للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاكْتِفَاءِ بِإِخْرَاجِ قِيمَةِ اللَّحْمِ وَجْهٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ اللَّحْمَ مُتَقَوِّمٌ وَالْأَصَحُّ بِنَاؤُهُ عَلَى الْمُصَحَّحِ مِنْ أَنَّهُ مِثْلِيٌّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ شِرَاءُ اللَّحْمِ أَوْ شِرَاءُ بَدَلِ الْمَنْذُورَةِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي آخِرِ بَابِ الدِّمَاءِ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ قَدْ فَرَضَهُ ثَمَّ فِي الْمُخْرَجِ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ (أَمَّا الْمُعَيَّنَةُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ لَوْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ) قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ (وَلَوْ فِي) حَالَةِ (الذَّبْحِ بَطَلَ التَّعْيِينُ لَهَا، وَلَهُ بَيْعُهَا) وَسَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ التَّصَدُّقَ بِهَا ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا عَيَّنَهَا لِأَدَاءِ مَا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَتَأَدَّى بِهَا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ (وَعَلَيْهِ الْبَدَلُ) بِمَعْنَى أَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ فِي ذِمَّتِهِ فَعَلَيْهِ إخْرَاجُهُ (وَلَوْ عَيَّنَ أَفْضَلَ مِمَّا الْتَزَمَ) كَبَقَرَةٍ أَوْ بَدَنَةٍ عَنْ شَاةٍ (فَتَعَيَّبَ وَاشْتَرَى مِثْلَ مَا الْتَزَمَ جَازَ) فَلَا يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ فِي الْبَدَلِ كَمَا لَوْ الْتَزَمَ مَعِيبَةً ابْتِدَاءً فَهَلَكَتْ بِغَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ.

(وَلَوْ قَالَ: جَعَلْت هَذِهِ ضَحِيَّةً، وَهِيَ عَوْرَاءُ) أَوْ نَحْوُهَا (أَوْ فَصِيلٌ) ، وَهُوَ وَلَدُ النَّاقَةِ إذَا فُصِلَ عَنْهَا (أَوْ سَخْلَةٌ لَا ظَبْيَةٌ وَنَحْوُهُ لَزِمَهُ ذَبْحُهَا يَوْمَ النَّحْرِ) أَيْ وَقْتَ الْأُضْحِيَّةِ لِوُجُودِ الْجِنْسِ فِيهَا بِخِلَافِ الظَّبْيَةِ وَنَحْوِهَا (وَكَذَا لَوْ الْتَزَمَ) بِالنَّذْرِ (عَوْرَاءَ) أَوْ نَحْوَهَا، وَلَوْ (فِي الذِّمَّةِ) يَلْزَمُهُ ذَبْحُهَا وَقْتَ الْأُضْحِيَّةِ (وَيُثَابُ عَلَيْهَا، وَلَا تُجْزِئُ عَنْ الْمَشْرُوعِ) مِنْ الْأُضْحِيَّةِ كَمَا لَوْ الْتَزَمَ ذَبْحَهَا ابْتِدَاءً تَنْزِيلًا لَهَا مَنْزِلَةَ إعْتَاقِ عَبْدٍ أَعْمَى عَنْ كَفَّارَتِهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ عَنْهَا (وَلَوْ زَالَ النَّقْصُ) عَنْهَا فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُ عَنْ الْمَشْرُوعِ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْهَا، وَهِيَ نَاقِصَةٌ فَلَا يُؤَثِّرُ الْكَمَالُ بَعْدَهُ كَمَنْ أَعْتَقَ أَعْمَى عَنْ كَفَّارَتِهِ فَعَادَ بَصَرُهُ (فَلَوْ ذَبَحَهَا) أَيْ الْمَعِيبَةَ الْمُعَيَّنَةَ بِنَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ) أَيْ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا (تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ لَحْمِهَا) فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ شَيْئًا (وَ) تَصَدَّقَ (بِقِيمَتِهَا دَرَاهِمَ) ، وَلَا يَشْتَرِي بِهَا أُخْرَى؛ لِأَنَّ الْمَعِيبَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ أَيْ بِغَيْرِ الْتِزَامِ لَهُ لِئَلَّا يُشْكِلَ بِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ، وَكَذَا لَوْ الْتَزَمَ عَوْرَاءَ فِي الذِّمَّةِ (وَإِنْ عَيَّنَ عَمَّا الْتَزَمَ) فِي الذِّمَّةِ (مَعِيبًا لَمْ يَتَعَيَّنْ) ، وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ بِذَبْحِهِ؛ لِأَنَّ وَاجِبَهُ سَلِيمٌ فَلَا يَتَأَدَّى بِمَعِيبٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ ذَبْحُهُ بَلْ يَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ يَشَاءُ (نَعَمْ لَوْ نَذَرَ ذَبْحَهَا) يَعْنِي الْمَعِيبَةَ الْمُعَيَّنَةَ (عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ) كَقَوْلِهِ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِهَذِهِ عَمَّا فِي ذِمَّتِي (لَزِمَهُ ذَبْحُهَا يَوْمَ النَّحْرِ) وَصَرْفُهَا مَصْرِفَ الضَّحِيَّةِ (وَلَمْ تُجْزِهِ) عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ (وَإِنْ زَالَ النَّقْصُ) عَنْهَا لِمَا مَرَّ.

(النَّوْعُ الثَّالِثُ ضَلَالُ الْمَنْذُورَةِ) أَيْ حُكْمُهُ (فَلَا يَضْمَنُهَا إنْ ضَلَّتْ) بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْهُ بِأَنْ ضَلَّتْ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَبْحِهَا (فَلَوْ وَجَدَهَا بَعْدَ فَوَاتِ الْوَقْتِ ذَبَحَهَا قَضَاءً) وَصَرَفَهَا مَصْرِفَ الضَّحِيَّةِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ إلَى قَابِلٍ بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ فَيَلْزَمُهُ الذَّبْحُ فِي الْحَالِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (وَكَذَا الْهَدْيُ الْمُعَيَّنُ) ابْتِدَاءً، وَهَذَا دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ (وَعَلَيْهِ طَلَبُهَا) أَيْ الضَّالَّةِ (لَا) إنْ كَانَ طَلَبُهَا (بِمُؤْنَةٍ) فَلَا يَجِبُ (وَإِنْ قَصَّرَ) حَتَّى ضَلَّتْ (طَلَبَهَا) وُجُوبًا، وَلَوْ (بِمُؤْنَةٍ وَذَبَحَ بَدَلَهَا) وُجُوبًا (قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُهَا إلَّا بَعْدَهُ، ثُمَّ) إذَا وَجَدَهَا (يَذْبَحُهَا) وُجُوبًا (أَيْضًا) ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَمِنْ التَّقْصِيرِ تَأْخِيرُ الذَّبْحِ إلَى خُرُوجِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) بِلَا عُذْرٍ فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ (لَا) إلَى خُرُوجِ (بَعْضِهَا) فَلَيْسَ بِتَقْصِيرٍ كَمَنْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ الْمُوَسَّعِ لَا يَأْثَمُ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَهَذَا ذُهُولٌ عَمَّا ذَكَرَهُ كَالرَّافِعِيِّ فِيهَا قَبْلُ وَفِي نَظَائِرِهَا كَأَنْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ الرَّغِيفَ غَدًا فَتَلِفَ مِنْ الْغَدِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ أَكْلِهِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ: مَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ انْتَهَى. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ إثْمِ مَنْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ مَحْضُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ (وَإِنْ عَيَّنَ شَاةً) أُضْحِيَّةً أَوْ هَدْيًا (عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ ذَبَحَ غَيْرَهَا) مَعَ وُجُودِهَا (فَفِي إجْزَائِهَا تَرَدُّدٌ) أَيْ خِلَافٌ إنْ قُلْنَا تُجْزِئُ عَادَتْ الْأُولَى مِلْكًا (فَلَوْ ضَلَّتْ الْمُعَيَّنَةُ) عَمَّا فِي الذِّمَّةِ (فَذَبَحَ غَيْرَهَا أَجْزَأَتْهُ فَإِنْ وَجَدَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ ذَبْحُهَا بَلْ يَتَمَلَّكُهَا) كَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ تَعَيَّبَتْ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (فَلَوْ وَجَدَهَا قَبْلَ الذَّبْحِ) لِغَيْرِهَا (لَمْ يَذْبَحْ الثَّانِيَةَ) أَيْ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَبْحُهَا بَلْ يَذْبَحُ الْأُولَى فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ الَّذِي تَعَيَّنَ أَوَّلًا.

(فَرْعٌ لَوْ عَيَّنَ) مَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ (عَنْ كَفَّارَتِهِ عَبْدًا تَعَيَّنَ) وَاخْتَارَ الْمُزَنِيّ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ كَمَا لَوْ عَيَّنَ يَوْمًا عَنْ صَوْمٍ عَلَيْهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْيَوْمَ الْمُعَيَّنَ لَا حَقَّ لَهُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ لِلْعِتْقِ (فَإِنْ تَعَيَّبَ) الْعَبْدُ (أَوْ مَاتَ وَجَبَ غَيْرُهُ) أَيْ إعْتَاقُ سَلِيمٍ (وَلَوْ أَعْتَقَ غَيْرَهُ) أَيْ الْمُعَيَّنَ (مَعَ سَلَامَتِهِ) وَتَمَكُّنِهِ مِنْ إعْتَاقِهِ (أَجُزْأَهُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ عَلَى وَجْهٍ فِي مَسْأَلَةِ التَّرَدُّدِ السَّابِقَةِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي جِلْدِ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي جِلْدٍ قُطِعَ مُتَنَاسِبًا إذَا ضُبِطَ بِالْوَصْفِ انْتَهَى. قَالَ شَيْخُنَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَيْضًا إنَّمَا ضَمِنَ الْقِيمَةَ هُنَا، وَلَمْ يَضْمَنْ الْمِثْلَ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا؛ لِأَنَّ اللَّحْمَ هُنَا فِيهِ صِفَةٌ زَائِدَةٌ عَنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ كَوْنُهُ مَنْذُورًا فَلَمَّا فَاتَ تَحْصِيلُ الصِّفَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جَعَلْنَا الْمِثْلَ حِينَئِذٍ كَالْمَفْقُودِ وَحَيْثُ فُقِدَ رَجَعَ الْأَمْرُ إلَى الْمُقِيمَةِ كَاتِبُهُ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ ذَبْحُهَا يَوْمَ النَّحْرِ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ امْتِنَاعِ تَقْدِيمِهَا عَلَى الْوَقْتِ عَجِيبٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِهِ فَقَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِكَذَا فِي يَوْمِ كَذَا، جَازَ التَّقْدِيمُ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ أَوْجَبَهَا هُنَا بِاسْمِ الْأُضْحِيَّةِ، وَالتَّعْبِيرُ بِهَا عَلَى إرَادَةِ حُكْمِهَا، وَهُوَ تَعَيُّنُ الْوَقْتِ وَالْمَصْرِفِ بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ الْمُطْلَقَةِ.

(قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهَذَا ذُهُولٌ عَمَّا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِيهَا) قِيلَ: يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا مَرَّ فِي هَلَاكِهَا وَمَا هُنَا فِي ضَلَالِهَا فَلَا مُخْتَلِفَةٌ (قَوْلُهُ مَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَفِي إجْزَائِهَا تَرَدُّدٌ) الْأَصَحُّ إجْزَاؤُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>