للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ (لَمْ يُعَيِّنْ أَجْزَأَهُ) كَمَا لَوْ لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ.

(وَمَنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِشَيْءٍ) صَحَّ نَذْرُهُ وَ (تَصَدَّقَ بِمَا شَاءَ) مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ لِصِدْقِ الشَّيْءِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَكَ بِشَيْءٍ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا مُتَمَوَّلٌ كَمَا مَرَّ.

(أَوْ) نَذَرَ التَّصَدُّقَ (بِأَلْفٍ، وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَغَا) كَذَا جَزَمَ بِهِ تَبَعًا لِلرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَيُعَيِّنُ أَلْفًا مِمَّا يُرِيدُ كَمَا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ انْتَهَى. وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَذْرِ التَّصَدُّقِ بِشَيْءٍ لَكِنَّ الْأَصْلَ لَمْ يُصَوِّرْهَا بِنَذْرِ التَّصَدُّقِ وَإِنَّمَا قَالَ، وَلَوْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ أَلْفٌ، وَلَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا بِاللَّفْظِ، وَلَا بِالنِّيَّةِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا مِنْ مَسَاكِينَ، وَلَا دَرَاهِمَ، وَلَا تَصَدُّقٍ، وَلَا غَيْرِهَا.

(وَلَوْ نَذَرَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ أَحَدًا لَمْ يَصِحَّ) النَّذْرُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ وَالتَّشْدِيدِ كَمَا لَوْ نَذَرَ الْوُقُوفَ فِي الشَّمْسِ وَدَلِيلُهُ خَبَرُ أَبِي إسْرَائِيلَ السَّابِقُ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ

(وَلَوْ نَذَرَ مَنْ يَمُوتُ أَوْلَادُهُ عِتْقًا) لِرَقِيقٍ (إنْ عَاشَ لَهُ وَلَدٌ فَعَاشَ) لَهُ وَلَدٌ (أَكْثَرَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ أَوْلَادِهِ الْمَوْتَى، وَلَوْ (قَلِيلًا لَزِمَهُ) الْعِتْقُ

(وَإِنْ نَذَرَ أُضْحِيَّةً) بِأَنْ نَذَرَ أَنْ يُضَحِّيَ بِشَاةٍ مَثَلًا (عَلَى أَنْ لَا يَتَصَدَّقَ بِهَا لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ) ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِمَا يُنَافِيهِ.

(وَإِنْ قَالَ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي تَصَدَّقْت بِدِينَارٍ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ أَوْ فَعَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ (فَشُفِيَ) مَرِيضُهُ (وَالْمَرِيضُ فَقِيرٌ) فَإِنْ كَانَ (لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ جَازَ إعْطَاؤُهُ) مَا لَزِمَهُ، وَإِلَّا فَلَا كَالزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ.

(وَإِنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ عَلَى وَلَدِهِ) أَوْ عَلَى زَيْدٍ (الْغَنِيِّ جَازَ) ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْغَنِيِّ جَائِزَةٌ وَقُرْبَةٌ

(وَإِنْ نَذَرَ عِتْقَ عَبْدِهِ لِشِفَاءِ مَرِيضٍ، ثُمَّ) نَذَرَ عِتْقَهُ (لِقُدُومِ زَيْدٍ انْعَقَدَ) النَّذْرَانِ (فَإِنْ حَصَلَا) أَيْ الشِّفَاءُ وَالْقُدُومُ (مَعًا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا) كَذَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي عَنْ الْعَبَّادِيِّ وَاَلَّذِي فِيهَا عَنْهُ أَنَّ النَّذْرَ الثَّانِيَ مَوْقُوفٌ فَإِنْ شُفِيَ الْمَرِيضُ قَبْلَ الْقُدُومِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَالْعَبْدُ مُسْتَحِقُّ الْعِتْقِ عَنْ الْأَوَّلِ، وَإِنْ مَاتَ انْعَقَدَ وَأَعْتَقَ الْعَبْدَ عَنْهُ، وَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ.

(وَمَنْ نَذَرَ زَيْتًا أَوْ شَمْعًا) لِإِسْرَاجِ مَا يَأْتِي (أَوْ وَقَفَ مَا يُشْتَرَيَانِ) أَيْ الزَّيْتُ وَالشَّمْعُ (بِهِ) يَعْنِي بِشَيْءٍ (مِنْ غَلَّتِهِ لِإِسْرَاجِ مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ صَحَّ) كُلٌّ مِنْ النَّذْرِ وَالْوَقْفِ (إنْ كَانَ قَدْ يَدْخُلُهُ) أَيْ الْمَسْجِدَ أَوْ غَيْرَهُ (مَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ) مِنْ نَحْوِ مُصَلٍّ أَوْ نَائِمٍ (وَإِلَّا فَلَا) يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ وَقَدْ ذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ مَا يُقَيِّدُ ذَلِكَ فَقَالَ: وَفِي إيقَادِ الشُّمُوعِ لَيْلًا عَلَى الدَّوَامِ وَالْمَصَابِيحِ الْكَثِيرَةِ نَظَرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِسْرَافِ، وَأَمَّا الْمَنْذُورُ الْمُشَاهَدُ الَّذِي يُثْبَتُ عَلَى قَبْرِ وَلِيٍّ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنْ قَصَدَ النَّاذِرُ بِذَلِكَ التَّنْوِيرَ عَلَى مَنْ يَسْكُنُ الْبُقْعَةَ أَوْ يَرِدُ إلَيْهَا فَهُوَ نَوْعُ قُرْبَةٍ وَحُكْمُهُ مَا ذُكِرَ أَيْ الصِّحَّةُ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْإِيقَادَ عَلَى الْقَبْرِ، وَلَوْ مَعَ قَصْدِ التَّنْوِيرِ فَلَا، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ، وَهُوَ الْغَالِبُ مِنْ الْعَامَّةِ تَعْظِيمَ الْبُقْعَةِ أَوْ الْقَبْرِ أَوْ التَّقَرُّبَ إلَى مَنْ دُفِنَ فِيهَا أَوْ نُسِبَتْ إلَيْهِ فَهَذَا نَذْرٌ بَاطِلٌ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ فَإِنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ لِهَذِهِ الْأَمَاكِنِ خُصُوصِيَّاتٍ لِأَنْفُسِهِمْ وَيَرَوْنَ أَنَّ النَّذْرَ لَهَا مِمَّا يَنْدَفِعُ بِهِ الْبَلَاءُ قَالَ: وَحُكْمُ الْوَقْفِ كَالنَّذْرِ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ (وَالنَّذْرُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ) فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ لَكِنَّ الْأَصْلَ لَمْ يُصَوِّرْهَا بِنَذْرِ التَّصَدُّقِ وَإِنَّمَا قَالَ إلَخْ) وَمَعَ ذَلِكَ فَالتَّصْوِيرُ أَنْ يَتَّحِدَانِ فِي الْمَعْنَى قَالَ شَيْخُنَا: لَكِنْ إلَّا بَعْدَ عَدَمِ التَّقْدِيرِ وَيُوَجِّهُ بِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ فِي مُسَاوَاةِ التَّصْوِيرِ إذْ أَصْلُهُ عَبَّرَ بِعَلَيَّ أَلْفٌ، وَهُوَ يَكُونُ مَعْنَاهُ عَلَيَّ أَنْ أُقَدِّمَ بِأَلْفٍ وَعَلَى كِلَا الْحَالَيْنِ فَالْأَلْفُ مُبْهَمٌ وَيَحْتَمِلَ نَذْرَ اللَّجَاجِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ لَغَا أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلُّزُومِ الْأَلْفِ، وَيَحْتَمِلُ الْوَعْدَ وَالصَّدَقَةَ وَالْهَدِيَّةَ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِمَا يُنَافِيهِ) إذْ لَيْسَ فِي الذَّبْحِ إلَّا تَلْوِيثُ الْمَكَانِ وَتَعْذِيبُ الْحَيَوَانِ

(قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِيهَا عَنْهُ أَنَّ النَّذْرَ الثَّانِيَ مَوْقُوفٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا الَّذِي حَكَاهُ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ عَنْ الْعَبَّادِيِّ هُوَ مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَعِبَارَةُ الْفَتَاوَى لَوْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ سَنَةً بِعَيْنِهَا، ثُمَّ قَالَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ أَثَانِينَ هَذِهِ السَّنَةِ هَلْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ الثَّانِي أَجَابَ لَا يَنْعَقِدُ النَّذْرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الزَّمَانَ مُسْتَحَقٌّ بِالنَّذْرِ الْأَوَّلِ فَصَارَ كَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَقَالَ الْعَبَّادِيُّ: يَجِبُ أَنْ يَنْعَقِدَ نَذْرُهُ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ قِيلَ لَهُ: لَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ فَقَالَ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَهُ، ثُمَّ قَالَ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَهُ هَلْ يَنْعَقِدُ النَّذْرُ أَجَابَ يَنْعَقِدُ كِلَاهُمَا، وَلَوْ وَقَعَا مَعًا يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي قُلْت عِنْدِي أَنَّهُ إذَا قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ هَذَا الْعَبْدَ، ثُمَّ قَالَ إنْ قَدِمَ غَائِبِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَهُ فَالثَّانِي مَوْقُوفٌ إلَخْ فَمَا حَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ الْعَبَّادِيِّ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي.

(قَوْلُهُ إنْ كَانَ قَدْ يَدْخُلُهُ مَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ إلَخْ) ، وَلَوْ عَلَى نُذُورٍ نَجُزَ الْفَرَاغُ مِنْ تَجْرِيدِ حَوَاشِي الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ خَطِّ سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا شَيْخِ الشُّيُوخِ وَخَاتِمَةِ عُلَمَاءِ أَهْلِ الرُّسُوخِ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَشَيْخِنَا وَلَدِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَعَادَ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِهِمَا عَلَى يَدِ الْعَبْدِ الْفَقِيرِ إلَى رَحْمَةِ رَبِّهِ وَغُفْرَانِهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الشَّوْبَرِيِّ الْأَزْهَرِيِّ سَتَرَ اللَّهُ تَعَالَى عُيُوبَهُ وَغَفَرَ ذُنُوبَهُ وَخَتَمَ لَهُ بِالْحُسْنَى وَرَفَعَهُ فِي الْآخِرَةِ الْمَقَامَ الْأَسْنَى وَفَعَلَ ذَلِكَ بِوَالِدَيْهِ وَمَشَايِخِهِ وَإِخْوَانِهِ وَأَقَارِبِهِ وَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ آمِينَ بِتَارِيخِ يَوْمِ السَّبْتِ الْمُبَارَكِ سَادِسَ عَشَرَ شَعْبَانَ الْمُكَرِّمِ سَنَةَ عَشْرٍ وَأَلْفٍ مِنْ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>