فِيهِ الْبُطْلَانُ وَإِنَّ الرَّافِعِيَّ لَمْ يَطَّلِعْ فِيهِ إلَّا عَلَى كَلَامِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمَعْدُودِينَ فِي الْمُصَنَّفَيْنِ لَا فِي أَصْحَابِ الْوُجُوهِ.
قَالَ وَقَدْ اخْتَارَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ لَا يَأْكُلُ إلَّا الْهَرِيسَةَ أَنَّهُ يُقْرَأُ بِتَاءِ الْخِطَابِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا غَرَضَ فِيهِ أَصْلًا بِخِلَافِ مَا إذَا قُرِئَ بِالْيَاءِ آخِرَ الْحُرُوفِ فَقَدْ يُتَخَيَّلُ الْإِفْسَادُ لِأَنَّهُ يَنْفَعُ الْعَبْدَ كَالْإِعْتَاقِ وَمَا قَالَاهُ بَعِيدٌ عَنْ السِّيَاقِ لَكِنَّهُ صَحِيحٌ نَقْلًا كَمَا بَيَّنْته وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ مَا فِي التَّتِمَّةِ مَحَلُّهُ فِيمَا لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ أَصْلًا وَمَسْأَلَتُنَا مَحَلُّهَا فِيمَا يَلْزَمُهُ فِي الْجُمْلَةِ إذْ نَفَقَةُ الرَّقِيقِ مُقَدَّرَةٌ بِالْكِفَايَةِ وَقَدْ شُرِطَ عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا مِنْ أَحَدِ الْأَنْوَاعِ الَّتِي تَتَأَدَّى هِيَ بِبَعْضِهَا فَيَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ أَحَدُهَا فَأَشْبَهَ خِصَالَ الْكَفَّارَةِ لَا يَتَعَيَّنُ أَحَدُهَا بِالتَّعْيِينِ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى التَّقْدِيرِ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ وَإِلَى أَنَّهُ يَجْمَعُ لَهُ بَيْنَ أَدَمَيْنِ أَوْ نَوْعَيْنِ مِنْ الْأَطْعِمَةِ وَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ فَإِذَا شَرَطَ فَقَدْ شَرَطَ مَا لَا يَلْزَمُهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَأَبْطَلَهُ قَالَ وَفِي التَّمْثِيلِ بِلُبْسِ الْحَرِيرِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ شَرْعًا إنْ كَانَ الْعَبْدُ بَالِغًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ بَاعَ سَيْفًا وَشَرَطَ أَنْ يَقْطَعَ بِهِ الطَّرِيقَ
(وَإِنْ كَانَ فِيهِ غَرَضٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ نَظَرْت فَإِنْ كَانَ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ لَمْ يُبْطِلْهُ وَلَزِمَ سَوَاءٌ نَفَعَ الْمُشْتَرِيَ) كَكَوْنِ الْمَبِيعِ كَاتِبًا (أَوْ الْبَائِعَ) كَرَهْنٍ بِالثَّمَنِ (أَوْ كِلَيْهِمَا) كَالْخِيَارِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهَا (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ كَاسْتِثْنَاءِ سُكْنَى الدَّارِ شَهْرًا وَنَحْوَهُ فَفَاسِدٌ يُفْسِدُ الْبَيْعَ) لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ كَمَا مَرَّ وَظَاهِرُهُ امْتِنَاعُ كُلِّ شَرْطٍ لَكِنْ فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ تَأْدِيَتُهُ إلَى بَقَاءِ عَلَقَةٍ بَعْدَ الْعَقْدِ قَدْ يَثُورُ بِسَبَبِهَا نِزَاعٌ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ وَقَدْ يُفْضِي إلَى فَوَاتِ مَقْصُودِ الْعَقْدِ فَحَيْثُ انْتَفَى هَذَا الْمَعْنَى صَحَّ الشَّرْطُ وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الشُّرُوطِ نُصُوصٌ بِصِحَّتِهَا وَسَيَأْتِي وَمِنْهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا الْعِتْقُ كَمَا سَيَأْتِي) إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ (فَإِذَا شَرَطَ فِي الْبَيْعِ رَهْنًا أَوْ ضَمَانًا فَاسِدًا فَسَدَ الْبَيْعُ) لِفَسَادِ الشَّرْطِ (كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْأَجَلِ إنْ بَاعَهُ بِمُعَيَّنٍ) لِأَنَّ الْأَجَلَ رِفْقٌ شُرِعَ لِتَحْصِيلِ الْحَقِّ وَالْمُعَيَّنُ حَاصِلٌ (أَوْ) بَاعَهُ بِمَا (فِي الذِّمَّةِ وَجُهِلَتْ مُدَّتُهُ) أَيْ الْأَجَلُ كَقُدُومِ زَيْدٍ وَمَجِيءِ الْمَطَرِ وَإِقْبَاضِ الْمَبِيعِ لِلْغَرَرِ (أَوْ) عُلِمَتْ لَكِنْ (اُسْتُبْعِدَ بَقَاؤُهُ) أَيْ الْبَائِعِ (وَبَقَاءُ وَارِثِهِ إلَى انْتِهَائِهَا كَأَلْفِ سَنَةٍ) لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُمَا لَا يَبْقَيَانِ إلَيْهَا وَبِأَنَّ الْأَجَلَ يَسْقُطُ بِمَوْتِ الْمَدِينِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَخَالَفَ فِي الرَّوْضَةِ فَلَمْ يَجْعَلْ الْمَنْعَ فِي ذَلِكَ لِاسْتِبْعَادِ مَا ذُكِرَ بَلْ لِاسْتِبْعَادِ بَقَاءِ الدُّنْيَا إلَيْهَا قَالَ الْمُصَنِّفُ مِنْ زِيَادَتِهِ تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ (وَهُوَ مُشْكِلٌ) لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْأَجَلَ يَسْقُطُ قَبْلَهَا بِمَوْتِ الْمَدِينِ وَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِصَاحِبِهِ أَيْ فَلَا يُؤَثِّرُ التَّأْجِيلُ بِهَا وَرَدَ بِأَنَّ ذَلِكَ عَكْسُ مُرَادِ الرُّويَانِيِّ وَالرَّافِعِيِّ لِأَنَّ مُرَادَهُمَا أَنَّ التَّأْجِيلَ بِهَا فَاسِدٌ لِاسْتِحَالَتِهِ لِعِلْمِنَا بِسُقُوطِ الْأَجَلِ قَبْلَ تَمَامِهِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ (وَتَأْجِيلُ بَدَلِ الْمُتْلَفِ وَ) الدَّيْنِ (الْحَالِّ) وَالزِّيَادَةِ فِي الْأَجَلِ قَبْلَ حُلُولِهِ (وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْوَصِيَّةِ) بِأَنْ يُوصِيَ مَالِكُهُ بِتَأْجِيلِهِ أَوْ بِزِيَادَةِ الْأَجَلِ فِيهِ مُدَّةً وَيَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَيَلْزَمُ وَرَثَتَهُ الْإِمْهَالُ تِلْكَ الْمُدَّةِ لِأَنَّ التَّبَرُّعَاتِ بَعْدَ الْمَوْتِ تَلْزَمُ وَإِلَّا بِالنَّذْرِ كَقَوْلِهِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا أُطَالِبَ مَدِينِي
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ) أَيْ وَابْنُ الْأُسْتَاذِ وَغَيْرُهُمْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَنْفَعُ الْعَبْدَ كَالْإِعْتَاقِ) فِي الْحِلْيَةِ لِلشَّاشِيِّ قَالَ أَصْحَابُنَا إذَا كَانَ الْمَشْرُوطُ لَا غَرَضَ فِيهِ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْعَقْدِ كَقَوْلِهِ بِعْتُك عَلَى أَنْ تَدْخُلَ الدَّارَ أَوْ تَقِفَ فِي الشَّمْسِ أَوْ تَأْكُلَ كَذَا وَعِبَارَةُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الْإِمَامُ فِي كِتَابِ الرَّجْعَةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَطْعَمَهُ إلَّا كَذَا وَلَفْظُ الْإِمَامِ فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ لَوْ قَالَ بِعْتُك بِشَرْطِ أَنْ لَا تُطْعِمَهُ إلَّا أَلَذُّ الْأَطْعِمَةِ أَنَّ هَذَا وَمَا فِي مَعْنَاهُ لَغْوٌ مُطْرَحٌ وَهُوَ يَرُدُّ مَا ذَكَرُوهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ) إذْ مُقْتَضَاهُ تَقْدِيرُهَا بِالْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ بَاعَ سَيْفًا وَشَرَطَ أَنْ يَقْطَعَ بِهِ الطَّرِيقَ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ غَرَضٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ إلَخْ) الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْوَصْفِ الْمَقْصُودِ الَّذِي يَتَفَاوَتُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ صِحَّتِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَشْرِطْ النِّهَايَةَ فِي الصِّفَةِ كَمَا قَالُوا فِي السَّلَمِ أَنَّهُ يَصِحُّ بِشَرْطِ الْجَيِّدِ لَا الْأَجْوَدِ لِأَنَّ أَقْصَاهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَكَأَنَّهُ شَرَطَ شَيْئًا مَجْهُولًا ر ا (قَوْلُهُ كَاسْتِثْنَاءِ سُكْنَى الدَّارِ شَهْرٍ إلَخْ) لَوْ بَاعَ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ وَاسْتَثْنَى الْمَنْفَعَةَ الْمُؤَجَّرَةَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ لِأَنَّهَا تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي إذَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ هَذَا أَحَدُ وَجْهَيْنِ وَجَزَمَ فِي الرَّوْضِ بِأَنَّهَا تَكُونُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ إلَّا الْعِتْقَ) وَمَا إذَا بَاعَ بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ مِنْ الْعُيُوبِ (قَوْلُهُ أَوْ ضَمَانًا) أَيْ أَوْ أَجَلًا أَوْ خِيَارًا (قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْأَجَلِ إلَخْ) أَوْ الرَّهْنِ أَوْ الْكَفِيلِ (قَوْلُهُ وَالْمُعَيَّنُ حَاصِلٌ) وَيُقَالُ فِي كُلٍّ مِنْ الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ أَنَّهُ رِفْقٌ شُرِعَ لِتَحْصِيلِ الْحَقِّ وَالْمُعَيَّنُ حَاصِلٌ فَشَرْطُ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مَعَهُ فِي غَيْرِ مَا شُرِعَ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَا بِالنَّذْرِ كَقَوْلِهِ إلَخْ) فِي تَصْوِيرِهِ إشْكَالٌ لِأَنَّ الصُّورَةَ إنْ كَانَتْ فِي مُعْسِرٍ فَالْإِنْظَارُ وَاجِبٌ وَالْوَاجِبُ لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ وَإِنْ كَانَتْ فِي مُوسِرٍ قَاصِدًا لِلْأَدَاءِ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا لِأَنَّ أَخْذَهُ مِنْهُ وَاجِبٌ وَلَا يَصِحُّ إبْطَالُ الْوَاجِبِ بِالنَّذْرِ وَأُجِيبُ بِتَصْوِيرِهِ فِي مُوسِرٍ قَاصِدٍ لِلْإِمْهَالِ لِيَرْتَفِقَ بِهِ أَوْ غَيْرَ قَاصِدٍ لِلْأَدَاءِ عَنْ وَقْتِ الْحُلُولِ وَنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُتَصَوَّرَ بِمَا إذَا كَانَ مَا لَهُ غَائِبًا وَتَكُونُ فَائِدَتُهُ دَفْعَ الطَّلَبِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إذَا كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مَيِّتًا فَلَا أَثَرَ لِنَذْرِ تَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ لِأَنَّ الْمُبَادَرَةَ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ وَاجِبَةٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُؤَثِّرُ النَّذْرُ حَتَّى لَوْ رَضِيَ الْوَارِثُ وَرَبُّ الدَّيْنِ بِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ نَعَمْ لَوْ أَنَّ النَّاذِرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَاتَ فَهَلْ لِوَرَثَتِهِ الْمُطَالَبَةُ لِأَنَّ الدَّيْنَ حَالٌّ وَالنَّاذِرَ قَدْ مَاتَ وَهُمْ لَمْ يَنْذُرُوا أَوْ عَلَيْهِمْ الْإِمْهَالُ لِأَنَّ الْحَقَّ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ كَذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُمْ الطَّلَبَ د وَرَجَّحَهُ الْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالتَّحْقِيقُ لَا اسْتِثْنَاءَ فِي الصُّورَتَيْنِ بَلْ الْحُلُولُ مَوْجُودٌ وَامْتَنَعَ الطَّلَبُ لِعَارِضٍ كَالْإِعْسَارِ وَلَهُ فَوَائِدُ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ أَعْطَاهُ الْمَدْيُونُ قَبْلَ الْمُدَّةِ لِغَرَضِ الْبَرَاءَةِ لَزِمَ رَبَّ الدَّيْنِ قَبُولُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ أَوْ الْإِبْرَاءُ وَالْحِنْثُ إذَا حَلَفَ لَا مَالَ لَهُ اهـ وَلَهُ أَنْ يُحِيلَ بِهِ عَلَى الْمَدْيُونِ وَأَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يُطَالِبُ بِهِ لِانْتِفَاءِ مُطَالَبَتِهِ لِلْمَدْيُونِ فِيهِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute