ الْمُسْلِمِ إلَخْ) شَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ ذَبَحَ الْمُوَكِّلُ أَوْ وَكَّلَ بِالذَّبْحِ مُسْلِمًا آخَرَ أَوْ ذِمِّيًّا
(قَوْلُهُ وَصُورَةُ الْإِذْنِ فِي الْمَيِّتِ أَنْ يُوصِيَ بِهَا) هَذَا فِي أُضْحِيَّةِ التَّطَوُّعِ أَمَّا لَوْ كَانَ فِي ذِمَّتِهِ أُضْحِيَّةٌ مَنْذُورَةٌ وَمَاتَ، وَلَمْ يُوصِ بِهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّضْحِيَةُ عَنْهُ (قَوْلُهُ نَعَمْ تَقَعُ عَنْ الْمُضَحِّي مُعَيَّنَةً) يُسْتَثْنَى أَيْضًا تَضْحِيَةُ الْوَلِيِّ مِنْ مَالِهِ عَنْ مَحَاجِيرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ الَّذِي أَشْعَرَ بِهِ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْأَصْحَابِ، وَلَا تَصِحُّ التَّضْحِيَةُ عَنْ الْحَمْلِ كَمَا لَا تُخْرَجُ عَنْهُ الْفِطْرَةُ، وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ الْمَحْجُورِ مِنْ مَالِهِ
(قَوْلُهُ بِقَطْعِ جَمِيعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا قَطَعَ الْبَعْضَ وَانْتَهَى الْحَيَوَانُ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، ثُمَّ قَطَعَ بَعْدُ فَلَا يَحِلُّ نَعَمْ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ قَطَعَ ذَلِكَ فِي مَرَّتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ فَلَوْ قَالَا: فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ لَكَانَ أَصْوَبَ وَكَتَبَ أَيْضًا الْكَلَامَ فِي الذَّكَاةِ اسْتِقْلَالًا فَلَا يَرِدُ الْجَنِينُ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ فِيهِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لَا يَرِدُ عَلَى الْحَصْرِ الصَّيْدُ الَّذِي قَتَلَهُ سَهْمٌ أَوْ جَارِحَةٌ، وَكَذَا الْحَيَوَانُ الَّذِي يَتَرَدَّى فِي بِئْرٍ أَوْ يَنِدُّ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ حَيْثُ أَمْكَنَ فَإِنَّ ذَلِكَ ذَكَاةٌ لَهُمَا قَالَ، وَكَذَا الْجَنِينُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فَإِنَّ ذَكَاةَ أُمِّهِ ذَكَاةٌ لَهُ وَيَحْرُمُ ذَبْحُ رَمَكَةٍ حَامِلٍ بِبَغْلٍ (قَوْلُهُ وَالْحَيَاةُ مُسْتَقِرَّةٌ) الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ وَالْمُسْتَمِرَّةُ وَعَيْشُ الْمَذْبُوحِ: اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ تَقَعُ فِي عِبَارَاتِهِمْ وَيُحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهَا، فَأَمَّا الْمُسْتَمِرَّةُ فَهِيَ الْبَاقِيَةُ إلَى انْقِضَاءِ الْأَجَلِ إمَّا بِمَوْتٍ أَوْ قَتْلٍ وَالْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ هِيَ أَنْ تَكُونَ الرُّوحُ فِي الْجَسَدِ وَمَعَهَا الْحَرَكَةُ الِاخْتِيَارِيَّةُ دُونَ الِاضْطِرَارِيَّةِ كَالشَّاةِ إذَا أَخْرَجَ الذِّئْبُ حِشْوَتَهَا وَأَبَانَهَا، وَأَمَّا حَيَاةُ عَيْشِ الْمَذْبُوحِ فَهِيَ الَّتِي لَا يَبْقَى مَعَهَا إبْصَارٌ، وَلَا نُطْقٌ، وَلَا حَرَكَةٌ اخْتِيَارِيَّةٌ.