للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِفَسَادِ عِوَضِهَا (وَاقِعَةٍ عَلَى الْعَيْنِ) لَا الْمَنْفَعَةِ (وَلَوْ اسْتَعْقَبَ) الْعَقْدَ الْمَذْكُورَ (عِتْقًا كَالْبَيْعِ) وَلَوْ لِمَنْ يُعْتَقُ عَلَى الْمُشْتَرِي كَأَبِيهِ وَابْنِهِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» إلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ أَيْ التَّخَايُرَ فَإِنَّهُ مُلْزِمٌ كَتَفَرُّقِهِمَا وَقَالَ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ اخْتَرْ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَقَوْلُهُ أَوْ يَقُولَ قَالَ فِي الْمَجْمُوع مَنْصُوبٌ بِأَوْ بِتَقْدِيرِ إلَّا أَنْ أَوْ إلَى أَنْ وَلَوْ كَانَ مَعْطُوفًا لَجَزَمَهُ فَقَالَ أَوْ يَقُلْ وَخَرَجَ بِالْمُعَاوَضَةِ غَيْرُهَا كَالْهِبَةِ وَالْإِبْرَاءِ وَصُلْحِ الْحَطِيطَةِ وَالْوَقْفِ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَبِالْمَحْضَةِ غَيْرُهَا كَالصُّلْحِ عَنْ دَمٍ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ فَلَا خِيَارَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْعًا وَالْخَبَرُ إنَّمَا وَرَدَ فِي الْبَيْعِ وَسَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِيَارَ فِي الْبَيْعِ رُخْصَةٌ شُرِعَ لِلتَّرَوِّي وَدَفْعِ الضَّرَرِ فَهُوَ عَارِضٌ وَالْأَصْلُ لُزُومُهُ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ عَرَضَ بَعْدَ اللُّزُومِ بَلْ بِمَعْنَى أَنَّ الْبَيْعَ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي يَقْتَضِي وَضْعُهَا اللُّزُومَ لِيَتَمَكَّنَ الْعَاقِدُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيمَا أَخَذَهُ آمِنًا مِنْ نَقْضِ صَاحِبِهِ عَلَيْهِ أَوْ بِمَعْنَى أَنَّ الْغَالِبَ مِنْ حَالَاتِهِ اللُّزُومُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ (وَالسَّلَمِ) أَيْ وَكَالسَّلَمِ (وَالتَّوْلِيَةِ وَالتَّشْرِيكِ وَصُلْحِ الْمُعَاوَضَةِ) عَلَى غَيْرِ مَنْفَعَةٍ (وَلَوْ فِي عَقْدٍ تَوَلَّى الْأَبُ) وَإِنْ عَلَا (طَرَفَيْهِ كَبَيْعِ مَالِ نَفْسِهِ لِوَلَدِهِ) أَوْ عَكْسِهِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ السَّابِقِ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَتَيْنِ وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فَلِأَنَّ الْأَبَ أُقِيمَ مَقَامَ الشَّخْصَيْنِ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ فَكَذَا فِي الْخِيَارِ وَلَفْظُ الْخَبَرِ وَرَدَ عَلَى الْغَالِبِ (فَإِنْ فَارَقَ) الْأَبُ (مَجْلِسَهُ أَوْ اخْتَارَ لَهُمَا) اللُّزُومَ (لَزِمَ أَوْ) اخْتَارَ (لِنَفْسِهِ بَقِيَ) الْخِيَارُ (لِلْوَلَدِ) وَكَذَا بِالْعَكْسِ كَمَا فِي الْبَسِيطِ وَخَرَجَ بِصُلْحِ الْمُعَاوَضَةِ صُلْحُ الْحَطِيطَةِ لِأَنَّهُ هِبَةٌ أَوْ إبْرَاءٌ

(وَلَا يَثْبُتُ) الْخِيَارُ (فِي الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَالشَّرِكَةِ وَالْقِرَاضِ) وَالْوَكَالَةِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْقَرْضِ وَالْجَعَالَةِ (أَوْ) مِنْ (أَحَدِهِمَا كَالْكِتَابَةِ وَالرَّهْنِ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْعًا وَلِأَنَّ الْجَائِزَ فِي حَقِّهِ بِالْخِيَارِ أَبَدًا فَلَا مَعْنَى لِثُبُوتِهِ لَهُ وَالْآخَرُ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى الْغَبْنِ الْمَقْصُودِ دَفْعُهُ بِالْخِيَارِ لَكِنْ لَوْ كَانَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ وَأَقْبَضَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَمْكَنَ فَسْخُهُ بِأَنْ يَنْفَسِخَ الْبَيْعُ فَيَنْفَسِخَ وَهُوَ تَبَعًا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ (وَلَا) يَثْبُتُ (فِي الْوَقْفِ وَالْهِبَةِ) كَمَا مَرَّ وَلَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ ذَاتَ ثَوَابٍ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْعًا كَذَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا لَكِنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِمَا فِي بَابِهَا أَنَّهَا بَيْعٌ وَأَنَّهُ يَثْبُتُ فِيهَا الْخِيَارُ وَحُمِلَ مَا هُنَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا هِبَةٌ وَإِنْ قُيِّدَتْ بِثَوَابٍ مَعْلُومٍ وَهُنَاكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُقَيَّدَةَ بِثَوَابٍ مَعْلُومٍ بَيْعٌ وَيُؤَيِّدُهُ تَعْلِيلُهُمْ هُنَا بِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْعًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالصَّوَابُ مَا هُنَاكَ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَحَامِلِيُّ وَالدَّارِمِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْجُرْجَانِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ (وَلَا فِي الشُّفْعَةِ) فَلَا خِيَارَ فِيهِمَا لِلْمُشْتَرِي إذْ الشِّقْصُ مَأْخُوذٌ مِنْهُ قَهْرًا وَلَا لِلشَّفِيعِ وَإِنْ كَانَتْ مُعَاوَضَةً مَحْضَةً إذْ يَبْعُدُ تَخْصِيصُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ بِأَحَدِ الْجَانِبَيْنِ.

وَخَالَفَ الرَّافِعِيُّ فَصَحَّحَ فِي بَابِهَا ثُبُوتَهُ لِلشَّفِيعِ وَاسْتَدْرَكَهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ فَصَحَّحَ الْمَنْعَ وَحَكَاهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَإِذَا قُلْنَا بِهِ فَهَلْ مَعْنَاهُ أَنْ يَتَخَيَّرَ فِي الْمَجْلِسِ بَعْدَ الْأَخْذِ بَيْنَ رَدِّ الْمِلْكِ وَإِمْسَاكِهِ أَوْ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِيهِ قَبْلَ الْأَخْذِ بَيْنَ الْأَخْذِ وَتَرْكِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْأَوَّلُ فَالْمُرَادُ بِالْمَجْلِسِ مَجْلِسُ التَّمَلُّكِ (وَ) لَا فِي (الْحَوَالَةِ) لِأَنَّهَا جُعِلَتْ مُعَاوَضَةً لَيْسَتْ عَلَى قَوَاعِدِ الْمُعَاوَضَاتِ إذْ لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَبَطَلَتْ لِامْتِنَاعِ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (وَلَا فِي النِّكَاحِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْعًا وَلِأَنَّهُ وَارِدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فَكَانَ كَالْإِجَارَةِ وَسَيَأْتِي (وَ) فِي (الصَّدَاقِ) وَعِوَضِ الْخُلْعِ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ قَدَّرَ اسْتِقْلَالَهُمَا لَا خِيَارَ فِيهِمَا تَبَعًا لِلنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ (وَ) لَا فِي (الْمُسَاقَاةِ وَالْإِجَارَةِ أَيْضًا) وَإِنْ كَانَتَا مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ الْمَحْضَةِ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ غَرَرُ وُرُودِهِ عَلَى مَعْدُومٍ وَغَرَرُ الْخِيَارِ وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَفُوتُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ فَأَلْزَمْنَا الْعَقْدَ لِئَلَّا يَتْلَفَ جُزْءٌ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا فِي مُقَابَلَةِ الْعِوَضِ وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ الْأُولَى عَدَمُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي السَّلَمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَعْقَبَ عِتْقًا) يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَثْنِيَ الْبَيْعَ الضِّمْنِيَّ فِي قَوْلِهِ اعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى كَذَا فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْعِتْقِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ فِي زَمَنٍ لَطِيفٍ لَا يَتَأَتَّى مَعَهُ تَقْدِيرٌ آخَرُ فَالْخِيَارُ فِيهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ رُقَّ (قَوْلُهُ «مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» ) فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ مَكَانِهِمَا (قَوْلُهُ كَالصُّلْحِ عَنْ دَمٍ) أَيْ لِأَنَّ الْمَالَ فِيهِ غَيْرُ مَقْصُودٍ ر (قَوْلُهُ لِلتَّرَوِّي وَدَفْعِ الضَّرَرِ) شَمِلَ بَيْعَ الْجِنْسِ الرِّبَوِيِّ بِمِثْلِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْمُمَاثَلَةِ فِيهِ اسْتِوَاءُ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ الْغَزَالِيِّ الْأَوَّلُ فَإِنَّ إمَامَهُ قَالَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ وَقَدْ عَدَدْنَا الْخِيَارَ مِنْ الرُّخَصَ الَّتِي لَا يُعَدَّى بِهَا مَوَاضِعَهَا حَتَّى لَا تَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْبَسِيطِ) وَقَالَ غَيْرُهُ وَإِذَا لَزِمَ الْعَقْدُ مِنْ طَرَفٍ بَقِيَ الْآخَرُ وَقَالَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ فَإِذَا بَطَلَ خِيَارُ أَحَدِهِمَا ثَبَتَ لِلْآخَرِ وَهُوَ مَا فِي الذَّخَائِرِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَلَا أَحْسِبُ فِيهِ خِلَافًا

(قَوْلُهُ لَكِنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِمَا فِي بَابِهَا أَنَّهَا بَيْعٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَحُمِلَ مَا هُنَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا هِبَةٌ إلَخْ) الْجَمْعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ أَنَّهُ إذَا وَهَبَ وَشَرَطَ ثَوَابًا مَعْلُومًا انْعَقَدَ بَيْعًا عَلَى الصَّحِيحِ وَتَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْبَيْعِ مِنْ الْخِيَارِ وَالشُّفْعَةِ وَغَيْرِهِمَا وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ فِي بَابِ الْهِبَةِ وَإِنْ وَهَبَ وَلَمْ يَشْرِطْ شَيْئًا وَقُلْنَا الْهِبَةُ تَقْتَضِي الثَّوَابَ أَوْ وَهَبَ بِشَرْطِ ثَوَابٍ مَجْهُولٍ وَفَرَّعْنَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ أَنَّهُ صَحِيحٌ فَهَذَا لَيْسَ بَيْعٌ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَلِهَذَا قَالَ فِي تَعْلِيلِهِ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى بَيْعًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَأَصْلُهُ لِلسُّبْكِيِّ وَإِذَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ وَلَوْ عَلَى بُعْدٍ لَمْ يُعْدَلْ إلَى التَّنَاقُضِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يَقْدَحُ فِي الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ انْتِفَاءُ الْخِيَارِ لِعَدَمِ صِحَّةِ مَا وَقَعَ لِصِدْقِ اسْمِ الْهِبَةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ فَسَادِهَا فَصَحَّ نَفْيُ الْخِيَارِ فِيهَا وَإِنْ وَجَدَ لَهُ مَا يَقْتَضِي نَفْيَهُ أَيْضًا مِنْ حَيْثِيَّةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ مُعَاوَضَةً مَحْضَةً إلَخْ) لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ الْخِيَارُ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ (قَوْلُهُ فَأَلْزَمْنَا الْعَقْدَ لِئَلَّا يَتْلَفَ جُزْءٌ إلَخْ) فَالْخِيَارُ فِيهَا يُؤَدِّي إلَى تَعْطِيلِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ ضَمِّ غَرَرٍ إلَى غَرَرٍ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدُ مَنَافِعَ مَعْدُومَةٍ وَالسَّلَمَ عَقْدٌ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>